لندن ـ «القدس العربي»: بلغة الأرقام وبالعقل والمنطق والتاريخ وكل مفردات المبالغة المتعارف عليها في عالم «صاحبة الجلالة»، سيكون من الصعب الجدال على اقتراب مانشستر سيتي من الاحتفاظ بلقبه المفضل الدوري الإنكليزي الممتاز للمرة الرابعة على التوالي، كأول فريق يحقق هذا الإنجاز منذ تغيير مسمى ونظام المسابقة في بداية تسعينات القرن الماضي، وذلك بعد حدوث آخر وأسوأ سيناريو كان ينتظره عشاق نادي آرسنال، بسقوط عدو الحي الشمالي توتنهام أمام الإعصاري السماوي بهدفين نظيفين في قمة «توتنهام هوتسبر» المؤجلة من الجولة الـ34، إلا إذا نجح الغريم العاصمي الآخر وستهام في تحقيق ما عجز عنه كل من تحدى السيتي في معركة حاسمة في ختام الموسم، في ما ستكون أشبه بهدية السماء إلى المدرب الإسباني ميكيل آرتيتا، أو مكافأة القدر نظير عمله الخارق هذا الموسم بوجه عام، ومنذ بداية العام الميلادي بوجه خاص، وتجلى ذلك في الأرقام القياسية التاريخية التي حققها الفريق في رحلة البحث عن أول لقب بريميرليغ منذ عقدين من الزمن، وأمور أخرى سنسلط الضوء عليها في موضوعنا الأسبوعي، منها الإجابة على سؤال كل موسم: كيف فرط منافس المان سيتي في الصدارة وجعل مصيره معلقا على ضربة حظ من فريق آخر؟
لعنة البداية
يتفق المنافس قبل المؤيد، على قوة وجودة النسخة التي يبدو عليها فريق المدفعجية، منذ تجاوز هزيمة دربي «كرافن كوتيدج» أمام فولهام في آخر ساعات العام الماضي، تلك الفترة الذهبية التي لم يفقد خلالها آرتيتا وعصابته أي نقاط، باستثناء التعادل أمام حامل اللقب في آخر 3 سنوات والهزيمة الصادمة أمام أستون فيلا بهدفين نظيفين في الجولة الـ33، وهذا ما كان يخطط له المدرب الإسباني، بتحويل الفريق إلى آلة فوز كاسحة في أشهر وأسابيع الحسم في نهاية الموسم، بعدما كانت في الماضي أشبه ببداية فترة الترنح وانهيار اللاعبين بدنيا وفقدان النقاط السهلة، لكن قبل المسيرة غير المسبوقة لأصحاب الجزء الأحمر في الشمال اللندني في الأشهر الأربعة الماضية، كانت هناك سلسلة من الانتكاسات في النصف الأول، تسببت بشكل أو بآخر في ابتعاد الفريق عن دائرة المنافسة على اللقب بشكل حقيقي حتى بداية فترة أعياد الميلاد، على غرار الخروج بنقطة واحدة أمام فولهام في مباراتي الدورين الأول والثاني، بتعادل مخيب للآمال في مباراة أغسطس/ آب الماضي بهدفين لمثلهما في قلب ملعب «الإمارات»، في مباراة كانت شاهدة على اهتزاز الشباك في أول دقيقة للمرة الثالثة في العام 2023، قبل أن يأتي موعد السقوط في «كرافن كوتيدج»، رغم النجاح في أخذ المبادرة في أول 5 دقائق عن طريق بوكايو ساكا، لكن في الأخير، استسلم للأمر الواقع، وأيضا بنفس الآفة التي شكلت صداعا للمدرب آرتيتا، وتكمن في الهفوات الفردية الساذجة، التي كانت سببا في خروج آرسنال بثلاث نقاط فقط من أصل 9 نقاط كانت في المتناول في تلك الفترة أمام فولهام وتوتنهام وتشلسي، بعد التعادل معها بنفس النتيجة 2-2. وما زاد الطين بلة، أن هذه السلبية تعاظمت وأصبحت أكثر وضوحا أكثر من أي وقت مضى مع حلول فصل الشتاء، الذي كان شاهدا في بدايته على ضياع 10 نقاط في 5 مباريات على التوالي، بدأت بالخسارة أمام الحصان الأسود أستون فيلا بهدف نظيف في الأسبوع الـ16، وبعدها بأسبوعين اكتفى بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله أمام ليفربول، ثم تجرع من مرارة الهزيمة أمام وستهام وفولهام في غضون 48 ساعة، هذا ولم نتحدث عن ليلة السقوط أمام نيوكاسل يونايتد، في المباراة التي شهدت أزمة تحكيمية معقدة، نظرا للشكوك الكثيرة حول صحة هدف المباراة، وارتأى بعض النقاد والمتابعين في تلك الفترة، أن آرسنال يعاني من إرهاق جسدي، تأثرا بضغط جدول المباريات، حيث كان العديد من اللاعبين يشاركون في 3 مباريات على الأقل في الأسبوع الواحد، حتى بعد الانتهاء من زخم معارك دوري مجموعات أبطال أوروبا، الأمر الذي جعل عطلة يناير/ كانون الثاني، تبدو وكأنها طوق النجاة لآرتيتا واللاعبين، على الأقل ليلتقطوا أنفاسهم بعد الإجهاد الجسدي والعقلي في تلك المرحلة، أو بالأحرى بعد انتهاء النصف الأول لموسم البريميرليغ، الذي خرج منه الفريق بأربعة تعادلات وأربع هزائم في 20 مباراة على مستوى الدوري.
كلمة السر
صحيح آرسنال حقق المطلوب منه منذ بداية العام الميلادي، وبالكاد لم يكن هناك هامش للخطأ، وقبل هذا وذاك، كان متساويا مع «السكاي بلوز» في تلك الفترة، لكن الأخير كانت له مباراة مؤجلة، ورغم أن الأستاذ بيب غوارديولا، لم يحقق الفوز في مباريات أكثر من تلميذه النجيب في تلك المباريات، بتعادله 3 مرات أمام تشلسي وليفربول والمنافس المباشر، لكنه استطاع أن يجمع 48 نقطة في 18 مباراة، في المقابل حصد الفريق اللندني 46 نقطة في 17 مباراة، وهو نفس السيناريو المؤلم، الذي حرم يورغن كلوب من تعزيز أرشيفه بأكثر من لقب للبريميرليغ، وأيضا هدم أحلام آرتيتا نفسه في كسر عقدة الدوري الموسم الماضي، ولو أن هذا لا يقلل بالضرورة من عمل المدرب الإسباني ولا مجهوده الخارق، لإعادة جزء كبير من الهيبة والشخصية الكبيرة التي كان عليها آرسنال في سنوات المجد مع جيل تييري هنري الذهبي في بداية الألفية، والدليل على ذلك أرقامه القياسية التاريخية على مستوى الدوري، بتسجيل ما مجموعه 89 هدفا واستقبال 28 هدفا في 37 مباراة، في المقابل جاء الدرع الذهبي في العام 2004، بعد تسجيل 73 هدفا واستقبال 26 هدفا في 38 مباراة، الفارق الوحيد أنه في حال تمكن آرتيتا ورجاله من الفوز على إيفرتون في نزهة اليوم، سيصل الفريق للنقطة الـ89، بفارق نقطة عن موسم لقب اللا هزيمة، وهذا في حد ذاته، يثبت أن عودة المدفعجية للمنافسة على اللقب الغائب منذ سنوات في الموسم الماضي، لم يكن من ضربة حظ أو من قبيل الصدفة، بل لوصول مشروع آرتيتا إلى المستوى التالي والأخير للمنافسة بشكل حقيقي وجاد على اللقب، وكما قيل عن كلوب أكثر من مرة، لولا الاصطدام بأعظم وأقوى وأشرس فريق في تاريخ البريميرليغ في العصر الحديث، لربما كان حسم اللقب هذا الموسم قبل جولتين أو ثلاثة من النهاية، لكنه القدر يا عزيزي مشجع آرسنال، أن تكون مضطرا لمنافسة سير أليكس فيرغسون هذا الزمان، مدرب لم يخسر لقب الدوري طوال تاريخه التدريبي إلا مرتين أو ثلاثة، واحدة عندما كان مدربا لبرشلونة في فترة الهيمنة على إسبانيا وأوروبا بين عامي 2008 و2012، ومرتين منذ وصوله إلى ملعب «الاتحاد» عام 2016، الأولى كانت أشبه بالنزهة في أولى مواسمه في وطن كرة القدم، وكانت من نصيب تشلسي في عهد الإيطالي أنطونيو كونتي، والثانية التي خطفها ليفربول في موسم جائحة كورونا، والمثير للدهشة والاستغراب، أنه بشهادة بعض النقاد والمتابعين، لم يكن السيتيزينز في أفضل حالاته هذا الموسم، خاصة في فترة تشبع اللاعبين من تخمة البطولات في بداية الموسم، وما تبعها من ضربات مؤلمة، مثل فقدان العقل المدبر كيفن دي بروين لعدة أشهر، ومعه صاحب الأدوار المركبة جون ستونز، وقائمة عريضة عادت تدريجيا في الوقت المفضل للفيلسوف الكتالوني، مع بدء العد التنازلي لشهر أبريل/ نيسان الحاسم، حيث يكون الفريق قد بدأ سلسلة جديدة من اللا هزيمة، تمهيدا لتوجيه الضاربة القاضية للمنافس الطامح في لقب الدوري، كما فعلها مرتين في ليفربول بسيناريو كربوني للضربة القاضية المحتملة لآرتيتا وفريقه في الأحد الكروي العظيم.
تنبؤات الكومبيوتر
أخبرتنا شبكة «أوبتا» في آخر تحديث لتنبؤات الكومبيوتر العملاق، أن الصراع على لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، تقريبا انتهى، بفضل الانتصار المظفر الذي حققه فريق غوارديولا على دابته السوداء في لندن توتنهام، بهدفين نظيفين، في مباراة كانت من الممكن أن تأخذ منحى آخر، لو أحسن الديوك الفرص التي أتيحت لهم أمام مرمى الضيوف، أبرزها انفراد هيونغ مين سون، الذي خلع قلب بيب وأسقطه أرضا في الدقائق الأخيرة، قبل أن يتمكن الحارس البديل من التصدي للانفراد على طريقة حراس كرة اليد، لتنقلب النتيجة من إمكانية التعادل بهدف لمثله، إلى ضربة قاضية ثانية من هالاند من علامة الجزاء في الدقيقة 90، وهذا بحسب الشبكة، ساهم في ارتفاع فرص السيتي في اللقب إلى 84.3% قبل مباريات اليوم، في ما تراجعت فرص آرسنال إلى 15.7%، وذلك بطبيعة الحال، لخبرة السيتي وتمرسه على التعامل مع هكذا مباريات، منذ ريمونتادا كوينز بارك رينجرز الشهيرة في موسم 2011-2012، حين كان مؤسس نهضة السيتيزينز روبرتو مانشيني، قاب قوسين أو أدنى من خسارة اللقب لصالح مانشستر يونايتد، بعد مأزق التأخر في النتيجة أمام الضيف اللندني بهدف مقابل اثنين حتى الدقيقة 90، وبينما كانت الأصوات تتعالى في الجزء الأحمر لعاصمة الشمال، جاءت الصدمة الأولى عن طريق العقرب البوسني إيدين دجيكو، ثم هدف القرن بالنسبة للنادي، الذي سجله سيرخيو أغويرو في الوقت المحتسب بدل من الضائع، في لقطة اختلط فيها الحابل بالنابل في ملعب «الاتحاد»، احتفالا بأول لقب منذ نصف قرن من الزمن، وتكرر الأمر مع المدرب التشيلي مانويل بيليغريني في موسم 2013-2014، بعد استغلال هدية قائد ليفربول ستيفن جيرارد، أو ما تعرف في كتب التاريخ بانزلاقة جيرارد أمام ديمبا با في قمة ليفربول وتشلسي، وآنذاك كان عشاق الريدز ينتظرون هدية من وستهام في زيارته لملعب «الاتحاد»، تماما كما يحلم جمهور الغانرز في وقت كتابة هذه الكلمات، أن يعود غريم المدينة بنتيجة تاريخية من نفس الملعب، لكن في الأخير، اكتفى السكاي بلوز بثنائية سمير نصري والقائد الأسبق فينسنت كومباني، وفي بداية الصراع التاريخي بين بيب غوارديولا ويورغن كلوب، كان الأخير على بعد خطوة واحدة من تحقيق اللقب المنتظر في «الآنفيلد» منذ تسعينات القرن الماضي، حين تخطى حاجز الـ90 نقطة في موسم 2018-2019، وفي الأخير عاش على أمل أن يتعثر السيتي خارج قواعده أمام برايتون، وما ضاعف هذا الحلم، نجاح برايتون في خطف هدف مبكر عن طريق غلين مور، قبل أن يقلب الضيوف الطاولة على أصحاب الأرض برباعية بلا هوادة من توقيع الهداف التاريخي سيرخيو أغويرو وإيميريك لابورت ورياض محرز وإلكاي غندوغان، لينتهي الصراع بحصول السيتي على اللقب برصيد 98 نقطة، بفارق نقطة واحدة عن الوصيف، في حدث لم يتكرر من قبل في تاريخ المسابقة، أن يتمكن أي فريق من جمع أكثر من 95 نقطة ولا يحقق اللقب، وتكرر السيناريو في الموسم قبل الماضي، حين وصل كلوب وفريقه للنقطة الـ89 في الجولة قبل الأخيرة لموسم 2021-2022، ليتفاجأوا بأن خصمهم السماوي العنيد قد جمع 90 نقطة في نفس عدد المباريات، وبنفس الأحلام والتوقعات والآمال الحالية، انتظر جمهور الريدز معجزة كروية من أستون فيلا في زيارته لملعب «الاتحاد» في المباراة الختامية للموسم، وهو ما كان سيحدث بعد تقدم الفيلانز بهدفين نظيفين حتى الدقيقة 70، لكن فجأة وبدون سابق إنذار، تبخرت أحلام كلوب وفريقه، بعد ريمونتادا إلكاي غندوغان ورودري بين الدقيقتين 76 و81، على إثرها احتفظ السيتي باللقب برصيد 92 نقطة، وأيضا بفارق نفس النقطة عن أحمر الميرسيسايد، فهل يا ترى سيتكرر نفس السيناريو في مواجهات اليوم؟
الخبرة والخذلان
لا شك أبدا، أن الأغلبية الكاسحة من عشاق آرسنال، على دراية كاملة، أن جمهور وستهام، على استعداد لمنافسة نظرائهم في توتنهام، في إظهار كل أنواع التشفي والشماتة في المدفعجية، كما شاهدنا في مقاطع الفيديو الرائجة، لاحتفالات مشجعي السبيرز بخسارة فريقهم أمام مانشستر سيتي، رغم أنها قضت على فرصهم في المنافسة على المركز الرابع المؤهل لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، بعد ضياع المركز الخامس على أندية البريميرليغ، لكنهم كانوا سعداء لأن فريقهم لم يشارك أو يساهم في ارتفاع فرص عدو الحي في الفوز باللقب الغائب عن خزائنه منذ سنوات، لكن في الوقت ذاته، أنا وأنتِ عزيزي القارئ، نعلم جيدا أنه بحكم الخبرة والتمرس والقدرة على التعامل مع هكذا مواعيد، سيكون من الصعب على أي منافس مهما كان اسمه أو حجمه، أن يقف في طريق المان سيتي، عندما يكون بحاجة لثلاث نقاط في الجولة الختامية لإعلان تتويجه باللقب، وهذا يرجع لأسباب كثيرة، منها التسلح بهذا الكم الهائل من أصحاب الخبرات والشخصيات والعقليات الاستثنائية، التي يصعب تكرارها معا أو الحفاظ عليها لفترة طويلة في فريق واحد، أشبه بسخاء القدر مع برشلونة في عصر ليونيل ميسي وكارليس بويول وتشافي هيرنانديز وأندرياس إنييستا وبقية أساطير مدرسة «لا ماسيا»، والحديث عن واحد من أعتى عظماء صناع اللعب في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز كيفن دي بروين، الذي يثبت من مباراة لأخرى، أن عودته من الإصابة، جاءت في توقيت مثالي، لإعادة الفريق إلى الطريق الصحيح، بعد فترة من التخبط على طريقة آرسنال في النصف الأول، والمظلوم إعلاميا رودري، الذي أثبتت التجارب، أنه قلما ما يتعرض السيتي للهزيمة في وجود هذا الوحش الإسباني، وبالنسبة للبعض، أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز هذا الموسم، رغم استبعاده من القائمة النهائية للاعبين المرشحين للفوز بجائزة لاعب العام، وقائمة عريضة من الأسماء التي وصلت إلى قمة التناغم والانسجام بحكم العمل معا على مدار سنوات، في مقدمتهم الظهير الأيمن الكابوس لأي جناح أو مهاجم في العالم كايل ووكر، وقائد الدفاع روبن دياش، والإنكليزي المخضرم جون ستونز، والقصير البرتغالي الماكر برناردو سيلفا وشريكه في الإبداع والغارات الهجومية على الخصوم فل فودن، الذي عاد إلى الحياة مع عودة محركه وملهمه داخل المستطيل الأخضر الأشقر البلجيكي.
هذا ولم نتحدث عن دور هداف الدوري للموسم الثاني على التوالي إيرلينغ براوت هالاند، رغم الانتقادات التي تعرض لها لفترات طويلة هذا الموسم، لابتعاده عن التهديف مقارنة بسجله الاستثنائي في موسم الثلاثية التاريخية، وباقي التوليفة السحرية، التي تعرف جيدا من أين تؤكل الكتف، إلا إذا نجح وست هام في تكرار ما فعله قبل سنوات مع السيتي، باعتباره المنافس الوحيد الذي تمكن من عرقلة السيتي في مباراة مهمة في أسابيع الحسم الأخيرة، وحدث ذلك في الجولة قبل الأخيرة لموسم 2021-2022، حين تقدم فريق المطارق بثنائية جاريد بوين مع انتهاء الشوط الأول، ثم قلص جاك غريليش النتيجة في بداية الشوط الثاني، وتبعه فلاديمير كوفال بهدف بالنيران الصديقة، لتنتهي المباراة بهدفين في كل شبكة، بعد إخفاق محارب الصحراء رياض محرز في تسجيل ركلة الجزاء التي احتسبت للفريق قبل النهاية بخمس دقائق، فهل يا ترى سيلعب فريق المدرب ديفيد مويز بنفس الرغبة والروح القتالية؟ أم سيحدث تحول أو عطل مفاجئ، كما حدث مع هيونغ مين سون، الذي لطالما كان يتقمص دور كريستيانو رونالدو كلما استضاف السيتي في ملعب «توتنهام هوتسبر»، لكن في مباراة الأسبوع الماضي المؤجلة، تسبب في إصابة مشجعي آرسنال بكل أنواع الأمراض الكروية، بإهدار أسهل فرصة ربما في مسيرته مع السبيرز، لكن في كل الأحوال، وبصرف النظر عما سيحدث في نتيجة مباراتي السيتي ضد وستهام وآرسنال ضد إيفرتون، سيكون من الصعب التقليل من عمل آرتيتا وإنجازه الكبير مع الغانرز، بتحويله من مستوى، ذاك الفريق الذي تجاوزه الزمن وعلى مسافة كبيرة من كبار القوم في البريميرليغ، إلى نسخة يتفاخر بها عشاق النادي أمام العالم، نسخة أعادت الثقة للجماهير وجعلتهم يطلقون العنان لأنفسهم للمنافسة على كل الألقاب المحلية والقارية، مع وجود هامش للتحسن في المستقبل، كما وضح في التطور الهائل سواء في عقلية اللاعبين، أو في الدماء الجديدة التي أعطت الإضافة التي كان يبحث عنها آرتيتا الموسم الماضي، حتى يكون قادرا على مقارعة السيتي والصمود أمامه حتى الأمتار الأخيرة، والإشارة إلى أفضل صفقة في الدوري الإنكليزي الممتاز هذا الموسم ديكلان رايس، والقادم من تشلسي كاي هافرتز، في صفقة أثيرت حولها الشكوك والقيل والقال، بسبب الحالة الفنية والبدنية المتواضعة التي كان عليها الدولي الألماني في موسمه الأخير مع البلوز، لكن في الأخير، تأكد أن المدرب الإسباني كان محقا في اختياره، وتجلى ذلك، في التنوع الذي قدمه هافرتز في الثلث الأخير من الملعب، تارة بالاستفادة من لمسته الأنيقة رفقة غابرييل جيسوس وساكا وبقية رفاقه في الثلث الأخير من الملعب، وتارة أخرى بتطويع موهبته بالاعتماد عليه في مركز المهاجم الوهمي رقم 9.5، إضافة إلى كل ما سبق، استعاد الفريق صمام أمان الدفاع ويليام ساليبا، بعد انهيار الخط الخلفي في فترة ما بعد تعرضه للإصابة وابتعاده عن الملاعب لأشهر طويلة في النصف الثاني من الموسم الماضي، وغيرها من الأمور الإيجابية التي مكنت آرتيتا من المنافسة على اللقب حتى الأمتار الأخيرة، ولولا البداية البطيئة التي تسببت في ضياع نقاط كانت في المتناول، لكان مصيره في يده قبل الجولة الختامية، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الأمور قد حسمت بنسبة 100%، إذ علمتنا الساحرة المستديرة أنها أحيانا لا تخضع للغة العقل والمنطق، فهل يا ترى ستحكم بأحكامها وتنتصر لآرتيتا في معركته مع أستاذه؟ أم يحكم السيتي قبضته على اللقب للموسم الرابع على التوالي؟ هذا ما سنعرفه مساء اليوم.