الجزائر- “القدس العربي”:
قال سفين كوبمانس مبعوث الاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، إن الاولوية الكبرى اليوم هي إنهاء معاناة غزة، معتبرا أن استخدام إسرائيل للمجاعة كوسيلة حرب أمر غير مقبول. لكنه استبعد تحركا أوربيا جماعيا لفرض عقوبات على إسرائيل.
وأوضح كوبمانس في حوار له مع جريدة “الخبر” الجزائرية عقب زيارته الأخيرة للجزائر، أن الأولوية هي في “إنهاء معاناة الناس في غزة وحولها”، مبرزا أن “هناك اليوم مجاعة أدت إلى وفاة 21 طفلاً حتى الآن، وهي أرقام مذهلة وما يحدث مرفوض تمامًا”.
وأضاف: “لقد قتل أكثر من 30 ألف شخص وأصيب أكثر من 70000 ألف شخص. غزة مدمرة إلى حد كبير. في نفس الوقت، لا يزال هناك رهائن إسرائيليون في أنفاق غزة منذ شهور. يجب تحرير هؤلاء الأشخاص أيضًا على الفور. يجب علينا إنهاء هذه الأزمة الإنسانية، وحرب غزة. يجب أن نكون واضحين مع إسرائيل وحماس بضرورة وقف القتال وإيجاد طريقة لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية الآن”.
أما الأولوية الثانية، وفق الدبلوماسي الأوروبي الرفيع، فهي “منع وقوع حرب إقليمية”. وقال: “ما نراه الآن في لبنان، من تصاعد العنف بين حزب الله وإسرائيل، أمر خطير للغاية. كذلك الأحداث في الضفة الغربية، فمنذ 7 أكتوبر، يوم هجمات حماس الإرهابية، قُتل أكثر من 400 شخص. الغالبية العظمى من الضحايا هم فلسطينيون، لكن هناك أيضًا قتلى إسرائيليون”.
بدا كوبمانس حذرا جدا من التورط في استعمال مصطلحات قوية ضد إسرائيل.ورفض استخدام مصطلح الإبادة
وأردف: “هناك توسع في المستوطنات الإسرائيلية، وهي غير قانونية تمامًا. ازدادت حركة بناء المستوطنات بشكل كبير منذ 7 أكتوبر. في شهر رمضان، نرى أن الوصول إلى المسجد الأقصى صعب للغاية ومحدود للعديد من الفلسطينيين. هذه الأزمة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من العنف الإقليمي. في الوقت نفسه، نرى في البحر الأحمر هجمات الحوثيين على السفن. لذلك، فإن أولويتنا الثانية هي تهدئة الأوضاع الإقليمية”.
وأبرز كوبمانس أن الأولوية الثالثة هي الاستعداد للسلام. يشمل ذلك حسبه السلام في غزة، والسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وإقامة دولة فلسطينية حرة إلى جانب دولة إسرائيلية آمنة. والسلام أيضًا بين الدول العربية، وإسرائيل”.
وبخصوص امتناع الاتحاد الأوربي عن وصف ما تقوم به إسرائيل في غزة بالإرهاب عكس ما فعله مع هجمات حماس، قال الدبلوماسي بعد أن تحدث عن “هجمات 7 أكتوبر واستهدافها حسبه للمدنيين”، إنه شخصيا والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيف بوريل، صرحا منذ البداية أنّ “قطع الماء والكهرباء والإمدادات الطبية عن سكان غزة المدنيين، هو أمر غير قانوني تمامًا من جانب إسرائيل، كما أم استخدام المجاعة كوسيلة حرب أمر غير مقبول وغير قانوني أيضا”.
واسترسل “لقد وصفنا هجمات المستوطنين في الضفة الغربية بالإرهابية. وتحدثتُ مع العديد من ضحايا هذه الهجمات من الناجين. لقد وصفنا هذه الهجمات بوضوح بأنها هجمات إرهابية. أما ما تفعله إسرائيل الآن في غزة، باستخدام المساعدات الإنسانية والوصول إليها، هو أمر غير قانوني. لقد كنا واضحين جدًا في ذلك”.
وبدا كوبمانس حذرا جدا من التورط في استعمال مصطلحات قوية ضد إسرائيل. وقال لما سئل عن التعامل الناعم للاتحاد الأوربي مع الكيان المحتل ورفضه استخدام مصطلح الإبادة قائلا: “هذا مصطلح آخر يجب أن نكون حذرين بشأنه. أعتقد أننا يجب أن نكون جادين للغاية بشأن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية في مثل هذه الأمور. أنا الآن دبلوماسي أركز على مفاوضات السلام، وأسعى إلى مفاوضات تؤدي إلى دول حرة وآمنة”.
وحول النظرة الأوربية المجتزأة التي تحاول النظر للصراع على أنه بدأ في 7 أكتوبر، أجاب الدبلوماسي قائلا: “بالنسبة للاتحاد الأوروبي، من الواضح أن الصراع والاحتلال لهما تاريخ طويل للغاية. لا شك في وجود تاريخ. لكن عندما نتحدث عن عمل إجرامي، سواء كان عملًا إرهابيًا أو غيره، وإذا كان هذا العمل يقتل المدنيين والأبرياء والأطفال، لا أسأل نفسي عن تاريخ الضحايا، أو دينهم، أو عرقهم، أو جنسيتهم لأقول أن هذا العمل غير مقبول وغير قانوني”.
وبخصوص إمكانية فرض عقوبات على إسرائيل بسبب “أعمالها غير القانونية” على غرار ما حصل مع روسيا، أكد كوبمانس أن ذلك من الصلاحيات السيادية للدول الأعضاء وليس للاتحاد الأوربي تدخل فيها. وذكر أن يوجد عدة دعاوى قضائية تمكنت من تعليق بيع السلاح لإسرائيل في عدد من الدول الاوربية.
وبشأن تصوره للسلام، أكد الدبلوماسي الرفيع أن “حل الدولتين يعني إسرائيل آمنة في حدود عام 1967 ودولة فلسطينية حرة وآمنة أيضًا في الجانب الآخر من حدود عام 1967”. وأضاف “لقد تمّ التخطيط لذلك في المبادرة العربية لعام 2002، وكذلك في مبادرة الاتحاد الأوروبي منذ 40 عامًا. يجب أن توجد هذه الدول جنبًا إلى جنب”. وتابع: “إذا كان لدى الفلسطينيين أفكار لتغيير الحدود بطريقة يتفق عليها الطرفان، فلا يمكننا أن نقول لا. لكن يجب أن يكون هذا خيارًا حرًا يتخذه الفلسطينيون والإسرائيليون”.
نفى المسؤول الأوربي وقف الدعم عن “الأنروا”. وقال في هذا الشأن: “نحن نواصل دعمنا للأنروا بل إن هناك دول أعضاء أعطت أكثر”
وحول ما قيل عن تحضير الاتحاد الأوربي لندوة للسلام في الشرق الأوسط، أكد الدبلوماسي إنها فكرة وليست واقعًا بعد، لكنها فكرة نتناقش فيها مع جميع الدول الشريكة. وأبرز أن هذه المبادرة اعترضتها هجمات 7 أكتوبر ما فرض حسبه مسؤولية أكبر. وأضاف: “لهذا السبب نتحدث الآن عن إمكانية عقد مؤتمر تحضيري. طبعا، هذا لا يعني تنظيم مؤتمر عادي، لأنه من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية ليست مهتمة حقًا الآن، وأن الفلسطينيين ما زال لديهم الكثير من العمل الذي يجب القيام به بينهم، وأن الأمريكيين لديهم أيضًا الكثير من العمل الذي يجب القيام به هناك”.
وعن دور الاتحاد الأوربي في الشأن الإنساني، نفى المسؤول الأوربي وقف الدعم عن وكالة الأنروا. وقال في هذا الشأن: “نحن نواصل دعمنا للأنروا بل إن هناك دول أعضاء أعطت أكثر. هناك بعض الدول علقت منحها المساعدات والعديد منها تراجعت عن ذلك وواصلت التمويل بعد ذلك وفي نفس الوقت الاتحاد الأوروبي بمؤسساته زاد من الدعم. هذا يثبت أننا أصدقاء للشعب الفلسطيني وأهم المانحين للقضية الفلسطينية. وفي نفس الوقت نحن أيضا شركاء مع إسرائيل ونريد أن نستغل هذه العلاقات والروابط للمساهمة في السلم