دمشق – «القدس العربي»: أعلن أهالي مخيم الركبان، عند المثلث الحدودي على الحدود السورية –العراقية – الأردنية، ضمن منطقة الـ 55 كيلو، في بيان رسمي، أمس الإثنين، المخيم “منطقة منكوبة” مطلقين نداء استغاثة إلى المنظمات الدولية لرفع الحصار عنهم وفتح طريق إنساني أمام الحالات المستعجلة، وذلك بعد فشل الاعتصام المفتوح الذي نفذه ناشطون في المخيم نهاية أبريل/ نيسان الفائت، بالوصول إلى أهدافه في إنهاء الحصار والتضييق المفروض على المخيم من قبل قوات النظامين السوري والروسي جنوبي سوريا.
وفي بيان تسلمت “القدس العربي” نسخة منه، أعلن ناشطو الركبان “المخيم منطقة منكوبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى”. وقال البيان: “نناشد الدول الصديقة للشعب السوري، وقوات التحالف الدولي المتواجدة في قاعدة التنف، والمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل لرفع الحصار المفروض على المخيم والعمل على فتح طريق إنساني لدخول الغذاء والدواء وحليب الأطفال والمساعدات الإنسانية بشكل عاجل. يواجه مخيم الركبان مجاعة حقيقية إذا لم يتم التدخل لرفع الحصار المفروض”.
وفي اتصال لـ “القدس العربي” مع الناشط الميداني، محمود شهاب، من أهالي المخيم، قال إن الحصار المفروض على المخيم منذ نحو خمسة وثلاثين يوماً، أنتج فقدان العديد من المواد الغذائية والأساسية كالزيت والسكر، ومستلزمات الأطفال وعلى رأسها الحليب وبعض الأدوية الضرورية.
ويأتي الحصار المفروض على المخيم بحسب المتحدث، في سياق سياسة التجويع التي ينتهجها النظام السوري بهدف إجبار أهالي وسكان مخيم الركبان على العودة الطوعية إلى مناطق سيطرته، وهو ما يعرض الأهالي لخطر الاعتقال التعسفي.
وأضاف: “المخيم يعاني ظروفاً مأساوية، خاصة النساء والأطفال، من جراء نقص الغذاء والحليب وسوء الأوضاع الصحية والنظافة”. وعبر عن أمل الأهالي بـ “فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات الطبية والغذائية اللازمة لإنقاذ حياتهم”.
وكشف المتحدث عن “انتشار مرض يرجح أنه التهاب الكبد الفيروسي المشهور باليرقان، وخاصة في المدارس، مشيراً إلى صعوبة توافر المصل أو المضادات الحيوية للعلاج، ما يضطر الأهالي للاستعانة بالطب العربي البديل، مرجعاً انتشار الأمراض إلى تلوث المياه وانعدام النظافة العامة”.
وحول الحلول المطروحة، فإن أهالي المخيم “يجدون الحل الأول بفتح ممر إنساني من دول الجوار لدخول المساعدات الغذائية والطبية والأساسية إلى المخيم، وبالاعتراف بمخيم الركبان وتثبيته على قوائم الأمم المتحدة، والضغط على نظام الأسد للسماح بدخول المنظمات الإنسانية وتقديم المساعدات للنازحين في مخيم الركبان لإنقاذ حياة من تبقى من أهالي الركبان الذين يرفضون العودة إلى مناطق سيطرة النظام خوفاً من الاعتقال”.
ويقع مخيم الركبان ضمن منطقة الـ”55″ كم شرق محافظة حمص، حيث تواجه 1800 عائلة مصيرها في معارك يومية هي الأقسى من نوعها مع لقمة العيش وتأمين الاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة.
رئيس المجلس المحلي في مخيم “الركبان” محمد درباس، حذر في اتصال مع “القدس العربي” من تفشي المرض نتيجة سوء الصرف الصحي. وقال درباس إن “أكثر من 200 طفل أصيبوا باليرقان من أصل 2500 طفل خلال الأسبوعين الأخيرين، محذراً من انتقال المرض إلى كبار السن والمرضى، عازياً السبب إلى افتقاد المخيم إلى التمديدات الصحية أو الحمامات المغطاة، فضلاً عن عدم وجود عمال نظافة لنقل القمامة، أو مواد التنظيف بمختلف أنواعها. وعدم القدرة على رعاية الأطفال بسبب نقص هذه المواد الضرورية”.
وأشار درباس إلى البيان الصادر عن المجلس المحلي، أمس، والذي أكد “عدم استجابة المنظمات الإنسانية والحقوقية والمجتمع الدولي” حيث طالب البيان “بشكل رسمي وعلني من الأمم المتحدة ومكاتبها الإقليمية لتنسيق الشؤون الإنسانية، الدخول إلى مخيم الركبان وتقييم احتياجات النازحين والعمل على إيجاد حل جذري ينهي معاناة النازحين في كافة منطقة 55 كم، كما حصل في فبراير/شباط 2019 عندما دخل فريق من الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف للطفولة، وقدم المساعدات لأكثر من ستين ألف نازح، كما نطلب من قيادة التحالف الدولي في قاعدة التنف العسكرية”.
كما طالبت إدارة المخيم “باتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تسهيل عملية دخول فريق الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى”.
وكان نازحو مخيم الركبان قد أطلقوا مناشدات للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للتدخل وفك الحصار عنهم، وجاء في نص الرسالة الموجهة إلى غوتيريش: “نحن أهالي مخيم الركبان، ونتحدث باسم سبعة آلاف وخمسمائة مدني بين أطفال ونساء وشيوخ ورجال، نناشدكم بصفتكم الاعتبارية، نناشد كل دولة ومنظمة تحترم حقوق الإنسان برعايتكم أن تسمعوا صوتنا وتعملوا على الاستجابة لمطالبنا وتلبوا احتياجاتنا كبشر بعد أن نال الجوع والمرض من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وسط صحراء قاحلة”. وأضافت: “الجميع يحاصرنا ويحرمنا أدنى سبل العيش من غذاء وماء ودواء، فنظام الأسد ومليشيات إيران يمنعون حتى إسعاف المرضى وحالات الولادة داخل الأراضي السورية، بينما الأردن يغلق الحدود أمامنا ولا تسمح لدخول أي مساعدات”.
وتابعت: “لذلك وبسبب الوضع المعيشي المتردي في المخيم، حيث بات يهدد حياة الآلاف من أطفالنا ونسائنا، نناشدكم مع الدول الفاعلة والمعنية بالشأن السوري أن تعملوا على ضم مخيم الركبان للمخيمات التي ترعاها وتشرف عليها الأمم المتحدة، كما نطالب باعتباره منطقة منكوبة إنسانياً”.
كذلك أضاف المحاصرون: “إن تعذّر تلبية مطلبنا، نناشد حكومة المملكة الأردنية من خلالكم بنقل المخيم إلى الأراضي الأردنية، أو العمل على فك الحصار المفروض من جهتها فوراً”.
وختموا بالقول: “مطالبنا أعلاه هي حل إنساني مؤقت، إذ نحتفظ كجميع السوريين، بحق عودتنا إلى أراضينا ومنازلنا بعد تحقق شروط الأمن والأمان المناسبة”.