مولاي إبراهيم- المغرب: يكابد الناجون من أعنف زلزال يتعرض له المغرب منذ أكثر من ستة عقود للحصول على الطعام والماء والمأوى اليوم الأحد مع استمرار البحث عن المفقودين في القرى التي يصعب الوصول إليها ويبدو أن عدد الوفيات الذي يزيد على 2100 من المرجح أن يرتفع أكثر.
ويستعد كثيرون لقضاء ليلتهم الثالثة في العراء بعد أن وقع الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة في وقت متأخر من يوم الجمعة. ويواجه عمال الإغاثة تحديا للوصول إلى القرى الأكثر تضررا في منطقة الأطلس الكبير، وهي سلسلة جبال وعرة غالبا ما تكون المناطق السكنية فيها نائية، انهار الكثير من المنازل بها.
وذكر التلفزيون المغربي اليوم الأحد أن عدد قتلى الزلزال ارتفع إلى 2122 والمصابين إلى 2421.
وذكرت وسائل إعلام مغربية أن مسجدا تاريخيا يعود للقرن الثاني عشر انهار، مما يسلط الضوء على الأضرار التي قد يتعرض لها الإرث الثقافي للبلاد بسبب الزلزال. كما ألحق الزلزال أضرارا أيضا بأجزاء من مدينة مراكش القديمة وهي ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة التربية والعلم والثقافة (يونسكو).
وفي مولاي إبراهيم، وهي قرية قريبة من مركز الزلزال تبعد نحو 40 كيلومترا إلى الجنوب من مراكش، وصف السكان كيف أخرجوا المتوفين من بين الحطام بأيديهم فقط.
وفي تل مطل على القرية دفن السكان سيدة تبلغ من العمر 45 عاما توفيت هي وابنها البالغ من العمر 18 عاما في الكارثة بينما انتحبت امرأة لدى إنزال الجثمان إلى القبر.
وقال ساكن يدعى حسين وهو يحاول استعادة بعض أغراضه من بيته المتهدم إنه يعتقد بأن كثيرين لا يزالون تحت الأنقاض قرب منزله وأضاف “لم يحصلوا على الإنقاذ الذي احتاجوه فماتوا. أنقذت أطفالي وأحاول أن أحصل على أغطية لهم أو أي ملابس يرتدونها من المنزل”.
وقال ياسين (36 عاما) وهو من سكان مولاي إبراهيم “فقدنا منازلنا وفقدنا ذوينا أيضا وننام مذ نحو يومين في الخارج”. وأضاف “لا طعام ولا ماء.. فقدنا الكهرباء أيضا”، مضيفا أنه لم يتلق سوى القليل من المساعدات الحكومية حتى الآن. وقال “نريد فقط أن تساعدنا حكومتنا”، معربا عن إحباط أبداه آخرون.
وفي وقت لاحق، أُفرغت حمولة شاحنة أغذية قال مسؤول محلي يدعى محمد الحيان إن الحكومة ومنظمات مجتمع مدني رتبت وصولها.
واستقبلت الوحدة الصحية الصغيرة لمولاي إبراهيم 25 جثة وفقا لما قاله موظفون هناك.
ومع بناء الكثير من بيوت المنطقة من الطوب اللبن والأخشاب، انهارت بنايات المنطقة بسهولة. وهذا الزلزال هو الأكبر من حيث عدد الضحايا في المغرب منذ 1960 عندما أشارت تقديرات لمقتل ما لا يقل عن 12 ألفا جراء زلزال.
وفي قرية أمزميز التي تضررت بشدة من الكارثة، وقف سكان يتابعون فرق إنقاذ وهي تستخدم حفارا عند منزل منهار.
وقال عامل بناء متقاعد يدعى حسن “يبحثون عن رجل وابنه. ربما أحدهما لا يزال على قيد الحياة”. لكن الفريق لم ينتشل إلا بعض الجثث.
ومع تضرر أو إغلاق أغلب المتاجر يواجه السكان صعوبات جمة في الحصول على الأغذية وغيرها من المستلزمات الضرورية.
وقال العامل محمد نجار بينما كان يحاول تجهيز مأوى مؤقت “ما زلنا بانتظار الخيام. لم نحصل على شيء بعد… قدم لي رجل قليلا من الطعام، وهذا كل شيء منذ الزلزال. لا يمكن أن ترى متجرا واحدا مفتوحا والناس يخشون دخول أي بناية خشية انهيار السقف”.
وقالت الحكومة أمس السبت إنها تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة الكارثة تشمل تعزيز فرق البحث والإنقاذ وتقديم مياه الشرب وتوزيع الأغذية والخيام والأغطية.
مساعدات أجنبية
قالت إسبانيا إنها تلقت اليوم طلبا رسميا من المغرب لتلقي المساعدة وإن فريقا مؤلفا من 56 فردا وأربعة كلاب مدربة على البحث وصل للبلاد بينما يتجه فريق آخر من 30 فردا وأربعة كلاب إلى هناك. وقالت بريطانيا إنها سترسل 60 متخصصا في عمليات البحث والإنقاذ وأربعة كلاب اليوم الأحد إضافة إلى أربعة أفراد للتقييم الطبي. وقالت قطر إن فريقا للبحث والإنقاذ غادر متجها للمملكة.
وعبر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن “حزنه على خسارة الأرواح والدمار” اللذين تسبب فيهما الزلزال. وأضاف في مؤتمر صحفي في هانوي بفيتنام “مستعدون لتقديم أي مساعدة ضرورية للشعب المغربي”.
وأرسلت الولايات المتحدة فريقا صغيرا من خبراء التعامل مع الكوارث للمغرب لتقييم الموقف. وقال مسؤول أمريكي إنهم وصلوا بالفعل اليوم الأحد.
وقالت فرنسا اليوم الأحد إنها مستعدة لمساعدة المغرب وإنها تنتظر طلبا رسميا لذلك. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي “فرنسا مستعدة لتقديم مساعدات للمغرب إذا قرر المغرب أن ذلك مفيد”. وأضاف “السلطات المغربية تعرف بالضبط ما يمكن تقديمه وطبيعة (ما يمكن تقديمه) وتوقيته… نحن في خدمتها. لقد جهزنا كل ما في وسعنا… في اللحظة التي يطلبون فيها هذه المساعدات، سنرسلها”.
وتركيا من الدول الأخرى التي عرضت المساعدة بعد أن تعرضت لزلزال مدمر في فبراير شباط أودى بحياة أكثر من 50 ألفا. لكن الفريق التركي لم يغادر بعد إلى المغرب بحلول اليوم الأحد.
وقالت كارولين هولت مديرة العمليات العالمية للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لرويترز “سيكون اليومان أو الثلاثة المقبلة بالغة الأهمية فيما يتعلق بإنقاذ الأرواح من خلال العثور على المحاصرين تحت الأنقاض”.
وأضافت أن نظام الإغاثة الدولي ينتظر مبادرة من المغرب لتقديم المساعدة مشيرة إلى أن هذا ليس أمرا مستغربا في وقت لا تزال فيه الحكومة تقييم احتياجاتها.
ولم يرد متحدث باسم حكومة المغرب بعد على مكالمات من رويترز تطلب التعليق.
دعوات للقتلى والمتضررين
قالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 300 ألف تضرروا من الكارثة. وقال البابا فرنسيس إنه يصلي من أجل الضحايا ويقدم التعازي لأسرهم وعبر عن تضامنه معهم.
وأعلن المغرب الحداد ثلاثة أيام ودعا الملك محمد السادس إلى إقامة صلاة الغائب من أجل المتوفين في مساجد المملكة.
وكان مركز الزلزال على بعد نحو 72 كيلومترا جنوب غرب مراكش التي يعشقها المغاربة والسائحون الأجانب لما تتمتع به من مساجد وقصور ومبان دينية تعود للقرون الوسطى يزينها بلاط الفسيفساء الزاهي وسط تداخل الأزقة الوردية.
ومن المقرر أن تستضيف مراكش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين بداية من التاسع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال متحدث باسم صندوق النقد ردا على سؤال بشأن الاجتماعات المقررة “تركيزنا الوحيد في هذا الوقت هو على شعب المغرب والسلطات هي التي تتعامل مع هذه المأساة”.
(رويترز)