دمشق– «القدس العربي» : يضع النظام السوري مدينة أريحا في ريف إدلب شمال غربي سوريا في مرمى نيران قواته التي تستهدف المدينة بشكل متقطع، بالقذائف الصاروخية والمدفعية، وتوقع المدنيين بين قتلى وجرحى، وكان آخر هذه الهجمات، يوم الإثنين، حيث أصيب 6 مدنيين بينهم نساء وأطفال من عائلة واحدة بقصف صاروخي استهدف الأحياء السكنية في ريف إدلب الجنوبي، يجري ذلك بينما حذر حزب سياسي سوري مقره باريس، من توافق دولي على إنشاء حكومات فيدرالية بمناطق سيطرة النظام.
ونبّه الحزب السوري الديمقراطي الاجتماعي السوري والذي يتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقراً له، في بيان وجهه إلى الرأي العام، مساء الأحد، من مغبة تنفيذ «مشروع سياسي وعسكري» يجري تنفيذه «قد يكون الخط الرئيسي لمنحى الأحداث فيما يخص المسألة السورية» خلال العام الجاري.
ونقل الحزب السوري معلومات عن مصادر لم يسمها، حول مشروع وافقت عليه كل من روسيا ودول عربية و»إسرائيل» وتركيا على إقامة حكومات محلية في مناطق سيطرة النظام على أن تتبعها لاحقاً المناطق الأخرى وتشكل فيها حكومات محلية أو أقاليم حكم ذاتي.
وتتألف الحكومات المحلية «من قوى وشخصيات كانت مرتبطة بالنظام وأخرى معارضة، كما تضم رجال دين ووجهاء عشائريين ومثقفين وأعضاء في الجيش الحر، وتتبع لهذه الحكومات قوى أمنية وعسكرية مؤلفة من أبناء كل منطقة وتضم عناصر تابعة للنظام وأخرى من الجيش الحر تحت إشراف روسيا، وبتمويل عربي».
حول الأهداف الاستراتيجية للمشروع، قال المصدر إنه يهدف إلى إخراج الميليشيات الإيرانية، حيث تتولى حكومة كل منطقة مهمة إجبارها على الانسحاب بدعم وإسناد من القوى المتوافقة حول المشروع. كما يهدف إلى تقويض نظام الأسد بشكل تدريجي عبر تهميش مؤسساته وأجهزته الأمنية وحصر نفوذه في دمشق ومحيطها وصولاً إلى إزالته في نهاية العملية، وانفراد روسيا بالهيمنة المطلقة على الأراضي السورية والحصول بشكل ضمني على دور الدولة الوصية أو المنتدبة على البلاد، وإدارتها وفق نموذج الدول التابعة للاتحاد الروسي.
حزب معارض يحذر من مشروع يقضي بإنشاء حكومات فيدرالية في مناطق سيطرة النظام بتوافق دولي
وأكد المصدر بأنه قد بدأ بالفعل إنشاء «نواة الحكم المحلي في مناطق مختلفة تشمل درعا والقنيطرة والسويداء وأجزاء من حمص بالإضافة لدير الزور والرقة والساحل السوري وأجزاء من حماة كما جرى تشكيل قوى عسكرية تابعة لها تحت مسميات مختلفة».
ميدانياً، قالت ندى الراشد، عضو مجلس إدارة الخوذ البيضاء، في تصريح لـ «القدس العربي»، إن 6 مدنيين أصيبوا الإثنين، بقصف صاروخي لقوات النظام السوري استهدف منازل المدنيين وتجمعات سكنية بالقرب من مسجد ومدرسة ومخبز آلي والسوق الرئيسي في مدينة أريحا، وأدى إلى إصابة امرأة وطفلتيها وطفلين آخرين ورجل.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات النظام قصفت بقذائف المدفعية الثقيلة محيط قرية الفطيرة بمنطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، كما قصفت بلدة تفتناز ومحيط بلدة طعوم بريف إدلب الشرقي، وطال القصف المدفعي أيضاً قرى كفرتعال والوساطة والقصر بريف حلب الغربي، ضمن منطقة خفض التصعيد.
ويشهد محور ريف إدلب الجنوبي اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وفصائل عسكرية مسلحة على محور بلدة جرادة – الرويحة.
منظمة الخوذ البيضاء قالت في بيانها الأخير إن قوات النظام تشن هجمات ممنهجة على ريف إدلب الجنوبي، رغم تفاقم معاناة المدنيين في فصل الشتاء والعواصف المطرية التي ألحقت أضراراً في المدن والبلدات والمخيمات، إلا أن القوات المهاجمة التي تضم قوات النظام وروسيا والميليشيات الإيرانية تشن «هجمات إرهابية لتزيد من الخناق الذي يعيشه السوريون على أعتاب السنة الرابعة عشرة من الحرب».
ويوم الثلاثاء الفائت، قتل مدني وأصيب 8 آخرون بينهم أطفال ونساء، نتيجة قصف صاروخي لقوات النظام، استهدف الأحياء السكنية وبالقرب من مساجد ومرفق طبي وشارع البازار في مدينة أريحا جنوبي إدلب، حيث أسعفت الفرق بعض المصابين إلى المشافي وتفقدت الأماكن التي طالها القصف.
وشهد الأسبوع الفائت قصفاً مكثفاً لقوات النظام بالمدفعية الثقيلة على مدينة أريحا، كما استهدف قصف مماثل مدرسة قرية ابلين الشرقية للتعليم الأساسي، في ريف إدلب الجنوبي، حيث سقطت قذيفة مدفعية على سور المدرسة بعد انتهاء الدوام الرسمي، دون وقوع إصابات، فضلاً عن قصف استهدف الأراضي الزراعية بين بلدتي بليون وكنصفرة، في الريف نفسه.
ومنذ بداية العام الحالي 2024 استجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 52 هجوماً على شمال غربي سوريا، بينها 3 هجمات بصواريخ محملة بذخائر فرعية حارقة، استهدفت الهجمات 3 أسواق شعبية ومدرستين ومسجدين، ومنازل المدنيين، وأدت لمقتل 7 مدنيين بينهم طفل وامرأة، وإصابة 18 آخرين بينهم 9 أطفال، بالإضافة لهجوم بصواريخ بعيدة المدى استهدف مركزاً طبياً متوقف عن العمل في قرية تلتيتا في ريف إدلب الشمالي الغربي وأدى لإصابة شخصين بجروح طفيفة ودمارٍ كبير في المركز الصحي.
ويعاني المدنيون ظروفاً قاسية مع حلول فصل الشتاء وتعاقب المنخفضات الجوية على شمال غربي سوريا التي حملت معها عواصف مطرية شَكلت سيولاً اجتاحت خيام المهجرين وتسربت إلى مئات المنازل السكنية وعددٍ من المرافق الخدمية والعامة، لتزيد هذه الظروف الجوية القاسية من معاناة المدنيين التي تركتها الحرب وحملات القصف ندبةً في حياة المدنيين شمال غربي سوريا، أضعفت فيها البنية التحتية وحاربت فيها مقومات الحياة لتجعل السوريين ضحية حرب النظام وكوارث الطبيعة.
وفي المقابل، قالت وسائل إعلام موالية للنظام السوري، مساء الأحد، إن مجموعة مسلحة حاولت التسلل باتجاه أحد مواقع قوات النظام جنوبي إدلب، واندلعت اشتباكات عنيفة تخللتها هجمات مدفعية وصاروخية في المنطقة.
وتسببت المواجهات وفق المصدر «بمقتل 6 مسلحين من جنسيات أجنبية، بالإضافة إلى إصابة آخرين، كما سجل هجمات مدفعية وصاروخية مكثفة باتجاه مواقع للفصائل المسلحة، تركزت على محاور محيط مدينة أريحا وسرجة والبارة وكنصفرة».