“القدس العربي” تلتقي بعمال غزة العائدين إلى القطاع بشهادات على التعذيب ووحشية الاحتلال الإسرائيلي: “صبوا علينا الماء المغلي”

بهاء طباسي
حجم الخط
0

غزة- “القدس العربي”:

التقت “القدس العربي” عددا من العمال الفلسطينيين العائدين من الداخل الفلسطيني إلى قطاع غزة بعدما ذاقوا مرارة التعذيب التي نفذها بحقهم الجيش الإسرائيلي.

فعمال غزة وجدوا أنفسهم عالقين بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي، ولم يجد الاحتلال الإسرائيلي سبيلا سوى الانتقام من أي شخص يحمل هوية غزة على المعابر والحواجز بشكل ينتهك الإنسانية.

يقول يوسف صقر وهو أحد العمال العائدين من الموت “تم تكبيلنا تحت الشمس، وتحت زخات المطر لأكثر من أربع ساعات، وأحيانا وصلت إلى 8 ساعات دون أي رحمة مع صوت الأنين لكبار السن، فلا يوجد أي رحمة لصغير أو كبير”.

ويؤكد العامل صقر لـ “القدس العربي” سوء معاملة الجيش الإسرائيلي فيقول إن “أحد العمال طلب أن يشرب بعض الماء، بمركز الشرطة في رهط، طلب المياه فقام أحد أفراد الشرطة بغلي الماء إلى درجة عالية جدا ومد إليه كأسا منه، وقال له: اشرب، ولما رفض العامل شربه، قام الشرطي الإسرائيلي بسكب الماء الساخن على رأسه وعلى جسده. رأيت بعيني عظام صدر هذا العامل برزت بعد أن احترق صدره، وهذا العامل من سكان الشمال أصبح محترقا تماما”.

ويواصل الرجل حديثه بحرقة: “هناك أصناف أخرى من التعذيب، مارستها علينا الشرطة الإسرائيلية، بعض العمال الشباب عذبوا بالكهرباء وهم جالسون على الكراسي، أجسامهم أصبحت زرقاء اللون بشكل مخيف، فضلا عن العمال الذين استشهدوا داخل المعتقل، وكانوا يناشدون الشرطة الإسرائيلية حتى الرمق الأخير بطلب أدوية، خاصة من هم مرضى، ولكن لا مجيب، لم يسعفوا أحد”.

وعن ظروف الاعتقال التي تعرض لها العمال يستأنف العامل صقر سرد شهادته: “عذبونا كثيرًا جدا، وخضعنا لتحقيقات قاسية في سجن “عوفر”، وكنا مكبلين معظم الوقت، ووضعوا كل 250 عاملا في خيمة صغيرة، وأجبروا العمال على النوم على الأرض بلا أغطية ووسادات، حالتنا كانت سيئة خاصة بالليل كانت حالة الطقس شديدة البرودة في الخيام”.

ويصف العامل الستيني “أبو محمد” لحظة دخولهم وخروجهم من السجن بالمثل الفلسطيني الشعبي بقوله: “دخلنا السجن مفقودين، وخرجنا مولودين، لأننا لم نتوقع أن نخرج من السجن إلا ونحن شهداء أو معاقون، لأننا لا نستطيع المشي على أرجلنا من شدة التعذيب ومن فرط المعاملة السيئة للغاية، عاملونا وكأننا حيوانات بشرية، فعلا، لكن الآن الحمد لله نحن بخير”.

ويضيف أبو محمد لـ”القدس العربي”: أفرجوا عنا يوم الجمعة الساعة الواحدة والنصف صباحا، قامت مصلحة السجون الإسرائيلية بجمعنا في باصات، ونحن معصوبو الأعين، ولا نعرف إلى أين اتجهوا بنا، وبعد أربع ساعات وصلنا إلى مكان ما، رفعوا عن أعيننا اللثام، وإذا بالمكان معبر “كرم أبو سالم” في رفح، وقال لنا الجنود: انظروا إلى هذه المركبات الأسمنتية الموجودة داخل المعبر معكم فقط عشر دقائق لتصلوا إليها، وإلا فسنفرغ الرصاص في أجسادكم”.

ويأخذ العامل نفسًا طويلاً ويتابع حديثه “واصلنا رحلة العذاب من هذه النقطة إلى معبر “كرم أبو سالم” من الجانب الفلسطيني حوالي 4 ساعات مشيا على الأقدام، كان بيننا الشاب والكبير والمريض، ولكننا جميعا السليم والمريض متعبون وفي حالة نفسية سيئة”.

ويستعرض ضمن شهادته كيف تمت أساليب التعذيب للعمال في المعتقل حيث تم جمعهم: “كل ممارسات التعذيب وأساليبه كانت موجودة، وجبة الطعام لا تكفي لطفل… كانوا يطعموننا لكي نبقى فقط على قيد الحياة، والحمد لله رب العالمين أننا موجودون بينكم”.

ويستعرض العامل أبو محمد شهادته “ألقونا مكبلين في الشمس ساعات طويلة، مع التحقيق القاسي للجميع كبير السن وصغيره، لم يحترموا أي إنسان، وضربوا العمال بوحشية في المعتقل حتى العمال المرضى لم يسلموا، ومارسوا علينا أساليب التعذيب من خلال الأكل والشرب، يأتون لحوالي 250 عاملا برغيف خبز واحد طوال اليوم”.

ويذكر أن الجيش الإسرائيلي اعتقل العمال الغزاويين في أول أيام معركة “طوفان الأقصى” على المعابر والحواجز الإسرائيلية، وأيضا قبضوا عليهم مباشرة من أماكن عملهم، حتى السائقون أُخذوا من سياراتهم ليصل عدد المعتقلين بمعتقل عوفر إلى 9 آلاف عامل فلسطيني.

وبسؤال عن بقية العمال من غزة أجابنا العامل “أيمن محمود”: “هناك نحو ألفي عامل غادروا إسرائيل إلى مناطق الضفة الغربية، لكن لا يعرف مصيرهم حتى الآن، وهناك بعض العمال الذين لجأوا إلى مدن “أريحا وبيت لحم والخليل والرام”، اعتقلهم الجيش الإسرائيلي، أما عن العمال الذين وصلوا مدينة رام الله فيقول العامل أيمن: “عرفنا أن العمال الذين وصلوا رام الله هم بخير، وعليهم حراسة من الشرطة الفلسطينية، وتمت استضافتهم من قبل محافِظة رام الله ليلى غنام، ومن هؤلاء العمال من استشهد أخوه أو عائلته خلال قصف منازلهم في غزة”.

وعن سبب المعاملة السيئة للعمال يقول العامل الأربعيني لـ”القدس العربي”، وقد ظهرت على جسده النحيف ذكريات عذاب لا تنسى: “من المفترض أن يعاملونا معاملة حسنة، بالنسبة لي عاملوني معاملة قاسية، كبلوني من يديّ ورجليّ أربع ساعات متتالية على كرسي أمام المحقق، سألني المحقق عن المقاومين، وعن قيادات المقاومة، أجبته بأنني ليس لي علاقة بكل هذه الأمور فأنا عامل، فقام وركلني، ثم خرج”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية