غزة – الأناضول: حول خياط فلسطيني من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، عجلة دراجة هوائية إلى محرك يدوي، يساهم في تشغيل آلة الخياطة التي يعمل عليها منذ سنوات.
وعلى أحد أرصفة سوق مدينة رفح، التي يصنفها الجيش الإسرائيلي ضمن المناطق الآمنة، لكنها تشهد غارات عنيفة بين الفينة والأخرى، يضع الخياط نسيم قشطة (20 عاما) آلته لاستقبال الزبائن.
وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي والوقود المشغل للمولدات البديلة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كانت عملية تشغيل آلات الخياطة أمرا مستحيلا. لكن في ظل حاجة الناس لهذه المهنة، خاصة بعد ارتفاع أسعار البضائع والملابس في الأسواق بشكل كبير، ومع اشتداد برودة الجو، كان يتحتم على قشطة البحث عن بديل يساهم في مساعدة الناس على ارتداء ملابسها القديمة والمهترئة.
ومع اكتظاظ أعداد السكان في هذه المدينة التي لا تتجاوز مساحتها 32 كيلو متر مربع، نتيجة موجات النزوح الكبيرة التي شهدتها منذ بداية الحرب الإسرائيلية، فإن حاجة النازحين لاستصلاح ملابسهم القليلة التي جلبوها معهم هربا من العمليات العسكرية الإسرائيلية في مناطق سكناهم، باتت ملحة. وحسب تصريحات صحافية لرئيس بلدية رفح أحمد الصوفي، فإن هذه المدينة كانت تضم نحو 300 ألف نسمة قبل الحرب، فيما بات عدد السكان حاليا يناهز المليون جراء النزوح.
ويقول قشطة إن هناك إقبالا كبيرا من السكان والنازحين لاستصلاح ملابسهم الشتوية، في ظل عدم توفر مصدر للدخل لشراء الملابس الجديدة مرتفعة الأسعار.
وأضاف: «استخدمت لتشغيل هذه الآلة عجلة الدراجة الهوائية، كبديل عن التيار الكهربائي، حيث يتم تحريك الدواسة بواسطة اليد من خلال أحد الأشخاص لدي».
وأوضح الخياط الفلسطيني أنه اضطر أيضا للبحث عن هذه الحل لتوفير مصدر رزق لعائلته، في ظل الأوضاع المعيشية «الكارثية» التي يمر بها سكان القطاع.
وأشار إلى أنه وضع هذه الآلة في وسط السوق، من أجل استقطاب الزبائن الذين لا يصدقون أن هناك آلات خياطة من الممكن أن تعمل دون الحاجة للكهرباء أو المولدات البديلة.
ومنذ اندلاع الحرب المدمرة على القطاع، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع متدهورة للغاية، جراء حصار متواصل منذ 17 عاما. وبعد ضغوط أممية ودولية، سمحت إسرائيل بدخول مساعدات إنسانية محدودة جدا إلى غزة من بينها الوقود للاحتياجات الإنسانية وليس لتوليد الكهرباء، وذلك عبر معبر رفح المصري، والمخصص للمسافرين في المقام الأول.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأربعاء، 18 ألفا و608 قتلى و50 ألفا و594 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و»كارثة إنسانية غير مسبوقة»، حسب مصادر فلسطينية وأممية.