لندن- “القدس العربي”: نشر موقع “بوليتكو” تقريراً عن مواقف العرب والمسلمين الأمريكيين من خطاب الإدارة الأمريكية الداعم لإسرائيل في حربها على غزة.
وفي التقرير، الذي أعدّته هولي أوتربين، جاء أن المكالمات التي أجراها القادة العرب مع وزارة الخارجية الأمريكية تحولت إلى مناسبة للتعبير عن القلق والفزع.
وحذرت القيادات البارزة للعرب والمسلمين إدارة بايدن من عدم إظهارها حساسية، بل وإظهارها تهوراً في خطابها، بعد هجوم “حماس”، في مكالمة خاصة، يوم الإثنين، لوزارة الخارجية. وكانت المكالمة تعبيراً صريحاً عن المخاوف من طريقة تعامل الرئيس وفريقه، وجاءت في وقت حساس، وفي أعقاب طعن فلسطيني- أمريكي عمره 6 أعوام في منطقة شيكاغو، والذي وصفته السلطات بأنه جريمة كراهية.
في تلك المكالمة، قالت زها حسن، محامية حقوق الإنسان، تطرقت لما اعتقدت أنها لغة إشكالية من إدارة بايدن.
وفي إفادة إعلامية، الأسبوع الماضي، من وزارة الخارجية، رفض المتحدث باسمها القول إن ليس على إسرائيل قطع الدواء والماء والمساعدات الإنسانية عن غزة، مع أنه عبّر عن توقعه من إسرائيل الالتزام بالقانون الدولي.
وفي المكالمة قالت حسن إن تعليقه “أعطى انطباعاً بأنه مسموح بعمل هذا للفلسطينيين لأنهم فلسطينيون”، و”هذا تجريد من الإنسانية، ويفتح الباب لكي يفكر الناس، حسناً، بعض الأمور جيدة لأنهم ناس أشرار، وربما كانوا إرهابيين”. وقال وارين ديفيد، رئيس عرب أمريكا، لأندرو ميلر، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية- الفلسطينية بأن أعضاء منظمته “غاضبون، غاضبون، وهذا أقل ما يقال، من الخطاب القادم في الأيام القليلة الماضية” من إدارة بايدن.
وحذر ديفيد من أن “شيطنة الفلسطينيين في غزة والعرب بشكل عام” قد “صعدت من الكراهية” ضدهم. وسأل ميلر عمّا ستفعله الوزارة والرئيس جو بايدن لـ “التراجع عن الخطاب السلبي” في ضوء قتل وديع الفيومي. وقال في مكالمة هاتفية مع المجلة: “نشعر بأن ضرراً عظيماً قد حدث على صورة العرب في الولايات المتحدة”، و”بطريقة ما فهو أسوأ مما حدث في 9/11”.
ورد ميلر مؤكداً على أن نية إدارة بايدن ليس بالتأكيد “إثارة المشاعر المضادة للعرب”، ورحب بالنقاش من أجل “التأكد من عدم وجود شيء غير مقصود يسهم في المشكلة”. وقال إن “الشعب الفلسطيني ليس ملاماً على أفعال حماس” وأن الإدارة تتعامل مع سلامة وأمن الأقلية “بجدية”. ولكن النقاش سلط الضوء وبشكل صارخ على مستوى الخوف بين العرب والمسلمين الأمريكيين في داخل البلاد، وأنهم سيصبحون ضحايا بنفس طريقة 9/11 بعد هجمات “حماس”.
كما أكدت المكالمات على مدى الإحباط فيما بينهم من الإدارة، حتى مع تطور لهجة الرئيس. وربما زاد الإحباط وعدم الارتياح مع زيادة التصعيد الإسرائيلي. وعندما كان بايدن يجهز نفسه لزيارة إسرائيل، قتل المئات في غزة بعد غارة إسرائيلية على مستشفى في غزة، تصفها المجلة بالانفجار. وقدم بايدن بعد هجوم “حماس” المذهل دعمه غير المشروط لإسرائيل. وقال إن هجمات “حماس” “هي شر خالص”، وتعهد بأن تكون أمريكا “وراء إسرائيل” وتدعمها. وفي الأيام الأخيرة عبر عن قلقه من المدنيين في غزة، وأعلن وزير الخارجية أنطوني بلينكن عن خطة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، يوم الأحد، إنه “من الضروري” وجود أماكن يلجأ إليها المدنيون الفلسطينيون دونما خوف من القصف، وأن “يحصلوا على الضروريات: الطعام والماء والأدوية والملجأ”.
واستشهد حتى الآن أكثر من 3.000 في غزة، حسب المسؤولين الفلسطينيين، وقتل 1.400 إسرائيلي حسب المسؤولين الإسرائيليين. وقال بايدن في افتتاح موقع للبنى التحتية في فيلادلفيا: “علينا ألا ننسى أن غالبية الفلسطينيين الساحقة لا علاقة لها بـ “حماس”، ولا بأفعال “حماس” المروعة وهم يعانون نتيجة لذلك”. وكرر نفس الكلام في مأدبة عشاء نظمتها حملة حقوق الإنسان وندد بالأزمة الإنسانية في غزة، نهاية الأسبوع، وعلق على مقتل الفيومي بأنه شعر بالصدمة والغثيان، وأكد أن هذا “العمل المروع من الكراهية لا مكان له في أمريكا”.
لكن بعض العرب والمسلمين وحلفائهم رفضوا تصريحات بايدن الأخيرة بأنها قليلة جداً ومتأخرة. وقالوا في مقابلات إنهم شعروا بالرعب من تصريحات مشرعين صقور، مثل السناتور الجمهوري ليندزي غراهام، الذي وصف الحرب بين إسرائيل و”حماس” بـ “حرب دينية”، ولكنهم شعروا بالإحباط والغضب من تصريحات مسؤولين في إدارة بايدن والديمقراطيين، رغم اصطفاف العرب والمسلمين معهم. وعبر عدد منهم عن خيبة أمل من تعليقات المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان- بيير، الأسبوع الماضي، والتي قالت إن دعوة التقدميين في الحزب الديمقراطي لوقف إطلاق النار “عار” و “خطأ” و “بغيضة”. وعبّروا عن إحباط لأن مشرّعتين دعيتا لوقف إطلاق النار، وهما النائبة إلهان عمر عن ولاية مينسوتا، ورشيدة طليب، النائبة عن شيكاغو. وهما أول مسلمتين في الكونغرس تحصلان على إحاطات أمنية من الكونغرس بشأن زيادة التهديدات.
ودافع البيت الأبيض عن بايدن، الذي وقف ضد معاداة السامية والإسلاموفوبيا طوال رئاسته. وقال إن الرئيس ظل يكرر أن “حماس” لا تمثل الفلسطينيين، ووجّه المسؤولين البارزين في الأمن القومي للقاء المسلمين، في الأسبوع الماضي، ودعا قوات حفظ النظام لتحديد أي تهديد أمني يمكن أن يظهر وله علاقة بالحرب بين “حماس” وإسرائيل. وأشاروا إلى سجل بايدن وتصريحاته التي تهدف لمواجهة الكراهية ضد المسلمين، وما قاله في حفلة عيد الفطر، بأيار/مايو الماضي، حيث قال إن مقاومة “الإسلاموفوبيا” هي “أولوية” إدارته، وتحدث عن وحدة مهام خاصة لمعالجة الهجمات ضد المسلمين. وقالت روبن باترسون، المتحدثة باسم الأبيض، إن الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس كانوا واضحين: “لا مكان للكراهية في أمريكا، لا ضد المسلمين، ولا ضد العرب الأمريكيين، لا ضد اليهود ولا ضد أحد”. وذكرت بأن أول شيء فعله بايدن عند دخوله البيت الأبيض هو إلغاء الحظر ضد المسلمين الذي فرضته الإدارة السابقة، وأعلن عن وكالة متكاملة لمعالجة الهجمات والتمييز ضد المسلمين. وقال جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأمريكي، وعضو اللجنة الوطنية في الحزب الديمقراطي، بأنه يشعر بالقلق من الخطاب الأخير الصادر عن بايدن ومساعديه. و”لا توجد هناك لغة تعاطف مع الفلسطينيين في التصريحات الأولى ولا دعوات لوقف إطلاق النار أو ضبط النفس”.
وقال خليل دهشان، المدير التنفيذي للمركز العربي بواشنطن، الذي شارك في المكالمة، يوم الإثنين، إن قادة العرب والمسلمين طرحوا في حوار سابق مع مسؤولي بايدن “موضوع العنف المحلي هنا، والحاجة لكي يتفوه الرئيس، والقول إن هذه الحرب ليست ضد المواطنين الأمريكيين”، و”على الأقل بشأن ما قالوه”.
وبعد مقتل الفيومي، عبّر بعض قادة المسلمين عن نفس الرسالة، وبشكل خاص في حديث مع مسؤولي إدارة بايدن، وأن على الرئيس الحديث مباشرة عن المأساة، حسب شخص على معرفة بالحوارات. وهو ما فعله. وقال: “جاءت عائلة الطفل الفلسطينية المسلمة إلى أمريكا بحثاً عما نريده جميعاً، ملجأ للعيش والتعلم والصلاة بسلام”، و “كأمريكيين، علينا الوحدة ورفض الإسلاموفوبيا وكل أنواع التعصب والكراهية، وقلت مراراً إنني لن أسكت أمام الكراهية، وعلينا أن نكون واضحين، فلا مكان في أمريكا لكراهية أحد”.