من يرعى هجوم «القاهرة والناس» على المقاومة الفلسطينية؟!

حجم الخط
0

عندما تخصص قناة تنطلق من القاهرة، برنامجاً من بابه للهجوم على حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، منذ أول يوم للحرب، فلا تسأل عن البرنامج وإنما اسأل عن القناة!
القناة اسمها «القاهرة والناس»، ومعلوماتي القديمة أن من أنشأها هو مخرج الإعلانات طارق نور، وبدأت البث كقناة إعلانية بالأساس في شهر رمضان فقط، قبل أن يستمر إرسالها على مدار الساعة، وإذا كان من الجائز في فترة الرواج الاقتصادي النسبي أن يملك شخص واحد قناة تلفزيونية، معتمداً على الإعلانات، لاسيما إذا كانت الإعلانات لعبته، فإن الأمر ليس منطقياً في زمن «الجوع الكافر»، وبعض رجال الأعمال صاروا من الفراغ يشاركوننا العبث على منصات التواصل الاجتماعي، نجيب ساويرس نموذجاً. وإذا كان مقبولاً ملكية محمد أبو العينين، تاجر السيراميك لمحطة تلفزيونية، فإن الأمر يعد موضوعاً لسؤال لشخص أمواله من عمله في مجال الدعاية والإعلانات، فمن يُعلن في «القاهرة والناس»؟!

إن وأخواتها

الموضوع فيه «إن»، وربما «إن وأخواتها»، لاسيما بعد أن توجهت للمجلس الأعلى للإعلام (جهة الاختصاص) بسؤال عن اسم المالك، فهل ما زال هو بذاته صاحب شركة الدعاية إياه، أم أن الملكية آلت لآخرين، بعد أن قررت السلطة في العشر سنوات الأخيرة وضع يدها على وسائل الإعلام، من صحف ومحطات تلفزيونية، لكن لم أتلق إجابة، والمعلومة ضالة الصحافي، فهل هو الإثم الذي حاك في صدر المجلس وكره أن يطلع عليه الناس! دخلت إلى صفحة الشركة المتحدة «برجلي اليمين»، وهي شركة أهل الحكم، فلم أجد هذه القناة من ضمن الاقطاعيات الإعلامية، التي تملكها، فلماذا تم استثناؤها من الضم وانتقال الملكية، الأمر الذي لم تنجو منه سوى «صدى البلد»، لصاحبها محمد أبو العينين، دعك من «تن» فهي مملوكة لدولة الإمارات الشقيقة! يحل للشركة المتحدة أن تخالف القانون، الذي يحظر الاحتكار فتمارسه، وأن تخالف المادة (53) من قانون تنظيم الإعلام لسنة 2018، والذي ينص على عدم جواز تملك الشركة الواحدة أكثر من سبع قنوات تلفزيونية، ولا يجوز أن تشتمل على أكثر من قناة عامة، وأخرى اخبارية!
فإذا كان المالك ما زال هو نفسه صاحب شركة الدعاية سالف الذكر، فلماذا جرى الاستثناء، وهو ليس مالك قناة «صدى البلد»، الذي يعمل الآن وكيلاً للبرلمان، في حين أن هذا الشرف لم ينله نجيب ساويرس، الذي حملوه على بيع قناة «أون تي في»، والتي كان يعمل فيها إبراهيم عيسى، مقدم برامج، وتم وقف عدد من مقدمي البرامج بها، وكان من بينهم عمرو أديب، ولميس الحديدي، والإبقاء على إبراهيم عيسى، لكنه وجد نفسه هكذا، فقرر أن يكون معارضاً، وهو حسب تاريخه، له طلعات جوية، المشترك فيها هو المعارضة، فإذا كانت السلطة مستبدة لا يمكنه الهجوم عليها، هاجم البخاري والشعراوي!
ولأنه لم يكن بإمكانه أن يشتبك مع السيسي شخصاً وسياسة، تصريحاً أو تلميحاً، فقد ظن في رئيس البرلمان حينذاك علي عبد العال، الحلقة الأضعف، وكان شخصاً مستفزاً، فنال إحدى الحسنيين بالنسبة له، فإما الوقف فليس أقل من غيره، وإما أن يعيد إنتاج نفسه للتعامل معه على أنه معارض، وفي فترة من الفترات اعتقد العامة أنه كذلك، ولم يكن هذا صحيحاً البتة، وعندما قامت الثورة وتجاوزته، ذهب إلى المحكمة ليشهد لصالح مبارك، مع أن الجماهير كانت تعتقد أنه ضد التوريث والتمديد، فالمهم أن يكون مختلفاً ليلفت نظر الناس له!

