القاهرة ـ «القدس العربي»: رغم كثرة الأخبار والموضوعات المهمة في الصحف الصادرة أمس الثلاثاء 7 إبريل/نيسان، فإن أيا منها لم يجتذب اهتمامات الغالبية، حتى البلاغ الذي تقدم به الأزهر للنائب العام المستشار هشام بركات ضد إسلام بحيري، مقدم برنامج «مع إسلام» على قناة «القاهرة والناس» واتهامه فيه بأنه يبث أفكارا شاذة تمس ثوابت الدين، وتسيء لعلماء الإسلام، وتنال من تراث الأئمة المجتهدين المتفق عليهم، وتعكر السلم الوطني وتثير الفتنة.
وأن الأزهر يتقدم بالبلاغ استنادا إلى المسؤولية الشرعية والدستورية التي منحها له الدستور في القيام على حفظ التراث وعلوم الدين. كما نشرت الصحف قيام وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، بزيارة لشيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، وهي زيارة تثير التساؤل في هذا التوقيت، وقد تكون مجرد مصادفة ومقررة من قبل. فهل هي دعم للأزهر وشيخه وطمأنته بأن الدولة لا علاقة لها بالحملات ضده؟ لكن ما ينفي هذا الاحتمال أنها ليست مسؤوليته، إنما مسؤولية الرئيس، أو رئيس الوزراء، أم أن الوزير أراد أن يلفت نظر شيخ الأزهر نفسه إلى أن الوزارة تستشعر الخطر من بعض تصرفات الأزهر وعلمائه في إشاعة جو يستفيد منه المتطرفون، وأن يبلغه بمعلومات عن وجود عناصر من الإخوان حوله، خاصة أنه قال بعد الاجتماع، إننا الآن نواجه مرحلة تتطلب تلاحم كافة مؤسسات الدولة لحماية شبابنا وبلادنا من أخطار الفكر المتطرف. أما شيخ الأزهر فقال إن الأزهر يرحب بالتعاون مع كافة مؤسسات الدولة، من أجل نشر الفكر الإسلامي الصحيح ومواجهة الأفكار المتطرفة. على كل ليس لدي أي معلومة لكنه رأي فقط.
ومن الأخبار المهمة سفر وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، على رأس وفد عسكري إلى باكستان، لإجراء محادثات لتحقيق التعاون بين الجيشين، وغير معروف حتى الآن الهدف الحقيقي، هل هو التنسيق والتخطيط لعملية إنزال قوات برية مشتركة على سواحل عدن وجنوب اليمن، ولمن ستكون القيادة فيها، لان المصريين لن يقبلوا بقيادة باكستانية، أم الاتفاق على تعاون في التصنيع العسكري؟
وأشارت الصحف إلى الاكتشافات الجديدة لحقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط أمام ميناء رشيد، وإعلان وزير الاستثمار أن الودائع العربية ستصل إلى البنك المركزي بعد أسبوعين، والاستعدادات لشهر رمضان المقبل بالمسلسلات، وتوقيع منظمة الصحة العالمية اتفاقا مع مستشفى وادي النيل لعلاج موظفيها فيها، بدلا من إرسالهم للخارج، واجتماع الرئيس مع رؤساء الجمعيات المدنية التي تقوم بالأعمال الخيرية لبحث خططها للرقي بالقرى الأكثر فقرا، والتبرع بمبلغ خمسمائة مليون جنيه من صندوق «تحيا مصر»، وإلى بعض مما عندنا….
مطالبة الأزهر بثورة دينية
ونبدأ بالمعركة التي تجددت بعد أن خمدت نيرانها بين الأزهر وفريق كبير من المثقفين والصحافيين، وكانت الأولى بسبب ما تم اكتشافه من تدريس الأزهر في معاهده وكليات جامعته مناهج فيها تحريض على القتل والحرق والتكفير وكراهية الآخر، واتهامه بأنه وعلى رأسه شيخه نفسه، يحتوي عددا من الإخوان المسلمين ويوفر الحماية لهم، وأنه أخذ دورا في الدستور سوف يستخدمه لخنق حرية الفكر. وازدادت المعركة حدة عندما دخل فيها الرئيس السيسي نفسه مطالبا الأزهر بثورة دينية، تجدد الفكر الإسلامي، لا تجديد الخطاب الديني فقط، بعد أن ساءت صورة الإسلام والمسلمين في العالم كله، بسبب المتطرفين والتكفيريين، وأدت المعركة إلى قيام الأزهر فعلا بمراجعة المواد التي يتم تدريسها لطلابه، وحذف بعض المراجع والكتب. وقامت معركة أخرى بين الأزهر ووزير الثقافة السابق صديقنا الدكتور جابر عصفور، مرة بسبب الأعمال الفنية التي يتم فيها تجسيد الأنبياء وكبار الصحابة، وبسبب حرية الفكر، وحدث انقسام آخر في المجتمع بين فريق من المثقفين وفريق من المناصرين للأزهر، ثم هدأت لتعود وتشتعل بعد إجراء تعديل وزاري خرج بموجبه الوزير من الوزارة، وحل محله الدكتور عبد الواحد النبوي، وهو أستاذ تاريخ في جامعة الأزهر، ثم اتهام شيخ الأزهر نفسه بأنه وراء الإطاحة بالدكتور جابر، ثم هدأت هذه المعركة هي الأخرى لتعود وتشتعل بسبب تقدم الأزهر بمذكرة إلى المنطقة الحرة للهيئة العامة للاستثمار ضد قناة «القاهرة والناس» التي تقدم برنامج «مع إسلام بحيري» الذي يقدمه إسلام نفسه واتهمته ومعه البرنامج بالإساءة للإسلام وثوابته وأئمة المسلمين والتراث والأزهر، وأرسلت الهيئة تطلب من القناة اتخاذ ما يلزم لمنع ذلك البرنامج، وإذا لم تفعل ستتخذ الإجراءات ضدها. وهنا بدأت الاتهامات توجه مرة أخرى للأزهر بالعمل على خنق حرية الفكر، بل ومخالفة الدستور الذي منع مصادرة حرية الفكر أو غلق منابر الصحافة والإعلام، كما أن هناك فريقا آخر أيد الأزهر وهاجم إسلام وطريقته في الإساءة للتراث والأئمة.
أهم مواصفات الواعظ
والداعية التلفزيوني أنه يدعو للرئيس
ويوم الأحد قال زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرر جريدة «المقال» عن بيان الأزهر: «يدعي كذبا عن الدستور ما ليس فيه إطلاقا، بل وينسب له أحد عمداء جامعة الأزهر في برنامج تلفزيوني، أن شيخ الأزهر إمام المسلمين بحكم الدستور، أي دستور هذا الذي يهرف به الرجل؟ وأي دستور هذا الذي يدعي فيه بيان الأزهر أنه المرجع الوحيد للشعوب الإسلامية، أي عبث هذا وأي جهل محض، وأي تضليل متعمد يلجأ إليه كاتب هذا البيان ومستشار الأزهر القانوني، الذي يبدو واضحا فاضحا أنه لم يقرأ الدستور، أو أنه لا يعيره اهتماما أو أن لديه دستورا ثانيا خالصا لا علاقة له بدستورنا.
فالأزهر في الدستور هو مرجع أساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، فمن أين استل الأخوة في الأزهر سيوفهم الدستورية على إفهام الناس؟ وكيف صنعوا لأنفسهم كهانة تحت رعاية دستور متوهم في أذهان مشايخ مكتب شيخ الأزهر فقط؟ إنه أساس وليس وحيدا ثم أن ذلك في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية التي تخص قرارات الدولة وقوانينها وليس أفكار باحثين ومفكرين ومبدعين.
طبعا إبراهيم محلب قرأ بيان الأزهر ولم يعرف أنه مخالف للدستور، لأنه لا يعرف أساسا الدستور، إنه العبث الكامل الذي نعيشه، دستور لا يجد القوانين التي تقوم على تفعيل مواده ونصوصه، ومسؤولون يعيشون في غيبوبة النظام القديم حيث الوزراء سكرتارية للرئيس، وربما ترك إبراهيم محلب ختم مجلس الوزراء في أحد أدراج مدير مكتب رئيس الجمهورية.
وعندنا مناخ حكومي ورسمي وإعلامي يريد العودة بنا إلى مساء يوم أربعة وعشرين يناير/كانون الثاني 2011، حيث مصر كلها بتاعة سيادة الريس وماشية على تعليماته وبناء على توجيهاته، والمؤسسات الأمنية قررت ترجع لأبو قديمة، حيث أنها مش عايزة وش، وتلعب مع السلفيين ضد الإخوان، وتنسق وتتحالف مع الجماعات الإسلامية عشان تهدي الجو مع تنظيمات الإرهاب، وتتحامى في عمائم شيوخ الأزهر، كي تبدو مسلمة ومتدينة ومتوضية وأهم مواصفات الواعظ والداعية التلفزيوني والأوقافي أنه يدعو للرئيس على طريقة محمد حسان أيام مبارك».
بعض مشايخنا هم الذين صنعوا التطرف
وفي جريدة «روز اليوسف» الأحد قال زميلنا وصديقنا وليد طوغان وهو ابن زميلنا وصديقنا الرسام الموهوب الراحل أحمد طوغان: «بعض مشايخنا هم الذين صنعوا التطرف، هم الذين صنعوا «داعش» وابتكروا أفكار «القاعدة» وقتلوا أدبيات جماعات الجهاد. هؤلاء هم الآن الذين يذبحون إسلام بحيري قربانا على عتبات الدين والإسلام. يقول أزهريون إن «داعش» لا يعرف الدين، يقولون أيضا إنهم الوسطية وإنهم هم الإسلام السمح، وإنهم القائمون على الدين القيم، لكن كل هذا ليس صحيحا هناك وقائع تقول غير ذلك. أذكر أن الأزهريين رفضوا وقتا ما تكفير «داعش»، استبشرنا وقتها إذ أن إخراج «داعش» من الدين كان سابقة في سلسلة تكفير «عمال على بطال»، وإخرج من الملة «عاطل باطل طيب أشمعني إسلام بحيري؟» هل لأنه تكلم في المسكوت عنه.. هل لأنه كشف أكواما من التراب غرق فيها التراث؟ آن الأوان وبسرعة للقيام منها ونفض ترابها عنها؟ هل لأنه دخل بقلب قاعد وغاص وحلل منهجا وفرش التراث أمام الأعين وقالك هذا مشكوك فيه وهذا لا يمكن أن يكون عقيدة؟».
الأزهر حرّم التفكير والاجتهاد
ومن جريدة «روز اليوسف» إلى «البوابة» في اليوم نفسه وزميلنا إسلام حويلة وقوله: «الأزهر مثله مثل كل مؤسسات الدولة المتفشية فيها الأمراض المزمنة، فقد قوته وهيبته، فقد علمه وزعامته، تركها طوعا وليس كرها، عندما تقوقع بداخله وآثر السلامة وترك الساحة للجهلة والمتشددين والتكفيريين ليتصدروا للفتوى وليسلبوا عقول البسطاء. رفع شعار الإسلام الوسطي في مكاتب مسؤوليه وترك التطرف يسيطر على تلاميذه ومناهجه، اتخذ من التلقين منهجا لطلابه وحرم التفكير والاجتهاد وإعمال العقل عليهم، ما يقوله المشايخ لا يرد أقنعونا أن رسولنا الكريم صلاة الله وسلامه عليه» هو المعصوم من الخطأ، وأن من دونه من البشر لهم أخطاؤهم وسقطاتهم، وعندما صدقنا بحديثهم هذا وبدأ البعض في البحث في التاريخ ووجد جدلا عن الأئمة أو الصحابة فكتب وقال، قامت الدنيا ولم تقعد. لا أتحدث عن إسلام بحيري تحديدا فهو نموذج جاء من قبله الكثير وسيأتي من بعده العديد طالما استمر الأزهر في منهجه وتفكيره. أعرق العشرات من خريجي الأزهر هم بعيدون كل البعد عن الصورة الموجودة في عقولنا، نراهم ليس لهم علاقة لا بالأزهر ولا بالدين مسطحون فكريا لا يفقهون مما درسوه شيئا، والأهم أن أخلاقهم تصدم من يعرف أنهم خريجو الأزهر، فإذا كان هؤلاء يرسمون صورة الأزهر بين الناس فكيف نطلب منهم الوثوق في الأزهر وفي رجاله».
على مَنْ لا يعجبه إسلام بحيري أن يغلق التلفزيون
وإلى «المصري اليوم» ورامي جلال، وهو ابن زميلنا الكاتب الساخر جلال عامر قال رامي: «لو افترضنا أن الأزهر نجح بالفعل في إيقاف أي شخص عن التكلم، فما الفرق بين ذلك وحرق كتب ابن رشد أو قتل أبو منصور الحلاج؟ على من لا يعجبه إسلام بحيري أن يستخدم الريموت كنترول لتغييره أو يستخدم عقله للرد عليه.
ما دام الأزهر العظيم قد قرر، للأسف، أن يتصارع مع شخص، إذن فاحترام الآخر وأدب الاختلاف والوسطية والسماحة، وهي أمور تعودنا عليها من الأزهر الشريف طوال تاريخه الطويل، تحتم أن يخرج عن الأزهر بيان رسمي يؤكد فيه عصمة دم إسلام بحيري، لأن أي ضرر سيلحق به سيكون بسبب موقف الأزهر. أسلوب إسلام بحيري به قدر عال من الاستفزاز والتعالي والغرور، ويحفل بالكثير من الإساءات والتحقير للآخر، وهذه ليست من صفات العلماء، وهو في تقديري أسلوب منفر لا يختلف كثيرا عما يصدر عن أي متشدد في أي اتجاه، ولكن هذه هي بضاعته التي لا يجبر أحد على شرائها وصفحته التي يملؤها كما شاء».
تجرؤ البعض على الدين والتراث
وآخر زبائن يوم الأحد سيكون زميلنا وصديقنا في «الأخبار» رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الأسبق محمد بركات وقوله: «أصبح مثيرا للتساؤل المقترن بالدهشة والاستنكار من الجميع، ذلك التجرؤ المذموم والمستهجن على الدين، الذي يطل علينا عبر شاشات بعض الفضائيات من بعض الأشخاص مجهولي الحيثية العلمية وفاقدي الهوية المعرفية المعلومة والموثقة. على الرغم من احترامنا الشديد لمؤسسة الأزهر الشريف وتقديرنا الكبير لعلمائها الأفاضل وشيخها الجليل، إلا أن الملاحظ في تلك الحالة التي نتحدث عنها هو تأخر رد الفعل من جانبها تجاه هذه الموجة من الهراء الذي يطل علينا من أفواه من ليس لديهم العلم ولا الدراسة، فمن تجرأوا على الدين بجهالة ووقاحة يستحقون عليها المساءلة والعقاب».
المناظرات التلفزيونية لا تحتكم إلى لغة الحوار العلمي
وإلى يوم الاثنين وبمناسبة إشارة بركات لمن يطلون علينا من شاشات بعض الفضائيات فقد أخبرنا زميلنا الرسام في «اليوم السابع» محمد عبد اللطيف، أنه دخل أحد الأستديوهات قبل تصوير حلقة نقاش بين شيخ وآخر فوجدهما يتشاجران والمصور سعيد جدا ويقول:
– طوبة على طوبة خلي المعركة منصوبة.
وبالفعل أشار زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي إلى هذه المعارك بقوله: «أزهرنا الشريف واجه مؤخرا الكثير من الانتقادات والحملات الإعلامية التي تستهدف جر الأزهر إلى مواجهات فكرية، وتجريده من الحصانة، وإفقاده صفة المرجعية الدينية، ولأن الأزهر قد تعرض لكل هذه الضغوط فإنه قد وقع في المحظور، ودخل مجال المناظرات الفضائية التلفزيونية بكل توابعها وإخطارها ومهالكها. فالمناظرات التي تتم في الفضائيات لا تحتكم إلى العقل ولغة الحوار العلمي، بقدر ما تتحول إلى مباريات ومبارزات كلامية، تأخذ أحيانا شكل التجريح، وفي أحيان أخرى شكل الاستهزاء وربما الشتائم ولا يخرج منها أحد فائزا ومقنعا. إن أزهرنا الشريف بكل علمائه الأجلاء مطالب بان يعيد تقييم برنامجه في الدعوة والتوعية، وأن يمارس دوره التنويري بخطاب ديني متطور، لسد الطريق أمام دعاة التطرف والتشدد والمغالاة، ولكي تكون للأزهر كلمته الحاسمة التي تحفظ ثوابت الدين وتنير لنا جميعا معالم الطريق».
محمد حسن البنا» ترك الساحة للمتآمرين على الإسلام
وإلى زميلنا في «الأخبار» ورئيس تحريرها السابق محمد حسن البنا وقوله في عموده اليومي «بسم الله»: «لم نسمع أن تحرك الأزهر ورجاله ولا مجمع البحوث الإسلامية ورجاله، ولا المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وإمكانياته ولا حتى جامعة الأزهر، بل تركوا الساحة للمتآمرين يمرحون فيها يفتون بما يؤذي الله ورسوله والناس. يقولون ما ليس في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وينسبون لكتب التراث فتاوى وأقوالا اخترعها اليهود والنصارى والملحدون، الذين يكرهون الإسلام ويحاربونه على مر الزمان، مأجورين من أشخاص يحاربون الله ورسوله محمد بن عبد الله «صلى الله عليه وسلم « وخلفاءه «رضي الله عنهم وأرضاهم». هم حرب على الإسلام والمسلمين سخروا أنفسهم وأموالهم وقنواتهم الفضائية وصحتهم للهجوم على الإسلام والمسلمين، وجاءت الطعنة بيد مسلمين وليست بيد يهود أو نصارى أو ملحدين لأنهم أجبن من أن يظهروا على الناس».
وهذه هي المرة الأولى التي نقرأ فيها أن النصارى والملحدين كان لهم دور في أن يخترعوا لكتب التراث فتاوى وأقوالا، لأن الذي نعرفه اتهامات لليهود فقط، بدءا بعبد الله بن سبأ، سواء في بث الفرقة بين المسلمين أو دس روايات في الكتب.
برنامج «مع إسلام» يناهض السلم المجتمعي!
أما زميلته الجميلة والمحجبة مديحة عزب فواصلت في العدد نفسه من «الأخبار» هجماتها، فقالت عن دعوى الأزهر إلى الهيئة العامة للاستثمار ضد إسلام بحيري وما جاء فيها: «استندت إلى أنه يحرض على الفتنة ويشوه الدين ويمس ثوابت الأمة والأوطان ويشكك في ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ويعرض شباب الأمة للتضليل والانحراف ويعمل على مناهضة السلم المجتمعي والأمن الفكري والإنساني، كل ده برنامج إسلام بحيري بيعمله في الأمة! أمال حديث «جعل رزقي تحت ظل رمحي بيعمل أيه في الأمة؟» ولا حديث «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم»، بيعمل إيه هو كمان في الأمة؟ طب وحديث «من بدل دينه فاقتلوه» وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هدفه تربية أجيال من المنافقين الذين يظهرون غير ما يبطنون. وقصص قيام أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب بحرق بعض الناس أحياء مخالفين بذلك، وهما من هما، لحديث «لا تعذبوا بعذاب الله» طب وفتوى قتل الأسير وجواز أكل لحمه وهو ما ينفذه «داعش» الله ينور، طب والحديث المسخرة بتاع إرضاع الكبير ما قلتوش لنا بيعمل أيه في الأمة، وكمان حديث غمس الذبابة في الطعام، لأن أحد جناحيها به داء وبالآخر دواء، وحديث شرب بول النبي للاستشفاء ما قلتوش بالضبط ماذا فعلت هذه الأحاديث في شباب الأمة عبر مئات السنين غير تربية أجيال من حملة الفكر الإرهابي الذي أساء للدين الإسلامي أيما إساءة».
رشا سمير: مصر تدافع عن أمنها القومي
وإلى اليمن وما يثار عن احتمالات تدخل القوات المصرية البرية فيها، حيث قالت زميلتنا الجميلة في «الفجر» رشا سمير يوم الخميس: «إن ما يحدث في اليمن كان وما زال يؤثر بشكل كبير على مصر، لتأثر قناة السويس بما يحدث لو تمت سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب، ولذا لن تقف مصر عاجزة أمامه، بل ستدافع عن أمنها القومي داخليا وخارجيا بكل السبل والوسائل. مشاركة مصر في العملية العسكرية على اليمن ضرورية للغاية، وهي رد قاطع على من يرجعون لفكرة انزلاق مصر إلى حرب مضطرة. مصر تحمي نفسها وحدودها، ومصر لن تنزلق لأن رئيسنا رجل مخابرات له عقلية تحترم الجميع وتستوعب الجميع، رجل يعي دور مصر ويفهم حقوقها وواجباتها».
الأمور معقدة وغير مفهومة واليمن لم يعد سعيدا
أما زميلتنا الجميلة في «الأخبار» عبلة الرويني فقالت في يوم الخميس أيضا في عمودها اليومي «نهار»: «هل وقعت مصر تحت الضغط السعودي، أم حاولت تسديد فواتيرها ورد الجميل بالمشاركة في «عاصفة الحزم»؟ ما حدود الخطر الساكن في باب المندب؟ وما حدود الخطر الحوثي؟ هل هو شأن يمني أم خطر يهدد السعودية؟ وهل الخطر يهدد أمن السعودية وحدها أم أمن الخليج ومصر والمنطقة بأكملها؟ ثم ما حدود المشاركة العسكرية المصرية بوضوح وشفافية؟ وما سقف تطورها؟ الأمور معقدة وغير مفهومة بالفعل واليمن لم يعد سعيدا».
حرب لا نعرف من هم أعداؤنا فيها
وإلى «المصري اليوم» والجميلة زميلتنا نور الهدى زكي، التي قالت يوم الخميس أيضا:
«لدينا عقدة من اليمن من ينكر هذا؟ رغم أن الدنيا غير الدنيا والعرب غير العرب والجيوش غير الجيوش، والأهم أن السعودية التي حاربت عبد الناصر في اليمن لتحمي حكم الإمامة ليست هي السعودية التي تخوض حربا ضد إيران، في ساحة قتال اسمها هذه المرة اليمن، فالسعودية تريد مصر الآن وفورا فيلقا من فيالق التحالف الذي كونته لتقود به الحرب ضد إيران في اليمن، ومصر التي فقدت خمسة آلاف جندي في اليمن في الستينيات ودخلت حرب 1967 ونصف جيشنا خرج من جبهة اليمن إلى جبهة سيناء، من دون مرور بعض جنودنا على بيوتهم ورؤية الأطفال والزوجات والأمهات، ما زالت تحمل جرح اليمن. هل هذا معناه أن الجرح أو العقدة تحولا إلى فوبيا؟ لا فوبيا ولا يحزنون لكنها دروس الماضي ودروس الحذر من الوقوع في الفخ ودروس الإدارة وليس التورط في حرب لا نعرف من هم أعداؤنا فيها، هل نحن نحارب إيران في اليمن التي أصبحت دولة عظمى شئنا أم أبينا، هل نحارب الحوثيين وهم مواطنون يمنيون، هل نحارب في تحالف تستدعى إليه باكستان مثلا، ولدينا إرهاب يرتع في سيناء؟ هل تتورط مصر في حرب يراد لها أن تتحول من صراع قوى إقليمية إلى حرب طائفية بين سنة وشيعة، وكيف لنا ألا ننظر لما تقدم عليه الولايات المتحدة من تمكين إيران في ملفها النووي، بعد أن تمددت الأذرع الإيرانية في عدة دول عربية، هل تأمن السعودية من المخطط قوة مصر الآن في وقف الاندفاع إلى حرب برية وقوة مصر الآن في الدفع في اتجاه الحوار والتفاوض».
ما من نهاية قريبة لحرب اليمن
ورابع وآخر جميلة ستكون زميلتنا في «أخبار اليوم» مها عبد الفتاح التي قالت يوم السبت: «هل السعودية على استعداد لإدخال قوات برية لتقاتل في اليمن؟ المخاطرة شديدة وقد تؤدي لتوسيع الحرب وإطالة أمدها، بنحو تدفع ثمنه الشعوب ولا يؤدي لغير الدمار والخراب والبؤس ومزيد من التطرف وعدم الاستقرار، ولا يستفيد غير «القاعدة» و»داعش»، وربما من يظهر في علم الغيب. شبه اتفاق بين الخبراء على أنه ما من نهاية قريبة تبدو لهذه الحرب، وما من علامات في الأفق تدل على أن تحقق الضربات الجوية الأهداف المطلوبة، من دون الاشتباك بقوات على الأرض.
شبه إجماع بين المراقبين الخبراء في هذا الشأن، بأن الأحوال لو تركت على ما هي عليه فسوف تمتد الحرب طويلا، ومن دون أن تؤدي لغير الخراب والدمار الشامل وإذكاء العنف بأكثر مما هو عليه، هذا ما لا نريد مجرد أن نتخيله، أن تحيق باليمن وشعبه الذي يعيش مأساة حقيقية.
يبقي السؤال أخيرا: هل كان بالإمكان أن تبتعد مصر وتعتزل دورها العربي بينما المصير مشترك والخطر وارد؟ كلا بكل تأكيد مصر لا يمكن أن تضن بمساندة أشقائها والوقوف بجانبهم، بثقلها الإقليمي عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا. أيضا تستطيع أن تفعل الكثير ويصعب تخليها عن هذا الدور، وهي المهيأة له وتترك الفراغ لتشغله قوى إقليمية أخرى غير عربية مثل تركيا وإيران. لا بديل إذن عن صيانة الجبهة العربية حرصا على مصيرنا أي بقائنا أمة عربية».
السلم والأمن القومي لا تأتي بهما الحروب
وعن خطأ التدخل في اليمن يكتب لنا عمرو حمزاوي في «الشروق» عدد أمس الثلاثاء مقاله الذي قال فيه: «لماذا نصر على رفض قراءة عِبر التاريخ البعيد والقريب؟ لماذا نتجاهل حقائق المجتمعات وشروط إنهاء صراعات ونزاعات مجموعات السكان ومنع انزلاقها إلى مواجهات مسلحة وحروب أهلية وعنف الكل ضد الكل، واعتياش للقوى الإقليمية والخارجية على عذابات الشعوب؟ لماذا نستسيغ التلاعب بالهويات القاتلة الطائفية والمذهبية والقبلية ونترك الناس وحقهم المقدس في الحياة والحرية والأمن يقعون فريسة لها ولعبثها؟ لماذا نقبل التعويل على الأدوات العسكرية ونستخف بالتداعيات الكارثية ﻹيقاف التفاوض وتوظيف الدبلوماسية بهدف الوصول إلى حلول سلمية؟ لماذا نعطل العقل، ونحن نتابع شؤون اليمن والحرب الدائرة اليوم فيها؟
استفيقوا، فالضربات الجوية والبحرية التى توجهها بعض الجيوش العربية للحوثيين وحلفائهم في اليمن تسرع من وتائر انزلاق اليمن إلى حروب عسكرية شاملة وإلى فوضى كاملة تقضي على القليل المتبقي من مؤسسات وأجهزة الدولة الوطنية، وتجعل من السلم الأهلي ذكرى ماض ينقضه الواقع الراهن يوميا ويسترجعه فقط أهل البلاد الذين غادروها لملاذات آمنة.
استفيقوا، فضربات الجيوش العربية والتصعيد العسكري المستمر للحوثيين ولحلفائهم على الأرض اليمنية مستغلين جغرافية المكان، سيغرق الأطراف المتحاربة في الداخل والقوى الإقليمية المتورطة في شؤون اليمن، إن بعمليات عسكرية مباشرة كالعربية السعودية ودول الخليج الأخرى المشاركة في «عاصفة الحزم» وكذلك مصر والسودان وغيرهما، أو بتسليح وتمويل ونفوذ سياسي مؤثر كإيران وحزب الله اللبناني في أتون مواجهة طويلة المدى، وذات كلفة بشرية مرتفعة ــ هذا إذا كان الإنسان وحقه في الحياة يعني الأطراف المتحاربة، وذات كلفة مادية باهظة أيضا ــ وهذه تعنيهم بكل تأكيد…
استفيقوا، فليس في تورطنا في الحرب الدائرة في اليمن لا مصلحة شعبها الذي يريد السلم الأهلي والدولة الوطنية المتماسكة، وترفض أغلبيته حروب الهويات القاتلة، وليس في الحرب مصلحة مصر الاستراتيجية أو تدعيم لدورها في ترتيبات السلم والأمن الإقليمية التي أبدا لا تأتي بها الحروب».
عدم وضوح الرؤية وغموض الهدف في حرب اليمن
وفي العدد نفسه من «الشروق» قرأنا مقال زميله فهمي هويدي الذي قال فيه: «…سبق أن تحدثت عن تدهور الوضع في اليمن، وعن العوامل التي أسهمت في ذلك بدءا بأطماع وانتهازية الرئيس السابق علي عبدالله صالح وانتهاء بحماقات الحوثيين وطموحاتهم الغامضة، مرورا بأخطاء السياسة الإيرانية التي ارتد بعضها على إيران ذاتها. وهي العوامل التي أصابت السعودية بصدمة دفعتها للمسارعة إلى المغامرة باللجوء إلى الحسم العسكري والإصرار على المضي في ذلك الطريق الذي لا تعرف له نهاية. استيلاء الحوثيين على صنعاء ومحاولتهم السيطرة على اليمن اعتبر تهديدا لأمن السعودية، ودخولهم إلى عدن واقترابهم من باب المندب قدم باعتباره تهديدا للممر المائي الدولي وللأمن العربي، واعتبرت القوة العسكرية العربية صيغة التعامل مع التهديد الذي تعرضت له السعودية، والتهديد الآخر الذي تعرض له الممر الدولي، الذي قيل ان من شأنه تعطيل قناة السويس وميناء دبي. هذا التشخيص يفتقد إلى الدقة من ناحية، كما انه يتسم بالغموض من ناحية أخرى، كيف؟ ذلك ان ذريعة تهديد باب المندب بما يستصحبه ذلك من تأثيرات موجهة إلى قناة السويس وميناء دبي، لا تصمد أمام حقائق الواقع. ليس فقط لأن الحوثيين (ولا أستبعد ان يكون من الإيرانيين) أعلنوا عن أن الوضع في باب المندب لن يمس (تصريح محمد عبدالسلام المتحدث باسم الحوثيين الذي بثته وكالة الأنباء اليمنية في 4/4)، ولكن لأن باب المندب كما مضيق هرمز تؤمنه وتحرسه قوات مرابطة على مشارفه في جيبوتي ومياه المحيط قوات أمريكية وفرنسية وروسية وإيطالية ويابانية وصينية، وهذه قوامها نحو سبعة آلاف جندي، مدعومين بالطائرات والبوارج والصواريخ بعيدة المدى… من ناحية ثانية فإن القوة العسكرية العربية لا يعرف الهدف منها بالضبط. أعني هل سنحارب إلى جانب ضد آخر، أم أنها ستحرس اتفاق المتحاربين، وهل ستسهم في رد العدوان الخارجي، أم أنها ستجهض الاضطرابات الداخلية، وما هي الجهة التي ستتولى قيادتها وكيف ستتخذ قراراتها. وهل سيكون مجال حركتها في العالم العربي بأسره أم في دول دون أخرى. وهل صحيح أن جنودها سيكونون من أبناء الدول الفقيرة وأن الدول النفطية هي التي ستتولى تمويلها. إلى غير ذلك من الأسئلة الحائرة التي تتوالد كل حين، في غيبة وضوح الرؤية وغموض الهدف.
بسبب من ذلك فإنني لا أخفي شعورا بالتوجس والقلق إزاء ذلك الغموض، الأمر الذي يشككني في إمكانية ظهور المشروع إلى النور خلال الأشهر الأربعة التي حددت لذلك، إلا أن أسوأ وأخطر ما في الأمر أننا صرنا نفكر كثيرا في كيفية دحر خصومنا المحليين بأكثر مما نفكر في التصدي لأعدائنا التاريخيين. ليس ذلك فحسب وإنما صرنا نحتكم إلى السلاح في مواجهة أهلنا بالداخل ونمارس السياسة مع عدونا في الخارج».
حسنين كروم
مشكلة مصر انها مولد و صاحبه غايب. الشعب صاحب البلد و الجهة السيادية الوحيدة مصدر السلطات غائب و مغيب عن المشهد كله. و اذا حضر فان قوات الشرطة و القضاء له بالمرصاد.
الكل يعمل باسم الشعب و لكنه في الواقع عدو له.
ملايين المصريين اضطروا لترك بلادهم و العيش في دول اخرى بدون كرامة بسبب انعدام الفرص و انتشار الفساد في بلدهم و ملايين بقيت تتمنى ان تتاح لها الفرصة لهجر البلد
مشهد واحد من الاف المشاهد ينبئ بالحالة. الجالية المصرية في اليمن من اكبر الجاليات فيه و لم نسمع عن طائرة او سفينة مصرية اتت لحماية او اجلاء هؤلاء الناس بما فيهم موظفي السلطة نفسها. حدث هذا دائما في العراق و في ليبيا و في كل مكان فالمصري هو آخر اهتمامات حكام مصر من السادات الى مبارك الى السيسي بل هم سبب في دفعهم الى الهجرة و الهلاك. و احيانا تصديرهم للقتال لحساب من يدفع.