الجزائر- “القدس العربي”:
أقر مجلس الوزراء الجزائري، مجموعة إجراءات لضمان تموين السوق ودعم العائلات الفقيرة في ظل الحديث المتكرر عن نقص بعض السلع، على الرغم من العقوبات المشددة التي تسلطها البلاد على التجار المضاربين منذ نحو سنتين.
بعد حديث عن خلل في التموين ببعض المواد الأساسية، أصدر الرئيس عبد المجيد تبون خلال اجتماع مجلس الوزراء، توجيهات بضرورة مواصلة الحكومة دعم الأسعار لعدد من المواد الأساسية الضرورية المستوردة، ومنع أي عملية استيراد للبقوليات خارج الديوان الوطني المهني للحبوب، مع تحديد دقيق لمراحل سعر المنتوج. كما تم إصدار ترخيص باستيراد حصري للحوم الحمراء والبيضاء الطازجة لسد الاحتياجات الوطنية من هذه المادة، والمساهمة في خفض أسعارها.
تعرف الجزائر منذ فترة ارتفاعا كبيرا في أسعار اللحوم، حيث وصل سعر الكيلوغرام من اللحم الأحمر إلى ما يعادل 15 دولارا
وتعرف الجزائر منذ فترة ارتفاعا كبيرا في أسعار اللحوم، حيث وصل سعر الكيلوغرام من اللحم الأحمر إلى ما يعادل 15 دولارا، وهو ما أدى لمطالبات بفتح مجال الاستيراد لضبط الأسعار. كما عرفت الأسواق بالمثل ارتفاعا في أسعار البقوليات مثل العدس والفاصوليا والحمص، ما اضطر الحكومة لجعل استيرادها محصورا في الديوان الوطني، في ظل اتهامات لكبار التجار المتحكمين في السوق باعتماد سياسة مضاربة لرفع الأسعار.
وفي نفس السياق، شدد الرئيس الجزائري على ضرورة تشجيع الاستثمار الخاص في مجال غرف التبريد للحفاظ على توازن السوق طوال السنة، مع توجيه أوامر للحكومة بتحمل شراء منتوجات الفلاحين لحمايتها من التلف، في إطار استحداث ديوان وطني للمنتوجات الفلاحية، وتخزينها في غرف التبريد، والحفاظ على المخزون الوطني الاستراتيجي للمنتوجات الفلاحية والغذائية. ودعا لإشراك الولاة بصفتهم مسؤولين عن القطاع الاقتصادي للتمييز بين المخزون ضمن السلسلة الإنتاجية والتخزين بهدف المضاربة. كما طلب تحديد الاستهلاك اليومي للمواد الاستهلاكية من خلال استحداث مخابر تقدم إحصائيات واقعية دقيقة ومُحيّنة بشكل دوري.
وتعتقد الحكومة وفق ما تُظهره تصريحات الوزراء، أن هناك جهات تسعى لخلق اضطراب في السوق عبر الترويج لوجود ندرة في بعض المواد الأساسية. ولمواجهة ذلك، أمر تبون بإعداد سياسة اتصالية واضحة لإعلام المواطنين وإطلاعهم بشكل دوري ومستمر حول وفرة مختلف المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، بهدف “منع تداول مصطلحي الندرة والمضاربة، التي تهدف إلى خلق الارتباك في السوق الوطنية، مع السماح بدخول العلامات التجارية العالمية”.
من جانب آخر، وفي إطار التخفيف من أعباء الدخول المدرسي، وجّه الرئيس الجزائري بإعفاء البلديات الفقيرة والضعيفة من أعباء وتكاليف التكفل بالمدارس الابتدائية، على أن تتحمل الدولة هذه المسؤولية كاملة، وذلك حفاظا على دمقرطة التعليم، كما جدد حرصه على إيلاء الأهمية البالغة والاستثنائية للمطاعم المدرسية في المناطق البعيدة، لما لها من دور أساسي في توفير المناخ السليم لضمان دراسة أمثل.
تعتقد الحكومة وفق ما تُظهره تصريحات الوزراء، أن هناك جهات تسعى لخلق اضطراب في السوق عبر الترويج لوجود ندرة في بعض المواد الأساسية
وأكد تبون على الوقوف الدائم للدولة إلى جانب العائلات الضعيفة الدخل، ووجه أوامره باستحداث صندوق للتضامن يشرف عليه قطاع التضامن الوطني، يتكفل حصرا بالعملية التضامنية المدرسية، وبالخصوص منحة التمدرس، التي توليها الدولة أهمية خاصة، باعتبارها ركيزة من ركائز الطابع الاجتماعي المنظم للدولة، كما وجّه بدفع منحة التمدرس على الأقل، شهرا، قبل تاريخ الدخول المدرسي، ابتداء من السنة المقبلة.
وفي الشق المتعلق بإصلاح النظام الجامعي، تحضّر الحكومة الجزائرية للتراجع عن نظام “ليسانس ماستر دكتوراة” الذي اعتمدت بداية العشرية الماضية، لصالح العودة للنظام الكلاسيكي في التدريس، وذلك بعد انتقادات واسعة واجهها هذا النظام الذي وصفته بعض الأحزاب بأنه دمّر الجامعة الجزائرية وتسبب في تراجع مستوى أصحاب الشهادات.
ودعا الرئيس تبون وفق بيان مجلس الوزراء، لإعداد دراسة شاملة ومتكاملة حول جدوى العودة المرنة لنظام “ليسانس كلاسيكي”، تعويضا لنظام “ليسانس ماستر دكتوراة” المعروف اختصارا بـ”أل أم دي”. وفي النظام الكلاسيكي يتم الحصول على شهادة الليسانس في 4 سنوات، مقابل 3 سنوات في نظام “أل أم دي”، حيث أصبح جلّ الطلبة لا يكتفون بالليسانس في هذا النظام، ويكملون إلى شهادة الماستر التي تتطلب سنتين إضافيتين مع أعباء إضافية تتحملها ميزانية الدولة.
كما طلب الرئيس تجهيز خارطة جديدة لتوزيع المنظومة الجامعية ضمن رؤية “مدن جامعية” تحافظ على الفلسفة التضامنية والبعد الوطني في تكوين الإطارات الجامعية الجزائرية. وأصدر تعليمات لوزيري التعليم العالي والمؤسسات الناشئة بإعداد قائمة بأفضل المؤسسات لإرسالها إلى الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية للاطلاع على تجارب هذه الدول في مجالات متعددة.
وضمن توجه تكييف الجامعة مع متطلبات البلاد، كشف مجلس الوزراء عن استحداث مدرسة وطنية عليا للأمن السيبراني، بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني، لضمان توحيد الجهود ومضاعفة الفعالية في هذا المجال الحساس، من أجل تحصين الأمن الوطني القومي.
وتحاول الجزائر في الفترة الأخيرة استدراك التأخر في الانفتاح على اللغة الإنجليزية في الجامعات، حيث سيبدأ منذ هذه السنة تدريس مقاييس إجبارية بهذه اللغة، بهدف تحسين موقع الجامعة الجزائرية في التصنيفات الدولية، والخروج من الاحتكار الذي فرضته اللغة الفرنسية على جل البحوث والإصدارات العلمية.