الاشتباك مع الشعراوي وحماس

وبعد الوقف والتأديب، ظهر على قناة «القاهرة والناس»، وقد تلقى درساً قاسياً بأنه ليس متاحاً له ما كان متاحاً في عهد مبارك، ولو بالإمساك في شخصية ضاق بها أهل الحكم أنفسهم فلم يجددوا له في موقعه، وهو علي عبد العال، الذي كان يخلق ضجيجاً بانفعاله، في وقت كان المطلوب هو الهدوء، والهدوء التام، وهو الحاصل الآن، وجائزة عبارة عن هاتف بكاميرا، لمن يمكنه أن يعرف اسم رئيس مجلس النواب الحالي، ومثله لمن يعرف رئيس مجلس الشيوخ!
بعودته إلى «القاهرة والناس»، ولا يُعرف عيسى إلا بالخلاف والاشتباك، فقد اشتبك مع الشيخ الشعراوي، وغير ذلك من موضوعات تمثل امتداداً لدوره في برنامجه في قناة «الحرة»، وهناك يطلبونه لهذا الدور، فهل هنا أيضاً هو مطلوب لذلك، فمن طلبه وأقره على ما يقوم به، طارق نور؟ الذي لم نعرف له موقفاً سياسياً أو رأياً في أي شيء، وهل يمكن تمرير مثل هذه الرسائل على غير إرادة أهل الحكم، ليكون ما يفعله هو بموافقة سلطة تضيق بأي رأي مختلف، في كل المجالات، بما فيها المجال الديني، فيمنع شيخ الأزهر من الحديث في الدين، وتفتح الأبواب لإبراهيم عيسى وإسلام البحيري للقيام بذلك؟!
من قبل اشتكى الإمام الأكبر من أن الإعلام يغلق أبوابه أمام الأزهر ليقول رأيه، ويدافع عن نفسه، والحال كذلك، فإن الإعلام كله تحت السيطرة!
لقد بدأت الحرب قبل شهر، وإبراهيم عيسى يعيش حالة صخب ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي سبق وأن أشاد بها في وقت شراكته مع الإخوان المسلمين لجريدته «الدستور» قبل الثورة، وأيام أن كان العامة يحسبونه معارضاً، مع أن هذا المعارض حصل على العفو الرئاسي على شهر بحبسه، في وقت كان النظام يغلق جريدة «الشعب»، ويسجن ثلة من الصحافيين العاملين فيها، ومعهم رئيس التحرير وعضو مجلس نقابة الصحافيين مجدي أحمد حسين، ولم يكتب إبراهيم عيسى حرفاً واحداً دفاعاً عن حق إصدار الصحف، أو تنديداً بسجن زملائه، ولا أظنه فعل في أي اغلاق لصحيفة أخرى أو تشريد لصحافيين آخرين، فهو يدور مع نفسه وجوداً وعدماً.

هي حرية الإعلام

إذا سلمنا أنها حرية الإعلام، التي يقرها النظام المصري، بما يسمح لإبراهيم عيسى أن يقول هذه الآراء ضد رموز دينية، وضد حركة حماس، مبرراً للمجازر التي ترتكب يومياً، وأنه المسؤول عن برنامجه، فهنا نصطدم بالقانون الذي لا يجعل ما يذاع في الوسيلة الإعلامية مسؤولية القائل وحده، ولكن المسؤولية تمتد إلى غيره، ولهذا اشترط القانون في المادة (56) تعيين مدير للبرامج يكون مسؤولا عن المحتوى، ولا نعرف من هو هذا المسؤول في قناة «القاهرة والناس»، ونأمل أن يعلن المجلس الأعلى للإعلام «جهة الاختصاص» اسمه!
كما أن المادة (58) من القانون ذاته نصت على تحمل الوسيلة الإعلامية المسؤولية القانونية عن أي خطأ في ممارستها، وكذا عن مخالفة القيم أو المعايير المهنية التي يضعها المجلس الأعلى! لا بأس، هي قناة خاصة، يملكها «سين» من الناس، ينفق عليها من الإعلانات التجارية، فهل تحصل مصلحة الضرائب على الضرائب القانونية المستحقة على ما يذاع بها من إعلانات، بنص المادة (67) فكم قيمة الإعلانات، وكم نسبة الضرائب المستحقة عليها؟!
لا أعتقد أن القناة عليها إقبال من المشاهدين، ليبرر هذا الإعلان بها من جانب الشركات، ولو كانت قناة للمشاهدة، لأمكن حصر مدة الفواصل الإعلانية بها، فحتى برنامج إبراهيم عيسى نفسه، سواء فيها أو في «الحرة»، تكون متابعته من خلال مقاطع الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي، فهل سمعت أن أحداً قال إنه شاهدها، أو أنه مضطر أن يغادر الآن لأن موعد برنامج عيسى اقترب؟!
لا بأس، فكثرة المشاهدين ليست معياراً على الإعلان التجاري فيها، فقد يكون المعلن صاحب رسالة، ويرى في برنامج المذكور أنه يؤدي رسالة فيقتطع من أرباح شركته للإعلان في قناة تتبنى رسالته الوجودية، لينفق عليها كل ذي سعة من سعته، فالسؤال لماذا تعامل السلطة القناة معاملة أملاكها الإعلامية، لا سيما ما ورد في المادة (66) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، بإلزام الوسيلة الإعلامية بنشر ميزانياتها وحساباتها الختامية، المعتمدة، في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار خلال الأشهر الأربعة التالية لانتهاء السنة المالية، وتلتزم بتمكين المجلس الأعلى من مراجعة الحسابات الختامية ودفاترها ومستنداتها، فهل فعل المجلس؟!
إن معاملة قناة «القاهرة والناس» معاملة قنوات الشركة المتحدة، المملوكة للسلطة رأساً، إنما يثير الشكوك، مع حملة الإبادة الإعلامية، التي يقوم بها عيسى ضد المقاومة الفلسطينية، وتبرير جرائم إسرائيل، اتساقاً مع دعاية خارجية أن إسرائيل تدافع عن نفسها، وهو يقول إن حماس كالإخوان، الذين قالوا إن مصر حفنة من تراب، فهل الذين يقتلون دفاعاً عن وطنهم يرون أن فلسطين حفنة من التراب؟!
عندما نسب للمرشد العام للإخوان مقولة «طز» في مصر، كان الإخوان حلفاء لإبراهيم عيسى، وكان يدافع عن حماس. فدعك من إبراهيم عيسى، فما هي قصة قناة «القاهرة والناس»، وقصة السلطة المصرية معها؟
هذا هو الموضوع!

 صحافي من مصر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية