القاهرة: اعتقلت السلطات المصرية عدة طلاب كانوا يحاولون الترويج لحملات المقاطعة والتضامن مع الفلسطينيين، في أحدث علامة على عدم رغبتها في إفساح المجال أمام الحراك الشعبي بشأن الحرب في غزة بالرغم من الانتقادات الرسمية المتزايدة لإسرائيل.
والطلاب من بين عشرات المحتجزين فيما يتصل بالاحتجاجات ضد الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، وبعضهم اعتقل في أكتوبر/ تشرين الأول عندما امتدت المسيرات -التي سمحت بها السلطات- ضد الهجوم الإسرائيلي إلى مواقع غير مصرح بها بما في ذلك ميدان التحرير في القاهرة.
ويقول محللون إن السلطات تخشى أن تؤدي الاحتجاجات ضد إسرائيل إلى تأجيج المعارضة السياسية الداخلية، والتي تم قمعها في حملة واسعة النطاق استمرت لأكثر من عقد من الزمن.
ووفقا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة مستقلة مقرها القاهرة، اعتقلت السلطات ما لا يقل عن 125 شخصا، لا يزال 95 منهم رهن الحبس الاحتياطي، بتهم تشمل الانضمام لجماعة محظورة أو نشر أخبار كاذبة.
وتستخدم هذه الاتهامات في القضايا المتعلقة بالإرهاب، لكن نشطاء ومحامين حقوقيين يقولون إنها تستخدم بشكل شائع أيضا ضد المعتقلين في حملات القمع السياسي.
وقال المحامي الحقوقي نبيه الجنادي الذي يمثل اثنين من الطلاب، إن ثلاثة طلاب اعتقلوا هذا الشهر لمحاولتهم تشكيل مجموعة تسمى (طلاب لأجل فلسطين) ومن بينهم زياد البسيوني، الطالب بأكاديمية الفنون البالغ من العمر 22 عاما.
وقالت فايزة هنداوي والدة زياد، إن نحو 40 فردا من قوات الأمن اعتقلوا ابنها من منزلهم في الساعات الأولى من فجر التاسع من مايو/ أيار.
وقالت واصفة ما حدث: “سبّتونا بالرشاشات عشان ما حدش يعمل حاجة”.
وأضافت أن الطلاب “لا دعوا لوقفة ولا تظاهرات ولا حاجة… هو مش تنظيم سياسي، طلبة بيناشدوا الطلبة المصريين إن احنا نبقى مع فلسطين ونعلن تضامنا معاها أسوة بكل كليات العالم”.
وأعلن المسؤولون المصريون صراحة عن دعمهم لحقوق الفلسطينيين وانتقدوا بشدة الحرب الإسرائيلية. وقالت فايزة: “هو ده المدهش إنه هو ده موقفك الرسمي فالطلاب بيدعموا الموقف ده وده موقف الدولة.. فين المشكلة؟”.
تقول جماعات حقوقية إن عشرات الآلاف من مختلف الأطياف السياسية اعتقلوا بسبب المعارضة منذ أن قاد قائد الجيش آنذاك عبد الفتاح السيسي عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013.
ويقول أنصار السيسي، الذي يتولى الرئاسة منذ عام 2014، إن الإجراءات الأمنية ضرورية لتحقيق الاستقرار في مصر وإن القضاء مستقل. ويقول المسؤولون إنهم اتخذوا خطوات لحماية حقوق الإنسان وتوسيع المشاركة السياسية، رغم أن منتقدين يرون أن هذه الإجراءات شكلية إلى حد كبير.
والاحتجاجات الشعبية محظورة بشكل عام في مصر.
تم اعتقال 19 ناشطة في أواخر أبريل/ نيسان في أثناء وقفة احتجاجية خارج أحد مكاتب الأمم المتحدة في القاهرة لإظهار التضامن مع النساء في غزة والسودان قبل إطلاق سراحهن بكفالة، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وفي وقت سابق من الشهر، اعتقلت قوات الأمن بعض المشاركين في مظاهرة بوسط العاصمة حيث تم ترديد شعارات تنتقد السيسي.
وقال المحامي الجنادي إن الاعتقالات تتوافق مع أسلوب السلطات التي تحاول منع الحركات المنظمة بما في ذلك الجمعيات المهنية والطلابية.
وأضاف: “هو مافيش حد بيعمل حاجة بس ممكن يعملوا حاجة فبما إنهم ممكن يعملوا حاجة ودي حاجة مطروحة.. إيه المانع اننا نقبض عليهم أو نحاسبهم؟”.
(رويترز)