هآرتس.. لـ “أعضاء الكابينت”: أين يتمتع أبناؤكم في حين تزجون بأبنائنا في “المكان الأكثر تحصيناً في العالم”؟ 

حجم الخط
0

عاد يئير نتنياهو في هذا الأسبوع إلى المجمع السكني الفاخر “ذي سليت”، الذي يقضي فيه وقته في ميامي بهدوء. لن يُقتل في خان يونس، في الوقت الذي يكرر فيه والده شعار “سنواصل الحرب حتى الانتصار الكامل”. هو يقصد أن أبناء الآخرين سيواصلون هذه الحرب.

 وابن يوآف غالانت أيضاً لم يعد من المكان الذي يعيش فيه في شيكاغو من أجل الانضمام لرجال الاحتياط في سلاح البحرية، في وقت يتفاخر فيه والده بقول “سحب الدخان التي تنبعث من الدبابات والمدافع وسلاح الجو ستغطي سماء غزة”. ويقصد أن أصدقاء ابنه سيحرقون المكان.

 أما ابن بتسلئيل سموتريتش فبلغ العشرين سنة، ولم ير أن التجند أمر واجب؛ فهو يتعلم في مدرسة دينية. في حين يعلن والده: “وقف الحرب خطوة خطيرة”. ويقصد أن يقوم بعمل ذلك شباب آخرون، مثلاً عائلة آيزنكوت. ليس هناك بالطبع واجب يفرض أن على أبناء كبار قادة المستوى السياسي المشاركة في الحرب التي تشعل الآباء. ولكن أليس من المناسب على الآباء أن يفرضوا على أنفسهم القليل من التواضع؟

 الخطاب الذي يسيطر على إسرائيل غير محتمل. لا توجد وقاحة أكثر من الحديث باسم الذين يسقطون في المعركة. لا أحد يعرف ما الذي أوصى به الذين سقطوا في المعركة. بالمناسبة، حتى لو كان من بينهم من ترك رغبات خطية أو شفوية بخصوص الحرب، فهذا لا يسري على مصير الجنود الآخرين. إعلاننا بشكل تلقائي بأننا ملزمون بمواصلة الحرب حتى النهاية وإلا “سيكون موت الجنود عبثاً”، هو منطق مشوش تماماً. والمعنى أنه سيكون بالإمكان تبرير الموت السابق بموت آخر، وهكذا دواليك.

 “الانتصار التام”، هذا هراء، شعار لحملة بائع فرشات، لا شيء كهذا. من الذي يقرر؟ وأصلاً، ليس أمام إسرائيل احتمالية للانتصار، سواء كان مطلقاً أو غير مطلق، بعد ضربة 7 أكتوبر، وبعدد عدد الجنود والمدنيين القتلى وقضية المخطوفين.

 وواصلت في “هآرتس” بين حين وآخر نشر مقالات مثيرة، حيث يتوجه الكاتب فيها بصورة شخصية إلى قلب نتنياهو. هذا مثير للشفقة. هناك فائدة أفضل في التحدث مع الحجارة. اللغة الوحيدة التي يفهمها هي القوة والضغط والتهديد.

 الأمر الذي يخرج الإنسان عن طوره هو كارثة فظيعة مثل كارثة الـ 21 جندياً جراء انهيار مبان فخخوها. ومساعدون مثل إسحق هرتسوغ وبني غانتس، ما زالوا يتساوقون مع الرواية والشعارات. إذ قال رئيس الدولة إن القتلى “طبق الفضة”. ما هذه الدولة التي تم تقديمها على هذا الطبق في هذا الأسبوع؟ دولة خانيونس؟ لماذا يقتل الجنود في هذه المرحلة في القطاع؟ ما هي أهداف القتال، ما الخطة وما الهدف؟ 

 كل عاقل كان يدرك ضرورة الحاجة لرد عسكري على غزو النقب الغربي، وجباية ثمن باهظ من حماس، والقول لمن يدعمها في القطاع وخارجه بأنه لا يمكن ذبح سكان إسرائيل بدون دفع عشرة أضعاف. ولكن القتال نفسه لا يعتبر قيمة مقدسة، وليس موت المزيد من الجنود والمخطوفين. دولة إسرائيل لم تقم على ثقافة الجهاد والشهداء. الوجود في منطقة حضرية محتلة يحول القوات إلى قوات ثقيلة وثابتة، وهدف سهل للقضم وحرب العصابات. لا كتاب في التاريخ العسكري إلا ويذكر هذا النموذج بشكل ممل، بما في ذلك حروب إسرائيل، والحصار في 1982 وحتى خانيونس 2024.    

 غزة كما يبدو هي الهدف الأكثر تحصيناً في تاريخ العالم. لم يعد لدينا ما نبحث عنه هناك. وإن فتحة أخرى مدمرة ومبنى آخر مفخخاً، لن يغيرا الصورة. لقد تم تدميرها بما فيه الكفاية، والرسالة أرسلت. علينا إخراج الجنود من هناك، وإعادة المخطوفين والاستعداد بقوة على الحدود، والسماح لقوات إقليمية ودولية بالانشغال فيها. الانتصار المطلق الوحيد الذي يمكن تمنيه هو عزل رئيس حكومة الفشل والدمار، وتقديمه لمحاكمة الناخب ومحاكمة التاريخ.

اوري مسغاف

هآرتس 25/1/2023



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية