النهوض بالتعليم يتبدد على صخرة الدروس الخصوصية… وتجربة رواندا في التعليم حلم نتمنى تحقيقه

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: في اللحظة التي كان فيها الرئيس السيسي يعلن الترشح لدورة رئاسية ثالثة كان المرشح الرئاسي أحمد الطنطاوي يواصل جولاته الشعبية أمام مكاتب الشهر العقاري، مقتفيا أثر حلمه، الذي بات كل ساعة يحظى بحراس جدد من مختلف الأعمار، وإن ظل الشباب هم الوقود الأساسي في الحملة الانتخابية للمرشح الشاب، الذي جدد التأكيد على المتاعب المتزايدة والتهديدات التي يواجهها أنصاره في محاولاتهم شبه الفاشلة في عمل توكيلات له، ما دفعه للتوجه نحو الجاليات المصرية في الخارج مناشدا إياها مزيدا من السعى والاجتهاد في مهمتهم، وسرعة إرسال التوكيلات التي يتم تحريرها، في محاولة لإنجاز المهمة التي فشل الكثير من أنصاره في الداخل في إحرازها. وفي سياق الحدث الذي تنتظره مصر قال الدكتور بهاء أبوشقة وكيل مجلس الشيوخ: “نحن مقبلون على استحقاق دستوري مهم وهو الانتخابات الرئاسية، وعليكم رسالة وطنية مهمة، هي تبصير الناخبين بحقهم وواجبهم الدستورى في المشاركة الإيجابية فيها، حقهم الذي يجب عليهم ألا يفرطوا فيه بالقعود عن الذهاب للجان الانتخاب والتصويت لمن يرون أنه الأقدر على قيادة البلاد في هذه المرحلة التاريخية المهمة. وإقناعهم بأنه حق شخصي لا يجوز التفريط فيه.. وأنه في الوقت نفسه واجب على الناخب أن يؤديه، كفرض عين لا يسقط بأداء غيره له ولا يجوز النكوص عن أدائه، لما في ذلك من مخالفة للقانون، وامتناع عن أداء واجب يتحدد به حاضر البلاد ومستقبلها، ونعاهد الله جميعا على أن نستمر في أداء رسالتنا على النحو الذي يحقق آمال شعبنا في حدود ما اختصنا به الدستور». ومن أخبار المحاكمات: أمر المستشار رئيس الاستئناف القائم بأعمال المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، بإخلاء سبيل 40 متهما، محبوسين احتياطيا على ذمة قضايا يجري تحقيقها في تلك النيابة، في ضوء التكليفات الصادرة من النائب العام المستشار محمد شوقي، للنيابات كافة؛ بالمراجعة الدورية للموقف القانوني لجميع المتهمين المحبوسين احتياطيا. ومن الأخبار التي سعت الحكومة لنفيها: رصد المركز الإعلامي في مجلس الوزراء تداول أنباء بشأن تداول أسماك نافقة في الأسواق. وقام المركز بالتواصل مع الهيئة القومية لسلامة الغذاء، التي نفت تلك الأنباء، مُؤكدة أنه لا صحة لتداول أسماك نافقة في الأسواق إثر حدوث ظاهرة زبد البحر في محافظة بورسعيد، وأن الأسماك المتداولة في الأسواق سليمة وآمنة تماما، حيث إن ظاهرة زبد البحر لم تؤثر في جودة الأسماك المتداولة في الأسواق..
كفاية مدتين

بعد نحو 10 سنوات، اختفت من نادي الزمالك مئات الصور التمجيدية العملاقة المنافقة لرئيس النادي المعزول بحكم قضائي. وكانت كما وصفها كارم يحيى في “المشهد” عدوانا قبيحا على اسم النادي ومكانته وعمارته وفضائه وكرامة أعضائه وجمهوره، وأيضا على العقل والعصر والضمير. بل أحرق أعضاء في النادي هذه “البانرات” الصلبة العملاقة. وهكذا فكل عبادة فرد وشخصنة لسلطة إلى زوال، مهما تجبرت. وفي المقابل يحضرهذه الأيام من الذاكرة، سلوك ومواقف حرة محترمة وطنية لمصريين لم يغرهم لا نجاح ولا سلطة بالاستمساك بمقعد رفيع. ويحق للأجيال المتعاقبة أن تعلم بها، وبتاريخ نضال المصريين الطويل. واليوم نستدعي من صفحات هذا التاريخ امتناع القاضي الجليل المحترم زكريا عبد العزيز عن الترشح للمرة الثالثة لرئاسة نادي قضاة مصر بعدما قدم ومجلس النادي لأعضائه على مدى دورتين خدمات غير مسبوقة، ومنحهم اعتبارا مقدرا من سلطات الدولة، ومكانة عالية واحتراما بين مواطنيهم، وبشهادة تقاريرالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لقياس الرأي العام. ويوثق عدد أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2008 /يناير/كانون الثاني 2009 من”مجلة القضاة” الصادرة عن النادي هذا الموقف حين نشر بيان المستشار عبد العزيز بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2008. وجاء فيه: “الصدارة ينبغي أن تكون للأفكار لا للأشخاص، وصالح أي جماعة هي في أن تجدد دماءها، وضمان حيويتها يكون بتأقيت مدد البقاء في المناصب المؤثرة في قرار الجماعة بالوهن والسلبية والاتكالية، ما يؤدي للجمود. لهذا كان اقتراحي بألا تزيد مدة رئاسة النادي عن دورتين. وها أنذا أبدأ بنفسي، واستأذن في تسليم الراية لمن ترونه أهلا لحملها، تاركا هذا الموقع العزيز على نفسي. وسأظل إلى يوم الدين أعتز بأنني نلت ثقة زملائي دورتين كاملتين.. وعذري إليهم قصور جهدي أن الكمال لله وحده.. وأعاهد الله أن أبقى فردا ضمن الكتيبة المجاهدة في سبيل استقلال القضاء ورجاله، وفي الدفاع عن الحق والعدل، فشرف الجندي في الدفاع عن الحق والعدل قد يجاوز شرف بعض القادة”. في استدعاء هذه المواقف المحترمة ما ينسف الإدعاءت بأن “كله زي بعضه.. واللي بيجلس على الكرسي بيتغير”. ومهما طال الليل لا مكان في المستقبل إلا للديمقراطية.

توكيلات وخلافه

هل هناك دروس مستفادة مما يحدث الآن في بداية عملية جمع التوكيلات للمرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية؟ يرى عماد الدين حسين في “الشروق” أن هناك درسين مختلفين ينبغي على الجميع الاستفادة منهما. الدرس الأول هو ضرورة أن تعالج الحكومة كل المخاوف التي يثيرها مرشحو المعارضة وبعض وسائل الإعلام بشأن ضمانات النزاهة، خاصة تلك التي ظهرت من الممارسة العملية على أرض الواقع في الأيام الماضية، وأتمنى أن تضرب الحكومة مثلا عمليا وتقدم كل ما يمكن تقديمه من تسهيلات إلى من يرغب في عمل التوكيلات ومعالجة كل الشكاوى، وظني أن الأمور بدأت تنفرج إلى حد ما خلال الأيام الماضية طبقا لمواطنين حرروا توكيلات لبعض مرشحى المعارضة. الفقرة السابقة ضرورية من وجهة نظرى حتى يبدو الأمر شاملا وموضوعيا وليس موجها فقط إلى مرشحي المعارضة المحتملين، وبالتالي يمكنني الانتقال إلى الدرس الثاني، وهو أن هناك فارقا ضخما وكبيرا بين التصريحات السياسية سواء كانت جادة أو عنترية، والواقع على الأرض. فمهما كنت خطيبا بارعا ومفوها وقادرا على حشد الجماهير، فإن ذلك جزء مهم جدا في العملية السياسية، لكنه لا يغني إطلاقا عن الوجود على الأرض. وقبل أيام قرأت للإعلامي عمرو أديب تغريدة مهمة على منصة X يقول فيها: «إلى شعب التويتر اللي غضبان من كلامي عنه في الانتخابات: يا باشا التوكيلات أهم من الهاشتاغات. هات التوكيلات وبعدين اعمل هاشتاغات زي ما انت عايز.. الشغل على الأرض مهم في بعض الأحيان شوية». كلامي لا ينطبق على جميع المرشحين المحتملين، لكنه محاولة لتذكير كل من يهمه الأمر بأن العمل السياسي يستحق بعض الجدية.

بلا جدوى

إحدى أبجديات العمل السياسي، وفق ما يرى عماد الدين حسين، أن يكون المرشح مرتبطا بالناس والجماهير ولديه قواعد شعبية حقيقية، وبالتالي حينما يزمع الترشح فلا يجد صعوبة تذكر في الحصول على التوكيلات، لأنه لا يعقل أن يفشل مرشح ما في الحصول على 25 ألف توكيل ليترشح للرئاسة ويعتقد أنه سيحصل على أصوات معقولة في الانتخابات. المنطق البسيط يقول إن أي مرشح يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية لا بد أن يكون لديه مندوبون وممثلون في معظم الدوائر ولديه حملة انتخابية منظمة ومحترمة، ولها قواعد في كل المحافظات وغالبية المراكز والمدن، وأن تكون هذه الحملة قد استعدت للانتخابات من اليوم التالي من نهاية الانتخابات السابقة عليها. أما أن يترشح الشخص قبل أيام من انطلاق الحملة الانتخابية فهو أمر غير مسبوق وغير مفهوم. وحينما تقوم الحكومة بالتضييق عليه فإنه يحق له وقتها أن يشجب ويدين ويعترض على هذا التضييق. وقبل أيام قرأت لعبدالناصر قنديل أمين الشؤون النيابية في حزب التجمع يقول فيها، إن بعض السياسيين اهتموا فقط بالخطاب المعارض للدولة على حساب بناء كتل جماهيرية تساعدهم في العملية الانتخابية وعمل التوكيلات. في تقدير قنديل فإن جميع التوكيلات ستكون مهمة للفرز وإثبات مدى شعبية المرشحين على الأرض، كما أن القدرات التنظيمية هي المحدد الرئيسي لمدى نجاح أي مرشح في عملية جمع التوكيلات. قنديل انتقد بعض المرشحين بقوله إذا كان البعض غير قادر على جمع التوكلات فما بالك بخوض المعركة الانتخابية نفسها؟ أظن أن كلام قنديل مهم لكن شرط أن تكون هناك ضمانات حقيقية في أي معركة انتخابية. من حق الأحزاب والسياسيين أن ينتقدوا الحكومة كما يشاؤون، لكن عليهم أن يلتفتوا للأساسيات في العمل السياسي، فلا يمكن الحديث عن أي نشاط حقيقي لأي حزب سياسي من دون التأكد من وجود كوادر جماهيرية حقيقية مؤمنة ببرنامج الحزب وتذهب لصناديق الانتخاب. غالبية أحزابنا لا ينطبق عليها هذا الأمر، بل نرى العديد من الناس تلتحق ببعض الأحزاب سعيا وراء منافع.

احذروا الأحمق

يرى عبد المحسن سلامة في “الأهرام”، أن تحذير الرئيس السيسي من الجاهل، والأحمق، وتأكيده ذلك ليس نابعا من قلق شخصي، وإنما من الخوف على الدولة المصرية، وإنجازاتها، وحاضرها، ومستقبلها. مشكلة الجاهل، والأحمق، تتركز في قِصر النظر، وعمى البصر، والبصيرة، مما يؤدي إلى قيام هذه النوعية من البشر بكوارث، وجرائم، دون الاكتراث بأي آثار، أو تداعيات، مثلما حدث، ويحدث، في بعض الدول المجاورة مثل السودان وسوريا وليبيا واليمن.. وغيرها من تلك الدول التي وقعت في براثن «الجهل، والحماقة» حتى الآن بسبب الصراع على المناصب، وإشعال نيران الفتنة، دون النظر إلى مصالح الشعوب التي دفعت، ولا تزال، الثمن غاليا حتى الآن من أمنها، واستقرارها، ومستوى معيشتها، وحاضرها، ومستقبلها. يحق للرئيس أن يحذر، وكلنا معه في ذلك، حتى لا تتعرض الدولة المصرية لأي تجارب مريرة أخرى – لا قدر الله – ويكفي ما حدث من خراب، ودمار، وتكلفة اقتصادية رهيبة بلغت 450 مليار دولار في فترة لم تتعد الـ « 3 سنوات» بعد قيام ثورة 2011. هي تكلفة رهيبة امتدت آثارها حتى الآن، لأن تكلفة الأزمات لا تنتهي مع انتهاء الأزمة، بل على العكس يبدأ الحساب بعد انتهائها على تلك التكلفة، في محاولة لتعويض الخسائر، وتسديد الفواتير المعلقة، وسد الفجوات الغائرة. كان التحدي صعبا، لكن كانت إرادة الإصلاح، والعبور بالدولة المصرية أقوى، ومن هنا نجح الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الفترة الماضية، في تخطي الأصعب، والأخطر على الإطلاق. للأسف هناك من يحاولون تعميم نظرية «الجاهل والأحمق» في الخراب، والدمار بدافع المؤامرة أحيانا والجهل، والحماقة أحيانا أخرى. المتآمرون هم من أوقعوا السودان وسوريا واليمن.. وغيرها في الخراب، والدمار، مستغلين أدواتهم من الحمقى، والجهلاء في تنفيذ أجنداتهم الخبيثة، وهو السيناريو الخبيث الذي يحذرنا الرئيس منه – ومعه كل الحق- بعد أن نجحت الدولة المصرية في عبور الأصعب، وباتت ملامح «الجمهورية الجديدة» تتشكل في دولة حديثة وقوية ومتطورة في جميع المجالات، وعلى كل الأصعدة.

فوبيا الصندوق

بين أوراق قديمة قضى عصام كامل رئيس تحرير”فيتو” ليلة تزاحمه فيها إرهاصات وظنون، وبعض أفكار حول تطور نظم الحكم في البشرية، تقول سطورها إن الحاصل في العالم الآن، طرفا نقيض ومعادلة يصعب أن تتعايش مع بعضها بعضا، أو أن تتماسك لتصبح نموذجا إنسانيا حاسما لطريقة حكم البلاد والعباد. تطورت البشرية مثلما تطورت عائلاتنا، ففي الماضي غير البعيد كان الأب هو الحاكم بأمره في المنزل، وبعده الشقيق الأكبر الذي كنا نتصور أنه يحظى بمكانة عند الأب تجعل من كلمته هي العليا علينا جميعا، ومع تطور التعليم احتفظ الأب بمكانة الهيبة وبعض القداسة، وتبدلت المواقف ليصبح الأب مرشدا وليس حاكما ديكتاتوريا كما كان. البشرية تطورت وتغيرت نظريات العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم ودفعت الإنسانية أثمانا باهظة من الأرواح ومن الدماء حتى وصلت إلى اختراع الصندوق، نعم الصندوق الذي ندفع فيه بآرائنا على أوراق حول اختياراتنا لمن نريده حاكما لنا وعلينا. والحاكم بموجب الصندوق هو شخص ارتأى في نفسه أنه قادر على إدارة شؤون البلاد والعباد ومن حق الناس أن تصدر قرار تكليف له يمنحه حق الإدارة، والناس في هذا النظام هم أصحاب القرار ويتحملون مسؤوليات اختياراتهم ولا يحق لأحد أن ينازع من وقع عليه الاختيار في الحكم. والحاكم لا يحكم وفق مزاجه الشخصي، أو وفق أحلامه، أو أوهامه، أو وفق خيالاته، إنما تحكمه قواعد وقوانين ومؤسسات تراقب أداءه من المؤسسات الشعبية والمؤسسات النيابية، وبعد انتهاء فترة الاختيار يعود الناس إلى الصندوق.. نعم إنه ذلك الاختراع السحري الذي حمى البشرية من الصراعات والفوضى. وفي الطريق إلى الصندوق مجموعة من المعايير والقوانين التي تحكم طريقة الوصول إليه وطريقة عمله، فمن عطل الصندوق فكأنما فتح أبواب الفوضى على مصارعها.. سيتحول الناس الذين كان دورهم كتابة رأيهم بقلم على ورقة إلى أناس يحملون كل ما يؤذي الوطن والمواطن نفسه. تعطيل عمل الصندوق كأنه محاولة إيقاف شلال مياه طبيعي بوضع أحجار في طريقه، سيثور الشلال وتندفع المياه خارج مسارها لتصبح قنبلة تأكل كل ما يواجهها حتى لو كان استقرار الوطن أو أمنه أو مستقبله، وتعطيل الصندوق جريمة في حق الشعوب، كما أن تعطيله لن يمنع الجماهير من الوصول إليه مرة أخرى، ولكن بالدم.
«راكبه عفريت»

يصر حسين حلمي على اللعب بالنار في وقت لم يعد يحتمل مثل تلك المخاطرة كما حاول في “الوفد”: “من ليس معي فهو ضدي” وهو مبدأ بعض الناس يعمل على نشر النفاق والرياء بين الناس، خاصة إذا كان صاحب الموقف أو الرأي رئيسك في العمل. صاحب هذا المبدأ في العادة شخصية مضطربة ويخاف من التغيير، لأنه فاقد ثقته في نفسه ويعيش في قلق مستمر. والصورة الذهنية لديه مشوشة يخلط بين الحقيقة والخيال، ولذلك يكون لديه شعور بأنه فوق الجميع وأنه يفهم أكثر منهم. ويُعرفّه عُلماء النفس بأنه شخص مضطرب لا يقبل الرأي المخالف له ولا تكون لديه مرونة في الاستماع لآراء الآخرين وتمثل تلك الآراء رغم صدورها من متخصصين بأنها غير صحيحة طالما خرجت عن وجهة نظره في أي مسألة. هذا الأمر لا علاقة له بحرية الاختلاف في الرأي، لأن الاختلاف في الرأي لا يفقد للود قضية، ويكون الشخص سويا في هذه الحالة مؤمنا بمبدأ الاختلاف مع وجود الاحترام والود، لأنه يؤدي إلى نتيجة أفضل من الرأي الأحادي، ولا توجد ضرورة لاستنساخ الأفكار وتطابق الآراء، فالاختلاف يفيد الأمم ويبني الحضارات، حتى في الدين يقول المولى عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء».

لا يكترثون بهم

ما زال الدكتور صلاح الغزالي في “المصري اليوم” حرب يتذكر جيدا في أحد حواراته في التلفزيون المصري منذ عدة سنوات عندما قال إن المواطن المصري إذا ما ابتُلي بالمرض فإنه يكون كمن دخل نفقا مظلما لا يعرف متى وكيف يخرج منه، وللأسف الشديد فإن هذه العبارة لا تزال صحيحة على أرض الواقع، من خلال ممارسة طبية تقترب من الخمسين عاما.. وفي الحقيقة فإن هذا الوضع المؤلم له أسباب كثيرة، ومنها القصور الشديد في الثقافة الصحية، وانتشار مفهوم التواكل وليس التوكل على الله، وانعدام دور المدرسة. بداية علينا أن ندرك معنى الصحة، كما جاء في دستور منظمة الصحة العالمية، الذي أقره مؤتمر الصحة الدولي، الذي انعقد في نيويورك عام 1946: (الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنيّا وعقليّا واجتماعيّا لا مجرد انعدام المرض أو العجز، والتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان دون تمييز، بسبب العنصر أو الدين أو العقيدة السياسية أو الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية). وبصراحة، وللأسف الشديد، يمكن القول إن هذا التعريف يغيب عن الكثيرين منّا، ويبدو ذلك واضحا في الممارسة العملية، ومنها على سبيل المثال عدم لجوء المريض إلى الطبيب غالبا، إلا في وقت متأخر من المرض، بعد رحلة فاشلة بين بعض الصيادلة والأصدقاء والمعارف والمرضى السابقين، وهو ما يشكل عبئا كبيرا على الطبيب المعالج، وعبئا أكبر على المريض، فالمتفق عليه عالميّا أن الاكتشاف المبكر للمرض هو مفتاح النجاة، خاصة في حالات الأورام ومرضى السكر وارتفاع الضغط وغيرها.

ذكرى أليمة

بمناسبة مرور 20 سنة على غزو القوات الأمريكية للعراق، الذي كان أحد تداعياته ارتكاب فظائع في سجن «أبو غريب» بحق مسجونين عراقيين، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية تقريرا اهتم به الدكتور عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم” ذكّرت فيه الناس باعتذار الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الابن، عن تلك الممارسات التي اتبعها جنوده في السجن، بل وذكّرت الصحيفة الناس أيضا بتقرير «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، التي أوضحت أن ضباطا في المخابرات العسكرية الأمريكية قدروا أن نسبة تتراوح بين 70 إلى 90% من الرجال والنساء والأطفال الذين اعتقلهم الجيش الأمريكي في العراق سنة 2003، أخذوا عن طريق الخطأ. وأعاد التقرير إلى الأذهان كذلك صورا بالغة الصعوبة، ولو كانت في زمن «السوشيال ميديا» لأحدثت ضجة أكثر من ذلك آلاف المرات، أذكر منها مثلا صورة السجين العراقي الذي تعرض لأشد أنواع التعذيب على يد جنود أمريكيين، بتوصيل جسده بأسلاك الكهرباء، وهو معصوب العينين، وصور أخرى لتكديس أكثر من سجين وتقديمهم عراة من قبل الجنود الأمريكيين. تلك الصور وغيرها مما تسرب من معتقل «غوانتانامو» في كوبا، هي إرث إدارات أمريكية متعاقبة، أظهرت دولة بحجم أمريكا على أنها دولة تعصف تماما بحقوق الإنسان، وتستخدم في السجون أبشع أنواع التعذيب بحق مواطنين مدانين بالقانون الوضعي، وليس قانون القسوة والعنف.

لن يعتذروا

لم يكن “أبو غريب” هو السجن الوحيد الذي شهد وفق ما أكد عبد اللطيف المناوي تعرّض المسجونين العراقيين لفظائع وانتهاكات على يد جنود الغزو الأمريكي، وإنما اكتسب «أبو غريب» شهرته من تلك التسريبات التي دعمتها شهادات المعتقلين السابقين في السجن، والتي عكست الرعب الذي تعرضوا له، وطرق الاستجواب الوحشية التي اتبعت، وكأن السجناء فيها أقل درجات في الإنسانية. الغريب وبعد اعتراف إدارة بوش، ومن تبعوه من إدارات سكنت البيت الأبيض وصبغته باتجاهاتها السياسية والحزبية، وكذلك بعد إيضاحات منظمات أخرى كـ«الصليب الأحمر» وغيره من المؤسسات الأممية، أن أمرين لم يتغيرا؛ الأول هو نظرة حقوق الإنسان في أمريكا، التي دائما ما يكون لها وجه ظاهر يدعي المحافظة على حقوق الناس، بينما تستمر سلسلة الحوادث العنصرية البشعة على أراضيها، وحادث قتل جورج فلويد حلقة في هذه السلسلة، أما الأمر الآخر فهو ضبابية حصول الضحايا على تعويضات نتيجة للجرم الأمريكي، وهو ما ذكّرت به «الغارديان»، بناء على تقارير مؤسسات حقوقية عالمية. فلا يوجد حتى الآن مسار واضح يسلكه المطالبون بحقوقهم من هؤلاء الضحايا العراقيين أو أهاليهم. تلك المماطلة – أو بالأحرى عدم الوضوح – في مسألة التعويضات تشككنا في نوايا الاعتذارات في الأساس، ربما رضخ بوش الابن لضغوط دولية وعالمية للاعتذار، وربما رضخت مؤسساته لصورة مزيفة رسمها البعض عن أمريكا، بينما في الواقع وفي الضمائر ما يعكس رغبة أخرى في الإخضاع، إخضاع أي آخر بقوة الذراع وليس بقوة القانون.

الشياطين الخمسة

صفحة الحوادث إحدى الصفحات التي تحرص ليلى إبراهيم شلبي على متابعتها، ضمت مطالعتها كذلك كما أخبرتنا في “الشروق” الكثير مما ينضوي تحت عنوان علم الاجتماع من كتابات الدكتور سيد عويس وجمال حمدان وزهير الشايب وغيرهم، ممن اهتموا بتوصيف مصر وشعبها وأحوالهم على مرّ التاريخ. بالطبع كان منهم من اهتم بإنسانيات المصريين وأخلاقهم وتصرفاتهم في الشدة والرخاء وعلاقاتهم، رغم التباين الواضح والمقبول في معتقداتهم وديانتهم وعاداتهم وتقاليدهم من حدود النوبة والصعيد إلى وجه بحري وحدود البحر الأبيض المتوسط. تابعت خلال الأسابيع الماضية حوادث لن أخوض في تفاصيلها ربما لأنها استثنائية لا يقدم عليها إلا إنسان مريض عقليا بالفعل، وإن كانت خطورتها تكمن في أن المريض يعيش بين الناس، وإن بدا غريبا في بعض أطواره إلا أن من حوله يعاملونه على أنه طبيعي وربما اعتبروه مبروكا في أماكن ينحسر عنها العلم والتعليمـ إلى أن تحدث الواقعة ويقدم على جريمة يجزع لها الفؤاد وتصعق العقل مثل تلك الحادثة الكارثية التي ذبحت فيها أم وليدها وطهته وتناولت منه وجبة.. حدث هذا في مصر ونشرته الجرائد المصرية وأحمد الله أنها لم تذهب بعيدا في وصف الحادث وتتعمد تكراره والتعليق عليه. تلك حوادث لا يمكن للأسف تفاديها، فهي مثل الطفرات التي تحدث أثناء الخلق والتخليق. ما أتحدث عنه هو تلك الحوادث والأحداث التي قد يمكن الوقاية منها أو إجهاضها في البدايات، قبل أن يشتد أوار النار فيها، فمعظم النار من مستصغر الشرر كما نعلم جميعا. نشرت جريدة «الأهرام» في عدد الأربعاء الماضي في صفحة الحوادث تحت عنوان «5 طلاب يقذفون مريضا نفسيا بالحجارة حتى الموت في سوهاج» داهمني الخبر الذي انغرس في عقلي فتناثرت شظايا كثيرة.

حفلة مأساوية

تتابع ليلى إبراهيم شلبي فصول المأساة: مريض نفسي كان يجلس أمام منزله بحثا عن نسمة هواء في يوم حار، لم يؤذ أحدا ولم يتحرك من مكانه ولم يبد أي فعل يثير غضب أحدا. فجأة التف حوله خمسة «طلاب» يقذفونه بالحصى والزجاجات الفارغة والطوب، وحينما حاول الاحتماء ببيته عاجله أحدهم بحجر على رأسه هشم جمجمته وأودى بحياته، أما هم فقد انصرفوا بعد تلك الاحتفالية الدامية دون حتى ملاحظة أنه بالفعل قد مات. انكشف الأمر حينما تلقى مركز شرطة البلينا في مديرية أمن سوهاج بلاغا من عمه الذي ذهب ليطمئن عليه إذ إنه يعيش وحيدا رغم علته.. ففوجئ به جثة هامدة. يا الله.. يالها من بشاعة: الخمسة طلاب في مراحل تعليم مختلفة فماذا تعلموا في مدارسهم وأي كتب قرأوا.. أي نصوص حفظوا.. وأي مبادئ اعتنقوا؟ ألم يحدث يوما أن تحدث إليهم مدرس حديث الرحمة والرفق بالضعيف؟ ألم يحدث خلال هذا الاعتداء البغيض أن تراجع أحدهم وطلب من الآخرين التوقف عن أذى هذا الكائن الضعيف؟ ألم يحدث أن مرّ أحدهم بهذا الموقف البغيض الذي حدث في الطريق العام، فحاول التدخل لمنع رجم إنسان معاق ذهنيا دون سبب، إلا التسلية وتمضية وقت إجرامي ممتع؟ من هو المريض نفسيا إذن؟ المسالم الضعيف الذي يعيش بمفرده في حجرة؟ أم الشياطين الخمسة الذين يدرسون في مدارس حكومية تتكفل بهم الدولة ويطالبونها بوظائف حين ينتهون من دراستهم.. وربما جرائمهم أيضا. أتمنى لو انتبهنا.. دولة ومواطنين معا لخطورة مثل تلك الحوادث الدامية البشعة وفكرنا كيف يمكن تفاديها، حتى لو كان الحل هو إعادة تأهيل كل المصريين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية للتعايش في وئام مع بعضهم، وقبول الآخر برضا ومحبة بدلا من تلك المشاعر المنحازة البغيضة. أتمنى لو تفضل وزير التربية والتعليم بالشهادة في تلك القضية وسمعنا له رأيا قد يفيدنا كثيرا في ما نسعى إليه.

محنة الأجيال

مع بداية العام الدراسي الجديد، ومن خلال متابعة الاستعدادات التي سبقت انطلاق الموسم الدراسي اكتشف هشام الهلوتي في “الوفد”، أن كل ما كنا نحلم به للنهوض بالتعليم قد تبدد، على صخرة الدروس الخصوصية والسناتر، التي تغولت وابتلعت كل أمل للتطوير. فقد انتظمت الدروس الخصوصية بالسناتر قبل انطلاق العام الدراسي رسميا بأكثر من شهر، وبدأت في حشو عقول التلاميذ بالمعلومات، اعتمادا على أسلوب الحفظ والتلقين، مع استنزاف الملايين من جيوب أولياء الأمور، في ظل غياب وزارة التربية والتعليم عن القيام بدورها في مواجهة هذه الظاهرة المتوارثة أو إعداد خطة حقيقية لتطوير التعليم. يجب إنقاذ الأجيال الجديدة من هذه الأساليب العقيمة، وقلنا إن بداية طريق الإصلاح يبدأ من الاعتراف بأن لدينا أزمة في التعليم قبل الجامعي، وأن هذه الأزمة لا بد أن تحل من جذورها، وأنه يجب على الدولة أن تنتبه جيدا وتسخر لها كل الخبرات والإمكانات المادية، إذا كانت تريد نهضة حقيقية، وبناء دولة متقدمة. فكل ما يقال عن خطط التطوير منذ سنوات ما هو إلا محاولات لتجميل واقع مزيف أشبه بمبنى متصدع لا بد من التخلص منه والبناء من جديد على أساس قوي للأجيال المقبلة، ولدينا تجارب ناجحة لدول كانت تعاني من تدهور الأحوال المعيشية والاقتصادية واستطاعت تجاوز أزماتها بالتعليم.

على خطا رواندا

في محاولة هشام الهلوتي للبحث عن حل للأزمة التعليمية قرر اللجوء لتجربة ملهمة: التجربة الرواندية في النهوض بالتعليم تعد واحدة من أكثر النماذج إلهاما في افريقيا، فبعد صراعات وإبادات عرقية وصفت بالأبشع في التاريخ المعاصر، نتج عنها مقتل اكثر من مليون ونصف المليون إنسان، بين عام 1990 و1994 من القرن الماضي انطلقت رواندا عام 2000 على يد زعيم الجبهة الوطنية الرواندية بول كاجامي من تحت الصفر بكثير وتجاوزت كل المحن وصارت خلال عشرين عاما فقط واحدة من أفضل الدول في النهوض بالتعليم والاقتصاد. وكان من أهم التحديات التي واجهتها رواندا في طريقها لتطوير التعليم فقدان أعداد كبيرة من المعلمين في المذابح العرقية وفرار الناجين منهم إلى الدول المجاورة، وتدمير الغالبية العظمى من المدارس، ولكنها نجحت في إعادة بناء المدارس والكوادر البشرية، وحرصت وهي تطور آلياتها واستراتيجيتها التعليمية واختيار مناهج وأسلوب تعليم يحارب العنصرية، كما أتاحت روندا التعليم المجاني للجميع، وقضت على ظاهرة التسرب من التعليم، وأقامت العديد من الورش والدورات التدريبية لتخريج معلمين قادرين على تقديم تعليم يواكب العصر ويلبي احتياجات سوق العمل وينهض بالبلاد اقتصاديا، سواء أكان على مستوى التعليم الأساسي أو الجامعي. كما اعتمدت روندا نظام تكنولوجيا المعلومات والاتصال من أجل التعليم ICT4E، وهو نظام يستبدل وسائل التعليم والكتب التقليدية، بمنصات إلكترونية.. لاب توب أو آيباد أو مشغل وسائط يمكن من خلاله متابعة الدروس، وفى فبراير/شباط عام 2019، أطلقت أول قمر صناعي لها في الفضاء، بهدف ربط المدارس النائية في الدولة بالإنترنت، وتوفير فرص كبيرة للتنمية للجيل الجديد من الروانديين. واستحدثت التعليم التقني والمهني لتلبية احتياجات البلد من عمال مهنيين مؤهلين عبر تحويل بعض مراكز التدريب المهني إلى مدارس مهنية تقنية، وتدريب عدد كبير من المدرسين المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات. ونظرا للتطور المذهل في مجال التعليم حصلت رواندا على جائزة الكومنولث الأولى لأفضل الممارسات في التعليم الأساسي الممتد لتسع سنوات عام 2012. كما اعتبرتها اليونيسكو في تقريرها عن جودة التعليم لسنة 2014 من أفضل 3 دول في تجربة النهوض بالتعليم.

حظ ليفربول

هناك أشياء أخرى شديدة الأهمية تجذب عشرات الملايين عبر العالم لمشاهدة الكرة الإنكليزية، كما أشار أحمد عبد التواب في “المصري اليوم”: إضافة إلى المستويات العالية والمنافسة الجادة الحامية، وصعوبة توقع النتيجة قبل بدء المباراة، حتى لو كانت بين المتصدر والمتذيل، فإن هناك أيضا قاعدة مهمة يحترمها الجميع، مع أقل استثناءات، وهي الامتثال لقرارات التحكيم، مهما يكن الخطأ فيها واضحا، وهو ما تفتقده بلاد أخرى. وكان آخر مَثَل على هذه الحالة، أن الحَكَم ومساعده وحدهما هما اللذان رأيا لويس دياز مهاجم ليفربول متسللا في المباراة ضد توتنهام، السبت الماضي، ورفضا احتساب الهدف الجميل الذي أحرزه. وتراوحت ردود الفعل، التي تتفق جميعها على خطأ عدم احتساب الهدف، في حدود استنكار ليفربول وجماهيره، وسعادة توتنهام لأنهم يستفيدون من هذا الخطأ. وكان المعلقون على الهواء، ومعهم آلاف المواقع التي تغطي المباراة لحظة بلحظة، أسرع من غيرهم في القطع بخطأ التحكيم. ولكن توالت المفاجآت، وكانت أولاها أن المباراة استؤنفت بمعدل التوقيف المعتاد مع القرارات الصحيحة، دون احتجاجات من المتضررين، ودون اشتعال جماهيرهم في المدرجات والمقاهي، ثم كانت المفاجأة المذهلة من لجنة حكام الدوري الإنكليزي، التي تسابقت وكالات الأنباء على بثها في العالم كله، أن اللجنة تعتذر لفريق ليفربول في بيان رسمي، مباشرة بعد انتهاء المباراة، وتعترف بأنه قد وقع خطأ بشري في تحكيم المباراة، وتقرّ، بصريح العبارة ودون موارَبة، بأن الهدف الذي ألغاه التحكيم كان صحيحا، وأن اللجنة سوف تفتح تحقيقا حول الخطأ، وأنها سوف تقوم بإجراء تقييم كامل للأمور التي أدَّت إلى الخطأ، وتأخذ اللجنة على (الفار) أنه كان من الواجب عليه أن يتدخل لتصويب الأمر. وكان تعليق يورغن كلوب، المديرالفني لنادي ليفربول، أن بيان لجنة التحكيم لن يفيد بشيء، فقد تكرَّرت الواقعة نفسها سابقا مع نوادٍ أخرى، وتكرَّر الموقف نفسه من لجنة التحكيم، إلا أنه لم تتحقق نتائج عملية، وأعتقد أنه لن يحدث شيء في واقعتنا، ولهذا فإن الكلام لا يهم. وأضاف بأنه لا أحد يتوقع قرارات تحكيم صحيحة 100٪، ولكننا اعتقدنا أنه مع استخدام تقنية (الفار)، فإنها ستجعل الأمور أسهل، ولكن هذه المرة فقد اتُخِذ القرار بسرعة كبيرة، وأحبط لاعبينا وأوقف حماسهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية