كواليس مناقشات دول أوروبية مع واشنطن للاعتراف بدولة فلسطين

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشر موقع مجلة “بوليتيكو” تقريراً أعدّه مات بيرغ وناحال توسي قالا فيه إن أيرلندا حاولت تجنّب إزعاج الولايات المتحدة قبل إعلانها عن الاعتراف بدولة فلسطين، وذلك أثناء المحادثات الخاصة التي عُقدت مع المسؤولين الأمريكيين.

 فالولايات المتحدة لم تكن سعيدة بإعلان كل من النرويج وإسبانيا وأيرلندا اعترافها بدولة فلسطين، يوم الأربعاء، لكن القرار لم يفاجئها. ففي الأيام التي سبقت الإعلان، عقدَ بعض المسؤولين الأوروبيين مناقشات مع إدارة بايدن لتجنّب إزعاج البيت الأبيض، وذلك حسب مسؤولين أمريكيين وأيرلنديين. وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس جو بايدن داعماً لحل الدولتين، فضّلَ أن يتحقق من خلال الدبلوماسية المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

لم يكن النقاش صدامياً، عبَّرَ مسؤولو الإدارة الأمريكية عن اختلافهم مع التحرك، كانوا يتفهّمون سبب الخطوة الآن، وقبلوها على أنها تطورٌ حتمي

 ولهذا السبب لم يكن النقاش صدامياً، ففي الأحاديث الخاصة عبَّرَ مسؤولو الإدارة عن اختلافهم مع التحرك، ولكنهم، حسب مسؤول أيرلندي بارز، كانوا “يتفهّمون سبب اتخاذ هذه الخطوة الآن، وقبلوها على أنها تطورٌ حتمي”.

وأضاف المسؤول: “لم تكن هناك محاولة اعتراض”.

 وأظهرت المفاوضات، ذهاباً وإياباً، المدى الذي حاول فيه حلفاء الولايات المتحدة حول العالم موازنة مصالحهم السياسية في الداخل، ورغبتهم بتجنّب زيادة عدم استقرار الشرق الأوسط من جهة، وإدارة علاقاتهم مع الولايات المتحدة التي تعتبر من أشدّ المؤيدين لإسرائيل من جهة أخرى.

 وتعتبر هذه النقاشات مهمة، مع استمرار الحرب ومحاولة منع التوترات من الانفجار، والحفاظ على العلاقات الطويلة، في وقت تُواصل فيه إسرائيل حربها ضد غزة.

ونقلت المجلة عن مسؤول أمريكي مطّلع على النقاشات تأكيده أن واشنطن كانت واضحة في مباحثاتها مع أيرلندا وإسبانيا، نظراً لموقفهما الواضح، أن الاعتراف بدولة فلسطين لن يكون مفيداً. ومع ذلك تأمل الولايات المتحدة ألا يؤدي التحرك الإسباني والنرويجي والأيرلندي لزيادة التوترات الدولية بشأن الحرب في غزة.

وقال مسؤولٌ، طلب عدم الكشف عن هويته حتى يتحدث بصراحة: “نعتبر هذا واقعاً لا يمكن تجنّبه في السياسة الإسبانية والأيرلندية، ولدى النرويج أسبابها [اتفاقيات أوسلو]”. وكان هدف محادثات أوسلو بناء عملية سلام تقود إلى حل الدولتين، والتي انهارت في النهاية. وكانت دبلن مصممة على المضي بهذه الخطوة بدون أن تضرّ بالعلاقات القوية مع الساسة في الولايات المتحدة، وخاصة بيت بايدن الأبيض. ونتيجة لذلك، حرص دبلوماسيّو وزارة الخارجية الأيرلندية على إحاطة نظرائهم في وزارة الخارجية الأمريكية، وبشكل مستمر، بأي نقاش يعقدونه مع  الحكومات الأوروبية التي تفكّر بنفس الطريقة، وتحديداً بلجيكا والنرويج ومالطة وسلوفينيا، وفوق كل هذا إسبانيا، حيث تعمل كل هذه الحكومات على خطط اعتراف بالدولة الفلسطينية. وشمل هذا مناقشات شخصية مع مسؤولي مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض عقدت في آذار/مارس بذكرى حلول يوم القديس باتريك، وكذا عدد من المكالمات الهاتفية بين وزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن، والذي قاد المبادرة الأيرلندية، ووزير الخارجية أنطوني بلينكن. وتم إخبار واشنطن، في مكالمة أخيرة، بعد مصادقة الحكومة الأيرلندية على القرار، ليلة الثلاثاء.

وقال المسؤول: “لم تكن هناك طريقة للتعبير عن نوايانا قبل أسابيع وأشهر، والتأكد من عدم حدوث مفاجآت أو شكوك لا ضرورة لها في واشنطن”.

وأوضح المسؤول أن الحوارات مع واشنطن لعبت دوراً في الرسائل الصادرة من أيرلندا.

وفي بيانه، أكّدَ رئيس الوزراء الأيرلندي سايمون هاريس على تطلّع أيرلندا لاستئناف الدبلوماسية بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله، وأن الاعتراف لا يعتبر بمثابة شريان حياة للمتشدّدين.

وكانت إدارة بايدن خائفة من تقوية الاعتراف لحركة “حماس”، و”لهذا حرصنا على التأكيد في رسائلنا أن أيرلندا ليست صديقة لحماس”.

أظهرت المفاوضات المدى الذي حاول فيه حلفاء الولايات المتحدة موازنة مصالحهم السياسية، ورغبتهم بتجنّب زيادة عدم استقرار الشرق الأوسط

ورغم كل هذا، عبّر المسؤولون الأمريكيون عن عدم ارتياحهم من السياسة. وقالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، إن إدارة بايدن “تؤمن بدولة فلسطينية تظهر من خلال المفاوضات المباشرة، وليس الاعتراف من طرف واحد”.

 وحول عزلة إسرائيل المتزايدة، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، يوم الأربعاء، بأن “هذا مثار قلق لنا، لأننا لا نعتقد أنه سيسهم في أمن وحيوية إسرائيل على المدى البعيد”.

وخلف الأضواء قلّلَ المسؤولون الأمريكيون من أهمية الإعلان. وفي ظل الدراما التي تتعلق بالشرق الأوسط، هذا الأسبوع، إثر قرار المدعي العام لـ “المحكمة الجنائية” طلب مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين، فجهود الدول الثلاث قد لا تترك أثراً كبيراً، كما يقول المسؤولون الأمريكيون.

 وأكد مسؤول: “حاولوا تشكيل مجموعة كافية لإحداث ضجة، وبالنسبة لنا لم يحدث سوى هدير”.

وربما تعاملت الولايات المتحدة مع اعتراف هذه الدول بفلسطين كوسيلة ضغط على إسرائيل. وقال سوليفان إن المسؤولين الأمريكيين أخبروا إسرائيل أن “هزيمة إستراتيجية لحماس”، ومتابعة التكامل في الشرق الأوسط، سيساعدها على إنعاش هذه العلاقات. وفي الأسابيع الماضية، انتقد المسؤولون الأمريكيون علناً العملية العسكرية الإسرائيلية.

وسيتعزز التحرك من الدول الثلاث الاعتراف بفلسطين، لو تبعت دولٌ أوروبية المسار نفسه، ومن بين 183 دولة في الأمم المتحدة تعترف 142 دولة بدولة فلسطين.

وقال مايكل وحيد حنا، مدير برنامج أمريكا بمجموعة الأزمات الدولية، إن الاعتراف سيكون “تراكمياً وتدريجياً مع مرور الوقت، وهذا يخبرنا أن الولايات المتحدة أصبحت، وبشكل متزايد، معزولة”.

وقالت فرنسا، الحليفة القوية للولايات المتحدة، إنها قد تعترف بفلسطين لو توقفت المفاوضات بشأن حل الدولتين نظراً للمعارضة الأمريكية. إلا أن وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه قال إن باريس” لا تعتبر أن الظروف غير مواتية لهذا القرار كي يترك أثره على هذه العملية”. وتعمل باريس على مسودة قرار في مجلس الأمن بشأن حل الدولتين ستقدمه في الصيف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية