لليمين الإسرائيلي: أردتم “يهودا والسامرة” فوقعتم في شراك حماس

حجم الخط
0

 حاييم رامون

يحاول اليمين أن ينسي الجمهور الآن تعاون حكومة نتنياهو مع الشيطان الحماسي، ولهذا يبعد اليمينيون بشهادتهم حتى فك الارتباط في 2005. يعرفون بأن شيئاً لن يكفر عن الحلف الأيديولوجي المعلن الذي عقده اليمين مع الشيطان الحماسي للمضي بضم “يهودا والسامرة” بحكم الأمر الواقع وبالقانون، ويقضي على السلطة الفلسطينية.

في 2009 أقام بنيامين نتنياهو حلفاً غير مكتوب مع منظمة حماس. وضع إيهود باراك استراتيجية “التعايش” مع حكم حماس في قطاع غزة منذ صيف 2007، لكن نتنياهو رأى في هذا فكراً أيديولوجياً؛ فقد دفع قدماً بسياسة “التفريق” التي تركت قطاع غزة لمصيره تحت حكم حماس؛ لإضعاف السلطة الفلسطينية في “يهودا والسامرة” وإحباط “خطر” المفاوضات السياسية. منذ 2015 امتنع نتنياهو عن أي اتصال سياسي بالسلطة الفلسطينية بعامة وبأبو مازن بخاصة، وعمل بشكل مكثف على ضم “يهودا والسامرة” بحكم الأمر الواقع. بيبي نفسه، حلل هذا بالشكل الأوضح: “تحويل المال جزء من الاستراتيجية للتفريق بين الفلسطينيين في غزة والضفة. كل من يعارض إقامة دولة فلسطينية، عليه أن يؤيد تحويل الأموال من قطر إلى حماس. هكذا نحبط إقامة دولة فلسطينية”. أما سموتريتش فكان أكثر فظاظة حين قال إن “السلطة الفلسطينية عبء، وحماس ذخر”.

لتحقيق هذه السياسة الذليلة المتمثلة بـ “التفريق” بين السلطة الفلسطينية وحكم حماس، ضحى نتنياهو واليمين بمئات آلاف من سكان الجنوب لنزوات منظمة الإرهاب على مدى 14 سنة. فالوهم الصوفي في تحويل حماس من منظمة إرهاب إلى دولة تهتم بمواطنيها، كان عديم الأهمية منذ الانقلاب العسكري صيف 2007. كل من يسمح لمنظمة إرهاب بسيطرة على الأرض، عليه أن يعرف بأن المنظمة لن تستخدم الأرض إلا لتثبت قوتها، وتصدر الإرهاب من هناك. بيبي واليمين نفسه أغمضا عيونهم، لأن ضم “يهودا والسامرة” أهم من كل شيء، لذا امتنعوا عن أي محاولة للقضاء على حكم حماس، وإن كان بوسعهم.

إعادة كتابة التاريخ

منذ 2005 وبقوة أكبر منذ 2007، يضيء التناقض بين حماس والسلطة الفلسطينية في ضوء سلبي، سياسة “التفريق” اليمينية. فبعد أن صعد أبو مازن إلى الحكم في 2005، تعاونت قوات أمن السلطة الفلسطينية بشكل كامل مع الجيش و”الشاباك” في الصراع ضد الإرهاب، وأساساً ضد نشطاء حماس. ووفق تقديرات محافل الأمن، أنقذ هذا التعاون حياة مئات اليهود. إضافة إلى ذلك، أزالت السلطة الفلسطينية عن إسرائيل المسؤولية الإدارية والمدنية والمالية لإدارة حياة الفلسطينيين سكان “يهودا والسامرة”، الذين يعدون أكثر من 2 مليون نسمة. يدور الحديث عن توفير هائل بالمال والمقدرات (حسب التقديرات، يدور الحديث عن كلفة سنوية من 10 – 20 مليار شيكل في السنة).

أبو مازن لن يكون صفحة بيضاء؛ فدعمه الاقتصادي لعائلات المخربين هو أمر مشين في نظري، وبعض تصريحاته تغلي دمي، لكن كل هذا ملغي وباطل مقارنة بمنظومة التحريض عديمة القيود التي تمارسها حماس ضدنا، فما بالك محاولاتها المتكررة لقتل اليهود، حتى قبل مذبحة فرحة التوراة، وأي عملية فتاكة هي سبب للاحتفال من ناحيتها. لكن اليمين جعل أبو مازن الشيطان الأكبر وفضل عليه حماس التي هي الشيطان الحقيقي.

اليمين يعيد كتابة التاريخ بوصفه “غوش قطيف” وكأنها كانت جنة عدن كجزر المالديف، لكن الوضع في “غوش” كان أقرب إلى الجحيم. منذ بداية الانتفاضة الأولى وحتى فك الارتباط، كان سكان “غوش قطيف” عرضة لآلاف هجمات الإرهاب. بين الأعوام 2001 – 2005 أمطر على سكان “غوش قطيف” وغلاف غزة نحو 6 آلاف صاروخ وقذيفة هاون. قتل 113 جندياً ومواطناً إسرائيلياً، وعائلات كاملة قتلت في عمليات إرهاب. حاضرة من 8 آلاف يهودي في أوساط مليوني غزي على 12 في المئة من أرض إحدى المناطق الأكثر اكتظاظاً في العالم، كانت فكرة فاشلة كلفت دما ودماء. بين فك الارتباط وصعود نتنياهو إلى الحكم في 2009 كان هناك انخفاض دراماتيكي في عدد القتلى، بما في ذلك ضحايا الجيش في حملة “الرصاص المصوب”.

لقد كان فك الارتباط فعلاً سليماً. فمفهوم “التعايش” مع حكم حماس في قطاع غزة هو الذي كان بكاء للأجيال. فبعد أن سيطرت حماس على القطاع في 2007، كان وزير الدفاع إيهود باراك هو من وضع المفهوم وكافحتُ ضد نهجه بكل قوتي. على أساس وعد نتنياهو بالقضاء على حكم حماس، فاز اليمين في انتخابات 2009. عين نتنياهو باراك وزيراً للدفاع في حكومته، ومضى كلاهما طوال أربع سنوات: باراك في الجبهة الاستراتيجية، ونتنياهو في الجبهة الأيديولوجية.

ومنح حكم حماس حصانة كاملة واليقين في أنه حتى لو واصلت محاولة قتل اليهود، فلن لن تعمل إسرائيل على القضاء عليها. ليس صدفة أن من كل دول العالم ثلاثة فقط دعمت حماستان: تركيا وقطر، وإسرائيل برئاسة نتنياهو.

يا أصدقائي اليمينيين، لن تنجحوا من إفلات أنفسكم من الحقيقة الأليمة. بعتم أرواحكم للشيطان على مذبح الحلم لضم “يهودا والسامرة”. عرفتم جيداً ما هي حماس، واخترتم التعاون معها – منذ 2014 قرر نتنياهو بأن حماس هي “داعش”. منذ 2009، في كل مرة حاولت فيها أن أقنعكم بوجوب القضاء على حكم حماس، كانت معارضتكم قاطعة. إن محاولتكم المثيرة للشفقة لتعليق مصيبة فرحة التوراة بفك الارتباط، لن تنجح، والحلف الأيديولوجي الذي عقدتموه مع أبناء الشيطان الحماسي سترافقكم إلى الأبد.

معاريف 27/10/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية