ضربات ورسائل عسكرية أمريكية ـ إيرانية متبادلة على الساحة السورية

هبة محمد
حجم الخط
0

دمشق – «القدس العربي»: بعد القصف الإسرائيلي المتكرر على مطاري دمشق وحلب الدوليين لضرب خطوط الإمداد السريع وعرقلة وصول الأسلحة من إيران إلى سوريا ومنه إلى النظام السوري وحزب الله والميليشيات الإيرانية المختلفة، هبطت طائرة شحن إيرانية من طراز “اليوشن” فجر الخميس في قاعدة حميميم الجوية في الساحل السوري، وذلك غداة تصريحات أمريكية تفيد بأن واشنطن استهدفت منشأة تابعة للحرس الثوري الإيراني والمجموعات التابعة لها ليلة الخميس، لتوجيه رسالة واضحة إلى إيران تحمّلها فيها مسؤولية الهجمات على القوات الأمريكية.
وفي مؤشر على توثيق العلاقة بين روسيا وإيران بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول، سمحت موسكو لإيران استعمال المطار الروسي العسكري في قاعدة “حميميم” في سوريا، للمرة الثانية خلال أيام، موفرة له مهبطاً لتنزيل الأحمال العسكرية.
وظهرت الطائرة، فجر الخميس، على مواقع الملاحة الجوية بعد دخولها الأراضي السورية لفترة وجيزة، واختفت بعد تجاوزها أجواء محافظة حمص، وحدث ذلك أيضاً خلال رحلة العودة بعد أكثر من ساعتين، لتظهر في أجواء سوريا قبل أن تطفئ أجهزة الرادار الخاصة بها.
موقع “صوت العاصمة” قال إن طائرة اليوشن الإيرانية جاءت من مطار مهرآباد الدولي في طهران، وحصلت على إذن هبوط في قاعدة حميميم الجوية بعد تنسيق بين الجانب الروسي والحرس الثوري الإيراني. وأشار إلى جنرالات يتبعون للحرس الثوري حضروا خلال عمليات تفريغ الطائرة ونقل محتوياتها إلى مكان لا يزال مجهولاً حتى اللحظة، عبر سيارات شحن تتبع للقوات الروسية.
وسبق للطائرة ذاتها أن نقلت السلاح والذخائر لميليشيات موالية لإيران في سوريا، عشرات المرات خلال السنوات الفائتة، وتسبب هبوطها في مطارات دمشق وحلب بقصفهما بعد ساعات من هبوطها لأكثر من مرة.
ويأتي هبوط الطائرة بعد ساعات على قصف إسرائيلي استهدف مستودعات للحرس الثوري الإيراني في منطقة السيدة زينب جنوبي دمشق، ودفاعات جوية ومنظومات رادار في ريف السويداء.
من مصلحة روسيا تعقيد الأوضاع في الشرق الأوسط وتوسيع دائرة الحرب في غزة، وفق خبراء ومحللين لـ “القدس العربي” بهدف إشغال الدول الغربية التي تدعم إسرائيل بقوة في أوكرانيا، بحروب جانبية. كما يعتبر توفير مهابط للطائرات الإيرانية في القاعدة الروسية بسوريا، رسالة موجهة للطرفين الأمريكي والإسرائيلي خاصة أن العلاقة بين موسكو وواشنطن وتل أبيب باتت على المحك، خصوصاً بعد الأزمة الأوكرانية وتداعياتها والدعم العسكري غير المحدود من جانب الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا واتخاذها إحدى الأزمات لمحاولة استنزاف روسيا، وبالتالي الدعم الإسرائيلي غير المحدود للرئيس الأوكراني زيلينسكي.
كما تستهدف الاستراتيجية الروسية الحاضنة لإيران وتصدير السلاح لميليشيات إيران وأذرعها الموجودة في سوريا كحزب الله اللبناني وغيرها، “استنزاف القدرات الأمريكية والغربية في أتون الأزمة وما يجري في غزة”، وفق المحللين.
وهذه المرة الثانية التي تستخدم فيها إيران مطار حميميم لنقل معدات وذخائر لميليشيات موالية لها بعد تعطّل مطاري حلب ودمشق نتيجة القصف الإسرائيلي.
ومطلع الشهر الجاري، هبطت طائرة تتبع لخطوط ماهان إير المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، في مطار حميميم قادمة من العاصمة طهران.
وقالت مصادر محلية إن روسيا أعطت الضوء الأخضر لإيران باستخدام مطار اللاذقية الدولي، المعروف باسم مطار حميميم، والخاضع بالجزء الأكبر منه لسيطرة روسية تامة، وذلك بعد أسابيع من التفاوض، سمحت بعدها موسكو للطائرات الإيرانية بنقل أطنان من الذخائر والأسلحة عبر مطارها إلى سوريا، إثر الخروج المتكرر لمطاري حلب ودمشق عن الخدمة نتيجة الضربات الإسرائيلية.
وأظهرت بيانات الطائرة عبر مواقع الملاحة الجوية وصولها إلى مطار اللاذقية والبقاء فيه لأكثر من ست ساعات لتعود بعدها إلى طهران.
ونقل الموقع عن مصادر خاصة من مطار اللاذقية أن الطائرة المذكورة لم تكن تحمل أي ركاب وجرى تفريغها بحماية عسكرية روسية – إيرانية تلاها خروج أربع سيارات شحن عسكرية من المطار باتجاه الطريق الدولي المؤدي إلى وسط وجنوب سوريا.
وسائل إعلام إسرائيلية نقلت بدورها وقتئذ عن مصادر في مطار مهرباد في طهران أن الطائرة حملت أطناناً من الذخائر إلى سوريا مرجحة أن تكون صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف.
وشنّت طائرات حربية أمريكية غارات جوية منتصف ليل الخميس 9 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري استهدفت فيها مقرات لميليشيات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني شرق سوريا.
وسقط 9 قتلى في الغارة الجوية الأمريكية استهدفت منشأة عسكرية مرتبطة بإيران، في مدينة دير الزور في شرق سوريا بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن “تسعة أشخاص يعملون لصالح مجموعات موالية لإيران قُتلوا في غارات أمريكية على مواقع تستخدمها الجماعات الموالية لإيران، بما في ذلك مواقع عسكرية ومستودع أسلحة” في مدينة دير الزور.
كما تعرض مبنى للاستهداف بقصف صاروخي إسرائيلي على مدينة السيدة زينب جنوب العاصمة السورية دمشق، ما أدى لسماع دوي انفجارات.
وذكرت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري أن “إسرائيل تشن غارة جوية على مواقع عسكرية في جنوب سوريا”، وقالت: “الدفاعات الجوية تتصدى لعدوان إسرائيلي في محيط مدينة دمشق”.
وكشفت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون”، الأربعاء، تفاصيل الضربة الجوية التي استهدفت منشآت تابعة للحرس الثوري الإيراني شرق سوريا، مؤكدة أنها تشكل “رسالة لإيران”.
وقال مسؤول في البنتاغون إن “المنشأة المستهدفة (في سوريا) هي مخزن للأسلحة وربما كانت تحوي صواريخ ومسيرات وذخائر تستخدم ضد قواتنا”.
وأكد المسؤول أن “هدف الضربة هو تعطيل وتقليص قدرات الجماعات المسؤولة بشكل مباشر عن مهاجمة القوات الأمريكية في المنطقة من خلال استهداف المنشآت المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني على وجه التحديد”.
وأضاف: “إجراءاتنا الدفاعية أثبتت فعاليتها في مواجهة الهجمات التي تتعرض لها قواتنا ونظل قلقين بشأن احتمال التصعيد”.
وقال المسؤول: “نسعى إلى إيصال رسالة واضحة إلى إيران بأننا نحملها مسؤولية الهجمات على القوات الأمريكية. ونتوقع أن تتخذ إيران إجراءات لتوجيه وكلائها للتوقف عن مهاجمتنا”.
وأضاف أن “الولايات المتحدة تتوقع من إيران اتخاذ إجراءات لتوجيه وكلائها بوقف الهجمات والرئيس الأمريكي جو بايدن سيأمر بضربات إضافية إذا رأى ضرورة لذلك”.
ونوه إلى أنه “في ضوء التوترات الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وحماس اتخذت الولايات المتحدة إجراءات إضافية للتواصل مباشرة مع إيران والمجموعات المتحالفة معها في العراق ولبنان لإيضاح بأن الخطوات العسكرية الأمريكية لا تمثل تغييراً في التعامل مع النزاع بين إسرائيل وحماس”.
وشدد على أنه “لا نية لدى الولايات المتحدة لتوسيع الصراع في المنطقة” وفيما يخص نتيجة الضربة، قال المسؤول إنه “لا نستطيع تأكيد تواجد إيرانيين في المنشأة لحظة استهدافها”.
وأضاف: “أظهرنا مرة أخرى الليلة استعدادنا لاستخدام القوة العسكرية، ولا ينبغي لأحد أن يشكك في استعداد وزارة الدفاع وخياراتها للدفاع عن قواتنا بما يخدم مصلحتنا”، وتابع: “استخدمنا قناة منع الاشتباك لإعلام الروس بشن الضربة” كما أشار المسؤول إلى أنه ليس هناك تغيير في موقفنا من الحرب بين إسرائيل وغزة.
وأعلنت القيادة المركزية في القوات الأمريكية “سنتكوم” عبر منصة “إكس”، تويتر سابقاً، تنفيذها، الأربعاء، وللمرة الثانية خلال ثلاثة أيام ضربة استهدفت منشأة واحدة يستخدمها الحرس الثوري والجماعات الموالية له لتخزين الأسلحة في شرق سوريا.
وأكدت “سنتكوم” أنه “سنتخذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبنا ضد المسؤولين عن الهجمات وسنرد في الوقت والمكان الذي نختاره”.
وأفادت “سنتكوم” أن المهمة تقع ضمن منطقة مسؤوليتها، ونشرت صورة في تغريدة أخرى ذكرت فيها أنها أطلقت قاذفة من طراز “بي 1 لا نسير”، ورافقتها مقاتلتان أمريكيتان من طراز “إف- 16″، ومقاتلة فرنسية من طراز “ميراج”.
ونفذت الولايات المتحدة بين الحين والآخر ضربات انتقامية على القوات المدعومة من إيران في المنطقة بعد أن هاجمت القوات الأمريكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية