واشنطن بوست: غزة تضع ضغوطا على الأردن المنقسم بين الشارع الغاضب وتحالفه مع الولايات المتحدة

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته سارة دعدوش تحدثت فيه عن غضب الشارع الأردني المطالب بوقف الحرب على غزة، حيث اشتبكوا يوم الثلاثاء مع شرطة مكافحة الشغب التي تحمل الهراوات قبل أن ينهمر الغاز المسيل للدموع عليهم، ولكنهم عادوا يوم الأربعاء وهتفوا “افتحوا الحدود”.

وتعلق الصحيفة أن الاحتجاجات ظلت منتظمة في عمان طوال فترة الحرب التي مضى عليها ستة أشهر، إلا أن الحكومة تمكنت إلى حد كبير من احتواء الوضع من خلال الانحياز إلى المشاعر العامة وانتقاد سلوك إسرائيل بشدة في الحرب ومناصرة القضية الفلسطينية. لكن المشاهد هذا الأسبوع بدت أكثر عفوية والحشود أكبر والغضب أكثر حدة، مما أرسل موجات من الصدمة عبر المؤسسة الأمنية القوية في البلاد.

الحكومة الأردنية تمكنت إلى حد كبير من احتواء الوضع من خلال الانحياز إلى المشاعر العامة وانتقاد سلوك إسرائيل بشدة

ونقلت الصحيفة عن سعود الشرفات، العميد السابق في مديرية المخابرات العامة الأردنية ومؤسس مركز شرفات لدراسة العولمة والإرهاب، قوله إن “الأردن في وضع لا يحسد عليه. فالصراع الطاحن في غزة، وارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين، يختبران قدرة الدولة على الحفاظ على الإيقاع السائد الآن حتى لا تخرج الأمور عن نطاق السيطرة”.

 وقالت الصحيفة إن الأردن يحتل موقعا فريدا في الشرق الأوسط، فهو حليف وثيق وطويل الأمد للولايات المتحدة، ويتلقى أكثر من مليار دولار سنويا على شكل مساعدات اقتصادية وعسكرية. وفي عام 1994، وقع الأردن معاهدة سلام مع جارته إسرائيل. لكن التهجير الجماعي للفلسطينيين خلال عام 1948 أو “النكبة”، أدى إلى تغيير التركيبة السكانية للبلاد إلى الأبد.

وقد سمحت السلطات الأردنية التي لا تظهر عادة سوى القليل من التسامح مع المظاهرات العامة، بالاحتجاجات الأسبوعية بعد صلاة الجمعة.

وقال شرفات: “يبدو أنه مع مرور الوقت تعلمت المؤسسات الحكومية الدروس وبدأت بإعطاء مساحة [للناس] لتخفيف التوتر”. ومع ذلك، حاولت الحكومة أيضا احتواء الاضطرابات، ومنعت أي ازدحام بالقرب من المنطقة الحدودية مع إسرائيل أو اقتحامها. وأحبطت شرطة مكافحة الشغب عدة محاولات قام بها متظاهرون في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر للوصول إلى حدود البلاد مع الضفة الغربية.

وفي الشهر نفسه، قالت مديرية الأمن العام الأردنية إن المتظاهرين اعتدوا على أفراد الأمن العام وأصابوهم، وألقوا زجاجات مولوتوف وألحقوا أضرارا بالممتلكات العامة والخاصة.

وقال محامون أردنيون يمثلون المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش هذا الشهر إن من المحتمل أن يكون مئات الأشخاص قد اعتقلوا بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات أو مناصرة الفلسطينيين عبر الإنترنت.

قال محامون أردنيون يمثلون المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش هذا الشهر إن من المحتمل أن يكون مئات الأشخاص قد اعتقلوا بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات

وقالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة: “تدوس السلطات الأردنية على الحق في حرية التعبير والتجمع في محاولة لإخماد النشاط المتعلق بغزة”.

كما ساعدت مناصرة الحكومة العلنية لغزة التي مزقتها الحرب في السيطرة على الغضب الشعبي.

وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من أوائل المسؤولين العرب الذين قالوا إن حرب إسرائيل في غزة تستوفي “التعريف القانوني للإبادة الجماعية”، وهو اتهام وصفته إسرائيل بأنه “شائن”. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن إلغاء الاتفاق الاقتصادي المثير للجدل مع إسرائيل، والذي بموجبه كان الأردن سيوفر الطاقة لجارته مقابل المياه.

لكن جيليان شويدلر، الأستاذة في كلية هانتر ومؤلفة كتاب عن الاحتجاجات في الأردن، قالت إن هناك حدودا للمدى الذي ترغب الحكومة في الذهاب إليه، بعد أن “ربطت رؤيتها السياسية والاقتصادية بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل”. وأضافت أن هذه العلاقات “ليست سهلة الفك”. وبعد اجتماع في البيت الأبيض الشهر الماضي، كان العاهل الأردني الملك عبد الله صريحا والرئيس بايدن يقف إلى جانبه: “لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونترك هذا الأمر يستمر. نحن بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار الآن. هذه الحرب يجب أن تنتهي”.

ومع تزايد السخط العام، أصبحت المؤسسة الأمنية في الأردن متوترة. وبلغ معدل البطالة أكثر من 22 % العام الماضي. الكثير من الشباب عاطلون عن العمل.

وتشير الصحيفة إلى المخاوف النابعة من محاولة جماعة الإخوان المسلمين المعارضة والتي قمعت منذ فترة طويلة وهي حليفة لحماس، أن تلعب دورا في الاحتجاجات على أمل حشد الدعم قبل الانتخابات العامة في آب/ أغسطس.

وهتف بعض المتظاهرين ليلة الثلاثاء، “نحن رجالك يا سنوار”، في إشارة إلى يحيى السنوار، زعيم حماس الذي خطط لهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل وما زال طليقا في غزة.

وقال شرفات إن القلق واضح بين صناع القرار في الحكومة. وإن إرسال شرطة مكافحة الشغب بانتظام يشكل استنزافا ماليا للاقتصاد الأردني الصغير والمتعثر. وأضاف أن هناك العبء العاطفي على عاتق الشرطة نفسها، والعديد منهم فلسطينيون أيضا. وبعد الصيام من شروق الشمس حتى غروبها في شهر رمضان المبارك، يقضي هؤلاء لياليهم الآن في الاشتباك مع المتظاهرين.

ومع استمرار الحرب، أصبح المتظاهرون أكثر جرأة: فقد أعقب إلغاء صفقة المياه مقابل الطاقة مطالب عامة متزايدة بإلغاء معاهدة السلام الأردنية مع إسرائيل. ومع تهديد الجيش الإسرائيلي الآن بغزو رفح، التي يسكنها حوالي 1.4 مليون فلسطيني نازح، قال شرفات إن الضغط الشعبي سيزداد.

وقال: “الموقف الأردني حاليا في أزمة ومعرفة كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة والتعامل مع الاحتجاجات. المجال الذي يتعين على الحكومة المناورة فيه ضيق للغاية”.

وتتوقع الباحثة شويدلر “المزيد من الشيء نفسه، إدانة حادة لإسرائيل وتوتر العلاقات الدبلوماسية الرسمية لفترة من الوقت، ولكنه تغيير طفيف في السياسة أو العلاقات مع إسرائيل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية