غزة- القدس: عبرت أول مجموعة من المدنيين الذين تم إجلاؤهم من قطاع غزة إلى مصر بموجب اتفاق توسطت فيه قطر اليوم الأربعاء بينما قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي القطاع من البر والبحر والجو لتواصل حربها ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
ونُقل المصابون، الذين كانوا محاصرين في غزة منذ بدء الحرب قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، في سيارات إسعاف عبر معبر رفح الحدودي. وقال مصدر على الحدود إنهم يخضعون لفحوصات أمنية على الجانب المصري.
وبموجب الاتفاق بين مصر وإسرائيل وحماس سيُسمح لعدد من الأجانب والمصابين بجروح خطيرة بمغادرة القطاع المحاصر.
ورغم إحراز تقدم على الصعيد الإنساني، قال فلسطينيون إن الطائرات الحربية والزوارق والمدفعية الإسرائيلية قصفت قطاع غزة طوال الليل، مما أسفر عن سقوط المزيد من الشهداء المدنيين.
وتواجه المستشفيات صعوبات جمة في التعامل مع نقص الوقود الذي أدى إلى توقفها عن العمل.
وأرسلت إسرائيل قواتها إلى قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حماس، بعد أسابيع من القصف بالطائرات والمدفعية ردا على هجوم دام شنته الحركة عليها في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس. لكن عدد الشهداء المدنيين في غزة والظروف الإنسانية الصعبة أثارا قلقا كبيرا في جميع أنحاء العالم مع نفاد الغذاء والوقود ومياه الشرب والأدوية.
الانتظار على الحدود
قال مصدر أمني مصري في وقت سابق إن ما يصل إلى 500 من حاملي جوازات السفر الأجنبية سيعبرون معبر رفح الحدودي اليوم الأربعاء. وأضاف أن نحو 200 شخص كانوا ينتظرون على الجانب الفلسطيني من الحدود في صباح اليوم الأربعاء.
وذكر مصدر ثان أنه من غير المتوقع عبور الجميع اليوم الأربعاء. وأضاف أن الجدول الزمني لفترة بقاء المعبر مفتوحا لم يتحدد بعد.
وقال مسؤول غربي إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومصر اتفقتا على قائمة بأسماء الأشخاص الذين يحملون جوازات سفر أجنبية ويمكنهم مغادرة غزة، وتم إبلاغ السفارات المعنية بذلك. وأكد مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه أن سلطات الاحتلال تنسق عمليات المغادرة مع مصر.
وقالت مصادر طبية إن مصر أعدت مستشفى ميدانيا في الشيخ زويد بسيناء. ويمكن مشاهدة سيارات إسعاف منتظرة عند معبر رفح.
وأشار أول مصدر إلى أن الاتفاق ليس مرتبطا بأمور أخرى قيد التفاوض مثل 240 من الأسرى محتجزون لدى حماس أو “هدنة إنسانية” دعت إليها العديد من الدول لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضها.
وقالت إندونيسيا إنها تحاول إخراج عشرة من مواطنيها لكن ثلاثة منهم متطوعون في مستشفى تديره إندونيسيا قرروا البقاء. وعبرت الفلبين والأردن وإيطاليا أيضا عن أملها في إخراج مواطنيها اليوم الأربعاء.
ووفقا للبيانات الإسرائيلية، أسفر هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول عن مقتل حوالي 300 جندي ونحو 1100 مدني.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن 8525 فلسطينيا على الأقل، من بينهم 3542 طفلا، استشهدوا في الضربات الإسرائيلية الانتقامية على غزة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
ضرب مخيم للاجئين
قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن الضربات الجوية التي شنها أمس الثلاثاء على جباليا، أكبر مخيم للاجئين في القطاع، أدت إلى استشهاد القيادي في حماس إبراهيم البياري، الذي قال إنه لعب دورا محوريا في تخطيط وتنفيذ هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول على إسرائيل، بالإضافة إلى عشرات آخرين من مسلحي حماس.
وقال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن 50 فلسطينيا على الأقل استشهدوا في مخيم اللاجئين وأصيب 150 آخرون.
وعبر جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي عن شعوره بالصدمة من عدد الشهداء والمصابين الكبير في جباليا وحث جميع الأطراف على احترام قواعد الحرب.
وقال بوريل إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لكن “قوانين الحرب والإنسانية يجب أن تطبق دائما”.
ودعا الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي إلى هدنة من القصف الإسرائيلي وهجمات حماس الصاروخية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر ممرات آمنة.
وذكر بوريل “مع كل يوم يمر، ومع تزايد صعوبة الوضع، يصبح هذا الأمر أكثر إلحاحا من أي وقت مضى”.
وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة يتعرضون لنفس الموت والدمار الذي يواجهه الفلسطينيون.
وذكر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن 11 جنديا لقوا حتفهم أيضا في القتال في قطاع غزة أمس الثلاثاء، وهو أكبر عدد من الجنود الذين يقتلون في يوم واحد منذ هجوم حماس.
وعبر نتنياهو عن أسفه حيال الخسائر العسكرية المتزايدة لكنه قال إن الحرب ستكون طويلة.
وأردف قائلا في بيان “نحن في حرب صعبة. ستكون حربا طويلة… أعد كل مواطني إسرائيل بأننا سننجز المهمة. وسنمضي قدما حتى النصر”.
واستمرت حماس في إطلاق الصواريخ عبر الحدود، ودوت صفارات الإنذار في البلدات الإسرائيلية الجنوبية وكذلك في مدينتي عسقلان وأسدود الساحليتين.
انقطاع الكهرباء
اشتبكت القوات البرية الإسرائيلية الليلة الماضية مع مقاتلين من حماس وجماعات أخرى في المناطق الشمالية والجنوبية والشرقية من غزة في إطار من سلسلة من عمليات توغل يبدو أنها تهدف إلى تحقيق مكاسب إضافية وليس إلى غزو واسع النطاق.
وقالت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) اليوم الأربعاء في منشور على منصة إكس إن خدمات الاتصالات والإنترنت مقطوعة بشكل كامل في قطاع غزة “بسبب تعرض المسارات الدولية، والتي تم إعادة وصلها سابقا، للفصل مرة أخرى”.
وقال أحمد محيي، وهو من سكان غزة “هم لا يريدون العالم أن يرى جرائمهم ضد المدنيين”.
وانتظر عشرات الفلسطينيين أمام مشرحة مستشفى ناصر لاستلام جثامين ذويهم لدفنها.
وكانت الجثث مسجاة على الأرض داخل المستشفى استعدادا لتكفينها بعد تنظيفها من الغبار والدم.
وقال مسؤولون بقطاع الصحة إنهم استقبلوا 15 من جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين استشهدوا في ضربات إسرائيلية الليلة الماضية في خان يونس، بينهم أربعة أطفال.
وانقطعت الكهرباء عن اثنين من المستشفيات الرئيسية في غزة، وهما مجمع الشفاء الطبي والمستشفى الإندونيسي، بسبب نفاد الوقود من مولدات الكهرباء.
وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة إن مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، وهو المستشفى الوحيد الذي يعالج مرضى السرطان، توقف عن العمل بعد نفاد الوقود.
واندلعت أعمال العنف الحالية، وهي الأسوأ خلال حروب متفرقة على مدى سنوات عديدة، في وقت أصبحت فيه آمال الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة لهم وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.
وأصبحت محادثات السلام الآن مجرد ذكرى مع توسيع حكومة نتنياهو اليمينية رقعة المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة.
وتعتبر إسرائيل حماس تهديدا لوجودها.
(وكالات)