عمان-تل أبيب: وهم العودة للماضي و«ذرائعية برلمانية» في تبرير تجميد مراجعة اتفاقيات السلام

بسام البدارين
حجم الخط
0

يحاجج بعض المعنيين باللجنة القانونية في مجلس النواب بأن مصالح الأردن تتطلب التأمل والانتظار والتريث قبل نفض الغبار عن نحو 13 اتفاقية تطبيعية مع الإسرائيليين.

عمان ـ «القدس العربي»: الحديث وسط بعض أعضاء البرلمان الأردني عن تعقيدات طالت ملف مراجعة اتفاقيات السلام والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي وعن غرامات أو مخاسر يمكن ان تعود على مصالح البلاد إذا ما اكتملت تلك المراجعة ليس أكثر من حديث ذرائعي سياسيا بامتياز لعدة أسباب.

أهم تلك الأسباب ان الحديث عن عدم وجود مكاسب حقيقية لا بل حصول تعقيدات اقتصادية في حال مراجعة الاتفاقيات التطبيعية يسقط من سياقه التحليلي مسألتين في غاية الأهمية.
الأولى هي تلك التي تحاول استنساخ تراثيات الماضي في العلاقة مع إسرائيل وتفترض بان حالة التشدد اليمينية التي ورطت إسرائيل فيها جميع الأطراف في المنطقة والإقليم لا بل في العالم يمكن ان تطوى صفحتها ويمكن ان تتراجع.
والثانية هي تلك التي تفترض ان تعقيدات العدوان الإسرائيلي يمكن ان تتلاشى بسرعة أو في غضون أيام أو حتى بمجرد وقف العدوان بدلالة أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أبلغ «القدس العربي» الأسبوع الماضي بان وقف العدوان الآن ملح جدا وفورا لكن ضمانات عدم تكراره مستقبلا هي أيضا أساسية.
الصفدي أعاد التأكيد على «عملية منهجية شمولية ومفصلة» تبدأ بوقف العدوان ولا تنتهي به مشيرا إلى ان بلاده تتحرك في الفضاء الدولي على أساس هذه القناعة.
وعليه يمكن العودة للنقاشات بنسختها المحلية وتحديدا تلك التي تتعلق برغبة الكثير من القوى المحلية بالتوقف في لحظة تأمل وطني لتفحص علاقات المستقبل مع الإسرائيليين ليس في ظل «أطماعهم» فقط ولكن أيضا في ظل ايقاعات التحديات التي فرضوها على الإقليم عموما.
لذلك أساسا تقررت عملية مراجعة الاتفاقيات بمعنى الإشارة إلى صعوبات ومشكلات مراجعة الاتفاقيات التطبيعية في الجزئية الأردنية قد يكون الهدف الأبعد لها هو التفكير البيروقراطي الرغائبي الذي يسعى لتخصيص مساحة للأمل في الاستدراك الإسرائيلي بمعنى وقف العدوان وغياب الحكومة اليمينية الصقورية المتشددة الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو ما يعيد الأمور إلى نصابها.
يصر سياسيون وطنيون أردنيون ومراقبون كثر على ان عودة الأمور إلى نصابها القديم في محور عمان- تل أبيب أقرب إلى وهم والاستناد إلى ذلك في المماطلة بملف مراجعة اتفاقيات التطبيع وهم مركب على حد تعبير الناشط السياسي والحقوقي البارز عاصم العمري الذي يقترح على كبار المسؤولين في الدولة الأردنية مجددا وعبر «القدس العربي» التوقف التام عن محاولة قراءة الاتجاهات الإسرائيلية برمتها بصرف النظر عن يسارها أو يمينها خارج سياق المصالح العميقة المباشرة للمشروع الوطني الأردني.
وما يقترحه العمري وآخرون هو ان المشروع الوطني الأردني بكل تعبيراته ومقتضيات الولاء والانتماء في الحالة الأردنية يتطلبان وبوضوح ليس فقط إنكار المخاطر والمقصود هنا مخاطر التكيف مع إسرائيل فقط ولكن التوقف عن محاولة تزويق الوجه القبيح للكيان الإسرائيلي والإدراك المسبق والعميق بأن المشروع الإسرائيلي بمعناه الصهيوني متناقض تماما مع المشروع الأردني في كل تعبيراته الوطنية والرسمية وتلك المتعلقة بالولاء الحقيقي للتجربة الأردنية بكل تفاصيلها.
وهنا مداخلة قد تحمل الكثير من الدلالات والمعاني لكن بصفة عامة يلاحظ الجميع مستوى التسويف والمماطلة في تنفيذ لجان برلمانية لقرار اتخذه مجلس النواب وبالاجماع ينص على مراجعة تلك الاتفاقيات.
شهد عضوان في المجلس أمام «القدس العربي» بأن المجلس ليس بصورة أي توصية بخصوص مراجعة العلاقات مع إسرائيل.
وفي الوقت الذي يحاجج فيه بعض المعنيين باللجنة القانونية في مجلس النواب بأن مصالح الأردن قد تتطلب التأمل الشديد والانتظار والتريث قبل نفض الغبار عن ملفات نحو 13 اتفاقية تطبيعية مع الإسرائيليين، في هذا الوقت نفسه يرى مراقبون كثر من بينهم العمري وغيره بان الامتناع عن إعادة تحجيم سلوكيات التطبيع وحصر العلاقات أكثر مع اليمين الإسرائيلي هو الذي قد يلحق ضررا بمصالح الدولة العليا خلافا لأنه يعاكس ليس فقط تطلعات الشعب الأردني ولكن مضمون قرار مجلس النواب نفسه.
ويعمل في الاتجاه المعاكس بالتأكيد للثوابت المرجعية الأردنية بخصوص القضية الفلسطينية مع التذكير بان مصلحة الأردن اليوم تتمثل في ترك الوهم في قراءة الزوايا الإسرائيلية وإعادة تدوير الزوايا أردنيا بعيدا عن الأوهام وفي ضوء الحقائق والوقائع.
وأهم تلك الحقائق والوقائع عبر عنها القطب البرلماني الخبير خليل عطية عندما قال لـ«القدس العربي» إن الوقائع الحقيقية تشير بوضوح أن الكيانات العميقة في دولة الاحتلال تحولت إلى مخلب في ذراع اليمين الإسرائيلي وهي التي تسحق بقايا عملية السلام كما تسحق بطريقها مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية وتعاكس بسلوكها الإجرامي الهمجي الوحشي سواء في قطاع غزة أو في مخيمات ومدن الضفة الغربية كل مضامين العمل الأردني المستقر الذي يؤمن بالسلام.
وكان رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة قد أكد إيمان بلاده خلال مشاركته في منتدى دافوس الأربعاء بعملية السلام.
لكن الكثير من الأسئلة مطروحة الآن بعنوان: أين هي تلك العملية؟ كيف نصل إليها؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية