باريس- “القدس العربي”:
تحت عنوان: “السياسة الإسرائيلية غير المبررة للأرض المحروقة”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن “عقيدة الضاحية”، أي استخدام إسرائيل لقوة مسلحة غير متناسبة، هي إرث الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني في صيف عام 2006. وتشير هذه العقيدة إلى تدمير أحد أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت معقل الحزب.
فبعد خمسة أشهر من بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة رداً على هجوم حماس يوم 7 أكتوبر، فإن تحليل صور الأقمار الصناعية يشهد على التطبيق المُمَنهج لهذه العقيدة على جميع مدن قطاع غزة.
“لوموند” أضافت القول إن إطلاق العنان للقوة النارية يؤدي إلى إلغاء التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، إذ يُلقي الجيش الإسرائيلي المسؤولية على حماس بسبب تشابك بنيتها التحتية بالنسيج الحضري لقطاع غزة، أحد أكثر المناطق ذات الكثافة السكانية الأعلى في العالم. ومع ذلك، فقد تم وضع الحجة التكتيكية في منظورها الصحيح من خلال تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين يشيرون صراحة إلى هدف آخر.
فقد اعتبر العقيد يوغيف بار شيشت، المسؤول في الإدارة المدنية المسؤولة عن الأراضي الفلسطينية، في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني أن “من يرجع إلى هنا سيجد أرضا محروقة. لا منازل ولا زراعة ولا شيء. ليس لديهم مستقبل”.
وأوضحت الصحيفة أن الشهادات المنشورة في هذا الصدد تعطي المعنى الكامل لصيغة الأرض المحروقة. فهي تستهدف الذاكرة، من خلال تدنيس مقابر غزة و تدمير الجامعات ومئات المدارس. وفي يناير/ كانون الثاني، قدّرت الأمم المتحدة أن تسعة أعشار السكان تعرضوا لأضرار جسيمة. وتظهر صور الأقمار الصناعية أيضا الأضرار التي ألحقتها عمليات الجيش الإسرائيلي بالأراضي الزراعية، والتي أصبحت مهددة أيضا بإنشاء منطقة عازلة على طول الحدود.
واعتبرت “لوموند” أن الإحباط الذي أعرب عنه حلفاء إسرائيل الغربيون بشأن الصعوبات في إيصال المساعدات الغذائية إلى منطقة مهددة بالمجاعة التي خلقتها الدولة العبرية، ينذر بالمعركة التي يجب خوضها لإعادة بناء غزة، بمجرد انتهاء القتال وعودة المحتجزين الذين ما زالوا على قيد الحياة.
فالمساعدات وإعادة الإعمار يسيران جنبا إلى جنب. وخلافاً للمدن التي دمرتها العمليات العسكرية مؤخراً في الشرق الأوسط، فإن غزة تواجه خطر البقاء تحت الحصار، تتابع “لوموند”، مضيفةً أنه من دون ممارسة ضغوط حقيقية على الدولة العبرية، فلن يكون من الممكن تنفيذ عملية إعادة إعمار حقيقية في قطاع غزة الذي أصبح غير صالح للسكن إلى حد كبير.
ومضت الصحيفة قائلة إنه لا جدوى من اللجوء إلى حل الدولتين إذا ظلت هذه الأرض حقلا من الخراب، معتبرة أن جهود الولايات المتحدة والأوروبيين، الذين يدّعون جميعهم أن لهم دوراً في هذا الصراع، يجب أن تُركّز في المقام الأول على إزالة العقبات التي تثيرها إسرائيل.
وفي هذا السياق المأساوي، فإن عمليات إسقاط الغذاء جواً التي تقوم بها الولايات المتحدة ودول أخرى في محاولة للاستجابة لحالة الطوارئ، هي دليل على العجز في مواجهة التعنت الإسرائيلي، أو غياب أو انعدام الرغبة.