مؤسس المطبخ المركزي العالمي: إسرائيل لن تنقذ أسراها في غزة بتدمير كل بناية وتجويع السكان

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالاً لمؤسس المطبخ المركزي العالمي خوسيه أندريس علّق فيه على استهداف الطيران الإسرائيلي لعدد من العاملين في مطبخه أثناء عودتهم من توزيع المساعدات الإنسانية. وقد اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالحادث وبرّره بأنه “لم يكن متعمداً”، وأنه أمَرَ بتحقيق سينشر نتائجه.

وكان الموقف الإسرائيلي رداً على حملة الشجب العالمي، حيث كان من بين القتلى بريطانيون وأستراليون. وقال أندريس: “في الظروف السيئة التي تستطيع تخيلها، بعد إعصار، زلزال انفجارات وإطلاق نار، فإن أفضل البشر يأتون، ليس مرة أو مرتين بل ودائماً”.

علّق أندريس بأن سكان المتوسط والشرق الأوسط، بعيداً عن عرقهم ودينهم، يتشاركون في الثقافة التي تقدّر قيمة الطعام كتعبير عن الإنسانية والسخاء

 وأضاف أن “السبعة أشخاص الذين قتلوا من المطبخ المركزي العالمي في غزة، يوم الإثنين، كانوا من أفضل البشر، فهم ليسوا مجهولي الهوية وبلا وجوه، ولم يكونوا عمال إغاثة عاديين أو ضحايا جانبيين في الحرب”.

وذكر أسماء ضحايا الغارة: سيف الدين عصام، وإياد أبو طه، وجون تشامبان، وجاكوب فليكنغر، وزومي فرانكوم، وجيمس هندرسون، وجيمس كيربي، وديميان سوبول، والذين خاطروا بحياتهم من أجل عملية إنسانية أساسية: مشاركة الطعام مع الآخرين.

وأضاف أن هؤلاء الأشخاص قدم معهم الطعام في أوكرانيا، تركيا، المغرب، البهاما، أندونيسيا، والمكسيك، وغزة، وإسرائيل. وكانوا أكثر من كونهم أبطالاً.

وكان عملهم يقوم على اعتقاد بسيط، وهو أن الطعام حق إنساني عالمي، ولا يقوم على كونك جيداً أو سيئاً، فقيراً أم غنياً أو من اليمين أو اليسار. و”لا نسأل عن دينك، كل ما نسأله، كم عدد الوجبات التي تريدها”.

وقال أندريس: “منذ اليوم الأول أطعمنا الإسرائيليين والفلسطينيين في إسرائيل، وقدّمنا أكثر من 1.75 مليون وجبة ساخنة. وأطعمنا العائلات التي شرّدتها صواريخ “حزب الله” في الشمال، وأطعمنا العائلات الثكلى من الجنوب، وأوصلنا الوجبات إلى المستشفيات، حيث التمّ شمل العائلات من الأسرى. وطالبنا، وبشكل مستمر وعاطفي وثابت، بالإفراج عن الأسرى”.

و”في كل الأحيان، تواصلنا بشكل كبير مع الجيش الإسرائيلي والمسؤولين المدنيين. وفي نفس الوقت عملنا بشكل لصيق مع قادة المجتمع في غزة، وكذا الدول العربية في المنطقة. ولم يكن متاحاً جلب سفينة محملة بالمواد الغذائية بدون فعل هذا”. و”بهذه الطريقة قمنا بتقديم أكثر من 43 مليون وجبة في  غزة، وحضرنا الطعام في 68 مطبخاً محلياً يقوم فيها الفلسطينيون بإطعام الفلسطينيين”.

ويقول أندريس إن فريقه يعرف الإسرائيليين، وأنهم يعرفون في شغاف قلوبهم بأن الطعام ليس سلاح حرب. فـ “إسرائيل هي أفضل من الطريقة شنت فيها هذه الحرب ومنعت الطعام والدواء عن المدنيين، وهي أفضل من قتل عمال الإغاثة الذين نسقوا حركتهم مع الجيش الإسرائيلي”.

وقال أندريس إن على إسرائيل فتح مزيد من المعابر البرية للطعام والدواء “اليوم”، و”عليها التوقف عن قتل المدنيين وعمال الإغاثة، ويجب عليها اليوم البدء بالرحلة الطويلة نحو السلام”.

وقال إنه “في الظروف السيئة، وبعد أسوأ هجوم إرهابي في تاريخها، قد حان الوقت لأن تُظهر أفضل ما فيها”، و”لن تستطيع إنقاذ الأسرى بقصف كل بناية في غزة، ولن تربح هذه الحرب عبر تجويع كل السكان”.

يقوم عمل فريق الإغاثة على اعتقاد بسيط، وهو أن الطعام حق إنساني عالمي، ولا يقوم على كونك جيداً أو سيئاً، فقيراً أم غنياً، من اليمين أم من اليسار. لا نسأل عن دينك، كل ما نسأله، كم عدد الوجبات التي تريدها

ورحب أندريس بقرار الحكومة التحقيق بكيفية ولماذا تم استهداف موظفي المطبخ المركزي العالمي، و”لكن يجب أن يبدأ التحقيق من الأعلى، وليس من الأسفل”. وعلق أندريس على تصريحات نتنياهو بأن مقتل الموظفين “هي أشياء تحدث في الحرب”، مع أن ما حدث هو “هجوم مباشر على عربات معلَّمَة، ويعرف الجيش الإسرائيلي تحركاتها”. و”هو أيضاً نتاج سياسة تقليص المساعدات الإنسانية لمستويات يائسة. وكان فريقنا في طريقه بعد تسليم 400 طن من المساعدات عن طريق البحر. وهي الشحنة الثانية التي موّلتها الإمارات العربية، ودعمتها قبرص، وحصلت على موافقة من الجيش الإسرائيلي“.

 وأضاف أن الفريق عرّض حياته للخطر لأن المساعدات الغذائية نادرة، وهناك حاجة ماسة إليها. وبحسب منظمة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي العالمي، فإن نصف السكان في غزة، 1.1 مليون نسمة يواجهون خطر المجاعة. و”لم يكن الفريق ليقوم بالرحلة لو كان هناك طعامٌ كاف، وسافروا بالشاحنات براً لإطعام أهل غزة”.

وعلق أندريس بأن سكان البحر المتوسط والشرق الأوسط، بعيداً عن عرقهم ودينهم، يتشاركون في الثقافة التي تقدّر قيمة الطعام كتعبير عن الإنسانية والسخاء، وأملنا المشترك في غد أفضل. وقال: “هناك سبب، في هذا الوقت الخاص من العام، حيث يعدّ المسيحيون بيض الفصح، ويأكل المسلمون البيض في إفطاراتهم، وبيضة تجلس في طبق السيدر [أثناء عيد الفصح اليهودي]. وهذه هي رمز الحياة والأمل المتجدد في الربيع التي تمتد في كل الأديان والثقافات”.

وأشار، في نهاية المقال، إلى تقاليد إطعام الغريب في عيد الفصح اليهودي، وأن إطعام الغرباء ليس علامة ضعف بل قوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية