لندن: ترى المحللة الأمريكية الدكتورة ليزلي فينجاموري، أن قمة مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى لهذا العام تركزت حول الهند، أو كما قال رئيس الوزراء الهندي، سوبرامنيام جاي شانكار، إن قيادة الهند للمجموعة على مدار عام تهدف إلى “أن تكون الهند مستعدة للعالم وأن يكون العالم مستعدا للهند”.
وقالت فينجاموري، رئيسة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية) إن القوى الرئيسية الأخرى في مجموعة العشرين كان لها دور رئيسي في نجاح الهند، سواء عن قصد أو غير قصد.
وأضافت، في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يحضر القمة، كما أن قرار الرئيس الصيني شي جين بينج في اللحظة الأخيرة بالتغيب عن القمة قد حرم الجمهور العالمي من يومين من مشاهدة مسرح جيوسياسي، وأدى هذا إلى ترك الأضواء مسلطة على العلاقات الأمريكية الهندية الآخذة في الازدهار.
وميز الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه عن سلفه دونالد ترامب بمراعاته عدم خطف الأضواء من مستضيفه خلال القمة، التي شهدت ثالث لقاء له مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في غضون خمسة أشهر فقط.
وقدمت الولايات المتحدة أيضا سلسلة من التنازلات الملموسة للهند فيما يخص أوكرانيا وعضوية الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، مما ساعد في نجاح رئاسة القمة.
وأكدت مجموعة العشرين مركزية الشراكة الهندية الأمريكية بالنسبة لاستراتيجية الولايات المتحدة الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي اشتملت إضافة إلى هذه الزيارة، على سلسلة من الخطوات الدبلوماسية الأمريكية التي تم إعدادها بعناية والتي بدأت بزيارة نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى إندونيسيا في وقت مبكر الشهر الجاري واختتمت برحلة بايدن إلى فيتنام.
ولكن قمة مجموعة العشرين أظهرت أيضا أن العلاقات الأمريكية الهندية تنطوي على ما هو أكثر من مجرد التصدي للصين. وفي الحقيقة، تعتبر الضرورة الجيوسياسية غير كافية تماما لأن تكون أساسا لأي شراكة.
ويعترف بايدن ومودي كل منهما بالآخر كقائدين لأكبر دولتين ديمقراطيتين في العالم، ويسعى كل واحد منهما لإعادة انتخابه على المدى القصير، فالهند سوف تشهد انتخابات برلمانية في شهر أيار/مايو العام المقبل فيما سوف تجري الولايات المتحدة انتخابات رئاسية في تشرين الثاني /نوفمبر في نفس العام.
ويحكم كلاهما على أساس برنامج يلفت النظر إلى انعدام المساواة الناجمة عن النظام متعدد الأطراف المعاصر، كما أنهما يسعيان لبناء أسس داخلية قوية للقيادة العالمية.
ولكن مسعى الهند للقيادة العالمية والاستقلالية، ونهج الولايات المتحدة التي ربما تسعى إلى تحالف أكثر تحديدا، أمران يؤديان إلى مستقبل غامض.
وعندما يخاطب الرئيس بايدن الجمهور الأمريكي، فإنه يتحدث عن بلورة سياسة خارجية تتعلق بالطبقة الوسطى، أي سياسة تهدف إلى تأمين وظائف وتعطي الأولوية لاحتياجات العمال الأمريكيين. ويؤكد انتقاده للنظام متعدد الأطراف القائم على أن الليبرالية الجديدة قد تسببت في حالات خطيرة من انعدام المساواة في البلاد.
وتوجه الهند أيضا انتقادات للنظام متعدد الأطراف القائم، ولكن في المقام الأول لأنه تم حرمانها من الحصول على مقعد على الطاولة الرئيسية. واستخدم مودي قيادة الهند لمجموعة العشرين لزيادة النفوذ العالمي للهند وكمؤشر على تزايد نفوذ ومكانة البلاد.
ومن غير الواضح ما إذا كان بإمكان بايدن ومودي الحفاظ على جبهة متحدة، رغم الخلاف بشأن بعض المسائل الأكثر جوهرية في السياسة الخارجية.
وأعلنت أكبر ديمقراطية في العالم منذ فترة طويلة السيادة بوصفها القيمة الأساسية في علاقاتها الدولية، ولكن الهند قد رفضت اتخاذ موقف ينحاز لأي طرف بشأن الحرب في أوكرانيا.
(د ب ا)