الجزائر- “القدس العربي”:
قدّمت مصادر جزائرية روايتها حول أسباب إرجاء زيارة وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس إلى الجزائر قبل يوم من وصوله، محمّلة الجانب الإسباني أسباب التسرع في “إعلان زيارة لم تكتمل تحضيراتها”.
وذكرت جريدة “ليكبريسيون” الجزائرية في مقال لها حول الموضوع، نقلا عن مصادر “جدّ مطلعة”، أن زيارة وزير الخارجية الإسباني كانت قيد التحضير حتى مساء يوم الأحد الماضي، وأن وفدا من مدريد حضر للجزائر خصيصا لإكمال مسار التحضير لمجيء ألباريس. وأضافت المصادر، أنه بسبب عدم إنهاء التحضيرات، امتنعت الجزائر عن الإعلان الرسمي من جهتها عن الزيارة.
وتساءلت الصحيفة، إن كانت السلطات الإسبانية قد تعمدت الإعلان عن زيارة بهذه الأهمية الدبلوماسية الكبرى، لم تكتمل تحضيراتها. واعتبرت أنه دون التحضير الجيد للملفات التي ستناقش بين الجانبين، سيفقد مجيء ألباريس إلى الجزائر جدواه وستكون مجرد زيارة شكلية.
وكانت الجزائر مساء الأحد قد أرجأت استقبال وزير الخارجية الإسباني قبل 12 ساعة فقط من بدء الزيارة، والتي كان ينتظر منها أن تكون بداية التطبيع السياسي في العلاقات بين البلدين.
عبدالله بن زايد يستقبل وزير خارجية إسبانيا ويبحثان التطورات في المنطقة🇪🇸🇦🇪 pic.twitter.com/VN47fBJZFJ
— OFM (@OFMUAE) February 8, 2024
وفي الرواية الإسبانية لتأجيل الزيارة، كانت صحيفة “إلموندو” الإسبانية، قد ذكرت أن سلطات مدريد تلقّت رسالة من مصدر دبلوماسي جزائري على الساعة الثامنة مساء الأحد 11 شباط/ فبراير الجاري، أن زيارة ألباريس إلى الجزائر العاصمة قد تم إرجاؤها “بسبب مشاكل في الأجندة الزمنية” في البلد المضيف.
وأبرزت الصحيفة الإسبانية واسعة الانتشار، أن هذا يمثل هذا بلا شك انتكاسة للدبلوماسية الإسبانية، إذ أن الرحلة التي أعلن عنها يوم الخميس الماضي ببيان علني، كانت بمثابة عنوان للتطبيع التام للعلاقات بعد انقطاعها قبل أكثر من عامين. ورأت مصادر دبلوماسية حينها، حسب “إلموندو” أن هذه الرحلة ستمثل نجاحا دبلوماسيا ينهى الأزمة الكبيرة في العلاقات الدولية التي واجهها بيدرو سانشيز.
وكان بيان رسمي للخارجية الإسبانية، قد أكد أن ألباريس، سيقوم بزيارة إلى الجزائر يوم الاثنين 12 شباط/ فبراير بدعوة من نظيره الجزائري أحمد عطاف. لكن هذا الإعلان تم من طرف واحد، فالخارجية الجزائرية لم تصدر أي تصريح حول الموضوع.
ومنذ الإعلان عن هذه الزيارة من قبل الخارجية الإسبانية، بدا أنها، وفق مراقبين، تطور طبيعي لمسار تطبيع العلاقات بين البلدين والذي بدأ قبل نحو 3 أشهر، بتعيين الجزائر الدبلوماسي عبد الفتاح دغموم سفيرا لها في مدريد، واستعادة السفير الإسباني في الجزائر هامش المبادرة من خلال إجرائه لقاءات مع الفاعلين في الحقل الاقتصادي.
وساهم في تحسّن العلاقات، وفق قراءات، عدةُ عوامل بينها تقدير الجزائر لموقف بيدرو سانشيز المؤيد لإقامة دولة فلسطينية الذي أعرب عنه في سياق العدوان الإسرائيلي الأخير، كحل للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وحديثه من جديد عن دعم المسار السياسي لحل النزاع في الصحراء الغربية وفق مقررات الأمم المتحدة.
ومثّل يوم 19 آذار/ مارس 2022 تاريخ بداية الأزمة بين الجزائر وإسبانيا بعد إعلان الجزائر سحب سفيرها سعيد موسي من مدريد، ثم قرار الرئاسة الجزائرية، التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة مع المملكة الإسبانية سنة 2002، وهي قرارات جاءت بعد الكشف عن تبني الحكومة الإسبانية خطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، وهو ما تعارضه الجزائر التي تدافع عن حق الصحراويين الذين تستضيف جزءا منهم على أراضيها كلاجئين في تقرير المصير.
وكان الموقف الإسباني مفاجئا بالنسبة للجزائر، على اعتبار أن مدريد هي القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء الغربية، ولا تزال القوة المديرة للإقليم وفق السلطات الجزائرية. وذكرت الجزائر في مبرراتها في ذلك الوقت، أن ما فعلته إسبانيا “يعد انتهاكا لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية للسلطة المسؤولة عن الإقليم والتي تقع على كاهل مملكة إسبانيا حتى يتم إعلان إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية من قبل الأمم المتحدة”.
وتسارعت الأحداث عقب ذلك، بسبب تصريحات إسبانية اعتبرتها الجزائر مستفزة، كان من بينها ما قاله خوسي مانويل ألباريس وأعضاء في الحكومة حول وجود دور روسي في تأليب الجزائر ضد إسبانيا وهو ما اعتبرته الجزائر تصريحات غير مسؤولة. ودفع ذلك وكالة الأنباء الجزائرية إلى نشر برقية تهاجم فيها بشدة الوزير الإسباني، معتبرة أنه دبلوماسي لا يليق بهذا البلد المتوسطي الكبير وبشعبه العظيم الذي فرض دوما الاحترام، وفق قولها.