بيروت- “القدس العربي”: اهتز الهدوء الحذر على الجبهة الجنوبية الذي ساد لساعات اعتباراً من ظهر الخميس اثر اطلاق صاروخين لحزب الله من لبنان باتجاه مستعمرة المنارة في الجليل الأعلى مقابل بلدتي ميس الجبل وحولا.
وعلى الاثر، قصفت قوات الاحتلال الاسرائيلية بالمدفعية مناطق عدة على الحدود اللبنانية مستهدفة اطراف بلدة ميس الجبل وحولا، وطلبت من مستوطني المنارة ومسكافعام والجليل الأعلى البقاء في منازلهم. وبعد الظهر، عاد القصف المتبادل بين حزب الله والقوات الاسرائيلية على جانبي الحدود خصوصاً في خراج الضهيرة وعلما الشعب في ظل استهداف أعمدة إرسال لموقع جل العلم الاسرائيلي وشوهد الدخان يتصاعد من ثكنة حانيتا.
وصدر عن حزب الله بيان جاء فيه: “هاجم مجاهدو المقاومة الإسلامية بعد ظهر الخميس مواقع جيش الاحتلال التالية: جل العلام، البحري، زرعيت، وثكنة شوميرا وبرج مراقبة في حبد البستان بالأسلحة المباشرة والمناسبة وتمت إصابتها إصابة دقيقة وتم تدمير كمية من تجهيزاتها الفنية والتقنية”. أما الجيش الإسرائيلي فتحدث عن رصد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان.
وأعلنت “كتائب القسام” عن إطلاق نحو 30 صاروخاً من جنوب لبنان في اتجاه الجليل الأعلى، وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن وقوع إصابتين جراء سقوط صاروخ على مبنى من 9 طوابق في كريات شمونة وعن نزول السكان إلى الملاجىء إثر اشتداد القصف. وأعقب ذلك تحليق لطيران إسرائيلي وقصف لمحيط بلدات حولا ومركبا والعديسة
وكان عدد من قرى القطاع الغربي في رأس الناقورة واللبونة ومحيط بلدة علما الشعب تعرّض لقصف اسرائيلي مباشر في ساعات الفجر الأولى. كما اغار الطيران الاسرائيلي فجرًا على محيط بلدة الناقورة ولم تسجّل إصابات بشرية ولا مادية. وأعلن جيش الاحتلال انه رصد 9 عمليات إطلاق لقذائف من لبنان على إسرائيل، وإطلاق عدة صواريخ خلال الـ 12 ساعة الماضية.
تزامناً، رفعت سفارات أجنبية وعربية من مستوى تدابيرها الاحترازية وبدأت عملية مسح لطواقمها ووضع خطط لاجلاء أعداد اضافية من هذه الطواقم من لبنان مع عائلاتهم، وتسارعت هذه الاجراءات بعد التظاهرات الغاضبة التي توجّهت نحو عدد من السفارات إثر مجزرة مستشفى المعمداني. وأكد رئيس مطار بيروت الدولي فادي الحسن خبر نقل 5 طائرات للميدل إيست إلى تركيا كإجراء احترازي، في وقت أفيد أن الجيش اللبناني سيسمح للمنظمات الدولية باستخدام مطاراته العسكرية ومرافئ بحرية صغيرة لتنفيذ عملية إجلاء في حال تعرّض مطار بيروت للاقفال. وقد شهد المطار في الايام القلية الماضية ومع تصاعد عمليات المواجهة في الجنوب حركة للمغادرين تخطت حركة القادمين بضعفين.
وفي جديد التحذيرات من السفر إلى لبنان، دعت وزارة الخارجية الكندية مواطنيها إلى “تجنب السفر إلى لبنان بسبب تدهور الوضع الأمني والاضطرابات المدنية”.
كما نصح وزير الخارجية الأسترالي السيناتور بيني وونغ مواطنيه بتجنب السفر إلى لبنان، وكتب على منصة “إكس”: “لدى الحكومة الأسترالية مخاوف خطيرة بشأن الوضع الأمني في لبنان، وإذا كنت أسترالياً في لبنان، يجب أن تفكر في المغادرة الآن، إذا كان من الآمن القيام بذلك”.
ويأتي التحذيران الكندي والاسترالي بعد ساعات من رفع الخارجيتين الأمريكية والبريطانية درجة تحذير السفر إلى لبنان لأعلى مستوى، وبعد دعوة سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت رعاياها إلى مغادرة البلاد “بشكل فوري”، وبعد نصيحة السفارة الفرنسية “الذين يرغبون في زيارة لبنان بعدم الذهاب إلى هذا البلد إلا لأسباب ملحة”.
اما بالنسبة إلى قوات “اليونفيل” في الجنوب التي يقتصر دورها على تسيير دوريات وعلى اصدار بيانات تدعو إلى ضبط النفس فتتضارب المعلومات حول مصيرها واذا كان سيتم تخفيض عددها، ورأى وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الذي يزور لبنان “أن خفض أو سحب قوات “اليونيفيل” سيكون إشارة خاطئة في هذا التوقيت”. وقد تفقد وزير الدفاع قوات بلاده ضمن القوات الدولية كما تفقد 140 جندياً المانياً على متن سفينة حربية قبالة الساحل اللبناني واطلع على تأثير الصراع في إسرائيل وغزة على الجنود الألمان في المنطقة.
على الخط الدبلوماسي، التقى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب سفراء الدول العربية المعتمدين في لبنان من اجل مناقشة الاوضاع والتطورات الاقليمية في غزة والمنطقة. وشارك في الاجتماع سفراء الاردن، فلسطين، المغرب، العراق، سلطنة عمان، الجزائر، الكويت، اليمن، السودان، والقائم بالاعمال في السفارة السورية. وبعد اللقاء اكد بوحبيب انه “تم التوافق على أن الوقف الفوري لاطلاق النار وإرسال المساعدات، ورفض التهجير والتوطين في بلد آخر، وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية هو الحل”.
وفي المواقف من التطورات، اعتبرت “كتلة الوفاء للمقاومة” بعد اجتماعها “ان الادارة الامريكية تتلبّس خطيئة جرمية في حق الانسانية بسبب التزامها مهمة الحماية والرعاية والدعم لكيان صهيوني عنصري مفتعل وكريه لا تستطيع شعوب المنطقة ان تتعايش معه. ولن يستطيع العدو أن يشرعن احتلاله لارض فلسطين مهما تقادم الزمن”، وأكدت “أن من حق الشعب الفلسطيني، لا بل إن خياره الطبيعي المجدي والمشروع هو مقاومة الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل والأساليب المتاحة حتى تحرير المقدسات وكامل الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر، والكتلة تؤيد وتدعم تساند هذا الحق بكل الامكانات. وهي تقدر عالياً جهاد وتضحيات حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وحركة “الجهاد الإسلامي” وبقية فصائل الشعب الفلسطيني المقاوم، وتحيي بطولاتهم”.
وأعلنت “أن المقاومة الاسلامية في لبنان لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي اجراء صهيوني يشكل تهديداً أو محاولة خرق للمعادلات التي فرضتها المقاومة خلال تصديها للاعتداءات الصهيونية.. وان من حق المقاومة وواجبها أن تتصدى للاعتداءات الصهيونية، ومجاهدوها وشهداؤها الابرار هم الضمانة وصمام الامان ولهم منا ولشهيد الاعلام وللشهداء والجرحى المدنيين كل التحية والاكبار. والعهد أن نحفظ أمانة دمائهم الطاهرة”، مشيرة إلى “ان تحشيد العدو لقواته خلال عدوانه على غزة يشكل شكلاً من أشكال التهديد للبنان يجب عدم الاستخفاف أو التهاون ازاءه”، وختمت “العدو الصهيوني قد يهدف من خلال مواصلة حربه العدوانية المدانة على غزة وتدمير بناها التحتية ومعالم الحياة فيها إلى إحداث تغييرات جيوسياسية خطيرة. وهذا يشكل تهديداً اقليمياً متنامياً، من شأنه أن يضع المنطقة في أتون الفوضى ويوسع دائرة المخاطر فيها على أكثر من مستوى واتجاه”.