الرباط- “القدس العربي”:
وجد “الكسكسي” المغربي نفسه في قلب حرب تشنها صفحات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمتد من الافتراض إلى الواقع، ضد كل المنتجات التي يشتم منها رائحة إسرائيل.
حملة المقاطعة استهدفت هذه المرة شركات مغربية لها علاقة حسب ما ورد في تدوينات نشرت على صفحات مثل (بي دي إس) والتي تعني اختصارا “المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات”، ونالت شركة متخصصة في صناعة الكسكسي والمعجنات نصيبها منها، بعدما تم اكتشاف اتفاق أبرمته مع “شركة صهيونية” لتصدير منتجاتها.
الشركة الشهيرة التي باتت تتمدد في السوق المغربية، باتت هدفا جديدا لحملة المقاطعة، والتي حتما ستكون لها جوانب سلبية على مسارها التجاري لترويج منتجاتها، كما حدث لشركات أجنبية كانت هدفا للحملة ذاتها، مثل سلسلة مطاعم “ماكدونالدز المغرب” التي يتهمها المغاربة بدعم إسرائيل.
ورغم أن “ماكدونالدز المغرب” نشر مقطع فيديو يوضح للمغاربة أنه لا يجب أن يُقاطع لأنه شركة مغربية تستأجر الاسم فقط، وهو غير مسؤول على سلوك الفروع الأخرى في العالم، ووجّه رسالة إلى المغاربة يقول فيها إنه مثلهم “متضامن مع إخوتنا في غزة”، وأنه “شركة مغربية مئة في المئة فقط نكتري الاسم”، إلا أن حملة المقاطعة تواصلت. ويرى العابر العادي حجم النقص الشديد في الزبائن الذي تعانيه سلسلة مطاعمها.
ويبدو أن سهام الحملة توجهت نحو شركة (أكسا) الفرنسية التي لها فروع في عدد من المدن المغربية، قيل إنها “متواطئة في دعم منظومة الاحتلال وتتربح من سياسات التهجير والإبادة”، وبالصور، نشرت صفحة “بي دي إس” معلومات حول تورط هذه المؤسسة المتخصصة في التأمين.
وذكرت التدوينة أنه في عام 2015، و”رغم الضغط الكبير من حركة (BDS)، تستمر شركة (أكسا) بالتورط في منظومة الاحتلال”، وأوردت محطات من ذلك، من بينها عريضة ضمت 140 ألف توقيع تطالب الشركة بسحب استثماراتها من إسرائيل، وكان ذلك في سنة 2018، بينما في 2020 “ضاعفت الشركة استثماراتها بثلاث مرات في أربعة بنوك إسرائيلية متواطئة في دعم الاستيطان غير الشرعي”، كما أنها رفعت حصة أسهمها في البنوك الإسرائيلية، لتكون بذلك من أعلى المستثمرين في منظومة الاحتلال.
من الكسكسي إلى التمور، وعلى مشارف شهر رمضان المبارك، انتشرت تدوينات عدة لمغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي، تحذر من وصول تمور إسرائيلية إلى السوق المغربية.
ولم يدخر المدونون جهدا في ذكر أسمائها بالصور أيضا، وليس فقط الكلمات، حيث قال مدون: “لقد وصلت التمور الإسرائيلية إلى الأسواق بهذه الأسماء، لذا قاطع هذه التمور من هذه العلامات التجارية تماما”.
وخاتمة التدوينة المعززة بالصورة الجامعة لمختلف أنواع التمور الإسرائيلية، هي توجيه رجاء للجميع بـ”تمرير هذه الرسالة إلى أصدقائك وعائلتك”.
بالنسبة لعموم المغاربة في الشارع، فإن أول علامة تظهر على وجوههم بعد طرح سؤال التمور الإسرائيلية، هي الامتعاض، ثم الاستغراب وتليها (لا) كبيرة لا لبس ولا جدال فيها، ومنهم من يقول: “حتى لو بقيت تلك التمور وحدها لن أتناولها”، وآخر يسأل: “وهل يجوز الإفطار على تمور إسرائيلية؟”.
بالنسبة لحركة (BDS) فإن حملتها ضد التمور الإسرائيلية ليست وليدة الحرب الوحشية على غزة، بل هي قناعة بدعم الشعب الفلسطيني والانتصار لقضيته العادلة، وكانت قد نشرت في عام 2016، تدوينة على صفحتها في فيسبوك، تفيد بأن المزارعين الفلسطينيين يطالبون بمقاطعة التمور الإسرائيلية، “ويحيّون حملة المقاطعة في المغرب الشقيق”.
وأضافت نقلا عن المزارعين الفلسطينيين، أنه “بينما يزداد الطلب على التمور خلال شهر رمضان المبارك، تواردت الأخبار عن بيع التمور الإسرائيلية في بعض الأسواق العربية، وبالذات في المغرب الشقيق”.
وتابعت: “نناشد التجار والمواطنين وكافة أصحاب الضمائر الحية بمقاطعة كل البضائع الإسرائيلية والتمور بشكل خاص، حيث إن مبيعات هذه التمور تعود إلى خزينة دولة الاحتلال الإسرائيلي وتغذي اقتصادها، وأغلبها منتج في المستعمرات الإسرائيلية المقامة على الأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة منطقة الأغوار الخصبة والمنهوبة”.
وتضيف (BDS) نقلا عن المزارعين في فلسطين، “إن شراء المنتجات الزراعية الإسرائيلية، ومنها التمور، يدعم دولة الاحتلال ويساهم في تعزيز الاستعمار- الاستيطاني الصهيوني لفلسطين المحتلة والتدمير الممنهج لقطاعي الزراعة والاقتصاد الفلسطينيين، ويضر بشكل مباشر بالمزارع الفلسطيني”، كما أن “الشركات الكبرى المصدرة للمنتجات الزراعية الإسرائيلية، ومنها التمور، تشكل دعائم لنظام الاستعمار والاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي. وهي تسوّق منتجات زراعية تنمو في مزارع المستعمرات الإسرائيلية مما يشكل انتهاكا للقانون الدولي، وهذا يحتم على دول العالم مقاطعة هذه الشركات ومنتجاتها”.
وحسب التدوينة، تظهر الأرقام أنه “منذ سنوات، فإن أكثر من 60% من التمور المباعة في السوق الإسرائيلية هي من المستعمرات المقامة في الأرض الفلسطينية المحتلة. كما تسيطر إسرائيل على تجارة تمور “المجهول” عالمياً، والتي يأتي أكثر من نصفها من المستعمرات الإسرائيلية”.
ومنذ بداية حرب الإبادة التي تقترفها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة، أخذ عدد كبير من المغاربة على عاتقهم مقاطعة كل العلامات التجارية ومنتجاتها التي لها ارتباط بالكيان الصهيوني، واكتسحت التدوينات الداعية إلى تكثيف الحملة منصات التواصل الاجتماعي، مع نشر أسمائها ورموزها التجارية أيضا، وفي الواجهة يقف شعار معبر جدا يقول: “إذا قاطعتها لن تموت، وإذا اشتريتها سيموت فلسطيني”.