تونس ـ«القدس العربي»: قال المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، المؤيد للقضية الفلسطينية، إن أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كشفت تصدعا كبيرا في بناء الصهيونية داخل فلسطين، معتبرا أن حل الدولتين انتهى، والحل الوحيد للصراع المتواصل بين العرب والإسرائيليين هو بناء “دولة حرة وديمقراطية” في فلسطين.
وكان بابيه تعرض قبل أيام للإيقاف في مطار ديترويت من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (أف بي آي)، حيث تم التحقيق معه لمدة ساعتين ومصادرة هاتفه، ونسخ محتوياته، قبل السماح له بالدخول.
وعلق على ذلك، في حوار خاص لـ “القدس العربي”، قال فيه: “أعتقد أن هذا جزء من محاولة لردعنا عن التحدث بصراحة وحرية عن فلسطين، لذلك أعتبره محض ترهيب ومضايقة. وهذا يعني أنهم على الأرجح يأملون أن هذا من شأنه أن يمنعني من العودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأكد في السياق أن إدارة الرئيس جو بايدن “تحاول إرضاء اللوبي المؤيد لإسرائيل، وهو اللوبي الموجود منذ عام 1948 وحتى قبل ذلك”، مشيرا إلى أنها “تستجيب – بتراخٍ – لطلبات إسرائيل بعدم السماح بسماع الأصوات المعارضة لها في الولايات المتحدة والتي تقدم الدعم لحركة التضامن مع الفلسطينيين”.
ويُعتبر إيلان بابيه من أبرز الباحثين المؤيدين للقضية في الفلسطينية في العالم، حيث ألف على مدى سنوات كتبا عدة تفضح زيف الدعاية الصهيونية حول “الحق” في فلسطين التاريخية، على غرار “عشر خرافات عن إسرائيل” و” فكرة إسرائيل: تاريخ السلطة والمعرفة” و”التطهير العرقي في فلسطين” و”الفلسطينيون المنسيون: تاريخ فلسطينيي 1948″، فضلا عن كتب أخرى بالاشتراك مع المفكر اليهودي الأمريكي نعوم تشومسكي، على غرار “عن فلسطين” و”غزة في أزمة: تأمّلات في الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين”.
ويرى بابيه أن أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر “كشفت تصدعات خطيرة في بناء الصهيونية داخل فلسطين”، مضيفا: “أن مؤشرات ما أسمّيه (بداية نهاية الصهيونية) كانت موجودة من قبل”.
وأشار في السياق إلى وجود تصدع كبير داخل المجتمع الإسرائيلي. وأوضح بقوله: “هناك صراع داخل المجتمع اليهودي بين الصهاينة العلمانيين والليبراليين والصهاينة المتدينين والقوميين. لديهم القليل جدا من القواسم المشتركة”.
وأضاف: “وإذا فاز المعسكر الأخير (المتدينون والقوميون)، فإنني أتوقع أن يغادر العديد من المعسكر الأول إسرائيل، والعديد منهم يحملون جنسية مزدوجة ووظائف يمكن استئناف العمل فيها في مكان آخر”.
وحول رؤيته لنهاية الصراع المتواصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال “لقد مات حل الدولتين ولم يعد ذا أهمية. ولا توجد طريقة يمكن من خلالها إنشاء دولة فلسطينية حقيقية في الضفة الغربية التي يوجد فيها بالفعل 700 ألف مستوطن إسرائيلي، كما أن النظام السياسي الإسرائيلي لا يرغب في تقسيم البلاد”.
واعتبر أن “الحل الوحيد الآن هو دولة واحدة – دولة ديمقراطية – وبالرغم من أن الإسرائيليين سيعترضون عليها بالطبع، لكنها حل سيقبله جميع الفلسطينيين، وهي ستقوم بالمساواة بين الجميع، وإنهاء دولة الفصل العنصري التي تمثلها إسرائيل اليوم”.
واستدرك بالقول: “سيكون من الصعب الوصول إلى هذه الدولة الديمقراطية، لكن إما أن نقبل بهذا الحل أو ستستمر إراقة الدماء”.
وفسر بابيه التناقض الكبير بين موقف الشعوب والأنظمة الغربية مما يحدث في غزة بقوله “في الواقع، هذه مفارقة كبيرة. فبينما يمكنك التحدث بحرية عن فلسطين في الجنوب العالمي، لا يمكنك القيام بذلك في الشمال العالمي (الدول الغربية). ولم تكن أي دولة في الشمال العالمي تجرؤ على التوجه إلى محكمة العدل الدولية لإصدار حكم ضد إسرائيل”.
كما توجه برسائل إلى العرب والإسرائيليين بقوله: “الصهيونية سيئة لليهود والعرب، وفلسطين حرة للجميع (في إشارة إلى حل الدولة الواحدة) هي أمر لا يمكن إلا أن ينقذ الأرواح في فلسطين، وسيكون له أيضا تأثير هائل وإيجابي على المنطقة ككل”.