الأردن: أزمة مال سياسي وتعديل وزاري سابع في حكومة الخصاونة

بسام البدارين
حجم الخط
0

عمان – «القدس العربي»: لا مبرر للاستعجال في الاستنتاج السياسي بخصوص التطورين اللذين شهدتهما بالتزامن الساحة السياسية الأردنية أمس الأول. يلقي الأمين العام لأحد الأحزاب الكبيرة حجراً في مياه راكدة باسم المال السياسي وتأثيره على العمل الحزبي ولاحقاً الانتخابات، فيما تنشغل حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة بملف التعديل الوزاري السابع الذي يحمل رقماً يوحي بأن استقرار التشكيلات الوزارية لا يزال أملاً بعيداً جداً على الرغم من كل ما يقال ويتردد عن مشاريع تحديث المنظومة الثلاثية.
لسبب أو آخر، نكش الأمين العام لحزب الميثاق وعضو مجلس الأعيان حالياً الدكتور محمد المومني، عش الدبابير بتحذيره العلني قبل يومين من استحكام ونفوذ المال السياسي.
وحجم ردود الفعل من أربعة أحزاب وسطية يعتقد أو يتصور المراقبون أنها ترتدي نفس القميص في اللون السياسي، يظهر عملياً وبصرف النظر عن إنتاجية ومتانة معلومات معطيات المومني، بأن المسار الحزبي برمته لا يزال مضطرباً؛ بمعنى أن الأحزاب القائمة التي هُندست على حد تعبير المعارض الوطني البارز الشيخ سالم الفلاحات، لا تزال أبعد ما يكون عن ثقافة الرد على الرأي والمعلومة بمثليهما.
وهاجم أمناء عامون لأحزاب وسطية، بقسوة، تصريح زميلهم المومني. وصمتت الهيئة المستقلة للانتخابات، وتعاملت الحكومة مع المواجهة التي دارت بسبب جرأة المومني بالتشخيص والتحذير مع الحدث بصيغة “العرس عند الجيران”، فلا تعقيب ولا معلومة. ومن هزته أو قرصته تعليقات المومني سياسياً، اندفع باتجاه السعي لتحريم ليس المال السياسي بل التحدث عنه بدون أدلة.
مشكلة التمويل والسيولة النقدية للإنفاق على الحملات الشعبية لا يعاني منها، لأنه لا يحتاجها إلا حزب واحد فقط هو حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض الذي صمت أيضاً ليراقب المشهد وعلى أساس القناعة بأن الأزمة في تيارات الموالاة. وأزمة المال السياسي التي وجدت في مشهد الانتخابات في الماضي وقد توجد لاحقاً معزولة أيضاً عن حزب جبهة العمل الإسلامي الذي طور مؤخراً من قاعدة الاشتباك الإيجابي مع مسار تحديث المنظومة بصيغة براغماتية تؤشر، كما قال لـ”القدس العربي” أمينه العام الشيخ مراد العضايلة، إلى أن الحاجة ملحة لمغادرة منطقة السلبية من جهة الدولة والأحزاب والناس.
يشرح العضايلة هنا بأن حزبه يرى الأخطاء مع المواطن، لكن السلبية ليست حلاً، والقرار في البحث عن الإيجابية.
ويبدو هذا الخطاب عقلانياً قياساً بالحريق الذي اندلع بين صفوف أحزاب المنظومة الجديدة المحسوبة على الولاء بسبب تحذيرات المال السياسي، ما يعني بكل بساطة وكما يلفت النظر السياسي مروان الفاعوري، بأن حكاية الصراع والتنافس قد تظهر خلفها أو في باطنها انقساماً أو صراعاً بين مراكز القوى.
ومن هنا يمكن القول في الاستنتاج السياسي والإعلامي بأن مشكلة مسار تحديث المنظومة الأساسية هي في عدم جاهزية الأحزاب الجديدة، وحالة الاضطراب التي تعيشها شخصيات ونخب لديها طموح بوراثة المرحلة، وإن ما حصل ويحصل تحت عنوان الشغف بمغادرة أزمة السيولة النقدية وتوفيرها، ولاحقاً فتاوى المال الشرعي من عدمه، كل ذلك مؤشر إضافي على الاضطراب.
استمرار هذا النمط من الاضطراب قد يؤدي فعلاً إلى القفز بسيناريو تأجيل الانتخابات؛ لأن الأحزاب الجديدة ليست جاهزة بعد. وهي العبارة التي تقال بدبلوماسية وسط بعض المستشارين والوزراء الآن حتى لا تقال بصراحة أكثر بعنوان “أحزاب تيارات الولاء ليست جاهزة، أو تتصارع فيما بينها”.
يبرز وسط هذه المعمعة خيار وقرار التعديل الوزاري بصيغة تستعير فيها الحكومة فكرة لم تولد من داخلها، بعنوان اختيار نائبين نشطين وحيويين للالتحاق بالطاقم الوزاري. ورغم عدم وجود أو رصد خلفية سياسية واضحة لمبرر التعديل الوزاري السابع على الحكومة أو هويته وملامحه في الوقت ذاته، يتمأسس انطباع سياسي مجدداً بأن الاضطراب الذي يعتري جبهة الأحزاب يصل مداه على شكل فيضان سياسي صغير إلى لغة وبرمجيات الحكومة التي تبحث عن صيغة للصمود والبقاء وسط مؤشرات صراع لا ينتهي بين مراكز القوى في إدارة الدولة. وهو نفسه الصراع الذي أنتج ظرفياً تجاذبات المال السياسي المباغتة في عمق جدار الأحزاب والمنظومة بالتوازي مع تجاذبات رسائل التلغيز غير المفهومة في تعديل وزاري، ومن الواضح أن المعني الأساسي والمباشر به لم يحصل مجدداً على مساحة مستقلة كاملة في إقرار ملامحه.
التعديل الوزاري السابع على حكومة الدكتور بشر الخصاونة جاء نتيجة أو محصلة لنمط من الصراعات الخفية بين مراكز القوى. والإثارة التي أنتجها ميكروفون التحذير من المال السياسي ونفوذه هي نتيجة لسيناريوهات الاضطراب في خارطة الأولويات الحزبية ما بين رفع مستوى الطموح الذاتي، ثم غياب البرامج، ولاحقاً هندسة التفاصيل والقيادات بطريقة توحي بأن الأحزاب الموجودة مضطربة في الواقع لأنها لم تولد بشكل طبيعي.
الأغرب تماماً هو القناعة اليوم بأن نتائج المشهد في الاضطرابين، الحزبي والوزاري، تدلّان على استمرار أزمة الأدوات بالرغم من وجود وثائق مرجعية ومسارات بغطاء سياسي في الاقتصاد والسياسة والإدارة لأول مرة منذ سنوات طويلة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية