موسكو تؤمّن مهبطا للطائرات الإيرانية لنقل الأسلحة إلى سوريا عبر مطار حميميم

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: قالت مصادر محلية إن روسيا أعطت الضوء الأخضر لإيران باستخدام مطار اللاذقية الدولي، المعروف باسم مطار حميميم، والخاضع بالجزء الأكبر منه لسيطرة روسية تامة، وذلك بعد أسابيع من التفاوض، سمحت بعدها موسكو للطائرات الإيرانية بنقل أطنان من الذخائر والأسلحة عبر مطارها إلى سوريا إثر الخروج المتكرر لمطاري حلب ودمشق عن الخدمة نتيجة الضربات الإسرائيلية.
ووفقاً لموقع “صوت العاصمة” المحلي الإخباري، فقد حطّت طائرة تتبع لخطوط “ماهان إير” المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني نهاية الأسبوع الفائت، في مطار اللاذقية الدولي قادمة من العاصمة الإيرانية طهران. وأظهرت بيانات الطائرة عبر مواقع الملاحة الجوية وصولها إلى مطار اللاذقية والبقاء فيه لأكثر من ست ساعات لتعود بعدها إلى طهران.
ونقل الموقع عن مصادر خاصة من مطار اللاذقية، أن الطائرة المذكورة لم تكن تحمل أي ركاب وجرى تفريغها بحماية عسكرية روسية – إيرانية تلاها خروج أربع سيارات شحن عسكرية من المطار باتجاه الطريق الدولي المؤدي إلى وسط وجنوب سوريا.
وسائل إعلام إسرائيلية نقلت بدورها عن مصادر في مطار مهرباد في طهران أن الطائرة حملت خمسة أطنان من الذخائر إلى سوريا مرجحة أن تكون صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف.
وخرج مطارا دمشق وحلب عن الخدمة جراء عدة ضربات إسرائيلية خلال الشهر كان أولها في 12 تشرين الأول عقب أيام من اندلاع مواجهات بين فصائل فلسطينية وإسرائيل، ما دفع بوزارة النقل لتحويل الرحلات المجدولة عبر المطارين إلى مطار حميميم في اللاذقية.
الباحث في الشأن العسكري، عمار فرهود، قرأ استعمال الطيران الإيراني للمطار الروسي العسكري “حميميم” للهبوط وتنزيل أحمال عسكرية بأنه تزايد لرغبة الإرادة الروسية بزيادة الانخراط في التصعيد الحاصل في الشرق الأوسط بين أمريكا وحليفتها إسرائيل وإيران وحلفائها في الشرق الأوسط وخاصة سوريا ولبنان بحكم التماس المباشر لهاتين الدولتين مع فلسطين المحتلة.
وتسعى روسيا وفق الكاتب في الشأن العسكري، من خلال هذا القرار إلى زيادة الضغط على الولايات المتحدة من خلال تسهيل عمل حليفتها في سوريا “إيران وتشكيلاتها العسكرية” في قرار متطابق بالأداء والهدف للقرار الأمريكي في أوكرانيا، حيث تسعى روسيا لإيصال رسائل للولايات المتحدة الأمريكية بأن عملية دعم أمريكا لأوكرانيا دون أي اعتبار لروسيا يقابله دعم روسي لإيران دون أي اعتبار لأمريكا وإسرائيل.
وقال: “قد لا تتطابق أهداف الحرب في غزة بين كل من روسيا وإيران وقد يختلفان في سقفها السياسي، ولكن من المؤكد أن القيادة الروسية والإيرانية متفقتان على ضرورة استخدام الحرب في غزة كورقة ضغط على الولايات المتحدة للمساومة على ملفات ثانية قد تكون إقليمية أو دولية”.

رسائل متعددة

ومن الناحية العسكرية يقول المتحدث: “إن دخول مطار عسكري روسي على خط الصراع الدائر بين إيران وقواتها في المنطقة وأمريكا قرار مهم في الحرب الدائرة، عازيا السبب إلى أن أي استهداف إسرائيلي للمطار سيعني استهدافا مباشرا لمنشأة عسكرية رسمية روسية وسيضطر الروس للرد عليه من مبدأ الدفاع عن النفس. ومن المتوقع أن لا تكرر روسيا فتح المطار للإيرانيين لاستعماله وفق المتحدث، حيث قال إن “موسكو ستكتفي بهذه المرة لإيصال رسالة للولايات المتحدة بأن وقوفها بجانب أوكرانيا لن يمر بدون مقابل ولكن هذا المقابل ستحدد مكانه وزمانه وحجمه روسيا، وهذه الحركة هي رسالة للضغط للوصول لاتفاق بما يخص الشأن الأوكراني بين روسيا وأمريكا”.
وقال: “القرار جاء أيضاً رسالة واضحة لحلفاء روسيا في سوريا “إيران وتشكيلاتها العسكرية” بأن المعركة الدائرة في غزة حاليا هي معركة تخدم مصالح الروس الإيرانيين، ولذلك فالموقف متطابق كما أن روسيا أكدت بهذا القرار للإيرانيين أنها مستعدة لدخول المواجهة إلى مستوى محدد دون الوصول فيه إلى الصدام المباشر”.
وحول إمكانية السماح للميليشيات الإيرانية باستخدام محدود لقاعدة حميميم الروسية في سوريا، وبالنظر إلى حساسية الأمر، لم يستعبد المحلل السياسي والأكاديمي محمود الحمزة من موسكو أن تستخدم الطائرات الإيرانية قاعدة حميميم الروسية، معتبرا أن ذلك يأتي في إطار “التعاون والتنسيق العسكري الكبير بين الجانبين في سوريا على مدار 10 سنوات، كما حصل سابقا عندما انطلقت في يوم من الأيام طائرات روسية حربية من مطار إيراني إلى سوريا”. وقال حمزة في تصريح لـ “القدس العربي”: “بعد قصف مطاري دمشق وحلب الدوليين لضرب خط الإمداد وعرقلة وصول الأسلحة من إيران إلى سوريا ومنه إلى النظام السوري وحزب الله والميليشيات الإيرانية المختلفة، لا أستبعد أن تستخدم موسكو مطار حميميم”. وقال: “علماً أن الجانب الروسي ينفي ذلك، كما نفى سابقا أن تقدم فاغنر في سوريا تغطية جوية لحزب الله في لبنان، وهو أمر غير مستبعد أيضا رغم أن حزب الله لن يقاتل وايران لن تعطيه الأوامر في دخول الحرب”.

دلالات التعاون

وحول مغزى ودلالات هذا التعاون وتوفير ملاذ ومهبط للطائرات الإيرانية للهبوط في القاعدة الروسية بسوريا، قال الأكاديمي الأردني المختص في العلوم السياسية، نبيل العتوم لـ “القدس العربي” إن أبرز هذه الدلالات “توثيق العلاقة بشكل أكبر بين روسيا وإيران بعد 7 أكتوبر”.
والرسالة الأخرى، حسب العتوم، موجهة للطرف الأمريكي الإسرائيلي، خاصة أن العلاقة بين موسكو وواشنطن وتل أبيب باتت على المحك، خصوصا بعد الأزمة الأوكرانية وتداعياتها والدعم العسكري غير المحدود من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا واتخاذها إحدى الأزمات لمحاولة استنزاف روسيا، وبالتالي الدعم الإسرائيلي غير المحدود لفولوديمير زيلينسكي.
وتستهدف الاستراتيجية الروسية الحاضنة لإيران وتصدير السلاح لميليشيات إيران وأذرعها الموجودة في سوريا كحزب الله اللبناني وغيرها، “استنزاف القدرات الأمريكية والغربية في أتون الأزمة وما يجري في غزة”، وبالتالي يرى المتحدث أن هذه رسالة إلى هذين الطرفين، وربما قد تستخدم روسيا هذه الورقة لمحاولة مساومة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ومحاولة ثنيها عن الاستمرار في دعم أوكرانيا ضد روسيا.
وقال العتوم: “هذا الأمر متوقع، بأن تقوم طائرات إيرانية بالهبوط في مطار حميميم، وهناك وحدة حال وتعاون غير مسبوق بين إيران والجانب الروسي خلال الفترة الماضية، بما يتعلق بمواجهة النفوذ الأمريكي وحتى الإسرائيلي، معتبرا أن روسيا أرادت عبر مواقفها توجيه عدة رسائل لاسيما أنها لم تعتبر إلى غاية هذه اللحظة، حماس جماعة إرهابية ولم تنتقد الهجوم الذي قامت به حركة المقاومة الإسلامية مستهدفة إسرائيل، كما وصفت حركة حماس المقاومة، وهذا جعل الإيرانيين يتحدثون عن هذا الموضوع بإيجابية”.
وخلال الفترة الماضية تداولت مصادر محلية تسريبات عن عرض روسي ودعوة من جانب إيران للرئيس السوري بشار الأسد للإقامة في قاعدة حميميم خشية من امتداد الحرب العسكرية واتساع نطاقها خصوصا في ظل مؤشرات تشي ربما باتساع وتيرة الحرب مع دخول ميليشيات إيران وأذرعها عبر جبهة جنوب سوريا، واتخاذها إحدى الساحات لإشغال الجانب الإسرائيلي على غرار ما يحدث من قبل عناصر حزب الله اللبناني من خلال جبهة مزارع شبعا، بالإضافة إلى دخول الحوثي عبر إطلاق المسيرات والطائرات مستهدفا إسرائيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية