بعد مشاوراته مع قادة الجيش.. نتنياهو: لا نملك خطة للقضاء على حماس

حجم الخط
0

يتمزق نتنياهو بين قطبين يمثلانهما ضابطان: العميد إيفي إيتام من اليمين، واللواء إسحق بريك من اليسار، بينما تحوم روح الأمريكيين في الأعلى.

إيتام رجل النهج الهجومي، الساعي إلى الاشتباك، الذي يتجاهل المخاطر والحسابات الزائدة. بريك، بطل إسرائيل، ليس جباناً ولا انهزامياً، لكنه لا يؤمن بقدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق هدف ذي مغزى في غزة، لذا من الأفضل الإعلان عن النصر والتخلي. كلاهما لا يخفي رأيه، جلسا مؤخراً مع نتنياهو، بناء على طلبه.

التقى نتنياهو مع بريك مرتين على الأقل، قبل جلسات الكابينت. حضر اللقاء الثاني رئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي. بين هذا وذاك، جلس مع إيتام. طلب أن يجلبوا له إيتام بعد لقائه الأول مع بريك. وكان، كما تبلغ المصادر، عاصفاً. بعد أن جلس مع إيتام، انتقل العصف إلى الجانب الآخر: من سمع إيتام بعد لقائه مع نتنياهو سمع رجلاً غاضباً. في هذه اللحظة، يد بريك هي العليا. من يعرف نتنياهو لا يتفاجأ. في النهاية، هو جبان.

بريك سأل نتنياهو أسئلة بسيطة: هل يملك الجيش الإسرائيلي قائمة أهداف واضحة في الدخول البري؟ لنقل، احتلال المكان X. تدير الموقع Y. فما هو الإنجاز المطلوب. متى نعرف أننا انتصرنا؟ هل يوجد إنجاز محدد نسعى إليه؟ هل يمكن قياسه؟.

كل هذه الأسئلة، قال بريك لنتنياهو، عليك أن تسأل الجيش، وتسألهم أيضاً كم من الوقت ينبغي أن نكون هناك. كم قتيلاً متوقعاً للجيش الإسرائيلي أن يتكبد. هل يمكن للحدث أن يؤثر على تدخل “حزب الله” وعلى احتمال نشوب حرب إقليمية متعددة الجبهات، وعلى استقرار الأنظمة الصديقة في المنطقة؟.

وكان نتنياهو سأل هذه الأسئلة للجيش. لكنه لم يستطب الأجوبة. كيف يمكنني أن أعرف؟ مفتاح نتنياهو يسمى آريه درعي. أمس، تفوه في إذاعة حريدية ما مدعياً بأن ليس للجيش خطة للقضاء على حماس.

هذا يذكرني بحرب لبنان الثانية، عندما طلب وزير الدفاع حديث العهد عمير بيرتس أن يجلبوا له “ملف نصر الله”، وعندها تبين أنه لا ملف لشخص باسم نصر الله. على أحد ما أن يشرح لدرعي أنه لا حاجة لخطة للقضاء على حماس. إذا كنا نريد أن نقضي عليها، فإننا ندخل ونقضي عليها. متى نعرف أنه قضي عليها. عندما يقضى عليها، سنعرف.

السؤال هو: هل هذا ممكن ومجدٍ؟ هل الاحتمال أكبر من الخطر؟ هل يمكنها أن تسمح إسرائيل لنفسها ألا تفعل هذا؟ يا سيد درعي، حان الوقت لتبدأ بتخفيف مستوى الانبطاح، وتلاحظ ثقب السفينة الواسع.

وصلنا إلى الأمريكيين: يتبين أن هناك ثمناً لوجود حاملتي الطائرات، وعشرات السفن الحربية الهائلة والـ 14 مليار دولار. فالأمريكيون لا يمنعون عنا شيئاً. هم يشيرون إلينا فقط. وثمة منطق في هذا التفكير. من يتعين عليه أن يقرر إذا كنا سنستجيب لهم أم لا، هو نتنياهو و”كابينت الحرب” خاصته. يتصرف نتنياهو وكأنه يخطط لطلب ملجأ سياسي في أمريكا قريباً. “هو يعمل لدى الأمريكيين، ثم لدينا”، قال لي أمس مصدر ما. أما غانتس وآيزنكوت فلا يطالبانه بعمل سريع الآن، “على رأس” أمريكا.

لا أدعي أني أحل محل أصحاب القرار في هذا الوضع، فأنا أحسد كل أولئك الذين لديهم ما يكفي من الثقة بالنفس لتقديم المشورات الصحيحة وبلورة الموقف الصحيح والمطالبة بالعمل الآن أو العكس. هذه أيام محملة بالمصائر تأتي بعد صدمة رهيبة من أكثر المصائب التي شهدتها إسرائيل فظاعة. وأي قرار خاطئ قد يصبح مصيبة أكبر بكثير. وبالعكس.

ما المعقول حدوثه الآن؟ ستكون مناورة برية في القطاع. لا أحد يريد مراوحة دامية في المستنقع الغزي في الشتاء. سيحصل هذا عندما يكون كل شيء جاهزاً. كل يوم يمر يزيد التوتر بين المقاتلين، لكنه يزود الجيش بمزيد من المعلومات والوسائل الخاصة التي تضخها الولايات المتحدة ومزيد من الدقة في الخطة العملياتية.

في نهاية المناورة، سنعلن أننا انتصرنا، وسنخرج. يخيل لي أن الكل يعرف بأن إعلانات محو حماس كانت عليلة قليلاً. داخل الغرفة، ثمة مسؤولون كبار يعترفون بأن فكرة حماس لا يمكن محوها. غانتس، في أحاديث خارج الكابينت، قال شيئاً ما مثل “لا يمكن محو فكرة حماس، لكن يمكن المس بشرعيتها، وبقدرة وجودها في منطقة معينة، والتضييق على خطواتها وقصقصة أجنحتها”. إذن يخيل لي أن هذا واقعي أكثر قليلاً.

وثمة أمر آخر من الواجب عمله، هو الإعلان عن قائمة “أبناء الموت” تطال كل قيادة حماس، من كل الأصناف والأنواع. كل قيادة النخبة الذين تبينوا كصيغة حديثة للغستابو، كل هؤلاء يجب أن يموتوا. كل من يودعون في أثناء الحملة، مباركون. من لا، سيصفون لاحقاً. بالضبط مثل حملة “غضب الرب” التي أعلنت عنها حكومة إسرائيل بعد مذبحة الرياضيين في ميونخ.

كان يمكن لهذا أن يبدو مختلفاً. في تاريخ إسرائيل الحديث كان هنا زعيم لم ينتظر الحسابات بل عمل، حتى قبل أن يحذر أو يفكر أو يزن، هو إيهود أولمرت. عندما خرق “حزب الله” السيادة وهاجم دورية إسرائيلية وقتل مقاتليها وخطف اثنين منهم، شن أولمرت حربًا. كان هذا هو الفعل الذي دفنه وأضعف جهاز مناعته كرئيس وزراء. الأمر ذاته فعله عندما اكتشف “أمان” و “الموساد” المفاعل النووي الذي بناه الأسد سراً في الصحراء السورية. حاول أولمرت إقناع الرئيس بوش بأن يهاجمه بدلاً منا، وفشل. بعد ذلك، حاول تلقي مباركة طريق من بوش وفشل. عندها، هاجم المفاعل ودمره. من حظنا أنه هو من كان، وليس نتنياهو.

أختم بحكاية قصيرة: المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع والرقيب الرئيس، يانون مجين، غرد أمس أنه يعرف من سرب مداولات الكابينت “إذا استمر فسأنشر اسمه”. كما أنه أضاف بأن الحكومة تسعى لوضع قانون لإخضاع أعضاء الكابينت في آلة الكذب، لمنع التسريب.

إذا كان ممكناً هنا أن ندخل طلباً صغيراً في التحقيق مع الوزراء أيضاً في أحد التسريبات الأخطر في تاريخنا، والذي في إطاره سرب شخص يسمى بنيامين نتنياهو العرض السري الذي قدمه الجيش عن احتلال غزة في أثناء جلسة الكابينت.

وثمة قصة صغيرة أخرى: في 2016، بعد “الجرف الصامد” أقيمت لجنة عميدرور لفحص عمل الكابينت. وكان الأعضاء هم يوسي تشخنوبر، يوحنان لوكر وعميدرور. دعت اللجنة ضمن آخرين يئير لبيد ليشهد أمامها. كان لبيد عضو كابينت في “الجرف الصامد”. قال في حينه للبروتوكول: “العمل الذي ستقومون به هنا لا يساوي شيئاً إلا بعد فحوصات آلة كذب دائمة لكل أعضاء الكابينت. ما دامت هناك تسريبات، فإن كل رئيس وزراء في إسرائيل سيجري مباحثاته في غرف أخرى وستتخذ هناك القرارات دون أن يعرف الكابينت”.

نتنياهو هو من عارض اقتراح لبيد، لأنه كان المسرب الرئيس. في 2017 اقترح افيغدور ليبرمان رسمياً إخضاع كل أعضاء الكابينت لفحص آلة الكذب. هذه المرة أيضاً، سارع نتنياهو للتملص من هذه الاقتراحات الزائدة.

بن كسبيت

معاريف

24/10/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية