مدريد – «القدس العربي» اعتقلت الشرطة المالية الإسبانية المدير السابق لصندوق النقد الدولي رودريغو راتو بتهم متعددة مرتبطة بتبييض الأموال والاختلاس الضريبي والاغتناء غير المشروع، ويشكل الاعتقال فضيحة سياسية كبرى بحكم أن هذا المسؤول كان من أبرز المنادين بمحاربة تبييض الأموال في العالم ويرتكب في آخر المطاف جرائم نادى بمحاربتها.
وتعيش إسبانيا على إيقاع الفضائح المالية وارتباطاتها السياسية حيث شملت وزراء وأحزاب سياسية ومنها الحزب الشعبي الحاكم بتهمة التمويل غير المشروع وأعضاء من العائلة الملكية، مثل الأميرة كريستينا، بتهم الاختلاس ومسثمرين كبار، حيث توجد مئات الملفات من هذا النوع، لكن التحقيق مع رودريغو راتو يعتبر مختلفا للغاية بسبب مميزات هذا المسؤول والمناصب التي شغلها.
وجرت عملية الاعتقال لساعات مساء الخميس في العاصمة مدريد بعد سنة من التحقيق، وبعدما رصدت مصلحة الضرائب تناقضات في حسابات رودريغو راتو والممتلكات التي يتوفر عليها في الوقت الراهن، وكانت عملية الاعتقال لساعات لفسح المجال أمام تفتيش مكتبه والمنزل الذي يعيش فيه في العاصمة مدريد.
ويعتبر راتو من كبار السياسيين، حيث تولى منصب وزير الاقتصاد ونائب رئيس الحكومة في عهد اليميني المحافظ خوسي ماريا أثنار. وجرى تصنيفه من ضمن أبرز وزراء الاقتصاد في تاريخ إسبانيا، الأمر الذي جعله يصل إلى إدارة صندوق النقد الدولي خلال النصف الثاني من العقد السابق قبل أن يقدم استقالته لأسباب شخصية.
وخلال منصبه الوزاري (1996- 2004) شن هجمة على التملص الضريبي، وهي السياسة التي نهجها في صندوق النقد الدولي ما بين 2004 – 2007 حيث اتهم عددا من الدول بتبييض الأموال وتشجيع التملص الضريبي، وطالب بسياسة دولية لمواجهة المناطق الحرة اقتصاديا مثل جزر الكايمان.
لكن المسؤول الذي رفع شعارات من هذا النوع سيسقط أخيرا، وكانت البداية مع اختلاسات مبهمة في بنك «بانيكا» الذي تكبد خسائر تقدر بالمليارات من اليورو لأنه قام بتزوير الحسابات، عندما التحق هذا البنك ببورصة مدريد. وفرض القضاء السنة الماضية على رودريغو راتو وثلاثة من مساعديه في البنك ضمانة مالية تقدر بـ800 مليون يورو، وقد تكون أكبر ضمانة في التاريخ جرى فرضها على الأشخاص. وتبين هذا الأسبوع أنه استفاد من العفو الضريبي الخاص بالذين لهم حسابات سرية في بنوك خارج إسبانيا.
ويعتبر راتو وجه إسبانيا في الخارج بحكم توليه منصب مدير صندوق النقد الدولي لثلاث سنوات، وبالتالي فاعتقاله يشكل ضربة موجعة لصورة إسبانيا في العالم، كما يشكل ضربة قوية لصندوق النقد الدولي بحكم الطابع الإجرامي للمدير السابق، كما أن المدير اللاحق له وهو الفرنسي ستراوس كان اعتقل بالتحرش الجنسي، ويتابع القضاء الفرنسي المديرة الحالية كريستين لاغارد بتهمة الإهمال المالي عندما كانت وزيرة للاقتصاد في بلدها منذ سنوات.
حسين مجدوبي