لندن – “القدس العربي”:
تزداد التحذيرات في بريطانيا من تمرير مشروع قانون منع مقاطعة إسرائيل رغم استمرار انتهاكاتها بحق الفلسطينيين وتنكرها لحقوقه، وذهب مقال في موقع “ميدل إيست آي” البريطاني إلى القول:” إن مشروع قانون مكافحة المقاطعة، يدمر سمعة المملكة المتحدة على الصعيد العالمي، ومع ذلك فإن حكومة سوناك المنهكة أخلاقيا، تدفع نحو المصادقة عليه دون تدقيق جدي لمخاطره “.
يشير كاتب المقال بيتر أوبورن إلى أن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي سيحظى هذا الأسبوع “باستقبال الأبطال” في إسرائيل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مهمة لبناء روابط تجارية، فالحكومة البريطانية أعطت نتنياهو بالفعل كل ما يمكن أن يطلبه وأكثر ، من خلال اتفاقية خريطة الطريق للعلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة وإسرائيل حتى العام 2030 ، حيث تجاهلت الخريطة الاحتلال وعرّفت إسرائيل بأنها ديمقراطية “مزدهرة”، وهي الاتفاقية التي وقع عليها كليفرلي قبل زيارة نتنياهو إلى لندن في مارس/آذار الماضي.
ثم يتحدث الكاتب عن مشروع قانون منع مقاطعة إسرائيل اقتصاديا والذي تتم دراسته لجنة في مجلس العموم الأسبوع الماضي، فهو “مشروع يحقق هدفا مركزيا لسياسة نتنياهو الخارجية يتمثل في حماية إسرائيل من تهديد العزلة الدولية والتعرض للعقوبات والمقاطعة والحملات الداعية سحب الاستثمارات ضد إسرائيل”.
ويضيف “أن الأكثر غرابة هو أن مشروع القانون يخصص حماية خاصة لإسرائيل ولنشاطها في الضفة الغربية المحتلة ومرتفعات الجولان، ويجعلها بعيدة عن متناول حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات “.
وليس هذا فقط – يضيف الكاتب – إذ أنه “ومن خلال الخلط بين إسرائيل والأراضي التي احتلتها بالقوة العسكرية، فإن مشروع القانون يتناقض بشكل قاطع مع التزامات السياسة الخارجية البريطانية المعتمدة”.
وللإضاءة على تلك الالتزامات، يقول الكاتب “إن بريطانيا هي إحدى الدول الموقعة على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334. وهذا القرار، وهو التزام رسمي دخلت فيه الدول الأعضاء في مجلس الأمن ويدعو جميع الدول إلى التمييز، في تعاملاتها ذات الصلة، بين أراضي دولة إسرائيل والأراضي المحتلة منذ عام 1967”.
ويستخلص الكاتب من ذلك:”أن الحماية الممنوحة للمستوطنات الإسرائيلية في التشريع الجديد تجعل التزامات بريطانيا الرسمية أمام الأمم المتحدة مجرد هراء”.
ويوضح الكاتب:”أنه يتم العمل على تمرير مشروع القانون في مجلس العموم البريطاني بينما تعيش حكومة (رئيس الوزراء) ريشي سوناك المنكسرة أخلاقياً وسياسياً ، أشهرها الأخيرة في السلطة ، ومن المثير للدهشة أن سوناك مضى قدما رغم تحذيرات مسؤولي وزارة الخارجية من أن مشروع القانون لا يتناقض مع السياسة الخارجية البريطانية فحسب، بل يمثل في الواقع هدية دعائية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.
وعن ذلك ينقل الكاتب عن تقرير لهيئة الاذاعة البريطانية BBC، أن رسالة وزارة الخارجية إلى ريشي سوناك التي أرسلتها في مايو/ أيار “تشير إلى أن موسكو ستستخدم ذلك لإظهار أن المملكة المتحدة لم تلتزم بالنظام القائم على الأسس الدولية، وبالتالي كانت منافقة في إدانتها للغزو الروسي لأوكرانيا وتعاملها مع الاراضي التي تم ضمها(من جانب روسيا) “.
بالإضافة إلى ذلك، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن محامي وزارة الخارجية نصحوا بأن هناك بندا في مشروع القانون “من شأنه أن يزيد بشكل كبير من خطر انتهاك المملكة المتحدة لالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334”.
ويؤكد الكاتب على أنه “على الرغم من هذا التحذير القوي وغير المعتاد إلى حد كبير، فقد تجاهل سوناك هذه النصيحة ومضى قدما في مشروع القانون، حيث تستخدم حكومته وبكل سخرية، كل الحيل المتاحة لدفعه نحو المصادقة عليه في البرلمان”.
هدية سياسية لنتنياهو
ويرى الكاتب فيما تظهر “عدم رغبة الحكومة في إجراء تحليل جدي لمشروع القانون الذي يمثل هدية سياسية كبيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر ولبوتين، وهو يهدد بإلحاق مثل هذا الضرر الخطير والدائم بسمعة بريطانيا في التعامل العادل”.
ويقول “منذ أن عاد نتنياهو إلى الظهور كرئيس لوزراء إسرائيل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اتخذت الأحداث داخل إسرائيل، وخاصة الضفة الغربية المحتلة، منعطفاً نحو الأسوأ وقام بتسريع ضم أراضي الضفة الغربية.
ويشدد “لقد تصاعد عنف المستوطنين بطريقة مرعبة، كما أن التوسع الهائل في بناء المستوطنات هو جزء من برنامج منهجي لجعل قيام الدولة الفلسطينية أمرا مستحيلا “.
ويختم الكاتب بالقول ” لقد شرع نتنياهو نفسه في تنفيذ برنامج للإصلاح القضائي يهدد بتفكيك الديمقراطية داخل إسرائيل نفسها..ومع ذلك، بينما تتجه إسرائيل في هذا الاتجاه المرعب، تعمل حكومة سوناك على الترويج لتشريع يبعث برسالة مفادها أن إسرائيل قادرة على مواصلة برنامجها الاستيطاني غير القانوني، مع كل ما يصاحبه من عنف المستوطنين المروع، مع الإفلات التام من العقاب”.