الناصرة- “القدس العربي”:
حينما دعا وزير المالية في حكومة الاحتلال، والوزير الإضافي في وزارة الأمن باتسلئيل سموتريتش، قبل نحو ثلاثة شهور، لإحراق ومحو القرية الفلسطينية حوارة لم تكن هذه “زلّة لسان”، أو تصريحات شاذة، فهي مرآة تعكس مواقف ورؤى عدد كبير من هذه الحكومة، التي وصفها حتى الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ “الأكثر تطرفاً”، علماً أنه يعتبر نفسه “صديقاً مخلصاً” و”صهيونياً”.
ومنذ تأسيسها، في مطلع هذا العام، تَصدر عن وزراء في حكومة الاحتلال تصريحاتٌ دموية وفاشية وعنصرية، منها أقوال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي قال، قبل أسبوعين، إن حقه وأسرته بالحركة أهم من حياة الفلسطينيين.
وضمن هذا المسلسل من التصريحات العنصرية الدموية، المختلفة عن تصريحات إسرائيلية عنصرية سابقة بكونها سافرة ومباشرة ودون محاولة إخفائها أو تلطيفها، تأتي تصريحات عنصرية على لسان عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، من حزب “القوة اليهودية” برئاسة بن غفير، بوصفها المستوطن عميرام بن لوئيل، المجرم قاتل أسرة دوابشة من دوما الفلسطينية، بـ “القديس”، وتدعو لجمع التبرّعات المالية لإطلاق سراحه لـ “كونه بريئاً”.
ليس هذا فحسب، فليمور سون هار ميلخ ليست وحيدة في هذا الموقف، فهناك 14 نائباً في الكنيست يشاركون في حملة للإفراج عن القاتل المجرم. وشاركت هار ميلخ في احتفالية أطلقت خلالها حملة جمع تبرعات لصالح قاتل أسرة دوابشة بإحراقهم وهم نيام داخل بيتهم في دوما عام 2015.
هار ميلخ، التي زارت القاتل المجرم داخل سجنه، تنعته بـ “القديس المعذّب”، و”الولي الصالح”، وتطرحه كضحية يقضي محكوميته بالسجن داخل زنزانة منعزلة، منذ ثماني سنوات، بعدما “انتزعت اعترافاته بالقتل منه عنوة على يد محققي الشاباك”.
وفي محاولة لتبرير تصريحاتها، والدعوة للإفراج عن حارق أسرة الدوابشة حتى الموت، تزعم هار ميلخ أنها لا تؤيد القتل لكنها تعرف أنه بريء.
وتتابع: “في حال وقفتُ جانباً، وأرى كيف يقومون بتعذيبه سأكون شريكة في الجريمة. لم يحصل أن قبع سجين داخل زنزانة، منقطعاً عن العالم، كما هو مع عميرام بن لوئيل. هناك محاولة لإخفاء أمور، ولذا هنا يوجد كذب وإثم. لوئيل قدّيس يتعذّب من أجل شعب إسرائيل”.
يشار إلى أن عميرام بن لوئيل قد أدين في محكمة إسرائيلية، عام 2020، بقتل أسرة دوابشة، وحكم بالسجن المؤبد ثلاث مرات.
وشرعت هار ميلخ بجمع تواقيع نواب في الكنيست الإسرائيلي، ضمن مذكرة تطالب رئيس الشاباك رونين بار بتحسين شروط سجن المجرم لوئيل عشية الأعياد اليهودية.
في تصريحات إعلامية تقول هار ميلخ إنها شاهدت لوئيل وهو يقوم قبل سنوات بتمثيل جريمته في إحراق بيت الدوابشة في دوما، وإنها توصي لمن يبحث عن الحقيقة بمشاهدة هذا الفيديو الموثّق للتمثيل. وتمضي في مزاعمها: “يظهر في الفيديو رجلٌ لا يعرف إلى أين يذهب، ولا يعرف ما يقول، ويرى شخصاً لجانبه هو الذي قام بتعذيبه”.
يذكر أن لوئيل قد أقدمَ، مع مستوطنين آخرين، باقتحام بلدة دوما قضاء نابلس، وألقى عبر النافذة زجاجة حارقة أشعلت البيت على من فيه.
وتطالب مجموعةُ النواب الإسرائيليين بنقل المجرم القاتل لقسم آخر ليقضي محكوميته في قسم مع سجناء متديّنين، زاعمين أن “حالته النفسية قد تردّت جراء العزل، وأن هناك مخاوف على صحته، وهو بريء”.
وسُئلت هار ميلخ، من قبل موقع “واينت” العبري: “هل كنت ستحاربين بهذا الشكل لو كان “السجين البريء” فلسطينياً؟”، فاكتفت بالقول، متهرّبة، إنها لا تريد “أن يتعرّضَ الأشخاص للتعذيب، وأن من غير الممكن الاعتماد على اعتراف تم تسجيله تحت التعذيب. لا يوجد سجين عربي قتل عائلة يهودية يخضع للسجن في مثل هذه الظروف القاسية. خلال زيارتي له قال لي إنه يفضّل الموت على الحياة بسبب السجن العازل”.
وعقبت جمعية “تاغ مئير” اليهودية على تصريحات ودعوات هار ميلخ وزملائها بالقول إن المحكمة الإسرائيلية المركزية قد أدانت لوئيل بالقتل، وأجمع القضاة على أنه هو حارق أسرة دوابشة. إن حقيقة دفاع هار ميلخ فقط عن قَتَلَة يهود قتلوا عرباً، وليس حتى عن قتلة يهود قتلوا يهوداً تدلّل على أن الحديث يدور عن عضو كنيست عنصرية وظلامية، نقطة”.
وتحفظ وزير الداخلية ووزير الصحة في حكومة الاحتلال موشيه آربيل (حزب “شاس”– الحريديم الشرقيون) من تصريحات هار ميلخ، مكتفياً بالقول إن تحريم القتل واحدة من الوصايا العشر في اليهودية.
وطبقاً لما قالته مصادر إعلامية إسرائيلية، فقد تجاوزت الحملة المالية، حتى الآن، النصف مليون شيكل (نحو 150 ألف دولار)، وهي حملة مستمرة، وحتى الآن تبرّعَ له أكثر من 2000 إسرائيلي.