إسرائيل للبيت الأبيض: يجب ضرب رأس التنين وأذرعه في المنطقة.. وليس تسمينه

حجم الخط
0

يعقوب نيجل ومارك دوفوفتس

ترى إيران أن إحدى فضائل الحرب في غزة، صرف انتباه إسرائيل وحلفائها عن تقدم طهران إلى السلاح النووي. فقد بلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسبوع الأخير، بأن إيران تواصل خرق تعهداتها وتوسع مخزون اليورانيوم المخصب إلى مستوى 60 في المئة، ولا تتعاون مع مراقبي الوكالة.

أولوية الجيش الإسرائيلي هي بالطبع تنفيذ تعليمات الكابينت لتصفية قدرات حماس العسكرية والحكومية والتنظيمية في غزة، لقتل الزعماء والمشاركين في مذبحة 7 أكتوبر، وتحرير المخطوفين كلهم. إلى جانب هذا، وإلى جانب الأولوية لغزة، باتت إسرائيل ملزمة بمنع إيران من استغلال الوضع لتحقيق تطلعاتها النووية.

إلى جانب بحث مستوى الدور الإيراني إزاء أحداث 7 أكتوبر، كان العدوان البربري بلا شك جزءاً من جهد يعود لعشرات السنين من جانب الجمهورية الإسلامية لإبادة إسرائيل. فقد كان الهجوم المرحلة الأولى في خطة طهران الكبرى لجر إسرائيل إلى معركة متعددة الجبهات لا تشارك فيها بشكل مباشر. فالعقيدة والوسيلة القتالية اللتان استخدمتهما قوات النخبة لحماس، نُسخت من قوات الرضوان التابعة لـ “حزب الله”. الوسائل والعقيدة والتدريبات جاءت من إيران وبتمويل منها، واعتمدت على علم وتخطيط وتدريب برعاية “حزب الله” والأذرع الأخرى للتنين الإيراني.

ثمة افتراض بأن المرحلة الأخيرة في خطة خامنئي هي استغلال التركيز العالمي على غزة لإخفاء ما يكفي من المادة المشعة، المخصبة إلى مستوى عسكري لعدد من القنابل وتحقيق اختراق للطريق في خطة السلاح. التسلح هو المرحلة الأخيرة اللازمة للقنبلة، بعد التخصيب وتطوير وسائل الحمل. عملياً، يمكن القول إن خامنئي فعل في غزة نوعاً من “سلاح الدمار الشامل” كي يمضي بتطلعه لبناء السلاح الإيراني للدمار الشامل.

لا يزال البيت الأبيض مصراً على أن طهران لم تعط ضوءاً أخضر صريحاً لهجوم 7 أكتوبر. ربما، لكن هذا لا يقلل من مسؤوليتها، كما أشار جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس: “إيران شريكة في الجريمة؛ لأنها وفرت التمويل والتأهيل والقدرات”.

ما الذي ينبغي لإسرائيل أن تفعله؟ أولاً، على الحكومة أن تضمن مواصلة أذرع الاستخبارات جمع المعلومات عن البرنامج النووي، وبخاصة التقدم في تطوير منظومة السلاح والقدرات لضرب عناصر البرنامج والعلماء المتصدرين. المهمة الثانية دبلوماسية، وربما تكون أصعب: إقناع واشنطن بأنه حل دبلوماسي حيال نظام يدعم ذبح النساء والأطفال. محافل الاستخبارات وبخاصة 8200 والموساد، ملزمة بمواصلة تشخيص أهداف أساسية في إيران ونقاط ضعفها، والموساد ملزم بتطوير قدرات داخل إيران. إلى جانب الأهمية في مهمة قتل قيادة حماس في كل مكان موجودين فيه في العالم، بما في ذلك قطر، رغم المفاوضات الجارية لتحرير المخطوفين، والمهم عدم إهمال مهمة المس بعلماء النووي الذين يعملون على تطوير منظومة السلاح.

واضحة الحاجة إلى تكريس كل مقدر استخباري لمساعدة القوات في غزة ولتحرير المخطوفين. ومع ذلك، ما دام خامنئي يدير معركة متعددة الساحات لإبادة إسرائيل، فمن المهم مواصلة الجهود لمنع إيران من تحقيق تطلعاتها.

عندما نقاتل التنين، بدلاً من التورط بين أذرعه، ينبغي ضرب الرأس. “حزب الله” والحوثيون والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، كلهم أذرع، ومثلهم حماس و”الجهاد”. الرأس في طهران، وهو يتطلع للوصول إلى سلاح يشكل تهديداً وجودياً على إسرائيل.

حتى الآن، وقف الرئيس جو بايدن إلى جانب إسرائيل بشكل مذهل، وهو يتعاطى بثبات مع السلاح النووي في إيران كأمر لا يعقل. إلى جانب ذلك، فإن نهجه المغلوط لتحييد التهديد يعتمد على أمل أن تقنع الدبلوماسية وضخ الأموال طهران للتراجع عن مخططاتها.

نشرت الإدارة هذا الأسبوع تنازلاً عن العقوبات، ما يسمح لطهران باستغلال مقدرات مجمدة بمبلغ أكثر من 10 مليارات دولار. ومؤخراً، حوّل إلى قطر 6 مليارات دولار لاستخدام إيران مقابل تحرير رهائن أمريكيين. الكونغرس أقنع الإدارة بوقف الـ 6 مليارات، وعمل هذا لـ 10 أيضاً. الهدية الأكبر من هذه، هي عدم فرض العقوبات على تصدير النفط الذي أدخل حتى الآن 26 – 29 مليار دولار. لقد استقبلت إيران الأموال بالترحيب، وبالتوازي سرعت البرنامج النووي، انطلاقاً من إحساس بأن بايدن سيعرض تنازلات أخرى كلما زادت الاستفزازات.

منذ بداية الحرب، فعل البيت الأبيض كل ما في وسعه وكأن إيران وحماس تطرحان تحديات منفصلة. في نهاية الأسبوع، كتب بايدن مقالاً طويلاً عن نهجه تجاه الحربين في غزة وأوكرانيا، لا تذكر فيه إيران على الإطلاق رغم عشرات الهجمات على قوات أمريكية من الميليشيات المدعومة من إيران وتقريباً بدون أي رد أمريكي.

ما تحتاجه إسرائيل الآن من البيت الأبيض ليس اعترافاً بسياسة فاشلة تجاه إيران، بل تحتاج شريكاً يفهم بأن حماس جزء من شبكة الإرهاب التي يقودها خامنئي، وأن الولايات المتحدة وإسرائيل ملزمتان بأن تضربا معاً رأس التنين وأذرعه.

 معاريف 22/11/2023

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية