القاهرة ـ «القدس العربي»: أعلنت مصر، الثلاثاء، أنها تتعرض لضغوط سياسية واقتصادية للتخلي عن القضية الفلسطينية، كما جددت رفضها إكراه الفلسطينيين على النزوح داخليا أو تهجيرهم قسريا خارج أراضيهم، وتحديدا صوب سيناء.
وخلال الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس النواب المصري أمس الثلاثاء، للرد على طلبات إحاطة قدمت من 60 نائبا، حول تدابير الحكومة لوقف التهجير القسري للفلسطينيين، قال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي: «دائما هناك محاولات للنيل من الدول التي لها موقف حيال ما يحدث، بفرض أجندات عليها».
وأكد أن بلاده «لن تتوانى في استخدام كافة الإجراءات التي تضمن حماية وصون حدودها، وأن أي سيناريو يستهدف نزوح الفلسطينيين، سيكون له رد حاسم من مصر وفقا للقانون الدولي».
وبين أن «تهجير أهالي فلسطين يعني تصفية القضية الفلسطينية» وهو أمر «غير مقبول».
ولفت إلى موقف مصر الثابت من اتفاقية السلام، لكنه أكد في المقابل أن ما تقوم به إسرائيل في فلسطين يمثل تهديدا للأمن المصري.
وحسب مدبولي، واجهت مصر المخططات الخاصة بالتهجير القسري للفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وما زالت تقف وتتصدى لأي محاولات، موضحا أن بلاده، أدركت المخططات الرامية إلى ذلك منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
خط أحمر
وقال: «أدركنا أن الهدف التهجير القسري للفلسطينيين تجاه سيناء، من خلال أكبر عملية من القصف الموسع على القطاع لتحويله إلى قنبلة بشرية قابلة للانفجار تجاه مصر، وتجاه ذلك أعلنت القاهرة أن محاولات التهجير مرفوضة قطعا، وأن تصدير الأزمة لمصر والمساس بأمنها القومي خط أحمر غير قابل للنقاش».
وتابع: «الشعب المصري خرج بالملايين، وعبر عن موقفه الرافض للتهجير، نظرا لما لذلك من تداعيات سلبية وأمنية بينها اتساع دائرة الحرب لدول أخرى، وهذه كانت الرسالة التي قالها كل المسؤولين في مصر لكل المجتمع الدولي والمتمثلة في التحذير من اتساع الصراع، وما سيكون له من تأثير على العالم كله وليس فقط للمنطقة».
وزاد: «منذ 2011 تعرف ما الأجندة التي تُدبّر لمصر، والضغوط موجودة وستظل تتعرض لها، وبالتالي، كانت رؤية القيادة السياسية، التي لم نكن نفهم ما هي، السرعة الرهيبة في المشروعات وبناء وتقوية الجيش. في ظل الذي يحصل حولنا على المستويين الدولي والإقليمي، أصبحت الإجابة واضحة».
وواصل: «الضغوط التي تتعرض لها المنطقة والدولة ليست بالقليلة، لكن الدولة كانت تعي حجم التحدي».
وتناول في كلمته، خريطة الطريق التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر قمة السلام التي عقدت في القاهرة، والمكونة من 3 محاور لحل الأزمة الفلسطينية، تشمل إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، ووقف إطلاق النار، واستمرار جهود المفاوضات.
وأكد أن «الدعم المصري الكامل للفلسطينيين وللقضية ليس وليد اللحظة، إنما هو استمرار للدور المصري التاريخي الذي لم ولن يتخل عن القضية» قائلا: «مصر الدولة الوحيدة التي لم تكن لها أجندة خاصة تجاه القضية الفلسطينية، ونتعامل مع الأطراف الفاعلة في الشأن الفلسطيني لصالح الشعب الفلسطيني، فلا سبيل لحل القضية إلا بحل الدولتين العادل والشامل بإقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967».
مدبولي: لن نتوانى عن استخدام كافة الإجراءات لحماية وصون حدودنا
ولفت إلى أن «السياسة الإسرائيلية القائمة على إغلاق الأفق السياسي أمام الفلسطينيين عواقبها الحالية والمستقبلية ستكون وخيمة، ولا بديل إلا بحل الدولتين».
وفي ختام كلمته، أكد مدبولي، على أن «تراب سيناء عزيز على كل المصريين؛ فهناك سالت دماؤهم في حروب شتى كُتب للمصريين فيها دوما النصر، لأن عقيدتهم كانت دوما النصر أو الشهادة».
وزاد: «الدولة المصرية تبذل الآن جهوداً غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة في شبه جزيرة سيناء، لإيماننا أن التنمية الشاملة هي المساندة لقواتنا المسلحة في الدفاع عن سيناء.
وتحدث عن خطة تقضي أن يكون في سيناء 8 ملايين مواطن، موضحاً أنه من إجمالي أكثر من 600 مليار جنيه أنفقتها الدولة خلال السنوات العشر الماضية لتنفيذ مشروعات بها، استأثرت شمال سيناء وحدها بنحو نصف هذا المبلغ، لتنفيذ أكثر من ألف مشروع باستثمارات قاربت 300 مليار جنيه، في ظل ظروف شديدة الصعوبة خاضتها الدولة في مواجهة إرهاب بغيض. في الموازاة، أعلن المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، رفض المجلس القاطع، لإكراه الفلسطينيين على النزوح داخليا أو تهجيرهم قسريا خارج أراضيهم، وتحديدا صوب الأراضي المصرية في سيناء.
وأضاف: على سلطات الدولة المصرية كافة، أن تتعاضد في مواجهة أي محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين إلى الأراضي المصرية، لما في ذلك من اعتداء خطير على أراضيها ومساس بأمنها.
وواصل: مجلس النواب من جانبه، وبصفته السلطة التشريعية، يسعى دوما إلى الحفاظ على مصالح الدولة العليا من كافة مخاطر الاعتداء- سواء أكانت من جهة الداخل أو الخارج – من خلال ما يسنه من تشريعات تجرم أي اعتداءات على أمن الدولة المصرية.
وتابع: البيئة التشريعية المصرية تتضمن مجموعة من التشريعات الكفيلة بردع محاولات الاعتداء على أمنها، سواء من الداخل، أو الخارج، فارضة عقوبات رادعة لها، غايتها إقرار الأمن في ربوع الوطن، وحماية أنظمته وسلطاته، وفي مقدمة تلك التشريعات قانون العقوبات، الذي أفرد في الكتاب الثاني منه تنظيما عقابيا متكاملا للجرائم المضرة بأمن الحكومة من الخارج والداخل، وكذا قانون مكافحة الإرهاب؛ الذي اعتبر كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج عملا إرهابيا، متى كان الغرض منه الإخلال بالنظام العام، أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو الأمن القومي. والتشريعات المصرية تتوافق بشكل تام مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر، وأخصها اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.
وتابع: مجلس النواب، يؤكد مرة أخرى، على وقوفه متمترسا خلف الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والحكومة المصرية، برئاسة مصطفى مدبولي، في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية الوطن، من أي محاولات مستترة للمساس به، فالدفاع عن الوطن، هو دفاع عن الإنسان المصري، وعن هويته، وتاريخه، يبذل له كل غال ونفيس.
كذلك، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، رفض بلاده الواضح لكل وأي محاولة لتهجير الفلسطينيين.
جاء ذلك خلال عقد شكري ووزراء خارجية كل من السعودية والأردن وفلسطين وإندونيسيا، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي، مباحثات موسعة في العاصمة الروسية موسكو، مع سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا الاتحادية، وذلك في ثاني محطات جولة اللجنة الوزارية المنوط بها تنفيذ قرار القمة العربية الإسلامية بالتواصل مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن من أجل وقف الحرب على قطاع غزة، وفق المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد ابو زيد.
وأوضح المتحدث، في بيان صحافي، أن أعضاء اللجنة أكدوا خلال اللقاء على الدور الحيوي والهام الذي تضطلع به روسيا إزاء القضايا الإقليمية والدولية، وفي إطار عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، والتطلع لدور روسي قوي وداعم لوقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة.
كما نقل وزراء الخارجية موقف الدول أعضاء جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الموحد والقاطع إزاء ضرورة تحقيق وقف غير مشروط لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للفلسطينيين في غزة بشكل مستدام وآمن وبالقدر الكافي، بما يلبي الاحتياجات الملحة لأبناء الشعب الفلسطيني، فضلاً عن ضرورة وضع حد للانتهاكات والإعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة التي تُعد بمثابة جرائم حرب، فضلاً عن وقف ممارسات العقاب الجماعي من استهداف وقتل جماعي وحصار متعمد وتدمير كامل للبنية التحتية.
وأضاف أن شكري أعرب، في كلمته خلال الاجتماع، عن تقدير الدول العربية والإسلامية للدعم الذي قدمته وماتزال تقدمه روسيا للقضية الفلسطينية، وتوقع أن تقوم روسيا بالمزيد من خلال عضويتها الدائمة في مجلس الأمن للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
وسئل عن «عدد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين الذين يجب أن يسقطوا كي يتحقق هدف إسرائيل المعلن من هذه الحرب؟».
شكري أكد أن «القصف المستمر للنازحين في الجنوب هدفه واضح، وهو إجبار سكان القطاع على مغادرته، وأن مصر أعلنت بوضوح رفضها لكل وأي محاولة لتهجير الفلسطينيين.
كما أعلن أن «مصر صاغت مشروع قرار جديد ليتم طرحه أمام مجلس الأمن باسم المجموعتين العربية والإسلامية لمعالجة الخلل القائم في دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».
وأكد وزراء الخارجية الحرص على استمرار التشاور والتنسيق مع دولة روسيا لتعزيز الجهود الرامية لاحتواء الأزمة والحد من تداعياتها.
معبر رفح
وفيما يخص حركة المساعدات الإنسانية، شهد معبر رفح أمس، دخول شاحنتي وقود جديدتين إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، ودخول 50 شاحنة مساعدات إلى القطاع و9 سيارات إسعاف لنقل الجرحى الفلسطينين، إضافة إلى عبور 240 من مزدوجي الجنسية من غزة إلى مصر.
وواصل مطار العريش الدولي في شمال سيناء، استقبال طائرات المساعدات، ووصل عدد الطائرات التى هبطت في المطار منذ 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي 160 طائرة، حسب بيان للهلال الأحمر المصري في شمال سيناء.
وقال الهلال الأحمر المصري في بيان، الطائرات نقلت نحو 4200 طن من المساعدات المتنوعة تم تخزينها فى 7 مخازن مؤمنة فى مدينة العريش ونقلها إلى قطاع غزة بالتنسيق بين الهلال الأحمر المصري والهلال الأحمر الفلسطيني، حيث اشتملت المساعدات التى حملتها الطائرات مساعدات إنسانية وأدوية ومستلزمات وأجهزة طبية ومواد غذائية وخيام وسيارات الإسعاف المجهزة.
وحسب البيانات، فإن المنظمات الدولية الإغاثية التي وصلت منها طائرات المساعدات هي منظمة الغذاء العالمى، واليونسيف، ومنظمة الصحة العالمية، والصليب الأحمر، ومنظمة أطباء بلا حدود، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة.
كما بلغت عدد الدول التي أرسلت مساعدات 29 دولة، هي: الكويت، تركيا، قطر، الإمارات العربية المتحدة، روسيا، الجزائر، الأردن، العراق، إندونيسيا، فرنسا، المغرب، السعودية، باكستان، البحرين، انكلترا، البرازيل، تونس، فنزويلا، الهند، كينيا، كولومبيا، ماليزيا، اليونان، ليبيا، تركمنستان، بولندا، الدنمارك، سلطنة عمان، الشيشان.