واشنطن ـ «القدس العربي»: بينما عقد الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي جلسة استماع أخرى حول مزاعم معاداة السامية والتعليم العالي الخميس الماضي، كانت جماعات تضامنية مع فلسطين، بمن فيهم طلبة يهود، يهدفون إلى وضع الأمور في نصابها الصحيح بشأن التهديدات التي يواجهونها والاحتجاجات السلمية إلى حد كبير ضد الإبادة الجماعية.
وقالت بيث ميلر، المديرة السياسية لمنظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام»: «إن جلسة الاستماع هذه لا علاقة لها بالحفاظ على سلامة الطلاب اليهود في الحرم الجامعي، وهي مصممة فقط كجزء من حملة أوسع لإسكات النشاط المناهض للحرب والمعارضة في حرم الجامعات».
وأضافت «يقوم الجمهوريون في الكونغرس بدمج محاولات فرض رقابة على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين يتحدثون علنًا عن الحقوق الفلسطينية مع حملة حرب ثقافية أوسع ضد التنوع والمساواة والشمول ونظرية العرق النقدية وحقوق المثليين والمزيد» حسبما ورد في منصة «كومن دريمز».
ومنذ أن شنت إسرائيل هجومها الدموي على قطاع غزة بدعم من الولايات المتحدة، نظم الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ومن بينهم يهود، مظاهرات وأقاموا مخيمات في جميع أنحاء البلاد، مطالبين بسحب كلياتهم وجامعاتهم من حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. وبالإضافة إلى استمرار حملات القمع العنيفة من قبل سلطات إنفاذ القانون التي استدعاها المسؤولون، واجه المتظاهرون في الحرم الجامعي عواقب بما في ذلك الإيقاف والطرد وعدم السماح لهم بالتخرج – كما كان الحال بالنسبة لـ 13 من طلاب السنة النهائية في جامعة هارفارد، ما أدى إلى خروج مئات من الطلاب من حفل التخرج الطلاب يوم الخميس. وحسب ما ورد، عقدت لجنة مجلس النواب المعنية بالطرق والوسائل التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري جلسة استماع حول معاداة السامية والكليات في تشرين الثاني/نوفمبر – وبعد ذلك استضافت لجنة التعليم بمجلس النواب ورئيسة القوى العاملة فيرجينيا فوكس جلسة استماع في كانون الأول/ديسمبر، وأخرى في الشهر الماضي، وثالثة الخميس الماضي.
وتضمنت الجلسة الأخيرة شهادة من جين بلوك، مستشارة جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس؛ جوناثان هولواي، رئيس جامعة روتجرز؛ مايكل شيل، رئيس جامعة نورث وسترن؛ وفريدريك إم لورانس، السكرتير والرئيس التنفيذي لجمعية فاي بيتا كابا.
وبعد إصابة الطلاب واعتقالهم عندما هاجمت شرطة لوس أنجلوس بمعدات مكافحة الشغب مخيماً تضامنيا مع فلسطين في جامعة كاليفورنيا في وقت مبكر من هذا الشهر، قال غرايم بلير، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية وعضو كلية العدالة في فلسطين، إن «أيديهم ملطخة بالدماء. جين بلوك وأيدي إدارة جامعة كاليفورنيا».
وقال بنيامين كيرستن، وهو طالب يهودي، «إن جلسات الاستماع هذه مصممة لإثارة الانقسامات حتى ننسى من هو في الواقع غير آمن: طلاب غزة حيث تم تدمير كل الجامعات».
وذكرت شبكة «سي إن إن» أنه خلال جلسة الاستماع يوم الخميس، استهدفت النائبة براميلا غايابال (ديمقراطية من واشنطن) زملائها الجمهوريين.
وقالت «بدلاً من استخدام جلسات الاستماع هذه لأغراض البلطجة السياسية، وهو ما يبدو أن الأغلبية تفعله – وإذا كنت تريد أن تشعر بالحرج بشأن شيء ما، فربما تشعر بالحرج من حقيقة أن هذه الأغلبية لم تكن قادرة على الحكم في هذه الدورة».
وأضافت «أنا شخصياً مهتمة بالاستماع والتعرف على الشكل الذي تبدو عليه المفاوضات الناجحة وخفض التصعيد في سياق حماية الطلاب وحرية التعبير».
وعلى النقيض من جامعة كاليفورنيا، أنهت «نورث وسترن» و«روتجرز» المخيمات الطلابية من خلال المفاوضات مع الطلاب المتظاهرين، حيث أوضح رئيس نورث وسترن أن «الحل البوليسي لن يكون متاحًا لنا للحفاظ على سلامة الناس، وقد لا يكون أيضًا الحل الأكثر حكمة كما رأينا في الجامعات الأخرى في جميع أنحاء البلاد».
ولاحظ محللون أمريكيون تقدميون أنه بينما أعرب المجتمع الدولي وبعض القادة السياسيين التقدميين في الولايات المتحدة بشكل متزايد عن قلقهم بشأن الحرب واتهموا إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، فقد دعم العديد من السياسيين الآخرين في الولايات المتحدة – عبر الخطوط الحزبية – هجوم نتنياهو على غزة، بما في ذلك الدعم العسكري بمليارات الدولارات. كما أنهم خلطوا مرارًا وتكرارًا بين معاداة السامية وانتقاد الحكومة الإسرائيلية، على الرغم من اعتراضات الطلبة اليهود أنفسهم. وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة «الصوت اليهودي للسلام» ستيفاني فوكس يوم الخميس الماضي: «إنه لأمر مهين وخطير أن يقوم الجمهوريون اليمينيون بعقد جلسة استماع تحت ذريعة حماية سلامة اليهود في حين أن الشيء الوحيد الذي يحمونه في الواقع هو أرباح شركات الأسلحة والتواطؤ الأمريكي المستمر في جرائم الحرب الإسرائيلية».
وقالت إن «الكونغرس يستخدم جلسات الاستماع هذه لصرف الانتباه عن النقطة الأساسية للحركة الطلابية المبدئية المناهضة للإبادة الجماعية: تواصل الحكومتان الأمريكية والإسرائيلية هذه الإبادة الجماعية على الرغم من المعارضة الجماهيرية».
وبالنسبة إلى قادة الحركة الطلابية في الولايات المتحدة، هناك اعتقاد بأن قمع المخيمات التضامنية مع فلسطين في الجامعات الأمريكية ما هو إلا انعكاس لنظام الجامعات النيوليبرالية، التي تسيطر عليها الشركات، والتي تقوم بدورها بقمع وإسكات وتنتهك المتظاهرين السلميين الذين يستجيبون لنداءات الضمير. ولاحظ قادة الحركة الطلابية أن هذا النظام يعمل على تأليب الموظفين ضد المجتمعات التي يخدمونها ومنع الطلاب من الوصول إلى أسرّتهم وطعامهم وأدويتهم – ما يجعل الحرم الجامعي «غير آمن».
وقالوا إن العديد من المتظاهرين يتعرضون لخطر التشهير والهجمات من قبل الشرطة والمتطرفين اليمينيين والاعتقال والطرد من جامعاتهم دفاعًا عن حقوق الإنسان ووضع نهاية سريعة لهجوم الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني.
وتساءل العديد من قادة الحراك: ما فائدة التعليم إذا كان يسكت الخطاب عن العدالة والحرية والإنصاف؟ ما هو نوع التعليم الذي يُخضع بعنف أولئك الذين يعبرون بشكل قانوني عن المعارضة السلمية؟
وأكد قادة الحراك الطلابي أنه يجب أن تكون الجامعات مساحات للنقاش الفكري والرحيم، وقالوا «إننا نشهد رقابة واسعة النطاق، وإساءة استخدام السلطة، وقمع التفكير النقدي، وإيقاف الطلاب عن العمل، واعتقالات وطرد أعضاء هيئة التدريس الذين يدعمون الاحتجاج السلمي».