لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريراً أعده ألكسندر وورد ولارا سيغلمان قالا فيه إن الولايات المتحدة أخبرت إسرائيل سرّاً عن الشروط التي يمكنها دعم حملة على مدينة رفح في جنوبي غزة. وأضافا أن الطريقة التي ستدخل فيها القوات الإسرائيلية المدينة ستؤثر على العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية.
وأخبر مسؤولون أمريكيون بارزون نظراءهم الإسرائيليين بأن إدارة بايدن يمكن أن تدعم حملة إسرائيلية لاستهداف الرموز المهمة في “حماس” في أنفاق رفح، طالما تجنبت إسرائيل الدمار الواسع الذي قد يشرذم التحالف بينهما. ولا تزال إدارة بايدن تبحث في العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، التي يمكن أن توافق عليها.
ويعرف المسؤولون الأمريكيون جيداً أن إسرائيل تريد القضاء على ما تبقى من كتائب تابعة للحركة في الجنوب. واعتبر الرئيس جو بايدن الخطة الإسرائيلية، في تصريحات لشبكة أمريكية، “خطاً أحمر”، وأنه لا يجب التقدم نحو المدينة بدون خطة موثوقة لحماية المدنيين. إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يقدم خطة كهذه بعد.
نتنياهو: لا يمكن لأصدقاء إسرائيل القول إنهم يدعمون أهداف إسرائيل بتدمير “حماس” ثم يعارضونها عندما تتخذ التحركات الضرورية
وقال مسؤولان إسرائيليان إن الجيش يعكف على إعداد الخطة، ويطور الأفكار بشأن توفير الحماية لـ 1.3 مليون فلسطيني في داخل وخارج المدينة، معظمهم فرّ من الحرب إليها.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن إدارة بايدن ستوافق على عملية تشبه مكافحة الإرهاب، وليس غزواً شاملاً للمدينة، وهي عملية كفيلة بتقليل أعداد الضحايا بين المدنيين، حسب قولهم. كما أن عملية كهذه ستقضي على القيادة البارزة لـ “حماس”، وتتجنب مشاهد الدمار والقتل التي غيرت الرأي العام من إسرائيل وطريقة إدارة بايدن للحرب.
وتضيف المجلة أن المواقف التي مررت بطريقة خاصة إلى الجانب الإسرائيلي تضيف محددات أخرى لما ألمحت إليه الإدارة علناً.
وعلى مدى خمسة أشهر دفعت إدارة بايدن إسرائيل للتفكير بخطة تقوم على استخدام قوات نخبة لقتال ما يبلغ عددهم 3,000 مقاتل من “حماس” في رفح، وهو نفس العدد الذي استخدمته “حماس” للهجوم على إسرائيل، في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وتريد الإدارة تجنب تحويل المدينة إلى أنقاض وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا، وهي حملة قال بايدن ومستشاروه الكبار إنهم لن يوافقوا عليها.
وذكرت مجلة “بوليتيكو” أن بايدن قد يفكر بوضع شروط معينة على الدعم العسكري لإسرائيل، لو قامت بحملة عسكرية واسعة في رفح. مع أن مستشار الأمن القومي وغيره من المسؤولين وصفوا التصريحات بأنها “تكهنات لا تقوم على أساس”.
وتضيف المجلة أن تخفيض مستوى العملية إلى “جراحية” سيخفف من حدة النقد للإدارة في الكونغرس ومن الأصوات المؤيدة لفلسطين.
وقال مسؤول إسرائيلي ثالث إن إسرائيل، وبلا شك، قد تشنّ في مرحلة ما عملية من نوع ما: “في نهاية الأمر لن ننتصر في هذه الحرب بدون هزيمة كتائب حماس في رفح”.
وبناء على تقارير استخباراتية ومسؤولين بارزين في البيت الأبيض، قالوا إن الأعضاء الرئيسيين في إدارة بايدن يشكون بحتمية شن إسرائيل الحملة على رفح قريباً. وقال مسؤول دفاعي أمريكي: “عليهم إجراء بعض التغييرات العسكرية، ولم يحدث هذا”، والعملية “ليست محتومة”. وقال المسؤول إن عدم التحرك يعني أن إسرائيل تأخذ التحذيرات الأمريكية بعين الاعتبار. وقال: “ستقوم إسرائيل بعمل ما ستقرره إسرائيل، إنه مثل التكهن بحالة الجو”. و”لكن هل تم الاستماع للرسالة التي أرسلت؟ نعم”. وقال كل المسؤولين الذين تحدثوا إلى “بوليتيكو” إن إسرائيل قد تغيّر الخطة في أي وقت، ولكنهم امتنعوا عن القول إنها لن تقوم بالعملية في النهاية.
وأكدت الإدارة، في الأيام الأخيرة، أن تعليقات بايدن عن “الخط الأحمر” ليست قاطعة. وقال سوليفان: “لم يصدر الرئيس أي إعلانات، بلاغات أو تصريحات”. وقال سوليفان، يوم الثلاثاء: “موقفنا هو أن أيّ عملية عسكرية في رفح لا تحمي المدنيين وتقطع الخط الرئيسي للمساعدات الإنسانية، وتزيد من الضغوط على الحدود الإسرائيلية- المصرية أمر لا يمكن دعمه”.
كريس فان هولين: عندما يضع رئيس الولايات المتحدة خطاً أحمر، عليه التأكد من وجود آلية تنفيذ، وإلا فستبدو ضعيفاً.. ولو تجاهل نتنياهو بايدن بعد حديثه عن الخط الأحمر، فهذا سيقوّض فعاليتنا
وزاد رئيس الوزراء الإسرائيلي من الضغط، حيث تحدّثَ بالفيديو مع اللجنة الأمريكية- الإسرائيلية للعلاقات الخارجية أو إيباك دافعَ فيه عن حماية المدنيين أثناء الحرب على غزة. وقال: “لا يمكن لأصدقاء إسرائيل القول إنهم يدعمون أهداف إسرائيل بتدمير “حماس” ثم يعارضونها عندما تتخذ التحركات الضرورية لتحقيق هذا”.
إلا أن طريقة إدارة الحملة في رفح ستؤثر على التحالف الأمريكي- الإسرائيلي. وقد اشترط عضو ديمقراطي، وهو كريس فان هولين، عن ميريلاند، الدعم العسكري الأمريكي بالطريقة التي ستدار فيها العملية، داعياً لمعاقبة إسرائيل لو بالغت في العملية. وقال، يوم الأربعاء أمام حضور في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: “عندما يضع رئيس الولايات المتحدة خطاً أحمر، عليه التأكد من وجود آلية تنفيذ، وإلا فستبدو ضعيفاً”، و”لو تجاهل رئيس الوزراء نتنياهو رئيس الولايات المتحدة بعد حديثه عن الخط الأحمر، فهذا سيقوّض فعاليتنا بعد كل هذا”.
ولن يكون هناك رد فعل من الديمقراطيين في الكونغرس لو تمت عملية محددة في المدينة. وقال ناتان ساكس، مدير سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز: “من المهم تحليل ما ستنطوي عليه عملية كبرى، لا أعتقد أن إسرائيل ستتخلى مع مرور الوقت عن ملاحقة ما تبقى من قوات “حماس” وقيادتها تحت الأرض في رفح، لكنهم سينتظرون ويديرون عملية هادفة، وربما أقل ضرراً، عملية أو سلسلة من العمليات الصغيرة، في ضوء الاعتراضات الأمريكية”.