تتجلى الملامح الإيجابية للدورة 55 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، الذي تبدأ فعالياته في 25 يناير/كانون الثاني الجاري وتستمر حتى السادس من فبراير/شباط المُقبل في مجموعة من النقاط الجوهرية التي تُبشر بقدوم دورة جديدة ومُختلفة، تأتي على رأسها مشاركة الأزهر الشريف بجناح كبير ومهم، يحتوي على العديد من الكُتب القيمة في علم التفسير والحديث والفقه والسيرة النبوية وغيرها.
كما تُصدر هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف كتاب «أثر القرآن في تحرير الفكر البشري» للفقيه الإسلامي عبد العزيز جاويش مُترجماً إلى 9 لغات أجنبية للرد على الأسئلة التي يطرحها الغرب في ما يتصل بالقضايا الأساسية للإسلام والمسائل الدينية والسياسية والمُجتمعية، التي قد تكون مُلتبسة على البعض في محاولة لتقديم النماذج التحليلية الدقيقة للقضايا المهمة في كل تفريعاتها للإيضاح والتفسير وتقديم الأدلة القاطعة على الفكر التنويري للإسلام، بما يدفع عنه الاتهام بالانغلاق، ويؤكد صلاحيته لكل العصور والأزمنة.
ويحرص المعرض في دورته المقبلة على أن تشمل فعالياته الأساسية بعض الندوات والأمسيات لمناقشة صحيح الدين، من خلال محاور معينة يطلع العلماء المُتخصصون بتحديدها، وفق البرنامج الثقافي والديني المُتضمن والمُدرج في جدول الندوات واللقاءات المفتوحة بين العلماء والجمهور، على خلفية مدروسة تستهدف الشرح والتدقيق للوصول إلى نتائج إيجابية ومهمة.
على صعيد الترتيب والتنسيق تسعى الهيئة العامة للكتاب إلى تحقيق مُتغيرات شكلية وجوهرية في الرسالة التثقيفية التي يتبناها المعرض وتُشرف عليها وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني، حيث تبدأ أولويات التغيير والتنشيط بتخفيض ثمن تذكرة الدخول وتثبيتها عند خمسة جنيهات فقط لا غير ليتمكن جميع الرواد من محبي القراءة والاطلاع من متابعة جميع الفعاليات والأنشطة، بما فيها الأنشطة الإبداعية للمسرح والسينما والفنون الشعبية وغيرها من ألوان الفرجة والمُتعة.
وفي محاولة لتسهيل عملية الدخول ومنع التكدس الجماهيري والتزاحم على منافذ التذاكر، تم الاتفاق بشكل مبدئي على تخصيص منصات إلكترونية لحجز التذاكر وهي خاصية بدأت بالفعل منذ العام الماضي، وساهمت بشكل واضح في القضاء على ظاهرة الطوابير أمام بوابات الدخول الرئيسية، غير أن هناك تنسيقا بين شركات الاتصال لاستقبال الرسائل الإلكترونية من الجمهور عبر الإيميل والواتساب لتخفيف العبء من ناحية وزيادة نسبة الزوار من ناحية أخرى. وفي ما يخص أبرز العناوين الروائية الجديدة المُشاركة في الدورة المقبلة للمعرض هناك عدة عناوين لافتة من بينها، رواية «السُلطان» للكاتب أسامة الشاذلي الصادرة عن دار إبداع للنشر والتوزيع، التي تدور أحداثها في زمنين مختلفتين، الزمن الأول في القرن الثامن الميلادي والزمن الثاني في القرن العشرين، ففي الأول يُشير الكاتب إلى الفتح الأندلسي ومعركة بلاط الشهداء وتأثر أبناء القبائل الأمازيغية بها وإدراكهم لأهمية العودة لبلادهم وأوطانهم لبناء أمجادها من جديد.
كما تسلط الرواية الضوء على الثقافة الأمازيغية وخصوصيتها وتحولاتها قبل الفتح الإسلامي وبعده، ومن خلال السياق الروائي الذي وضعه الكاتب يتم إبراز أهم القضايا المُعاصرة التي عانت منها الشعوب العربية خاصة، والشرقية بصفة عامة في القرن العشرين من خلال دمج الأحداث وعمل الإسقاطات السياسية المناسبة للإطار الروائي وفق رؤية الكاتب ووجهة نظرة.
وتُعد رواية «السُلطان» الأبرز من بين مؤلفات أسامة الشاذلي التي صدرت قبل ذلك وهي مجموعة قصصية بعنوان «نديم العدم» ورواية «قهوة الحرية» ورواية «الأحلام» بالإضافة إلى رواية «كفر العبيط» الصادرة عام 2013 ورواية «سيرة عباد الشمس» الصادرة عام 2014 وروايتي «نوستالجيا» 2015 و«نورمادي» 2021.
كذلك تتضمن قائمة الإصدارات الجديدة رواية «سجن اختياري» للكاتبة الفلسطينية نرمين عشرة، وهي رواية تعتمد على التحليل النفسي لبعض الظواهر والحالات الاجتماعية والإنسانية، فهي تناقش الآثار النفسية السلبية لما يُسمى بالوصمة التي تُلصق بشخص ما وتظل مقرونة به، أو مقرونا بها إلى أن تنتهي حياته أو يستمر مسجوناً داخلها لأجل غير مسمى.
في داخل الإطار النفسي التحليلي تحاول الكاتبة الوقوف على بعض الأزمات والصراعات التي يُعاني منها بعض الناس جراء الحروب الدائرة في داخلهم بين الجسد والروح والعقل، على حد وصفها وتعبيرها.
وتعد هذه الرواية الثانية من النوع نفسه للكاتبة التي سبق أن صدرت لها رواية عن التخاطر وقوة العقل الباطن تحت عنوان «أحببتك قبل أن أراك». وقد صدرت حديثاً للكاتب خالد إسماعيل رواية «حكايات عائلية» التي يعدها امتداداً لمشروعه الإبداعي القائم على الثقافة الشعبية، حيث يسرد من خلالها تفاصيل الحياة الواقعية في صعيد مصر وبالتحديد في نجع المعداني مسرح أحداث الرواية وموطن أبطالها، ولخالد إسماعيل مجموعة كبيرة من الأعمال الإبداعية المهمة وجميعها مُتصل بالواقع الجنوبي وما يحدث فيه فهو أحد أبرع كُتاب جيله وأميزهم في تصوير المُجتمع الصعيدي القروي، فمن بين أعماله المُتميزة رواية «كحل حجر» و«عُقد الحزون» و«العباية السوداء» و«ورطة الأفندي» و«أوراق الجارح» و«26 أبريل» و«زهرة البستان» و«أفندم أنا موجود» و«أرض النبي» و«قهوة الصحافة» و«عرق الصبا» و«غرب النيل» والمجموعة القصصية «درب النصارى».
وتحفل الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بأعمال إبداعية أخرى تتصدر المشهد الثقافي وتتنافس في ما بينها على المراكز المتقدمة في الماراثون السنوي الكبير عبر مشاركة 1200 ناشر من 70 دولة، فضلاً عن اختيارها لدولة النرويج ضيف شرف وترحيبها بالأميرة ميتة ماريت قرينة ولي العهد النرويجي.