غزة – الأناضول: بعد 11 عاما من الزواج والأمل والمعاناة والدعاء، أنجبت الفلسطينية رانيا أبو عنزة (35 عاما) توأمين، وظلت تحلم بتزيين رضيعيها بملابس جديدة في أول عيد لهما.
لكن في منتصف إحدى ليالي الشهر الماضي، قضت غارة جوية إسرائيلية على حلمها، إذ قتلت رضيعيها نعيم ووسام (5 أشهر) ووالدهما وسام، لتخسر أسرتها كاملةً.
ووسط ركام منزلها المدمر في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تبحث رانيا عن أي ذكريات من رضيعيها اللذين قتلتهما إسرائيل ضمن حرب تشنها منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. بيديها العاريتين ظلت الأم تبحث طويلا بين الركام، في محاولةً لإنقاذ ملابس كانت تحلم بأن يرتديها نعيم ووسام، ليظهرا في أبهى حلة خلال عيد الفطر المقبل.
وبعد ساعات من بحث شاق ومؤلم نفسيا، عثرت أخيرا على ملابس صغيريها الجديدة، وقد كُتب اسم كل منهما على ملابسه.. فهذه ملابس نعيم، الملقب بـ»أبو الورد»، وتلك ملابس شقيقته وسام.
وهي تحمل حزنا كالجبال، عرضت الأم الملابس، قبل أن تتابع رحلة بحثها عن آخر ما تبقى من رضيعيها.
الأم المكلومة استعادت ذكريات معاناتها خلال 11 عاما من عدم الإنجاب، خضعت فيها لعمليات تلقيح صناعي فاشلة، وتلقت علاجات طبية عديدة، في ظل وضع مادي صعب لزوجها. تحملت رانيا وزوجها وسام تكاليف مالية باهظة، وفي النهاية رزقهما الله بالتوأمين نعيم ووسام، لتفيض حياتهما فرحا بعد صبر طويل. وفي إحدى ليالي الشهر الماضي، قضت الأم والأب وقتا ممتعا في مداعبة الطفلين، قبل أن تخلد الأسرة السعيدة للنوم. وبينما هم نيام، قصفت مقاتلة حربية إسرائيلية منزلهم، فقتلت الرضيعين ووالدهما، بينما نجت الأم من الغارة، لتحاصرها الأحزان وتطاردها ذكريات أكثرها إيلاما هو رؤيتها طفليها وزوجها بين الركام.
بأعلى صوتها، صرخت الأم: «أولادي.. أولادي» عسى أن يسمعها فريق إنقاذ أو جيران أو أقارب، فيتمكنوا من إخراجهم، على أمل أنهم ما زالوا على قيد الحياة. وهي فوق أطلال منزلها المدمر وعينيها تتلألأ بالدموع، قالت: «هذا بيتي المدمر، كنا نائمين عندما تم قصف المنزل».
وبحسرة، أضافت: «لم أتخيل أبدأ أن أرى زوجي وأولادي يستشهدوا، فقد قضينا (أنا وزوجي) سنوات ممتعة وجميلة مليئة بالذكريات السعيدة».
وتابعت: «لم أسمع دوي انفجار عند القصف، لكن وجدت نفسي تحت الركام الذي سقط على زوجي وأولادي أيضا». الأم شددت على أنها لم تتمكن من الاستمتاع بوقت كافٍ مع طفليها، اللذين أنجبتهما بعد 11 عاما من الشوق والانتظار. ولطالما تمنت أن يمر أول شهر رمضان وأول عيد فطر ورضيعيها في حضنها، وأن يرتديا الملابس الجديدة في براءة وفرح. والرضيعان نعيم ووسام هما بين أكثر من 13 ألف طفل قتلهم الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة، والتي خلفت إجمالا عشرات آلاف الضحايا المدنيين، ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، حسب بيانات فلسطينية وأممية.