لندن- “القدس العربي”:
تساءلت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لستيفن إيرلانغر، حول الخطوة المقبلة بعد هجوم السبت ودخول مقاتلي حركة حماس للعمق الإسرائيلي.
ويقول الكاتب إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتعرض لضغوط من أجل شن غزو شامل لقطاع غزة، والذي تجنبه قادة إسرائيل منذ عام 2005.
وقال: “بعد حوالي 50 عاما على حرب يوم الغفران عام 1973، فوجئت إسرائيل مرة أخرى بهجوم مفاجئ، وهو تذكير مذهل بأن الاستقرار في الشرق الأوسط مجرد سراب دموي”.
وعلى خلاف المناوشات مع القوى الفلسطينية في غزة خلال السنوات الماضية، فهذا يبدو هجوما شاملا بدأته حماس وحلفاؤها، بوابل من الصواريخ وتوغل في داخل إسرائيل وقتل وأسر إسرائيليين.
ويقول الكاتب إن الأثر النفسي على الإسرائيليين قورن بهجمات 9/11 على أمريكا. وبعد صد الجيش الإسرائيلي الهجوم الأول من الفلسطينيين، فالسؤال الذي يلوح في الأفق، ماذا بعد؟
وهناك عدد قليل من الخيارات الجيدة أمام نتنياهو الذي أعلن عن حالة حرب، ويتعرض لضغوط من أجل شن هجوم عسكري شامل على غزة. ولا يمكن استبعاد غزو شامل للقطاع واحتلال مؤقت له، في ضوء مقتل 300 إسرائيلي وأسر الكثيرين.
ويعلق إيرلانغر أن حربا واسعة قد تترك تداعيات غير معروفة، فقد تؤدي إلى ضحايا فلسطينيين كثيرين مدنيين ومقاتلين، وتعطل الجهود الدبلوماسية لإدارة بايدن من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وربما يضع هذا ضغوطا على حزب الله وإيران لفتح ساحة حرب جديدة ضد إسرائيل في الشمال.
وترى الصحيفة أن النزاع سيوحّد إسرائيل خلف الحكومة، على الأقل لفترة قصيرة، حيث ألغت المعارضة التظاهرات ضد مقترحات نتنياهو الرامية لنزع استقلالية القضاء. كل هذا سيعطي نتنياهو “الغطاء السياسي الكامل ليفعل ما يريد” حسب ناثان شاس، مدير مركز سياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز.
وأضاف أن نتنياهو قاوم ضغوط غزو شامل لغزة، في ضوء التداعيات غير المعروفة وماذا سيحدث بعد. وقال إن “الصدمة النفسية على إسرائيل هي مثل 9/11 ” و”لهذا ستكون الحسابات مختلفة هذه المرة”.
ويعلق مارك هيلر، الباحث في معهد الأمن القومي، “السؤال هو ماذا سيحدث بعد؟”. وقال: “هناك ضغوط عالية من أجل غزو واسع لغزة، وإنهاء حكم حماس، ولكنني لا أعتقد أنها ستحل أي شيء على المدى البعيد”.
إلا أن كارل بيلدت، وزير الخارجية السويدي السابق، لم يستبعد عملية عسكرية واسعة، خاصة بعد أسر جنود إسرائيليين. وفي تغريدة على منصة إكس، قال: “لو أسرت حماس جنودا وأخذتهم كسجناء إلى غزة، فعملية إسرائيلية في داخل القطاع مرجحة”.
وظلت إسرائيل ونتنياهو قلقة من إرسال قوات إلى غزة، حتى في ظل أرييل شارون الذي أرسل القوات الإسرائيلية عام 2002 لاحتلال مدن الضفة، فقد اختار عدم إرسال قوات بأعداد كبيرة إلى القطاع حيث كانت فيه مستوطنات، في ذلك الوقت.
وفي الوقت الذي لم تقدم حماس توضيحا حول سبب هجومها على إسرائيل، إلا أن محللين يربطون الهجوم بجهود التسوية التي تقودها واشنطن بين إسرائيل والسعودية مقابل ضمانات أمنية للرياض ومطالب أخرى. وهذا هو رأي أمبرين زمان، من المونيتور في واشنطن: “رد إسرائيل على هجمات اليوم سيكون على قاعدة تعكس الجهود الأمريكية للتطبيع بين السعودية وإسرائيل، إن لم تنسفها تماما”، كما ورد في تغريدة على موقع “إكس”.
إلا أن شاس يقدم تبريرا مختلفا، وهو أن حماس أخذت إسرائيليين لمبادلتهم مع أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ويقول أرون ديفيد ميلر، المفاوض الأمريكي السابق، إن حماس كانت محبطة من حجم الأموال القادمة لغزة وتصاريح العمل، وبطريقة ما “فهذا هو هجوم لتذكير الإسرائيليين بأننا هنا، ويمكننا ضربكم بطرق لا تتوقعونها”. وأضاف ميلر، الزميل حاليا في مركز كارينغي للسلام العالمي، أن صدمة إسرائيل متعلقة “بالثقة بالنفس الزائدة، والتواطؤ وعدم الاستعداد لتخيل قدرة حماس على شن هجوم عبر الحدود مثل هذا”.
وقال شاس إن تداعيات الحرب وما بعدها “ستكون بعيدة وستأخذ وقتا لكي تظهر”، وسيتم التحقيق في الفشل الأمني والعسكري “ولن تنجو الطبقة السياسية من اللوم”.