لماذا تسعى إسرائيل لتولي عشائر غزة شؤون القطاع؟ 

حجم الخط
0

غزة: خلال الأيام الماضية، حاولت إسرائيل من خلال أطراف ومؤسسات دولية إيجاد بديل للحكومة التي تقودها حركة حماس في قطاع غزة، عبر إيجاد هيئات مدنية من العشائر، ولكن هذه المحاولات واجهت رفضاً كبيراً من العائلات الفلسطينية.
ووفق مسؤولين فلسطينيين وحقوقيين ومصادر محلية، فإن أطرافا دولية اجتمعت مؤخرا، بتوجيه إسرائيلي مع عائلات فلسطينية بمدينة غزة، لتولي أدوار في إدارة القطاع.
وإضافة إلى محاولة إزاحة حماس عن حكم غزة، تهدف إسرائيل من وراء هذه الخطوة إلى إعادة نفوذ العائلات في القطاع وبث الفلتان الأمني والنزاعات العائلية، ما قد يؤدي إلى حالة من الفوضى داخل المجتمع الفلسطيني، كما يرى مراقبون.
وقبيل سيطرة حماس على حكم غزة في 2007 كانت بعض العائلات تتمتع بنفوذ كبير، إضافة لامتلاكها أسلحة فردية متنوعة، ما كان يتسبب في خلافات وحالة من الفلتان الأمني، وهو ما نجحت الحركة في القضاء عليه.
وحافظت العائلات خلال السنوات الماضية على هذه الحالة، وشكّل مخاتيرها (أعيانها) لجانا وتجمعات لإنهاء أي خلافات أو مشاكل مجتمعية بالتنسيق مع الحكومة.

عرض إسرائيلي مرفوض

يوم الأحد، قال تجمع القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية بغزة، في بيان، إن القبائل ليست “بديلا عن أي نظام سياسي فلسطيني” بل مكون من المكونات الوطنية و”داعم للمقاومة ولحماية الجبهة الداخلية” في مواجهة إسرائيل.
وأكد التجمع ضرورة تعزيز المشاركة الوطنية في صناعة القرار الوطني عبر مؤسسات الشعب، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني في البلاد.
وشدد على “حُرمة التعاطي مع العدو الصهيوني في إعادة تدوير نظام روابط القرى، أو إنشاء صحوات عشائرية تخدم المحتل الغاصب، وإن كل من يشارك في ذلك يعامل معاملة الاحتلال”.
وروابط القُرى تشكيلات إدارية أنشأتها إسرائيل في 1978، وحاولت من خلالها خلق قيادة فلسطينية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية لكي تكون قادرة على المشاركة في مفاوضات الحكم الذاتي وتنفيذ خُطة الإدارة المدنية الإسرائيلية، ولكن لم تنجح تل أبيب في خطتها آنذاك.

وكان إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، قال في منشور عبر منصة إكس، إن “أطرافا دولية عقدت، بتوجيه إسرائيلي، 12 اجتماعا مع مخاتير وعشائر في قطاع غزة، في إطار سعيهم للبحث عن إدارة قطاع غزة بعد الحرب”.
وأضاف: “جميع العائلات التي تم العرض عليها أعلنت رفضها بشكل كامل لهذا العرض على اعتبار رفض مخططات الاحتلال الرامية لضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية”.
رامي عبده، الأكاديمي والحقوقي الفلسطيني، نشر عبر منصة إكس، قائلا: “عقدت أطراف دولية بتوجيه إسرائيلي 12 اجتماعاً مع مخاتير وعشائر في غزة، كان آخرها في ديوان عائلة شحيبر، في حي الصبرة، لم تجد تلك الأطراف عائلة واحدة توافق على أي طرح يتعلق بأدوار في إدارة غزة”.
وأفادت مصادر فلسطينية في قطاع غزة أن بعض الجهات التابعة لإسرائيل، تحت سقف منظمات دولية، جلست مع بعض المخاتير وممثلي العائلات لتشكيل هيئات لإدارة أحياء ومناطق محددة.
ومع ذلك، رفضت تلك العائلات بقوة هذا العرض، وأبدت رفضها التام للجلوس مع أي جهة إسرائيلية، بحسب المصدر.

قواعد لعبة جديدة

ووفق تقارير عربية، نقلت عن مصدر أمني بحماس، أن “قبول التواصل مع الاحتلال من مخاتير وعشائر للعمل بقطاع غزة خيانة وطنية لن نسمح بها”.
وأضاف المصدر الذي لم يكشف عن اسمه: “سعي الاحتلال لاستحداث هيئات تدير غزة مؤامرة فاشلة لن تتحقق، وسنضرب بيد من حديد من يعبث بالجبهة الداخلية في قطاع غزة”.
وتابع “لن نسمح بفرض قواعد جديدة، لن نسمح للعدو بأن يعوض ما خسره في الميدان من خلال الألاعيب السياسية داخل غزة”.
ولفت المصدر الأمني، إلى أن “المقاومة الضمانة الوحيد لنا كشعب وبيئة حاضنة، وكل محاولات زعزعة أمننا واستقرارنا في قطاع غزة ستبوء بالفشل ولن نسمح بذلك”.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله، أن “الاحتلال يسعى إلى البحث عن بدائل لحركة حماس والسلطة الفلسطينية وحركة فتح في إدارة شؤون القطاع بعد السابع من أكتوبر، من خلال التوجه للعشائر الفلسطينية، الأمر الذي لن يقبله أحد”.
وأوضح عطا الله، أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسعى إلى تفتيت الوضع الفلسطيني”.

وأشار إلى أن “قطاع غزة ليس منطقة عشائرية، والأغلبية السكانية لا تنتمي لعشائر، وبالتالي فإن هذا الخيار لن يكون ناجحا في القطاع”.
وأضاف أن “الاحتلال يريد عودة الروابط القريبة للقرى التي فشلت في 1978، لأن العشائر والعائلات في القطاع تعتمد على وطنيتها في التعامل، ولن تقبل أي جهة التعامل معها”.
ويرى عطا الله، أن توجه إسرائيل نحو هذا الخيار يعكس أزمتها وعدم رغبتها في حكم حماس والسلطة.
ولفت إلى فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها في إسقاط حماس.

مراكز قوى وطنية

بدوره، قال المحلل والكاتب السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون، إن إسرائيل “تهدف لتجاوز أي كيان فلسطيني رسمي، بما في ذلك حركة حماس والسلطة الفلسطينية، بهدف خلق الفوضى والفراغ”.
وأضاف: “الاحتلال لا يرغب في تعزيز كيان فلسطيني يربط بين غزة والضفة، لذا يرفض السلطة ولا يرغب في السماح ببقاء حماس، حيث يخشى تكرار عملية طوفان الأقصى”.
وتابع: “لن ينجح الاحتلال في تشغيل العائلات والعشائر بسبب رفضها وعدم تجاوبها، وعلينا أن نوضح أن مراكز القوى في غزة لا تقوم على العشائر، بل تعتمد على الفصائل الوطنية”.
وتوقع المدهون، أن تفشل إسرائيل في تشغيل العائلات وجعلها بديلاً لحكومة حماس، نظرا لعدم رغبة العائلات في ذلك، حيث يعتبرونه خيانة للمشروع الوطني الفلسطيني.

نتنياهو والخيار الفلسطيني

وفي أحدث مواقفه حول ما يعرف بـ”اليوم التالي في غزة” أعرب نتنياهو، عن معارضته جلب السلطة الفلسطينية لحكم قطاع غزة بعد “القضاء على حماس”، معتبرا ذلك بأنه “آخر شيء يجب فعله”.
وقال نتنياهو في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية الرسمية: “بمجرد القضاء على حماس، فإن آخر شيء يجب أن نفعله؛ جلب السلطة الفلسطينية إلى غزة”، على حد تعبيره.
من جانبه، حذّر إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في كلمة متلفزة، الأحد، من أن إسرائيل “تدير حربا نفسية ضد شعبنا وهناك محاولات دق الأسافين وخلق ونشر الفوضى ولكن كل ذلك سوف يفشل ولن ينجح”.

(الأناضول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية