كريم خان: زعماء أبلغوني أن “الجنائية الدولية” أُنشئت من أجل إفريقيا وبلطجية مثل بوتين وليس الغرب وحلفاءه!- (فيديو)

جمال الدين طالب
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في حوار مع قناة “سي إن إن” ردا على التهديدات (خاصة الأمريكية) التي تلقاها كي لا يصدر طلبا بمذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين في حكومته بسبب جرائمهم في غزة، أن “زعماء منتخبين تحدثوا إليَّ وكانوا صرحاء جدا من أنه حسبهم، فإن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت من أجل إفريقيا ومن أجل البلطجية مثل بوتين، وليس من أجل الغرب وحلفائه.. وهذا ما قاله لي زعيم كبير منتخب”.

وكان نواب جمهوريون في الكونغرس الأمريكي هددوا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان، في رسالة موجهة له الشهر الماضي، بـ “استهدافه شخصيا هو وعائلته وفريق عمله من موظفي المحكمة”، لمنعه من إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وقادته العسكريين.

كان نواب جمهوريون في الكونغرس الأمريكي هددوا كريم خان  بـ “استهدافه شخصيا هو وعائلته وفريق عمله من موظفي المحكمة”

كما هددوا بفرض عقوبات على موظفي المدعي العام، وبحظر دخول المدعي العام هو وعائلته إلى الولايات المتحدة.

وختم أعضاء مجلس الشيوخ رسالتهم الموجهة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بعبارة “لقد تم تحذيرك”!

وأكد خان في حواره مع سي إن إن “أن ما يقوم به هو “لحماية كرامة الأشخاص والأطفال وأن هذه من المفترض من القيم الأمريكية”. وشدد على أن المحكمة الجنائية الدولية هي “إرث وابنة محكمة نورمبرغ (بألمانيا)، التي أنشئت لمحاكمة المسؤولين الكبار في القيادة الألمانية النازية المتورطين في “الهولوكست” و”غرف الغاز” في حق اليهود بعد الحرب العالمية الثانية”. وبدا لافتا أن خان استعمل في كلامه التعبير اليهودي “shoah” (المذبحة) في رده على سؤال محاورته المذيعة كريستيان أمنبور، التي قالت له إنه لما ظهرت أخبار عن سعي خان لإصدار مذكرة اعتقال ضده، اعتبر نتنياهو ذلك “معاداة للسامية”.

ورفض خان هذه الاتهامات بمعاداة السامية وأكد أن “لا أحد يجب أن يكون فوق القانون مهما كانت جنسيته، وعرقه ولونه وديانته”.
وفي تلميح لمذكرة اعتقال المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بسبب حرب أوكرانيا، قال خان “عندما نرى في ظل أوكرانيا، نشازا متزايدا من الضوضاء، وازدواجية المعايير والانتقائية، علينا أن ننظر إلى الأدلة”. وأضاف: “لا شيء يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة، وهذه ليست مطاردة ساحرات أو رد فعل عاطفيا على الفوضى الواقعة.. هذا عمل متوقع منا كمدعين دوليين، كمحكمة مستقلة، وهو جمع أدلة دامغة لن تتلاشى في قاعة المحكمة”.

إسرائيل وورقة “معاداة السامية”

واعتُبر استعمال إسرائيل لورقة “معاداة السامية” ـ التي أصبحت محروقة من كثرة الابتزاز بها ـ ضد كريم خان مفارقة على اعتبار “أن المسؤولين الإسرائيليين دعموا ترشيح خان خلف الكواليس، واعتبروه براغماتيًا يتجنب التسييس”، كما وثق موقع “إسرائيل اليوم” ذلك في 2021 نقلا عن هيئة البث العامة الإسرائيلية (الرسمية) “كان”.

وكان دعم إسرائيل للبريطاني كريم خان، حينها كخليفة للمدعي السابق للمحكمة الجنائية الدولية الغامبية فاتو بنسودا، التي شنت إسرائيل حملة مسعورة عليها منذ 2014 بسبب فتحها تحقيقا في الاعتداءات الإسرائيلية على غزة. كما جن جنون إسرائيل بعد قرار المحكمة بممارسة اختصاصها الجنائي بشأن الوضع في فلسطين، وأن النطاق الإقليمي لهذه الولاية القضائية يمتد إلى غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

لكن سعار إسرائيل وحلفائها ضد البريطاني كريم خان بعد قراره طلب إصدار مذكرتي اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت أخذ بعدا آخر.

وفي حوار مع قناة “أي بي سي” الأمريكية، ولدى سؤاله إذا ما كان قلقا من إمكانية اعتقاله إذا سافر خارج إسرائيل، رد نتنياهو بتهديد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قائلا إنه “هو نفسه غير مهتم بالسفر.. ومع ذلك، ينبغي للمدعي العام أن يشعر بالقلق”!

كريم خان.. من صديق لأمريكا لـ”عدو شائن”

ولم يكن رد الفعل في الأمريكي على قرار كريم خان أقل “هستيرية” من إسرائيل، حيث انتقدت واشنطن القرار، ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن طلب خان بأنه “شائن”.

ومثل التهجم الإسرائيلي على خان، ظهرت مفارقة الانتقاد الأمريكي له على اعتبار أن علاقة واشنطن بالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كانت توصف في فترة أنها “سمن على عسل”، خاصة بعد إصداره مذكرة اعتقال ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكانت العلاقة بين المحكمة وإدارة بايدن تحسنت بعد تولي خان منصب المدعي العام فيها في 2021 بعد أن كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق  دونالد ترامب  فرضت، في 2020، عقوبات على أعضاء المحكمة وحظرت الحسابات المصرفية للمدعية العامة السابقة فاتو بن سودا بعد إعلانها التحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الأمريكية في أفغانستان.

مثل التهجم الإسرائيلي على خان، ظهرت مفارقة انتقاد واشنطن له على اعتبار أن علاقتها به كانت توصف بأنها “سمن على عسل”، خاصة بعد إصداره مذكرة اعتقال ضد بوتين

وبعد أشهر فقط من تعيينه في المنصب لولاية مدتها تسع سنوات في لاهاي، حوَّل خان تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في أفغانستان بعيدا عن القوات الأمريكية وصب التركيز على الجرائم المزعومة التي ترتكبها حركة طالبان وأعضاء الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية المتشدد. وأثارت هذه الخطوة، حينها،  انتقادات من منظمات حقوق الإنسان واعتبرها البعض محاولة لكسب تأييد واشنطن.

وللإشارة لم تصدق الولايات المتحدة على قانون روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية. واتخذت إسرائيل القرار نفسه (وإذا عرف السبب بطل العجب!) رغم أن المحكمة هي “إرث وابنة محكمة نورمبرغ (بألمانيا)، التي أنشئت لمحاكمة مجرمي ألمانيا النازية المتورطين في “الهولوكست” في حق اليهود بعد الحرب العالمية الثانية”، كما أكد كريم خان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية