كنا نعلم أن العالم أجمع سيستخدم مصطلح “ما قبل وما بعد غزة”، على اعتبار أن الاجرام الصهيوني المستمر على قطاع غزة على مدى الاسابيع الثمانية الماضية، والاحداث المتعلقة، غيرت الكثير من المفاهيم وتسلسل الأحداث في حياة الكثيرين.
في عالم كرة القدم، الذي أغمضت الجماهير أعينها عنه في الأسابيع الماضية، لتضع كامل تركيزها وهمها مع أهالي غزة، فان قبل هذه الأحداث كانت هناك مؤشرات محددة عن فرق أندية الكرة الأوروبية صاحبة الشعبية، وما حدث الى اليوم يعد مثيراً اذا أردنا أن نبعد تركيزنا قليلاً عن تصريحات الملثم “ابو عبيدة” وفيديوات الاعلام العسكري وتحليلات اللواء، فسنجد في الساحة الاسبانية صعود نجم ساطع في سماء العملاق الملكي ريال مدريد، بتألق الانكليزي جود بيلينغهام بصورة فاقت كل التوقعات، فهو يتصدر هدافي الفريق، رغم انه لاعب وسط وليس مهاجماً، حيث سجل 15 هدفاً من أصل 17 مباراة لعبها مع الفريق في كل المسابقات، وأصبح أول لاعب في تاريخ الريال يسجل في المباريات الأربع الأولى التي يلعبها مع الفريق، وهو انجاز رائع مع فريق عج على مر التاريخ بنجوم من العيار الثقيل بينهم صاحبا الكرة الذهبية كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة، كما أن بيلينغهام يتصدر هدافي الدوري بـ11 هدفاً، حيث اشتهر باحتفاله بالتسجيل بصورة “العظيم” بفرد ذراعيه وكأنه يحتضن صيحات واحتفالات الجماهير الصاخبة، لتصبح صورة معبرة وأيقونة لموسم الملكي حتى الآن، حيث ساهم في تصدر فريقه الدوري بفارق كبير عن غريمه برشلونة، ولم يخسر على أرضه “سانتياغو بيرنابيو” حتى الآن، وفاز بكل مبارياته في دوري الأبطال، رغم معاناته من الاصابات المتكررة لنجوم أمثال فينيسيوس جونيور وايدير ميليتاو ولوكا مودريتش وتيبو كورتوا وادوار كامافينغا. وفي المقابل نجد الغريم برشلونة بدأ يلمس تأثير أزمته المادية وانعكاسها على نتائج الفريق، بعدم قدرته على الاستثمار في سوق الانتقالات مثلما ينبغي، فعانت نتائجه جراء اصابات متعددة ومتقطعة لنجوم أمثال بيدري وغافي وليفاندوسكي وحاليا حارسه تير شتيغن، ليكافح لتعويض غياباتهم لاجئاً الى أكاديميته الشهيرة “لا ماسيا” للزج بالعديد من المراهقين، كان أبرزهم المغربي الأصلي الأمين جمال، ومع ذلك ترك صراع المقدمة لغريمه الريال وجاره مفاجأة الموسم جيرونا.
أما في انكلترا، فعانى صاحب الثلاثية مانشستر سيتي حتى الآن، حيث يحتل المركز الرابع حالياً بعد اخفاقه في الفوز في مباريات الأربع الأخيرة في الدوري الممتاز، وهي المرة الاولى تحدث هذه الواقعة لفريق يدربه بيب غوارديولا، حيث عانى من فترة انتقالية من صنع يديه بتخليه عن نجمين مؤثرين هما غندوغان ورياض محرز، فأخفق في تعويض الأول رغم انه ضم كوفاسيتش ونونييز، فيما يحتاج دوكو وقتاً أطول لتعويض غياب النجم الجزائري، لكن التأثير الأكبر كان بسبب غياب نجمه الأول كيفن دي بروين للاصابة والذي كان الممول الأول لأهداف “الماكينة” هالاند، الذي لم يعد يحظى بنفس القدر من الفرص بغياب صانع الألعاب البلجيكي، فضلاً عن التمادي في اعتماد غوارديولا على قلوب الدفاع في الأطراف ما تسبب بنقطة ضعف واضحة، كانت جلية خلال الهزيمة أمام أستون فيلا حيث استغلها بايلي في ظل تخبط غفارديول. في حين يتصدر أرسنال الذي جنى ثمار استثماراته الكبيرة في سوق الانتقالات وأبرزها ديكلان رايس، رغم علامات الاستفهام على حارسه دافيد رايا. أما ليفربول فانه يقدم أفضل مما توقع منه على اعتبار انه في مرحلة انتقالية أيضاً بعد استبدال خط وسطه بالكامل وضم 4 لاعبين جدد، في حين كان الجدل الكبير قبل أحداث غزة على مصير المليار جنيه استرليني التي أنفقها تشلسي في عام واحد على لاعبين جدد ومدى تأثيرهم على نتائج الفريق، فسنجد أنها لم تقدم أو تؤخر، اذ ظل “البلوز” يحتل مركزاً في وسط القائمة. وفي حين عاد مانشستر يونايتد الى معاناته المعتادة، فان التخبط نابع حقيقة من عدم القدرة على بيع النادي وجلب مستثمر جديد، فيما المفاجأة السارة تكمن في تألق أستون فيلا الذي يحتل المركز الثالث حاليا.
وفي ايطاليا، يظل الانتر الأكثر استقرارا بين الكبار رغم تحسن نتائج يوفنتوس، فيما يشكل باير ليفركوزن بقيادة مدربه الاسباني المطلوب بشدة عند الكبار تشابي ألونسو، منافساً حقيقياً للبايرن على اللقب مع تألق نجم الأخير الهداف الانكليزي هاري كاين، الذي حطم العديد من الأرقام القياسية.
لكن أبرز الاحداث في الآونة الأخيرة، ما حصل في عالم بعيد عن القارة الاوروبية، وتحديداً في البرازيل، حيث هبط نادي الاسطورة بيليه، سانتوس، من الدرجة العليا للدوري البرازيلي للمرة الأولى في تاريخه الممتد لأكثر من 111 عاماً، وهو ما قاد الى اندلاع الشغب في المناطق المحيطة بملعب النادي واضرام الحرائق في سيارات اللاعبين والاداريين، حيث لم تتحمل الجماهير خيبة فريقها، ليبقى فريقا فلامنغو وساو باولو الوحيدين اللذين لم يهبطا أبداً من الدرجة الأولى.
والآن فلنعد الى نصرة أهلنا في فلسطين.