إسرائيل: القاهرة وواشنطن ليستا عائقين أمام دخولنا رفح

حجم الخط
0

أيال زيسر

لأول مرة منذ سنوات عديدة انطلقت إسرائيل إلى حرب بهدف الانتصار وهزيمة العدو، ليس ضربه فقط في محاولة لردعه وكسب هدوء مؤقت حتى الجولة التالية. لأول مرة أيضاً تقترب إسرائيل من تحقيق أهدافها بكاملها: إبادة قدرات حماس العسكرية وتقويض حكمها. ستبقى غزة تطرح علينا تحدي الإرهاب في شكل خلايا مخربين ومنفذي عمليات أفراد – الغزيون يرضعون كراهية إسرائيل من لحظة ولادتهم – لكن حماس، كقوة عسكرية وسلطوية منظمة، ستزول. في شمال القطاع وخان يونس، هزمت قوات حماس وتشتتت مخلفة وراءها فراغاً وفوضى، ولم يتبقَ لدى السنوار إلا مدينة رفح ومحيطها، معقله الأخير في القطاع، الذي بات على بؤرة الاستهداف. مع السيطرة على مجال رفح وعلى الجانب الغزي من الحدود مع مصر، أصبح القطاع كله عملياً تحت سيطرة أمنية إسرائيلية – حتى وإن كانت حماس، كأيديولوجيا حرب وقتل وكخلايا إرهاب، ستواصل وجودها وتتمتع بتأييد غزيين كثيرين.

كما هو متوقع، قبل لحظة من إيقاع إسرائيل الهزيمة بحماس، يصعد في أرجاء العالم، بما في ذلك أوساط أصدقائنا، صوت صرخة في دعوة لوقف الزخم الإسرائيلي قبل لحظة من النصر وللامتناع عن العمل في رفح، ما منح حماس حبل النجاة.

كان يمكن توفير معضلة رفح، بخاصة تجاه المصريين والأمريكيين لو بدأ الجيش الإسرائيلي حملته العسكرية بهجوم على جنوب القطاع، فسيطر على رفح وعلى الحدود – وفي واقع الأمر على مسار التهريب من مصر – ثم صعد شمالاً إلى باقي معاقل حماس في غزة. لكن عندما انطلقنا من الحرب، يبدو أن زعامة إسرائيل السياسية والعسكرية افترضت بأننا لا نملك سوى نافذة زمنية ضيقة قبل فرض وقف نار علينا، ولهذا سعت لضرب حماس بقوة في معاقلها في مدينة غزة. ويبدو أنها لم تصدق إعلاناتها بأننا سنسير حتى النهاية هذه المرة.

غير أن إسرائيل حظيت بساعة رحمة، ومنحها أصدقاؤها في العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة، حرية عمل كاملة، ويمنعون أي محاولة لفرض وقف نار عليها قبل الأوان، وهكذا حان دور رفح أيضاً.

العملية القريبة للجيش الإسرائيلي للقضاء على حماس تبعث صرخات نجدة، يأتي بعضها ممن يرفضون حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد أعدائها، وعلى أي حال يعارضون أي خطوة لنا في غزة، حتى وإن كانت محدودة. لكن المهم هو المخاوف التي تعبر عنها القاهرة وواشنطن، مخاوف قد تتبدد بحوار بناء مع مصر والولايات المتحدة.

مصر لا تهمها حماس. بل العكس هو الصحيح؛ فمن اللحظة التي سيطرت فيها منظمة الإرهاب على القطاع، ناشدت إسرائيل عبثاً أن تبدي نحوها يداً من حديد. أما حماس، وشقيقتها، الإخوان المسلمين في مصر، فتشكل تهديداً للقاهرة، لذا لا مجال للافتراض بأنها ستذرف دمعة إذا ما قوضنا حكمها في غزة. لكن السلطات المصرية لا تريد لاجئين فلسطينيين على أراضيها، وتسعى للتأكد من ألا تؤدي عملية إسرائيلية في رفح إلى فرار غزيين إلى أراضيهم.

تسعى إدارة بايدن لتبدو منصتة لمعاناة السكان المدنيين في القطاع في نظر مؤيديها من الجانب اليساري من الخريطة السياسية في الولايات المتحدة، ولهذا تريد أن تتأكد من ألا تؤدي العملية الإسرائيلية إلى حجم واسع من المصابين، ما سيشجع انتقاداً من البيت الداخلي وفي وسائل الإعلام الأمريكية.

هذه مسائل يمكن حلها بسهولة، كما أسلفنا. لكن يخيل أن المشكلة ليست في مصر ولا الولايات المتحدة، بل عندنا. نأمل بألا يذعر أحد من العملية المرتقبة في رفح، التي معناها النصر وتحقيق أهداف الحرب. العملية ستلزم إسرائيل بالتصدي لمسألة اليوم التالي وللقرارات القاسية الناشئة عنها، قرارات تمتنع عن اتخاذها حالياً.

لا مجال للخوف من عملية في رفح، وهموم واشنطن والقاهرة يمكن معالجتها. المهم ألا نتوقف قبل خمس دقائق من الساعة 12:00.

 إسرائيل اليوم 18/2/2024

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية