جماعات مؤيدة لإسرائيل تنهي مسيرة دبلوماسي سويسري آمن بعقيدة التفاوض مع حماس 

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا لمراسله في أنقرة رجب سويلو قال فيه إن دبلوماسيا سويسرا خسر عمله بسبب حملة تشويه قادتها جماعات مؤيدة لإسرائيل ومست حياته الشخصية.

وكان جان دانيال راتش يحضر نفسه للعودة إلى الشرق الأوسط بوظيفة جديدة، ثم بدأت مزاعم التعاطف مع حماس والإدمان على الجنس بالانتشار. ففي 15 أيلول/سبتمبر قدمت وزيرة الدفاع السويسرية فيولا أميرد السفير جان دانيال راتش باعتباره وزير سياسات الأمن العامة، وهو منصب استحدث في ظل النزاع بأوكرانيا. وجاء الإعلان في وقت كان يشغل فيه راتش منصب السفير بتركيا.

أحب راتش الشعر وطالما استشهد بالشاعر الفرنسي جواشان دي بيليه. وخلال مؤتمر في برن استشهد بهوميرس: “سعيد، من قام برحلة إلى أدويسيوس وعاد مجربا ومليئا بالحكمة لكي يعيش ما تبقى طويلا ولكن في الحلقة المعروفة”. وكان اقتباسه هذا تعبيرا عن حالته فهو مثل أوديسيوس، هيوميروس الذي قاتل طراودة لعقد وقضى آخر للعودة إلى الوطن، فقد قضى راتش 30 عاما وهو يخدم بلاده، وهو الآن يعود في سن الستين إلى جذوره، كمسؤول بارز في سويسرا.

وبعد شهر لم يكن راتش قادرا على تولي المنصب بل وانتهت مسيرته الدبلوماسية. ولم يتحدث راتش للإعلام عن الظروف التي أحاطت بنهاية مسيرته ورفض التعليق للموقع. إلا أن أصدقاءه وتقارير نشرت في الصحافة السويسرية تظهر أنه كان ضحية لحملة من جماعة مؤيدة لإسرائيل، زادت حدتها بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر ضد إسرائيل.

راتش كان ضحية لحملة من جماعة مؤيدة لإسرائيل

أطلقت الرصاصة الأولى في الهجوم على الدبلوماسي السابق بمقال رأي نشر في مجلة أسبوعية كتبه ألفريد هير، وهو نائب عن الحزب اليميني المتطرف “حزب الشعب السويسري” الذي طالب باستقالة فورية له. وكتب أن “جان- دانيال راتش معروف بأنه قابل زعيم حماس في القاهرة عام 2012”. وأضاف “لقد دعم عقيدة التفاوض مع حماس، كجزء مهم للحل السلمي مع إسرائيل، لم يكن راتش إلا أحمقا مفيدا لحماس”. ويرأس هير مؤسسة أودياتور المؤيدة لإسرائيل والتي تصف موقفها “بالالتزام المفتوح مع إسرائيل”. ولم يلق انتقاد هير إلا بعض الاهتمام عندما نشر في 11 تشرين الأول/أكتوبر، لكن كلامه حمل وزنا بعدما حقق حزبه مكاسب جيدة في الانتخابات الفدرالية، وزيادة عدد المقاعد في البرلمان بتسعة.

سيرة راتش الذاتية حافلة بالأعمال والخدمات ولا تشوبها شائبة، فقد عمل في منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، وكان جزءا من ضم روسيا في التسعينيات للبنية الأمنية الأوروبية. وعمل في البلقان لعدة سنوات وكان مستشارا سياسيا لكارل ديل بونتي، المدعي الرئيسي في محكمة الجنايات الدولية ليوغسلافيا السابقة في هيغ. وأصبح في 2006 المبعوث الخاص لسويسرا في الشرق الأوسط وذلك في حكومة رئيسة الوزراء ميشلين كالمي- ري من الحزب الإشتراكي الديمقراطي.

ورأت كالمي- ري أن الوقت قد حان لعقد صلات مع حماس بعد انتصارها في انتخابات 2006، وفوضت عملية التواصل لراتش. وعمل راتش لاحقا سفيرا لإسرائيل في الفترة ما بين 2016- 2021. وقالت الصحيفة اليومية السويسرية “دي ويلتووتش” إن “خدمات راتش كانت مقدرة حتى من الإسرائيليين”. و”كسفير حاول وبتشاور مع حكومة بنيامين نتنياهو الإفراج عن رهائن حماس وتسليم الجثث”.

يؤمن راتش بحيادية سويسرا ويرى أنها مركزية لقدرتها على لعب دور موثوق في الوساطة على المسرح العالمي

ويؤمن راتش بحيادية سويسرا، إذ كان يقول “لم أكن لأقوم بالكثير في عملي لو لم تكن سويسرا حيادية”، وبالنسبة له فحيادية سويسرا مركزية لقدرتها على لعب دور موثوق في الوساطة على المسرح العالمي. ورغم كل هذه الإنجازات إلا أن بعض الأوساط كانت تريده خارج السياسة، وأعلن أنه تهديد أمني.

ونشرت صحيفة “بليك” اليمينية المتطرفة في 25 تشرين الأول/أكتوبر أن راتش “قابل للابتزاز” ونشرت بعضا من تفاصيل حياته الخاصة. وقالت مصادر إن مواد قديمة وصورا تعرض تفاصيل دقيقة من حياته الخاصة سربت لمحرري يليك. وقال مصدر قريب “كل شيء يؤشر إلى رقابة تمت عندما عمل راتش في إسرائيل كسفير”. وأخبر دبلوماسيون لم تكشف عن هويتهم صحيفة “دي ويلتووتش” إنهم مقتنعون أن المواد المسربة مصدرها المخابرات الإسرائيلية.

تم تسريب تفاصيل دقيقة من حياة راتش الخاصة عندما عمل في إسرائيل كسفير. وقال دبلوماسيون إنهم مقتنعون أن المواد المسربة مصدرها المخابرات الإسرائيلية

وجاء في التقرير المنشور في الصحيفة “هذا واضح، لأنه وحسب العارفين، يتم التنصت وبشكل روتيني على السفراء في إسرائيل وبخاصة إذا حافظوا على علاقات مع حماس، كما فعل راتش نيابة عن رئيسة الوزراء السويسرية”. وبسبب الضغط قرر راتش عدم قبول المنصب الجديد ومغادرة منصبه في أنقرة مع بداية العام الجديد. لكن صحيفة “بليك” تواصل نشر تقارير مشوهة عنه وتصفه بـ”المدمن على الجنس”.

وفي تشرين الأول/أكتوبر نشرت بليك وصحيفة سويسرية أخرى اسمها تاغيس- انزيغير، تقارير عن زيارة عاملات جنس مقر إقامة راتش في تل أبيب. ونفى راتش كل الاتهامات حسب أشخاص على صلة معه. وقال مصدر يعرف راتش للموقع “لا يمكن لأحد ابتزازه ولم يمارس الجنس مع جاسوسات، وكانت له علاقة مع امرأة سويسرية تعرف زوجته بعلاقتها معه” و”لهذا، لا خوف عليه من الابتزاز، وهو ليس مهتما بنشر أخبار عن حياته الخاصة”.

الهجوم على راتش سياسي ولم يكن مجرد عمل صحافي

ولم توجه الحكومة السويسرية اتهامات ضده ولم يجر أي تحقيق بالطريقة التي حصلت فيها الصحيفة على المعلومات عنه. ويرى عاملون معه أن الهجوم عليه سياسي ولم يكن مجرد عمل صحافي. وسيغادر راتش العمل الدبلوماسي في حزيران/يونيو المقبل بدون أي مكافأة على نهاية الخدمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية