الحظوة لاوباما
مع أن الصيغة التي اتخذت الان لا تختلف جوهريا عن الصيغ السابقة، الا ان ثمة بضع مزايا في التوقيت الحالي. اولا، حقق الاعتذار بعد نهاية حملة الانتخابات في اسرائيل وتشكيل الائتلاف، وحين بات أحد المعارضين المركزيين للاعتذار، ليبرمان، خارج الحكومة وذلك لرفع لائحة اتهام ضده في قضية تعيين السفير في لتفيا.
وبالنسبة للاتراك ايضا يعد هذا توقيتا مريحا نسبيا. فقد تحقق الاعتذار قبل بداية جولة الانتخابات المحلية في الدولة (التي تعتبر نوعا من المؤشر على مدى قوة حزب السلطة). وفضلا عن ذلك، قبل أن تبدأ رسميا حملة انتخابات اردوغان للرئاسة. الانتخابات في 2014 ستكون المرة الاولى التي ينتخب فيها الرئيس التركي مباشرة. واردوغان، الذي يتوقع ان ينتخب باغلبية كبيرة، يأمل في أن يدخل الى الدستور تغييرات تجعل الرئاسة مؤسسة ‘ذات أسنان’، خلافا لمكانة الرئيس الرمزية حاليا. ولو لم تكن المرونة التركية كبيرة منذ الان فواضح أنه كلما تقدمت الحملة الانتخابية في هذه الدولة، فستكون القيادة التركية اكثر جمودا في موقفها.
ميزة واضحة في التوقيت الحالي هي أن الاعتذار عرض كأحد انجازات زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما: فليس فقط تحقق اختراق في العلاقات مع تركيا، بل انه يمكن أن يعزى هذا الانجاز الى اسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة ويحسن مدى الثقة بين نتنياهو واوباما. ومثل هذه الثقة ضرورية لغرض القرارات الصعبة المرتقبة في المسألة الايرانية. كما يمكن القول ان حقيقة ان الدفعة الاخيرة للاتفاق كانت من الرئيس الامريكي نفسه، ساعدت نتنياهو في المراحل النهائية من تنفيذ القرار.
اضافة الى ذلك، فان الوضع المتدهور في سوريا والذي لا يتوقع أن يحل حتى لو سقط الرئيس السوري بشار الاسد (بالعكس أغلب الظن الوضع سيتدهور أكثر فأكثر)، يستدعي التعاون، وليس فقط في المجال الاستخباري، بين اسرائيل وتركيا.
محقون اولئك الذين يدعون بان تدهور العلاقات بين اسرائيل وتركيا لم يبدأ مع قضية مرمرة، وانه من المتوقع لاحقا أزمات اخرى، ولا سيما اذا ما طرأ تدهور مع الفلسطينيين. ومع ذلك، فان حدث مرمرة كان شاذا وأدى الى رد فعل عاطفي شديد لدى الجمهور التركي والجمهور الاسرائيلي. وحتى لو كان في رئاسة الحكومة التركية شخص مختلف عن اردوغان، فانه من أجل اعادة بناء العلاقات مع تركيا كان الاعتذار الاسرائيلي ضروريا.
كما ان هذه ليست هي المرة الاولى التي تعتذر فيها اسرائيل لدولة اخرى. فقد سبق أن اعتذرت اسرائيل لنيوزيلندا في 2005 على استخدام عملاء الموساد لجوازات سفر مزيفة. وفي العام 2011 اعتذرت لمصر على قتل رجال الامن المصريين في اثناء مطاردة لخلية مخربين تسللت من سيناء.
رجال قانون اسرائيليون من المرتبة الاولى راجعوا صيغة الاعتذار للتأكد من أنها لا تخلق سابقة خطيرة لاسرائيل في أعمالها في المستقبل. مهم ايضا التشديد بانه يوجد اجماع جارف في اسرائيل على ان الوضعية التي كان فيها مقاتلو الوحدة البحرية صعبة حتى متعذرة، وانه حتى عندما تبحث الاخطاء العملياتية، فانه يجب التأكيد والقول ان الانتقاد هو عمليا على بعض جوانب السيطرة نفسها، وليس على اداء المقاتلين نفسه.
رئيس قيادة الامن القومي، يعقوب عميدرور، الذي كان ممن دفعوا نحو تحقيق الاتفاق مع تركيا، عبر عن مشاعره في حديث مع من تفاوض معه في الجانب التركي فقال: ‘القضية هي مثل وليد ولد وينتظر كيف سيعتني به أبوه وأمه’. ينبغي الامل في أن تكون للطرفين الحكمة للمضي في الخطوات الحالية الى اتجاه ايجابي من اعادة بناء العلاقات وعدم التركيز على نقاط الخلاف التي لا تزال قائمة بين الدولتين.
ذي بوست 11/4/2013