«اليد» التي عجز العرب عن شلها قطعتها إرادة المقاومين… والشهر المقبل نهاية مهلة توفيق أوضاع اللاجئين

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: يأتي احتفال منظمة الصحة العالمية باليوم العالمي لنظافة الأيدي، هذا العام والعالم عينه على غزة وحرب الإبادة التي حرمت أهلها من كل حقوقهم كبشر. وقد شاركت نجوى طنطاوي في دورة تدريبية لمنظمة الصحة العالمية بعنوان: القتل والإبادة في غزة يتم بالميكروبات أيضا، وتساءل خبراء من منظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود وعدد من الإعلاميين كيف نتوجه لهؤلاء بالحديث عن ضرورة غسل الأيدى وكيفية الغسل، الذي يحمي من الإصابة بالميكروبات والعدوى، في ظل شح المياه. وكانت غزة حاضرة في دورة تدريبية أقامتها منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط في مقرها في القاهرة تحت عنوان، تدريب إعلامي بمناسبة اليوم العالمي لنظافة الأيدي. وحسبما تنقله التقارير الصحافية والتلفزيونية، وما قاله المصابون الذين يتلقون العلاج في مصر، فإن الوضع مأساوي على كل المستويات، فقضاء الحاجة وهو حق إنساني مرتبط بالفطرة أصبح صعبا، فعدد دورات المياه في المستشفيات محدود، ولا يتناسب مع عدد المصابين وذويهم، فضلا عن العاملين في المستشفيات، ما جعل مشهد الطوابير أمام دورات المياه معتادا.. فالتكدس أمام دورات المياه ظهر في التقارير التي نقلتها وسائل الإعلام من داخل مستشفيات ومدارس.. وقالت نجوى طنطاوي في “المشهد”: البعض يمسك نفسه عن قضاء الحاجة بسبب بشاعة المنظر وخشية العدوى مع نقص المياه ووسائل النظافة وأدوات التطهير، ولذلك آثار صحية تؤدي للإصابة بالسلس البولي وقد يصل للإصابة بالفشل الكلوي – حسبما ذكره الأطباء المتخصصون ـ فالفرد الطبيعي يحتاج لقضاء الحاجة ودخول الحمام من 4-5مرات في اليوم. ومن يحالفه الحظ بالحصول على حق الفطرة بقضاء الحاجة لن يفلت من العدوى بالميكروبات مع انتشار الإصابة بالنزلات المعوية. داخل حلقة نقاشية دار الحوار حول الأوضاع الصحية، في ما يتعلق بالعدوى وانتشار الأوبئة والميكروبات في غزة، وهل حديث غسيل الأيدي واقعي في ظل الأوضاع في غزة والشح المائي ومنع دخول “الكلورين” المادة المطهرة التي تقضي على الميكروبات.
وحول القضية التي تثير الرأي العام كشف الدكتور يوسف زيدان عضو مجلس أمناء مؤسسة تكوين الفكر العربي، تفاصيل إعلانه الانسحاب من المؤسسة بسبب عقد مناظرة بين إسلام بحيري عضو مجلس أمناء المؤسسة، وعبدالله رشدي، موضحا أن عقد «المناظرات ليس من مهام المؤسسة ولا من خطة عملها». وأكد زيدان لـ«المصري اليوم»، أنه حال عقد المناظرة سوف ينسحب تماما من مجلس أمناء المؤسسة، لافتا إلى أن دورها الأساسي هو دعم الواقع الثقافي العام وتأسيس معرفة حقيقية وتكريس الفكر المنطقي.
ومن أبرز التقارير المعنية بضيوف مصر المقدر تعدادهم بتسعة ملايين لاجئ: صرح مصدر أمني بأنه من المقرر انتهاء المهل الممنوحة للأجانب المقيمين في البلاد المعفيين من تراخيص الإقامة لاستخراج بطاقات الإعفاء من الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية وفروعها الجغرافية في جميع المحافظات يوم 30 يونيو/حزيران 2024. وأشار المصدر الأمني، إلى أنه سيتم إيقاف الخدمات المقدمة لهم من مؤسسات الدولة كافةاعتبارا من 1 يوليو/تموز 2024.
لن تنتهي هباء

غيرت الحرب في غزة حسابات كثيرة في العالم، وسوف تطيح الحرب برؤوس كثيرة في أكثر من دولة، وستغير الكثير من المواقف، سيرحل عدد كبير من زعماء العالم الذين تورطوا في حرب غزة.. أول الراحلين حسب فاروق جويدة في “الأهرام”، هو الرئيس بايدن، وقد انتهى تاريخه السياسي على أطلال غزة، وسيلحق به نتنياهو الذي لم يحقق هدفا واحدا من أهدافه، سينضم إلى قائمة الراحلين كل من صمت أو تواطأ أو شارك في بداية الحرب وقدّم المال والسلاح والدعم، في مقدمة هؤلاء إنكلترا وفرنسا وألمانيا.. وأمام هذه العواصف ستخرج أجيال جديدة من آلاف الطلاب الذين خرجوا يرفضون مذابح الأطفال في غزة، وهذه الأجيال التي دافعت عن حق الشعب الفلسطيني في وطنه وحريته غيرت كل الحسابات أمام أجيال أدمنت القتل والدمار.. حرب غزة قد تكون صحوة للضمير الإنساني الذي ضاع تحت أقدام الدبابات والطائرات والقنابل المحرمة دوليا، إن عصر تكنولوجيا الموت وجحافل الطغيان لا بد أن تتوارى لتتقدم الصفوف أجيال تؤمن بحقوق الإنسان في الحرية والكرامة، أما تجار الدماء الذين دمروا غزة وقتلوا أطفالها، فسوف يلقون مصير عصور مضت أخذت مكانها في عالم فقد الإنسانية والرحمة، ستلقي غزة لعنات شعبها على كل من استباح حرية شعبها وحقه في الحياة. هناك أجيال خرجت تغير كل ما أصاب الإنسانية من الكوارث والأزمات والمحن، وللزمن دورات وكل من ظلم أو قتل أو تآمر عليه أن ينتظر نهايته.. لا يمكن أن تستمر روح العنف التي تسيطر على سلطات الحكم في العالم ما بين الإرهاب والاستبداد والإبادة.. نحن أمام عالم فقد كل مقومات الإنسانية، وجاء الوقت لكي تتصدر المشهد أجيال جديدة تفتح آفاقا للأمن والاستقرار وحق كل إنسان في الحرية والكرامة ويكفي أجيال الطغيان ما دمرت.

يسوؤهم انتصارها

الذين راهنوا من عرب يعيشون بيننا على العيش تحت شعار “الإيد اللي ما تقدرش تقطعها بوسها” وجدوا أنفسهم فجأة على حد رأي عصام كامل في “فيتو” أمام حقيقة مزعجة، وهي أن اليد التي تصوروا أنهم لا يستطيعون قطعها، قطعتها ثلة من مقاتلين لا يملكون من أدوات القتال إلا الإرادة. الذين تصوروا أنهم زرعوا بيننا كيانا عملقوه؛ بأجهزة مخابراتهم وبأسلحتهم وبكل أدوات القتل والتدمير، وجدوا أنفسهم فجأة أمام حقيقة أكثر إزعاجا، وهي أن كيانهم هُزم هزيمة ساحقة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما بعده، فرغم أن قواتهم دقت حدود أمتنا بكل عتاد عرفوه، أو استوردوه، إلا أنهم يمنون بهزائم يومية على الهواء مباشرة. لا تحدثونا عن ضحايانا، فقتلانا شهداء، لأنهم يدافعون عن حق، وقتلاهم قتلى، لأنهم يدافعون عن باطل، فمن مات دون ماله فهو شهيد، ومن مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد، والذين راحوا استراحوا، أما الباقون على كراسيهم فإنهم يموتون كل يوم ألف مرة. غزة مقبرة الغزاة.. غزة رمز العزة ونموذج لإرادة إنسانية منحها الله الحق والرضا، وها هي ذخائرهم تقتل أطفالا ونساء، وتدمر بيوتا ولم تنل حتى حينه من إرادة مقاتلين يقاتلون بأسلحة بدائية، وينتصرون، وأمامهم تقف كل أساطيل أمريكا وأسلحة فرنسا ومدمرات ألمانيا وألاعيب بريطانيا، عاجزة لا حول لها ولا قوة. العرب الذين طبّعوا، والعرب الذين تماست مصالحهم مع مصالح الكيان المحتل، في مأزق رهيب، والمقاومة التي تآمروا عليها -عربا وعجما – لا تزال تقاتل من تحت الأرض، ومن بين الأنقاض وكأن ملائكة تساندهم وطيرا أبابيل تلقي بحمم من سجيل تطارد كل المتآمرين في مضاجعهم. وها هو وزير خارجية أمريكا ووزير دفاعها يجندون كل إمكانيات الشيطان الأكبر لصالح الكيان، والكيان مهزوم مهزوم يا ولدي، يجتمعون ويناقشون ويدبرون بليل، والليل عليهم طال أمده وطالتهم يد المقاومة النبيلة في كل عواصم الشر العربية قبل الغربية. إن الذين ينفون -وهما – انتصار المقاومة، إنما يفعلون ذلك لأن الخطر يحيط بهم من كل جانب، ويحيط بشرعيتهم وبوجود الكيان، وقد عاد من جديد شعار أن الصراع صراع وجود لا صراع حدود، وبات واضحا أن نهاية الظلم والقهر والوهم وصناعة الخوف من كيان هش أصبحت على المحك. غزة انتصرت يوم أن قرر أهلها الفرار إلى الله، وغزة تنحت نصرا مبينا لأمة ظن بعض أهلها أنهم مقهورون، وأنهم مهزومون، وأن هناك يدا لا يستطيعون قطعها.. اليد التي قبلوها أصبحت مقطوعة لا حراك فيها ولا قوة لها، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.

أفضل من لا شيء

يأتى قرار مصر بالانضمام لجنوب افريقيا في دعوى الإبادة الجماعية المرفوعة ضد إسرائيل، في محكمة العدل الدولية، رد فعل مباشر على سلسلة القرارات المتهورة التي اتخذتها إسرائيل في الأيام الأخيرة، بهجومها على رفح، رغم التحذيرات الدولية، وبإغلاقها المعبر من الجانب الفلسطيني، ثم – وهو الأخطر- حسب محمد سلماوي في “المصري اليوم”، إدخال قواتها العسكرية إلى محور فلادلفيا (صلاح الدين) على الحدود المصرية، الذي تنص اتفاقية السلام على أن يظل منطقة عازلة بطول الحدود بين الجانبين، بالإضافة لاتفاقية فلادلفيا، التي لا تسمح لإسرائيل بالدخول إلى المنطقة إلا بموافقة مصر، فما الذي دفع إسرائيل لانتهاك اتفاقيتيها مع مصر؟ ما الذي دفعها لتحدي العالم كله، بما في ذلك حليفتها الكبرى الولايات المتحدة، التي أبرمت الاتفاقية الأولى وباركت الثانية؟ المكسب الأكبر لإسرائيل بالطبع هو إحكام السيطرة بالكامل على قطاع غزة، بحيث لا يكون للفلسطينيين أي منفذ على العالم، إلا من خلال إسرائيل نفسها، ومن هنا تستطيع إسرائيل أن تفرض إرادتها على كامل أرض غزة بعد تطهيرها من سكانها عن طريق الميناء الأمريكي الجديد الذي يجري إنشاؤه الآن، لأطماع إسرائيلية تتعلق بثروات غزة الطبيعية غير المكتشفة، وبموقعها الاستراتيجي بالنسبة لقناة بن غوريون، التي تعتزم إسرائيل إنشاءها لمنافسة قناة السويس، وبإمكانياتها العمرانية لتوطين المزيد من المتطرفين اليهود، الذين يلقون مقاومة مستمرة في الضفة الغربية، وهي بسيطرتها الكاملة على محور فلادلفيا، البالغ طوله 14 كيلو مترا بمحاذاة الحدود المصرية، إنما تفصل تماما وبشكل نهائي بين فلسطين وجارتها الكبرى مصر، لتتصرف فيها وفي سكانها كما تشاء.

ليست بالخطوط

دخول إسرائيل إلى رفح يشكل من وجهة نظر محمد سلماوي تحديا على المستويين التاريخي والجغرافي والمعنوي أيضا، وتأثيره على الجانب المصري لا يمكن تجاهله، أما انعكاساته العسكرية فخطيرة، لأن دخول السلاح الإسرائيلي إلى المنطقة العازلة يغير الميزان العسكري بين الجانبين، وكان في انضمام مصر إلى جنوب افريقيا في دعوى الإبادة الجماعية – وهي خطوة قابلة للتصعيد- تلويح دبلوماسي واضح بأن هذا القرار الأحادي غير مقبول، وأن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء التحركات العسكرية الإسرائيلية غير المحسوبة، كما كان في إعلان وزير الخارجية سامح شكري، تمسك مصر باتفاقياتها الدولية، اتهام ضمني لإسرائيل بأنها خرقت تلك الاتفاقيات بإدخال قواتها إلى الشريط الآمن الملاصق للحدود المصرية، ما يشكل تهديدا صريحا للأمن القومي المصري، فحدود الدول لا تكون فقط بالخطوط التي ترسم على الخرائط، وإنما بالغلاف الأمني الذي يحيط بتلك الحدود، ولنا في أزمة الصواريخ التي حدثت عام 1962 خير مثال على ذلك، فالصواريخ التي وضعها الاتحاد السوفييتي في أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام في كوبا، ردا على الصواريخ الأمريكية في تركيا، لم تكن داخل الحدود الأمريكية، ولا كانت صواريخ تركيا داخل الحدود السوفييتية، لكنها في الحالتين كانت في قلب المنطقة التي تجعلها تمثل تهديدا للأمن القومي للدولة الأخرى، وهكذا تفاقمت الأزمة بين الدولتين العظميين، بما هدد العالم بأول مواجهة نووية في التاريخ، ولولا الحكمة التي اتسم بها الزعيمان التاريخيان خروشوف وكينيدي لكان في ذلك نهاية العالم، فهل في القيادة الإسرائيلية الحالية من يتصف بأي قدر من الحكمة؟

سلوك طبيعي

هل كان متصورا أن تقف مصر غير هذا الموقف؟ تابع الدكتور أسامة الغزالي حرب في “الأهرام”، أتحدث هنا عن البيان الذي صدر (الأحد 12 مايو/أيار) من وزارة الخارجية المصرية، الذي أعلن اعتزام مصر التدخل رسميا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في انتهاكات لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقب عليها، في قطاع غزة. ووفقا لما جاء في ذلك البيان، فإن التقدم بإعلان التدخل في تلك الدعوى، يأتي في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، والإمعان في اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، من استهداف مباشر للمدنيين، وتدمير البنية التحتية في القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم، ما أدى إلى خلق أزمة إنسانية غير مسبوقة، أدت إلى خلق ظروف غير قابلة للحياة في قطاع غزة، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب. ما نقلته وسائل الإعلام الدولية، في الأشهر الثمانية الأخيرة، عقب طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023 كشف وجها عنصريا بغيضا للدولة اليهودية، لا يمكن تجاهله، فقد ملأ الإسرائيليون وحلفاؤهم العالم صراخا لما أحدثه الطوفان ولكنهم – ببجاحة ووقاحة ووحشية وسعار -غير مسبوقة، انطلقوا ينتقمون، ويقتلون كل البشر، أطفالا ونساء وشيوخا ورجالا، ويدمرون المرافق والمباني في أنحاء متعددة من غزة، على نحو شهده العالم كله غير أن تلك الجرائم للإبادة الجماعية، أيقظت، على نحو رائع غير مسبوق، ضمائر الأجيال الجديدة الشابة والنابهة في العالم، وفي المقدمة منهم طلاب أكبر جامعات العالم، وفي مقدمتها في الولايات المتحدة نفسها ألا يدهشنا – – بل ويذهلنا بعد ذلك غضب الإسرائيليين من انضمام مصر لدعوى جنوب افريقيا؟
لا ينفع الغضب

فى الوقت الذي يندد فيه العالم بوحشيته، ما زالت سلطة الاحتلال تجبر الفلسطينيين على إخلاء مناطق جديدة في رفح تمهيدا لاقتحامها، حتى بلغ عدد النازحين أكثر من 150 ألف شخص خرجوا في مشهد مأساوي مهين، كأنهم يعيدون إلى الأذهان صورة النكبة الأولى عام 1948، حسب عبد العظيم الباسل في “الوفد”، يحدث ذلك بمباركة أمريكية أوروبية وتأييد غربي سافر، فبينما تقصف إسرائيل مخيم (جباليا) يخرج أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي ليبرئ إسرائيل من انتهاك القانون الدولي، ويرجوها أن تلتزم بحقوق المدنيين، كما تهدد بعض الدول الغربية إسرائيل بالاعتراف بفلسطين، هكذا اعتاد الغرب تلك التصريحات لدغدغة الرأي العام الضاغط على صناع القرار في عواصمهم، بمظاهرات حاشدة في الشوارع والجامعات، (كهارفارد وكولومبيا وكذلك جماعة جورج واشنطن) في العاصمة الأمريكية، التي تطالب بإصدار مذكرة اعتقال لنتنياهو من الجنائية الدولية، لقاء جرائمه ضد الإنسانية. من جانب آخر يتزامن مع تلك الأحداث تصويت 143 دولة من 192 أعضاء الجمعية العامة في الأمم المتحدة، للاعتراف بفلسطين، كخطوة إيجابية لصالح القضية الفلسطينية، لكن واشنطن تنتظرها في مجلس الأمن (بفيتو جديد) لاغتيال هذا القرار، أمام ذلك ما زال الموقف المصري واضحا في إدانة إسرائيل، منذ اللحظات الأولى للعدوان على غزة، وطوال شهور الحرب تحمل مصر إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، ورفضها الحالي التنسيق مع الجانب المصري لدخول المساعدات، التي باتت متوقفة أمام معبر رفح منذ ثلاثه أيام، كما أن مصر ما زالت رافضة للنزوح الجماعي من رفح، متمسكة بوقف التهجير القسري لتصفية القضية الفلسطينية، داعية إلى حل الدولتين لإنهاء الأزمة. واليوم تتخذ مصر خطوة جديدة قبل نفاد صبرها، بعد أن طال هدوؤها أمام التعنت الإسرائيلي، ولكن عندما يتعلق الأمر بأمنها القومي – وهي الأقدر على حمايته – كان لا بد من تحركها القانوني المتصاعد، الذي تجسد في مشاركة جنوب افريقيا في دعواها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، إيمانا من جانبها بأن التصعيد الإسرائيلي لا بد أن يواجه بتدخل قانوني حاسم، خاصة ان لمصر مصداقيتها القانونية في المحافل والمنظمات الأممية، بعد أن دفعها لذلك القتل جوعا والإبادة الشاملة للفلسطينيين، وعدم اعتراف إسرائيل بحقيقتها، كسلطة احتلال يلزمها القانون الدولي باحترام حقوق وآدمية الشعب المحتل فهل تفيق إسرائيل قبل نفاد صبر مصر؟

في انتظار التنفيذ

المتابع للإعلام الإسرائيلي خلال الساعات الماضية والتصريحات غير الرسمية هناك، يكتشف أن إسرائيل في حالة صدمة بعد إعلان مصر عزمها الانضمام لجنوب افريقيا في القضية المرفوعة ضد تل أبيب في محكمة العدل الدولية في لاهاي، الحقيقة التي انتهى عندها ياسر شورى في “الوفد” أن مصر تمارس سياسة ضاغطة وواثقة نحو دفع إسرائيل إلى وقف العدوان على غزة ورفح، وإعادتها إلى المبادرة المصرية التي وافقت عليها إسرائيل من قبل، ثم تراجعت بعد موافقة حماس. الخطوة المصرية الجديدة تضيق الخناق على نتنياهو ومجرمي الحرب الصهاينة، فقرارات العدل الدولية نافذة وأحكامها واجبة النفاذ، ولمن لا يذكر فإن المحكمة أصدرت حكما سابقا طالبت فيه إسرائيل بوقف عمليات الإبادة الجماعية وهي إدانة أولية ستتحول لحكم نهائي مع تدخل مصر بكل ثقلها مع جنوب افريقيا. يأتي التدخل المصري في القضية بعد نجاح القاهرة في حشد رأي عالمي ضد الجرائم، التي ترتكبها تل أبيب على مرأى ومسمع من الجميع. إجادة استخدام الأوراق المصرية – رغم لجوء إسرائيل إلى لعبة حافة الهاوية – يأتي بنتائج إيجابية أهمها تغير الموقف الأمريكي نفسه من الدعم الكامل للصهاينة، إلى رفض قاطع لاجتياح رفح. إدارة تلك الأزمة المستحكمة ليس سهلا، خاصة في ظل وجود مجرم حرب يحكم إسرائيل، ويمارس جنونا لم يشهده العالم من قبل، رغم فشله طوال الشهور الماضية في تحرير أسير واحد بتلك الحرب البربرية، التي يشنها سوف تستفيق إسرائيل في نهاية المطاف على كارثة كبيرة وفضح جيشها المزعوم أمام العالم. مصر عندما تعلن تدخلها مع جنوب افريقيا ليس مجرد شو إعلامي وإنما لديها الكثير من الأوراق والقوة الدبلوماسية لترجيح الكفة أمام المحكمة لوقف تلك الجرائم.

لماذا تخشاها؟

لماذا يتعمد قادتها إهانة هذه المنظمة الأممية العالمية وأمينها العام غوتيريش بأفظع الألفاظ؟ لماذا لا تحترم إسرائيل قرارات الأمم المتحدة وتتلاعب بميثاقها ومعاهداتها الملزمة للجميع؟ مضى جمال حسين في “الأخبار” طرح تساؤلاته، لماذا لا تتدخل أمريكا لإنقاذ الامم المتحدة من الاستهداف الإسرائيلي وتعيد إليها كرامتها وكبريائها؟ هذه التساؤلات قفزت إلى ذهني وانا أشاهد عبر شاشة التلفزيون منذ يومين ذلك التصرف الغريب الذي ارتكبه جلعاد إردان مندوب إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة عندما وقف يوجه سيلا من السباب والشتائم للأمم المتحدة وللدول التي وافقت على القرار التاريخي بأغلبية 143 دولة بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. فوجئ العالم كله بمندوب إسرائيل يخرج من حقيبته الدبلوماسية “مفرمة” زجاجية مخصصة لفرم الأوراق، ويقوم بتشغيلها أمام الجميع داخل القاعة لتمزيق ميثاق الأمم المتحدة، من أين استمد جلعاد هذه القوة والتجبر والبلطجة والبجاحة ليفعل ذلك داخل مقر الأمم المتحدة؟ وكيف نجح في تهريب هذه “المفرمة” إلى داخل القاعة، رغم الإجراءات الأمنية المشددة للغاية في الدخول للأمم المتحدة.

سباب لا ينتهي

لم يكتف جلعاد أردان مندوب إسرائيل بذلك، بل وفق ما أخبرنا جمال حسين، وجه سيلا من الشتائم والسباب للأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش واتهمها بأنها أصبحت معادية للسامية وتشجع الإرهاب، وقال إنه مزق ميثاق الأمم المتحدة لأنها هيئة وقحة فتحت أبوابها لمن وصفهم بالجهاديين، الذين يرتكبون الإبادة الجماعية لإقامة دولة إسلامية، قال إن هذا اليوم سيكون عار على الأمم المتحدة التي تأسست في أعقاب القتل المنهجي لستة ملايين يهودي في المحرقة النازية، ومع ذلك تصوت لصالح فلسطين. نسي مندوب إسرائيل أن بلادة ارتكبت وما زالت ترتكب أكبر عملية إبادة في حق المدنيين الفلسطينيين، بقصف وحشي بآلاف الأطنان من المتفجرات. الحقيقة، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها الأمم المتحدة وغوتيريش للاضطهاد والإرهاب من قبل قادة إسرائيل في محاولات مستميتة منهم لإثنائه عن قول الحق. وزير الخارجية الإسرائيلي طالبه من قبل بالاستقالة فورا، معتبرا أنه ليس أهلا لقيادة المنظمة الدولية لأنه شهد في مجلس الأمن بأن هجمات حماس لم تأت من فراغ، ولا تبرر لإسرائيل القتل الجماعي. القاصي والداني يعلم أن سياسة الاستقواء والبلطجة التي تمارسها إسرائيل ضد الجميع، لم تكن لتحدث إلا بدعم كامل من أمريكا تحت ضغط اللوبي الصهيوني الذي يتحكم في صناعة القرار الأمريكي.. لكن هل تتحرك 143 دولة تعرضت للسباب والشتائم لمجرد أنها وافقت على قرار الأمم المتحدة لصالح فلسطين، وهل يتقدمون باحتجاج رسمي على إهانة إسرائيل لهم؟ أشك في ذلك.

طردها واجب

لم تكن عبلة الرويني في “الأخبار” أقل غضبا على تردي أحوال المؤسسة الأممية في مواجهة البلطجة الإسرائيلية: تعليق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق (تونسي) على صفاقة مندوب إسرائيل في الجمعية العمومية، وقيامه بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة علنا.. تعليق ركيك وهزيل وفاتر. حتى يعلق المتحدث الرسمي بهدوء مؤسف (نحن لا نعلق على التصريحات والمسرحيات في الماضي والحاضر). بينما قام جلعاد أردان مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، في اجتماع الجمعية العمومية أخيرا، بسب العالم وأعضاء الجمعية العمومية…وصفهم (بالعار).. و(العودة للنازية)، وأتى بمفرمة ورق صغيرة، وقام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة صارخا في هيستيريا (إنه عمل غير أخلاقي) كيف تمنحون امتيازات للإرهاب.. هيستيريا جلعاد غير المسبوقة، احتجاجا على تصويت أعضاء الجمعية العمومية (موافقة 143 صوتا، ومعارضة 9 أصوات، وامتناع 25 عن التصويت) على توسيع امتيازات فلسطين (كدولة مراقب) منها حضور اجتماعات الجمعية العمومية (دون صلاحية التصويت) والتوصية لمجلس الأمن بإعادة النظر بشكل إيجابي في تأهيل فلسطين لعضوية رسمية بالأمم المتحدة (فلسطين ليست عضوا في الأمم المتحدة، لكن دولة لها صفة (مراقب) وهو اعتراف أقرته الجمعية العمومية 2012). تصويت العالم لصالح عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ليس سوى معنى رمزي، لأن (الفيتو) الأمريكي في مجلس الأمن يمنع دائما أي محاولة لمنح العضوية الكاملة لفلسطين، ويحمي الانتهاكات الصهيونية لكل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.. وإذا كانت الأمم المتحدة لا تمتلك صلاحية تنفيذ قرارات أعضاء جمعيتها العمومية، فليس أقل من حماية مواثيقها ومكانتها من كل أشكال التعدي الإسرائيلي… ليس بغض النظر و(عدم الالتفات إلى المسرحيات) لكن باتخاذ موقف حاسم سواء بوقف عضوية إسرائيل أو طردها نهائيا من الأمم المتحدة.

سنة الحياة

هل نهتم بخلق الصف الثاني من القادة والمسؤولين.. بحكم خبرة عبد الغني داوود في “المشهد” الممتدة لـ36 عاما في العمل الحكومي انتهى لما يلي: المسؤول الواثق من نفسه هو من يستعين بأصحاب القدرات، وهو من يعمل جاهدا على خلق الصف الثاني، وهو من يجهز ويمهد الساحة لمن يخلفه، أما المسؤول الضعيف المهتز فهو من يجمع حوله فاقدي الموهبة من أقزام القدرات حتى يبدو وسطهم عملاقا، وهو من يخشى تماما من خلق صف ثانٍ، خوفا من أن يأتي من يخلفه فيكشف ضعفه وسوءاته. ومما لا شك فيه أن هذا ما زاد إعجابي وتقديري للرئيس السادات رحمه الله، كرجل دولة واثق من نفسه، اختار حسنى مبارك قائد القوات الجوية في حرب أكتوبر/تشرين الأول ليكون نائبا له ولم يبخل عليه بالتدريب والنصيحة وتكليفه بمهام داخلية ودولية، ومن ثم عندما رحل السادات وتولى مبارك كان لديه القدر المناسب من الخبرات التي مكنته من التواصل مع أجهزة الدولة ومع المجتمع الدولي.. رحم الله السادات ورحم مبارك. والحقيقة أنني تابعت الاجتهادات والتوقعات حول حركة المحافظين، وحول التغيير الوزاري المحتمل، بعد أن أدى الرئيس السيسي اليمين الدستورية لفترته الرئاسية الثالثة والأخيرة، بل إن بعض المصادر الإعلامية بشرتنا بعدد الوزراء والمحافظين الذين سيتم تغييرهم. ومضى الوقت ولم يحدث التغيير الوزاري، بل لم يعد أحد يتكلم عن التغيير الوزاري، الذي رأه البعض حتميا مع بدء فترة رئاسية جديدة.. وأخشى ما أخشاه أن يكون سبب عدم حدوث التغيير صعوبة العثور على شخصيات تقبل تحمل المسؤولية وقادرة على القيام بواجبات ومهام الوظيفة. وما أثق فيه تماما أن مصر غنية بالكفاءات وغنية بأبنائها المخلصين القادرين على العطاء والإبداع، إذا ما أتيحت لهم الفرصة وإذا ما سمح لهم بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية. ويبقى القول إن التغيير سنة الحياة، فلا الشتاء يبقى ولا الربيع يبقى، ولابد من تتابع الفصول وتغير الجو، والتغيير يعطى الأمل ويمنح الفرصة للتصحيح والإضافة والبناء على ما تم وما كان. والتغيير لا يعني أبدا الإساءة إلى المسؤولين الحاليين، ولكنه يعني ضخ دماء جديدة بآمال جديدة واجتهادات جديدة.

حواء هنا

أضاف الكشف عن مقابر العمال بناة الأهرامات، إلى الجنوب الشرقي من أهرامات الجيزة، صفحات جديدة لتاريخ مصر العظيم. ولعل أهمية هذا الكشف وفقا للدكتور زاهي حواس في “المصري اليوم”، أنه يحدثنا عن حياة المصريين الذين بنوا الأهرامات، وكيف عاشوا، وماذا كانوا يأكلون ويلبسون، لقد كشفت لنا هذه الجبانة عن تفاصيل مهمة عن علاقة الرجل بالمرأة في الطبقات الوسطى والدنيا من المجتمع المصري القديم. كما أن هذا الكشف أفادنا في أمرين: الأول أنه أثبت أن المصريين هم بناة الأهرامات، فلا صلة لأي حضارة مفقودة بالأهرامات، وليس لليهود أيضا صلة ببناء الأهرامات. والأمر الثاني أن الأهرام بُنيت بالتقوى، ولم تبنَ بالسخرة بدليل أن الملك أفسح لقبور العمال مكانا إلى جوار هرمه. ولا سبيل للسخرة أن تبدع في علم الرياضة والفلك والحساب والهندسة والعمارة. فيمكن للسخرة أن تبني مباني شاهقة، لكنها لا يمكن لها أن تبرع في بناء الأهرامات وما فيها من إبداع وإعجاز. اتضح لنا من دراسة مقابر بناة الأهرامات أن معظم النساء، دُفنّ في مقابر مشتركة تجمع بين الرجل وزوجته، فضلا عما أقيم لبعضهن من مقابر مستقلة وهي قليلة. وقد عثرنا على مقبرتين لامرأتين نُقش اسم إحداهما «ربيت حتحور» على حوض صغير من الحجر الجيري، مخصص للقربان أمام بابها الوهمي. وكانت ربيت حتحور تعمل كـ«كاهنة الإلهة حتحور». وربما دلت هذه المقبرة على نساء غير متزوجات، كان لهن نصيب في المشاركة ببناء الأهرامات. وكان منهن من عملن في سقاية العمال أثناء العمل، ومنهن العاملات في مصانع الجعة، أو في أفران خبز العيش أو مصانع تجفيف السمك أو في مساعدة الأطباء في إسعاف العمال المصابين أو المرضى. كذلك قامت النساء بحياكة ملابس العمال.

حبيبة خفرع

يتضح من اسم السيدة ربيت حتحور التي كشف النقاب عنها الدكتور زاهي حواس أنها كانت مرتبطة بالإلهة «حتحور» إلهة الحب والجمال في مصر القديمة، التي كان لها دور كبير جدا في الدولة القديمة، وعُبدت داخل المجموعة الهرمية، وعُثر على اسمها منقوشا على المدخل الجنوبي لمعبد الوادي الخاص بالملك «خفرع» ويعتقد الكاتب أنها «حبيبة خفرع». بالإضافة إلى وقوفها جوار الملك «منكاورع»، حيث تمثل نفسها في مقام الملكة كزوجة وحبيبة وحامية، ضمن تماثيل «الثالوث» الشهيرة الموجودة في المتحف المصري في القاهرة، ومتحف بوسطن للفنون الجميلة، التي كشفها العالم الأمريكي جورج رايزنر، عندما كان يعمل في الجيزة في بداية القرن الماضي. وكان للسيدات اللواتي يحملن لقب «كاهنة حتحور» دور ديني مهم حيث كن يقمن بالطقوس الدينية أمام مقاصير أو معابد أهرامات الملكات، التي تقع في الجنوب الشرقي للأهرامات. وكن يقمن بالرقص الديني أمام هذه المقاصير لتخليد ذكرى الملكة زوجة الملك التي كانت تتشبه بالإلهة «حتحور» وكانت الملكة أو «حتحور» زوجة الملك الحي. ولم يكن اللقب قاصرا على زوجات الموظفين، بل العمال كذلك، حيث عثر في الجيزة فقط على أكثر من 90 لقبا لزوجات الموظفين والأمراء يحملن لقب «كاهنة حتحور». سيدة أخرى تسمى «نوبي» كانت مقبرتها أكبر نسبيا وتحمل لقب «كاهنة الإلهة نيت». وتبين من جبانة الموظفين في الجيزة وجود نحو ستين امرأة تحمل لقب «كاهنة نيت»، حيث لعبت الإلهة «نيت» دورا مهما في الدولة القديمة، جوار الإلهة «حتحور». والحقيقة أن دور المرأة في مصر القديمة كان من أسباب الاستقرار في مصر القديمة، ولها الفضل الكبير في بناء الحضارة المصرية القديمة. لقد شاركت المرأة في بناء الأهرامات جنبا إلى جنب مع الرجل، ولم يكن دورها فقط داخل جدران منزلها كما يعتقد البعض.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية