الغارديان: بايدن أخطأ مع نتنياهو وعليه التصرف كقائد دولة عظمى وليس “العم الطيب”

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

قال الكاتب في صحيفة “الغارديان” سايمون تيسدال، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن نادم الآن على الدعم القوي الذي منحه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعليه التحرك قبل أن يفوت الأوان. وقال إن الهجوم على غزة لا يضر فقط بمصالح الولايات المتحدة والغرب، ولكنه يحمل مخاطر زعزعة استقرار الشرق الأوسط.

وقال تيسدال: “جو بايدن لديه مشكلة اسمها بنيامين نتنياهو، وكيف يتعامل معها أمر ملح جدا مع مرور كل يوم دموي ووحشي. وتتعلق حياة آلاف الفلسطينين على هذا السؤال وإجابته. وكذا أيضا، الآمال بوقف هذه الحرب التدميرية الضخمة ومنع انتشارها من غزة والتقدم نحو سلام دائم”.

ويعلق الكاتب أن القصف الذي أمر به رئيس الوزراء الإسرائيلي في مرحلة ما بعد الهدنة، والغزو البري لجنوب غزة، يتشكل ليصبح أكثر “جهنمية” بحب تصريحات مسؤول في الأمم المتحدة. ولدى الرئيس الأمريكي أوراق نفوذ تمكنه من الأخذ على يده، وهي ليست متوفرة للأوروبيين والقادة العرب و”يجب على بايدن أن يقود”.

فقد كان من الواضح قبل هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أن بايدن ونتنياهو لم يكونا يتحدثان معا تقريبا. وتم حجب الدعوة التقليدية لنتنياهو كي يزور البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات الخريف السابقة، والتي جلبت حكومة اليمين المتطرف إلى إسرائيل.

وكان السبب الرئيسي وراء هذا، هو عدم ارتياح بايدن من السياسات المتطرفة والمعادية للفلسطينيين التي تتبناها الحكومة الجديدة، خاصة في الضفة الغربية المحتلة. وعندما نفذت حماس هجومها، نحّى بايدن الخلافات جانبا، و”وكان خطؤه وربما الخداع الذاتي المتعمد، هو اعتقاده أن نتنياهو هو من نفس معدنه” أي قلب طيب وصادق، كما يصف الكاتب بايدن هنا.

واقترح بايدن مباشرة حزمة مساعدات من 14 مليار دولار لإسرايل، ونشر حاملات طائرات في البحر المتوسط، وسافر إلى تل أبيب وألقى خطابا عاطفيا وقدم تعازيه وتعاطفه مع الإسرائيليين، وكل هذا غريب على نتنياهو.

إلا أن هذا التعبير عن الدعم غير المشروط، فسره نتنياهو بأنه “صك أبيض” لعمل ما يريد لملاحقة حماس في غزة. وكان إنجازه الوحيد حتى الآن في ضوء عدم هزيمة حماس، هو ذبح غير مسبوق للفلسطينيين، حيث وصل العدد حتى الآن إلى أكثر من 16000 شخص.

وبعدما شكك بايدن في عدد الضحايا الفلسطينيين، بدأ وببطء شديد بتعديل موقفه، وأصدر دعوات قوية للتناسب وتوفير المساعدات الإنسانية واحترام القانون الدولي. وكان يرد في جزء من هذا على الضغوط العربية ومخاوف توسع الحرب والغضب المتزايد بين الديمقراطيين والناخبين الشباب نظرا لأفعال نتنياهو.

ويعتقد الكاتب أن بايدن مصدوم بصدق، فهذه ليست إسرائيل التي دعمها لعقود وهو في الكونغرس. إلا أن نتنياهو وجنرالاته الذين يزعمون أنهم يصغون لما يقوله بايدن، هم في الحقيقة لا يفعلون ذلك. فالهجوم البري بعد الهدنة على مدينة خانيونس، أكبر مدينة في جنوب غزة والتي يفترض أنها قاعدة يحيى السنوار، أسفر عن ضحايا بأعداد كبيرة.

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن لنتنياهو إن صبر الولايات المتحدة ينفد، “فالخسارة الفادحة في الأرواح والتشريد على القاعدة التي شاهدناها في شمال غزة، يجب ألا تتكرر في الجنوب”.

ودعا بايدن، نتنياهو للتوقف عن خرق القانون الدولي، في رسالة رددتها نائبته كامالا هاريس في مؤتمر دبي، وأكدها وزير الدفاع لويد أوستن الذي حذر نتنياهو من “استبدال نصر تكتيكي بهزيمة استراتيجية” من خلال دفعه الفلسطينيين إلى أحضان حماس.

ويعلق الكاتب أن نتنياهو لديه الحق بمقاومة النصيحة من الخارج، حتى لو كانت الصديق والشريك العسكري والدبلوماسي والمالي الذي لا يستغنى عنه، لكن هذا منطقي لو في خدمة المصالح الإسرائيلية.  وهذا هو الجوهر، فقد قدم نتنياهو، ومنذ البداية، مصالحه الشخصية على مصالح بلاده.

فبعد أسوأ فشل أمني يواجه إسرائيل منذ 56 عاما، يأمل نتنياهو بإنقاذ مسيرته السياسية وشن حرب طويلة، وفي الوقت الحالي، يرفض عن قصد المطالب الأمريكية ويتبنى الأساليب التي ستؤدي إلى خسائر إضافية كبيرة في جنوب غزة. ويواصل كسر وعوده بعدم عرقلة الإمدادات الإنسانية من مصر. وفي الوقت الحالي لا تعمل شيفرة الهاتف لإجلاء المدنيين إلى مناطق آمنة، بسبب قطع الاتصالات.

والأكثر تعنتا من وجهة نظر الجيران العرب والمجتمع الدولي، هي تصريحات نتنياهو من أجل إنشاء منطقة عازلة ودائمة في غزة المكتظة بالسكان، وتفضيل اللحتلال الدائم، ورفضه القاطع لمقترحات إدارة بايدن لإدارة السلطة الوطنية الفلسطينية للقطاع بعد الحرب وإحياء محادثات حل الدولتين. وفوق كل هذا، فهو يتجاهل مخاطر تصعيد الكابوس الإقليمي الذي تخشاه الولايات المتحدة. ومنذ نهاية الهدنة، ارتفعت مستويات العنف في الضفة الغربية وجنوب لبنان والبحر الأحمر.

وربما اعتقد نتنياهو أنه سيستفيد من “مقاومته” لأمريكا، لكن على بايدن حرمانه من هذا، ومن الفكرة الخبيثة حول مواصلة الحرب التي تعاقب بشكل جماعي سكانا عزلا، والتي تضر بشكل متزايد بالمصالح الأمريكة، وتدمر أمن إسرائيل على المدى البعيد.

ولا يمكن لبايدن مواصلة الجلوس بالمقعد الخلفي أو التخفي وراء مسؤوليه، ويجب عليه شخصيا رسم الخطوط، وما هو مطلوب من البيت الأبيض أفعال أقل من “العم المتعاطف” وأقل من “جو القذر” والكثير من رب عائلة قوي وقائد أعلى لأقوى دولة في العالم.

ويحتاج بايدن للتوقف عن المناشدة وتحديد الثمن الواضح لهذا المسار المتهور (بما في ذلك عقوبات أمريكية) والتحدث مباشرة كما فعل في تشرين الأول/ أكتوبر للإسرائيليين ومعارضي نتنياهو ومعارضي المتطرفين، وإمكانية استبدال رئيس الوزراء بواحد مثل يائير لبيد أو بيني غانتس.

وعلى بايدن تكسير رؤوس ببعضها، فنتنياهو رجل ليس مناسبا لحكم إسرائيل وقيادتها وسط أزمة. ولا يهمه عدد الأموات طالما نجا. وتحويل ذكرى ضحايا تشرين الأول/ أكتوبر إلى سلاح يعرض حياة بقية الرهائن للخطر.

ويختم الكاتب بالقول إن “نتنياهو يقود إسرائيل إلى طريق مسدود مميت فوق جثث سكان غزة المكدسة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية