لندن- “القدس العربي”: قالت المعلقة في صحيفة “نيويورك تايمز” ميشيل غولدبرغ إنه لا يصحّ مراكمة الرعب فوق الرعب، مضيفة: “مراقبة الناس عن بعد وهم يسيرون نحو الهاوية،.. أجد من الصعوبة الكتابة غير كلمة “لا” مرة بعد الأخرى. وفي وجه المذابح التي جلبت لليهود حول العالم ذكريات الإبادة، تحولت لغة القادة الإسرائيليين لقاتلة. وعلى أعتاب غزو بري قريب في غزة، فإن الكثير من الناس الذين تحدثت إليهم، يهوداً وفلسطينيين، عبّروا عن رعبهم من الخطاب الذي سيصبح حقيقة”.
وأشارت لما قاله الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتزوغ، في مؤتمر صحافي، يوم الجمعة، وأن “معظم الشعب” في غزة “مسؤول” عن الهجمات. وأخبر الصحافيين: “ليس صحيحاً أن المدنيين ليسوا متورطين ولا يعلمون”، ووضح هيرتزوغ كلامه لاحقاً مؤكداً أن المدنيين ليسوا هدفاً مشروعاً، إلا أن كلماته التي جاءت من “حزب العمل”، الذي ينتمي للوسط، أحدثت رعدة في الجسد. وتقترح إجماعاً سياسياً واسعاً أنه يجب لوم كل الغزيين جميعاً عن الرعب الذي وقع على الإسرائيليين.
وأخبر رون بروسور، الدبلوماسي الإسرائيلي البارز، مجلةَ “بوليتكو”: “نزعت كل القفازات”.
غولدبيرغ: نستطيع رؤية إلى أين تقودنا عملية تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، فقد قتل طفل في إلينوي لأنه مسلم، وبسبب النزاع بين حماس والإسرائيليين
وفي هذا المناخ، فإن اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل، والذي تحدَّثَ أفرادُه عن طرد الفلسطينيين، حتى قبل عملية “حماس” الأخيرة، ليس لديه أي مبرر لضبط النفس.
ودعت تالي غوتيلي، عضو الكنيست من حزب “الليكود” الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو لاستخدام “أسلحة القيامة” ضد غزة. كما دعا عضو آخر في “الليكود” إلى نكبة ثانية، كتلك التي حدثت عام 1948. وتعلق بأنها تتعاطف مع اليهود الليبراليين في إسرائيل والشتات الذين يشعرون بالخوف والضعف للاحتجاج على معاناة الفلسطينيين المتصاعدة. وليس من العدل أن هذه الأحداث تتحرك سريعاً ولا تعطي الناس الفرصة للحزن على الأذى الذي حلّ بمجتمعهم قبل أن يطلب منهم محاولة منع الأذى عن الآخرين. “ومع ذلك آمل، في وقت تتراكم جريمة فوق جريمة، أن يتعامل اليهود مع ما تم التهديد به باسمنا، وعلى الأمريكيين أن ينتبهوا، في ظل الدعم الكبير الذي يقدمه البلد للجيش الإسرائيلي”. و”في غزة، بدأ القتل الجماعي. وفي الأسبوع الماضي أعلن وزير الدفاع يواف غالانت قطع الماء والكهرباء والطعام والوقود عن غزة”، مشيرة إلى بعض الآمال بدخول المواد الإنسانية بناء على دعوة من الرئيس بايدن، مع أن المياه الصالحة للشرب غير متوفرة بشكل كبير. وذكرت وكالة أنباء “أسوشيتد برس”، يوم الأحد، أن المياه الصحية نفدت في ملاجئ الأمم المتحدة في غزة. وفي يوم السبت، ذكرت وكالة اليونيسيف أن 700 طفل قتلوا في غزة، والأرقام تتزايد مع مرور الوقت.
وتقول غولدبيرغ: “قد يرد بعض القراء بأن هذا الوضع رهيب لكنه خطأ “حماس”، وأتفق معهم بطرق عدة، فمن الواضح أن “حماس” هي المسؤولة عن جهنم التي تمطر على غزة، فمعظم الدول التي تعرضت لهجوم مثل إسرائيل ترد بالحرب، لكن هذا لا يعطي إسرائيل رخصة لعدم المبالاة، بل وأسوأ رخصة لحياة المدنيين”. وتقول إن الإسرائيليين معذورون في غضبهم، و”لو كنت إسرائيلية لشاركتُهم، لكن التحريض ضد الفلسطينيين، وغالبيتهم لا علاقة لهم بإرهاب حماس يقود لشيء أحلك مما نعيشه اليوم”.
وقالت إن الأصوات المؤثرة في الولايات المتحدة تزيد من مناخ التعطش للدم، وبحسب “فوكس نيوز صانداي”، فقد رفض السناتور الجمهوري عن اركنساس توم كوتن فكرة أن الضحايا المدنيين في غزة سيخدمون “حماس”: “كل ما يهمني هو أن إسرائيل تستطيع ضرب الأنقاض في غزة”، و”ضرب الأنقاض” هي عبارة قالها وينستون تشرتشل حول القتل المبالغ فيه. وبالنسبة لكوتون فهذا مقبول، واللغة تحريضية. وكما علق جويل بولاك في مجلة “بريتبارت”: “لو أصبح الأمر مسألة تطهير عرقي، تريد تطهير شعبي، فإنني أطهر شعبك أولاً”.
وتقول غولدبيرغ: “نستطيع رؤية إلى أين تقودنا عملية تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، ففي نهاية الأسبوع قتل طفل عمره 6 أعوام في إلينوي، طعنه صاحب البيت الذي أصاب والدة الطفل بجراح بالغة.
وبحسب مفوض الشرطة المحلي، فقد استهدف الضحايا لأنهم مسلمون، وبسبب النزاع الجاري في الشرق الأوسط بين حماس والإسرائيليين”.
هآرتس: خمسة فلسطينيين قتلوا ببلدة قصرة بعد إطلاق المستوطنين النار عليهم. وبعد رسالة تقول: لا خطوط حمراء لدينا، وسنعاقبكم لجعلكم عبرة لمن لا يعتبر
وإذا كان هذا هو الجو في الولايات المتحدة، فهو أكثر سخونة في إسرائيل، حيث تحدثت مع المحامية الكندية- الفلسطينية ديانا بطو، والتي تعيش في حيفا، وعملت مرة مستشارة قانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية: “أستطيع فهم ما شعرت به جدتي في عام 1948 عندما هربت” من بلدة قرب الناصرة، و”لأنه كان مناخ رعب شامل بأن الدور سيأتي عليك، وليس هذا في قطاع غزة، ولكنه انتشر إلى الضفة الغربية”.
وبحسب قناة “الجزيرة” فقد قتل في الضفة الغربية 55 شخصاً على الأقل، بعضهم على يد الجنود، والآخرون على يد المستوطنين.
وذكرت صحيفة “هآرتس” أن خمسة فلسطينيين قتلوا ببلدة قصرة بعد إطلاق المستوطنين النار عليهم. وفي رسالة على واتساب للقرية: “لا خطوط حمراء لدينا، وسنعاقبكم لجعلكم عبرة لمن لا يعتبر”.
وأرسلت بطو الرابط على مجموعة تيلغرام، التي يشترك فيها 82.00، والتي نشر فيها المشاركون صوراً احتفالية للقتلى والجرحى الفلسطينيين. وفي رسالة تقديم للمتحدثين بالإنكليزية: “أهل غزة ليسوا أبرياء”، و”لو تصرف هؤلاء الذين يؤمنون بهذا الكلام وعندما يتصرفون فعلينا التظاهر بأننا لم نتلق تحذيرات”.