قاموس اليمين الإسرائيلي: “الأبرتهايد”… كلمة مرادفة لـ”حرية حركة الفلسطينيين” في الضفة

حجم الخط
0

احتفال إعلامي حقيقي جرى حول أقوال وزير “اللاأمن الوطني” إيتمار بن غفير في الشهر الماضي، حول حق الفلسطينيين بحرية الحركة في “المناطق” (الضفة الغربية)؛ كثيرون أصيبوا بالصدمة بسبب عنصريته، وهناك من تحفظوا من أقواله، وهناك من أوضحوا وأيدوا، وكان هناك أيضاً رئيس حكومة فسر الأقوال باللغة الإنجليزية. كان هناك من سموا ذلك عملية اعتداء دعائية، لكن لا أحد وجد أنه من المناسب مناقشة قضية حرية حركة الفلسطينيين. لا أحد سأل ما معنى هذه الحرية وكيف تتحقق. لم يسأل أحد من جوقة المصدومين ما الحقيقة في الرسالة التي تتصاعد من أقوال بن غفير، التي للفلسطينيين حق في حرية الحركة ولكنه يخضع لقيود هدفها حماية حرية الحركة والحق في الحياة للإسرائيليين.

أيضاً الذين يقلقون في وسائل الاعلام من عنصرية الوزير لم يروا أنه من المناسب تصعيب الأمر بسؤال ما هو المعنى الفعلي لهذه الحرية، وما هي قيودها وكيف تؤثر هذه القيود على روتين حياة الفلسطينيين. خسارة. لأن حرية الحركة هي زاوية ممتعة ومهمة كي نطل منها على واقع حياة البشر، وأن نروي عنهم القصص، ونعرف مصيرهم، وربما نسأل أخيراً أسئلة عن أنفسنا، نحن الإسرائيليين الذين نخلق هذا الواقع ونتحكم به. بدلاً من التركيز على ما قاله أو ما لم يقله الوزير، فقد حان الوقت لمن يحبون الديمقراطية من بيننا أن يعرفوا الواقع كما هو، لكون كل واحد منا، نحن مواطني إسرائيل، مسؤول عنه بشكل مباشر أو غير مباشر.

من هو مستعد للنظر بعيون مفتوحة على واقع حياة الفلسطينيين في ضوء حريتهم في الحركة ندعوه لمواجهة الحقائق التالية: أطفال صغار من قرية التواني في جنوب جبل الخليل يحتاجون إلى حراسة منذ سنوات بمرافقة عسكرية في الطريق إلى المدرسة، ومن رعب الكلاب التي يطلقها المستوطنون من البؤر الاستيطانية الذين لا تخفى هويتهم عن الجيش والشرطة.

أما المزارعون فلا يمكنهم الوصول إلى أراضيهم وفلاحة أراضيهم وحقولهم التي هي مصدر رزقهم، أو إلى الينابيع وآبار المياه والمراعي خاصتهم. هذا يحدث سواء لأن هذه المناطق أُعلن عنها على أنها منطقة تدريب عسكرية، أو بسبب البوابات التي تغلق طريقهم، أو الحواجز التي يضعها الجيش.

أحياناً تتم سرقة أراضيهم بالقوة، ويتم إغلاق الينابيع التي تخدمهم وآبار المياه باستخدام قوة “القانون” أو بقوة ذراع الزعران اليهود الذين يطردونهم أيضاً من أراضي الرعي. وأما هؤلاء الذين يسافرون على الشوارع فيُحتجزون في حواجز يضعها المستوطنون الذين يضعون قانوناً لأنفسهم بحماية الجيش، وتمر لحظات ذعر إلى حين الموافقة على مرورهم، هذا إذا سمح لهم ذلك بدون الاعتداء عليهم وسرقة ممتلكاتهم.

القدرة على قطف الزيتون في الوقت الصحيح تتعلق في أحيان كثيرة بتعليمات المحكمة العليا لسلطات الجيش بالسماح لهم بالانتقال وحمايتهم من عنف المستوطنين. ومحظور عليهم أيضاً السفر شوارع الأبرتهايد، في حين مفترقات الحركة المسموح لهم السفر فيها تضاعف المسافة عن الهدف بضعفين أو ثلاثة أضعاف. سكان قرية عين سامية وقرية قبون غادروا المكان الذي عاشوا فيه منذ عشرات السنين بعد أنهم باتوا لا يستطيعون تحمل تنكيل المستوطنين. هؤلاء وبحق كانوا “أحراراً” في حركتهم أثناء مغادرة المكان.

نعم، “حرية الحركة” التي ترتبط بأمر طرد أو إخلاء بقوة قرارات المحاكم في إسرائيل، دفعت سكان قرية يطا وقرية جرابة إلى التحرك وإخلاء المكان الذي عاشوا فيه عشرات السنين. هذه هي مسارات “حرية حركة” جزئية، تحكي قصة حياة مغلقة ويأس مفتوح. يجب أن نفهم أيضاً بأن “المس بحرية الحركة مثل المس بحقوق أساسية أخرى مثل حرية التشغيل والعيش بكرامة والحق في التعليم والصحة والخصوصية والاستقلال الشخصي والعلاقات العائلية. وإذا أردنا إحصاء القليل من الأضرار فإن هذا الضرر الأساسي بحرية الحركة هو مس حقيقي بنسيج حياة الإنسان ومحيطه. وحرمان الفلسطينيين من الحرية في الحركة بسبب قيود الحركة المفروضة عليهم يعني تدميراً مستمراً لحياتهم.

لكن ما يتم فهمه من أقوال بن غفير حول حرية حركة الإسرائيليين في “المناطق” يثير التساؤل. قيود الحركة على الفلسطينيين تمكن أيضاً من حرية حركة المستوطنين الذين يريدون الوصول إلى بيوتهم بأمان. وحماية الجيش تمكنهم من حرية الحركة، والقيام بنشاطات عنيفة منظمة في القرى بشكل يومي.

قيود الحركة على الفلسطينيين تمكن الجيش والمستوطنين من السيطرة فعلياً على محاور الحركة. وهكذا فإن حرية الحركة للإسرائيليين تسمح بطريقهم إلى المدرسة الدينية في “حومش”، التي أقيمت على أراض سرقت، والتي يحظر على أصحابها الوصول إليها؛ أولاً خلافاً للقانون، والآن أيضاً بشكل قانوني.

في المقابل، الإسرائيليون الذين أرادوا التضامن مع سكان قرية برقة التي تعاني من تنمر دائم من قبل المستوطنين، أغلق الجيش طريقهم، وأطلقوا عليهم قنابل الصوت لمنعهم من الوصول إلى القرية.

حسب الأقوال التي سمعتها شخصياً من صديق إسرائيلي كان قد جمع التبرعات لتأهيل عائلة عامل في البلاط وأب لعشرة أولاد، الذي أحرق المستوطنون بيته في أعمال الشغب في حوارة، فإنه قبل الحاجز الموجود في محيط القرية، اصطدم بحاجز لمستوطنين منعوه من التقدم، وسمحوا بمروره فقط بعد أن دفع 500 شيكل لهم. هذا ما حدث أيضاً عندما حاول العودة إلى هناك مرة أخرى.

خلافاً لما يحدث في المناطق المحتلة، نحن هنا في داخل الخط الأخضر يمكننا التمتع بحرية حركة، ولا تخرقها إلا الإزدحامات. ولكن من المهم معرفة أن حرية الحركة لا تعتبر من الحقوق المعرفة في قانون الأساس: كرامة الإنسان وحريته. حرية المواطنون في الحركة في بلادهم كما يريدون وأن يختاروا فيها مكان سكنهم، شطبت وعن وعي من القانون أثناء صياغته، إلى جانب الحق في المساواة وحقوق أخرى. لماذا؟ لأن الأحزاب الدينية اشترطت موافقتها على سنه. وكل ما تم ضمانه بصراحة في قانون الأساس هو حق مواطني الدولة في الخروج من البلاد والعودة إليها في المادة 6.

احتجاج الجمهور الرائع والتضامن المدني مع المشاركين فيه، الذين يطالبون بالحفاظ على استقلالية جهاز القضاء، هو أيضاً ضمانة لمواصلة الحفاظ على حرية حركتنا كمواطنين. ولكن اختبار التضامن لنا كبشر يقتضي بأننا في هذا الاحتجاج يجب توجيه نداء للدفاع عن الحقوق الأساسية لهؤلاء الذين تم سحق حرية حركتهم وقدرتهم على السيطرة على حياتهم بسبب الاحتلال وسيطرة إسرائيل عليهم. برؤية بعيدة المدى، هكذا سننجح في الحفاظ على الديمقراطية في دولتنا.

 يهوديت كراف

هآرتس 12/9/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية